أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - ضياء الشكرجي - مناقشتي لمناظرة بين ربوبي ومسلم 2















المزيد.....

مناقشتي لمناظرة بين ربوبي ومسلم 2


ضياء الشكرجي

الحوار المتمدن-العدد: 4102 - 2013 / 5 / 24 - 12:25
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


هنا وضع السيد عيسى الربوبي فيما مر في آخر الحلقة الأولى بداية جيدة للحوار، لكن مؤاخذتي أنه يعبر عما يسميه بعقيدة (الربوبيين)، أي (الإلهيين اللادينيين)، وفي الواقع إنما يعبر في ذلك عن فهمه هو وعقيدته هو، لأن اللادينيين يشتركون في نفي الدين كوحي إلهي، لكنهم يختلفون في كثير من التفاصيل، وهذا أمر طبيعي جدا، بل هو المطلوب، وإلا لتحولوا إلى دين جديد، والبشرية في غنى عن تحمل دين يضاف إلى الأديان الموجودة. ولا بأس من أن أشير إلى وجود أكثر من مدرسة بهذا الصدد، وذلك بمقدار اطلاعي المتواضع، لكوني في الوقت الحاضر غير متفرغ لهذا الموضوع، فإذا اعتبرنا أن رؤية السيد عيسى الربوبي تمثل مدرسة يعتمدها، ويسميها بـ(الربوبية)، فهناك مدرسة (الوجدان) التي يعتمدها المفكر أحمد القبانجي، ومدرستي التي أسميها بمدرسة أو عقيدة (التنزيه)، وهناك بلا شك مدارس ومذاهب أخرى لهذا الاتجاه، بينها مشتركان أساسيان، هما (الإلهية) و(اللادينية)، أو بتعبير آخر الإيمان بالله من جهة، ونفي الدين من جهة أخرى. وذلك بعد التفكيك بين الإيمان والدين، أو بين الإلهية والدينية، فكل إيمان ديني هو إيمان إلهي، ولكن ليس كل إيمان إلهي هو إيمان ديني. التفكيك يكون ابتداءً ممكنا من ممكنات العقل، ثم يؤدي البحث بالباحث إلى حسم الموقف، بثبوت التفكيك أو ثبوت التلازم، أو إلى اللاأدرية الدينية، وهذه غير اللاأدرية الإلهية.
المحاور الثاني (المسلم) الدكتور السرداب رحب بالمنهج الذي اقترحه الربوبي، لكننا سنرى أنه نقضه بعد ذلك، بعدم إقراره لمرجعية العقل، التي اقترحها الربوبي، وإن كان قد وقع أحيانا في التناقض، فهو يرفض مرجعية العقل من حيث المبدأ، ثم يعود أحيانا لاستخدام استدلالات عقلية. ثم رأى الدكتور السرداب في البداية أن يطرح عشرة أسئلة على السيد الربوبي، معللا ذلك بقوله من أجل أن «نستوعب من خلالها منظومتك الفكرية ونظرتك إلى الخالق العظيم، ولغز إيمانك بخالق عظيم، وفي نفس الوقت رفضك لعبادته من منظورنا نحن المتدينين»، حسبما عبر، معتبرا الإيمان بالله من خارج المنظومة الفكرية الدينية لغزا، كتعبير عن استغرابه بالجمع بين الإيمان بالله وعدم الإيمان بالدين، فهذا عنده بمثابة التلازم الذي لا انفكاك له، بينما من الناحية المنطقية لا تلازم بينهما، حتى مع فرض ثبوت الدين من خلال البحث المابعدعقلي في إطار فحص صدق ممكن عقلي ما أو عدمه. فصحيح كل إيمان ديني يتضمن الإيمان بالله، ولكن لا يجب أن يكون كل إيمان بالله إيمانا بالدين، أو بثمة دين، أي دين. وسنناقش ذلك لاحقا.
الآن لنمر على أسئلة السرداب العشرة، وأجوبة الربوبي العشرة، وأجوبتي، وملاحظاتي على كل منهما.
السؤال الأول للسرداب: كيف آمنت بخالق عظيم بدون الحاجة إلى نص ديني، وهل تؤمن بالفطرة - فطرة إبراهيم عليه السلام التي استدل منها على توحيد الربوبية -؟
جواب الربوبي: «الإيمان بإله لا يحتاج إلى كتاب أو معجزات، ولكن يحتاج [إلى] العقل والطبيعة، نحن نرى التصاميم الموجودة في الكون، وهذا الإدراك يجلب لنا صوت الاعتقاد بالإله. وكما قال إبراهيم: {فَلَمّا جَنَّ عَلَيهِ اللَّيلُ رَأى كَوكَبًا قالَ هَذا رَبّي، فَلَمّا أَفَلَ قالَ لا أُحِبُّ الآفِلينَ، (76) فَلَمّا رَأَى القَمَرَ بازِغًا قالَ هَذا رَبّي، فَلَمّا أَفَلَ قالَ لَئِن لَم يَهدِني رَبّي لاكُونَنَّ مِنَ القَومِ الضّالّينَ، (77) فَلَمّا رَأَى الشَّمسَ بازِغَةً قالَ هَذا رَبّي هَذا أَكبَر،ُ فَلَمّا أَفَلَت قالَ يا قَومِ إِنّي بَريءٌ مِمّا تُشرِكونَ، (78) إِنّي وَجَّهتُ وَجهي لِلَّذي فَطَرَ السَّماواتِ وَالأَرضَ حَنيفًا وَما أَنَا مِنَ المُشرِكينَ (79)} [الأنعام : 76 - 79]».
ملاحظتي على جواب الربوبي: أتفق معه في اعتماد العقل والفلسفة حصرا في قضية الإيمان بالله، واجب الوجود. ولا أتفق معه في اعتماد النصوص الدينية، إلا ما اتفق منها مع البحث العقلي والفلسفي، وهذا ما كنت أتبناه حتى مع طالباتي وطلابي في تدريس عقائد الإسلام بالألمانية لخمس سنوات، حيث كنت أطلب منهم عدم الاستشهاد بالنصوص القرآنية، بل جعل البحث عقليا حصرا، كما لا أرى إقحام العلوم الطبيعية التي تعتمد التجربة كمصدر للمعرفة، بينما البحث الإلهي الفلسفي يعتمد العقل مصدرا للمعرفة إلى جانب التجربة، لكن لكل منهما مجاله، فالعقل مصدر المعارف الفلسفية، والتجربة مصدر المعارف العلمية، ولكن دون أن يعني ألا مكان للتجربة فيما هو عقلي، ولا مكان للعقل فيما هو تجريبي بالمطلق، بل بشكل ثانوي ومعضِّد.
رد السرداب على جواب الربوبي [ض.ش: لطول النصوص سأجعل ملاحظاتي من الآن بين مضلعين مسبوقة بالحرفين (ض.ش) اختصارا لاسمي (ضياء الشكرجي)]، ومن أجل ألا يقع القارئ في اشتباه نسبة إلى نص لغيره، سأستخدم نفس الأسلوب في أن أسبق نصوص الدكتور السرداب برمز (د.س)، ونصوص السيد عيسى الربوبي برمز (ع.ر):
د.س: «إسقاط أُسطورة الإيمان بالعقل بدون حاجة إلى كتاب: عندما تُرك الناس للعقل آمنوا بالله وآمنوا بالأصنام والأوثان، وعبدوا الملوك، وألحدوا، وصاروا لاأدرية، في آن واحد. [ض.ش: وعندما ترك الناس للوحي، أو ما يعتقده أصحابه وحيا، توزعوا مسيحيين ويهودا وصابئة وإيزيديين وزرادشتيين ومسلمين، وتوزع داخل كل دين المؤمنون به إلى شيع وأحزاب وملل وفرق وطوائف، بعضها - حاشا للعقلاء منهم - يكفر بعضا، وبعضها يبيح دماء بعض، واتُّخذ الدين نفسه وثنا وصنما يُعبَد من دون الله، يُطاع في معصية الله، فيُأتمَر بما لم يأمر الله به، ويُنتهى عما لم ينه الله عنه، ويباح ما لم يُبحه الله، ونجد في الإسلام على سبيل المثال سنة وشيعة، متطرفين ومعتدلين، نقليين وعقليين، شكليين وجوهريين، مسيسين للدين وغير مسيسين، عنفيين وسلميين، إلى آخر الثنائيات المتضادة وغالبا المتعادية. ثم إن تاريخ الفكر الإنساني مليء بالفلاسفة الإلهيين الذين لا ينتمون إلى دين، وهم بلا شك غير وثنيين.] د.س: فمعطيات العقل متفاوتة للغاية، وتخريجاته مزعجة ومُربكة لأقصى مما نتصور. [ض.ش: هنا خلط وقع فيه كلا المتناظرَين- مع احترامي - فيما هو عقلي، وما هو عقلاني، وما هي الملكة الخاصة لكل شخص في صحة استخدامه للعقل والقواعد العقلية، فعندما نقول أن هناك ضرورة عقلية مثلا، أو امتناعا عقليا، أو إمكانا عقليا، فهذا لاعلاقة له بقابلياتي الذهنية الخاصة في استخدامي لأدوات العقل، فالعقليات لاسيما الضروريات أي الواجبات العقلية والممتنعات صحيحة دائما، كالرياضيات والمنطق، ولكن عقلي - أي قابليتي على استخدام العقل - نسبي وقابل للوقوع في الخطأ، كما لو أخطأ شخص في معادلة رياضية، فالعيب ليس في علم الرياضيات، وكذلك عندما نتكلم عن (العقليات)، فنعني علم العقليات وقواعده وقوانينه، وهذا تماما عندما لا يقبل الدينيون نسبة خطأ المتدينين في فهمهم للدين إلى الدين نفسه، وكذلك خطأ أي إنسان لاستخدامه لعلم من العلوم، لا يعني أن العيب في ذلك العلم. ثم ومن أجل استخدام نفس العبارات التي استخدمها السرداب أقول: «فمعطيات الدين متفاوتة للغاية، وتخريجاته مزعجة ومُربكة لأقصى مما نتصور، فهو حمّال أوجه، متعدد الفهم والتفسير والاستنباط والتأويل إلى ما لا نهاية، وكله حتى الذي ينقض بعضه بعضا يُعَدّ مقدسا وإلهيا، ويُعَدّ نفيه كفرا.] د.س: فقد استخدم أرسطو العقل وأسس للمنهج الإتجاهي الحذر، وقال أنه لا يثق إلا بما تزودنا به الحواس الخمس، وهو في هذا استخدم العقل وبرهن على استخدامه [ض.ش: لكن لا تنس أن علماء الكلام المسلمين، أي علماء العقائد، أو أصول الدين، أو اللاهوت، مدينون للمنطق الأرسطي في إثبات وجود الله بدليل واجب الوجود وسائر الأدلة العقلية التي استعاروها من الإغريق، لافتقادهم إياها في أدبيات الإسلام، ونصوصه (المقدسة) من كتاب وسنة.] د.س: ووصل ديكارات (1637) باستخدام العقل إلى قمة الجنون الفلسفي، واستخدم وسيلة الشك المنهجي الجذري، واستطاع بهذه الوسيلة أن يهدم معتقداته في كل شيء، حتى الأفكار المُجردة. ثم بعد ذلك أيضا عقليا أسس لفلسفة الكوجيتو cogito - أنا أُفكر إذن أنا موجود - وأيضا هذه الفلسفة ضمن مفردات ومنتجات العقل، إذن العقل يبني ويهدم، يرفع ويخفض، يُؤله ويوثن. [ض.ش: ماذا تقول عن المدارس العقلية في الإسلام كمدرسة المعتزلة والمدرسة الإمامية في العقائد، فهما يعتمدان العقل لا النص، ويقولان ألا تقليد في الأصول، وإن كانا لم يوفقا لاعتماد المنهج العقلي إلى آخر شوط، بل تحولا - خاصة الإمامية - إلى المنهج التبريري، الذي اكتشفته شخصيا عندما درّست العقائد لسنوات بالعربية والألمانية، ملبسين منهجهم التبريري هذا الحلية العقلية، خشية أن ينتهي بهم مواصلة المنهج العقلي إلى (سوء العاقبة) بـ(الارتداد) عن الدين كنهاية حتمية. ثم إذا سلمنا بأن العقل يبني ويهدم كما تفضلت، فالأديان تبني وتهدم أيضا، بل وأكثر بكثير، وتاريخها حافل بالهدم، عبر الخرافة، والتعصب، والتطرف، والعداوة، والبغضاء، والاقتتال، وأنهار الدماء والسبي، و... و...، فكان للأديان – صحيح – ثمة منافع للناس، كما كان فيها إثم كبير، ولعل إثمها أي ضررها كان أكبر من نفعها.]



#ضياء_الشكرجي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مناقشتي لمناظرة بين ربوبي ومسلم 1
- رسالة من الله إلى الإنسان
- دويلات شيعية وسنية وكردية ومناطق متقاتل عليها
- الفرائق الخمسة من اللاشيعة واللاسنة
- الموقف من الأقسام الستة لكل من التشيع والتسنن
- الطائفيون واللاطائفيون واللامنتمون لطائفة 2/2
- الطائفيون واللاطائفيون واللامنتمون لطائفة 1/2
- لماذا وقعت على «إعلان البراءة من الطائفتين»
- ال 3653 يوما بين نيساني 2003 و2013
- مع جمانة حداد في «لماذا أنا ملحدة»
- قضية القبانجي تؤكد خطورة ولاية الفقيه علينا
- معارضة أحد طرفي الصراع الطائفي لا يستوجب تأييد الطرف المقابل
- يا علمانيي العالم اتحدوا
- لماذا تحميل (الشّيعِسلامَوِيّين) المسؤولية أولا؟
- الديمقراطيون بين السلطة الشيعية والانتفاضة السنية
- مجرد سؤال .. ماذا لو قيل: «الإسلام هو المشكلة»؟
- تصويت البرلمان ضد التجديد للمالكي
- أفتخر أني لست شيعيا ولا سنيا
- «كفى يا أبا إسراء ...» مقالة لي تاريخها 06/10/2010
- مع المعلقين بشأن خيار الانتخابات المبكرة


المزيد.....




- “خليهم يتعلموا ويغنوا ” نزل تردد قناة طيور الجنة للأطفال وأم ...
- فيديو خاص عيد الفصح العبري واقتحامات اليهود للمسجد الأقصى
- “ثبتها الآن” تردد قناة طيور الجنة 2024 Toyor Aljanah لمشاهدة ...
- بعد اقتحامات الأقصى بسببه.. ماذا نعرف عن عيد الفصح اليهودي ا ...
- ما جدية واشنطن في معاقبة كتيبة -نيتسح يهودا- الإسرائيلية؟
- بالفيديو.. مستوطنون يقتحمون الأقصى بثاني أيام الفصح اليهودي ...
- مصر.. شائعة تتسبب في معركة دامية وحرق منازل للأقباط والأمن ي ...
- مسئول فلسطيني: القوات الإسرائيلية تغلق الحرم الإبراهيمي بحجة ...
- بينهم طلاب يهود.. احتجاجات مؤيدة للفلسطينيين تهز جامعات أمري ...
- أسعدي ودلعي طفلك بأغاني البيبي..تردد قناة طيور الجنة بيبي عل ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - ضياء الشكرجي - مناقشتي لمناظرة بين ربوبي ومسلم 2