أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - مازن كم الماز - ليون تروتسكي للشيوعي المجالسي باول ماتيك - 1940















المزيد.....

ليون تروتسكي للشيوعي المجالسي باول ماتيك - 1940


مازن كم الماز

الحوار المتمدن-العدد: 4090 - 2013 / 5 / 12 - 09:54
المحور: ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
    


بموت ليون تروتسكي يختفي آخر القادة العظام للبلشفية . لقد أبقى نشاطه في السنوات الخمس عشرة الأخيرة بعضا من المضمون الأصلي للإيديولوجيا البلشفية حيا – ذلك السلاح العظيم لتحويل روسيا المتخلفة إلى الشكل الحالي لرأسمالية الدولة .
بما أن البشر أكثر حكمة في الممارسة منهم في النظرية , كذلك أيضا تروتسكي في أن إنجازاته التي حققها كانت أهم بكثير من تبريراته التي رافقتها . بعد لينين , كان تروتسكي من دون شك الشخصية الأعظم للثورة الروسية . لكن الحاجة لقادة مثل لينين و تروتسكي , و دور هؤلاء القادة , يسلط الضوء على العجز المطلق للجماهير البروليتارية عن حل حاجاتها الحقيقية في وجه وضع تاريخي غير ناضج و لا يرحم .
يجب أن تقاد الجماهير , لكن القادة يقودونها فقط بما يتوافق مع ضروراتهم هم . الحاجة لقيادة من النوع الذي مارسته البلشفية أشارت أخيرا إلى شيء واحد فقط هو ضبط الجماهير و إرهابها , بحيث يمكنهم أن يعملوا و يعيشوا بانسجام مع خطط المجموعة الاجتماعية الحاكمة . هذا النوع من القيادة يكشف عن وجود علاقات طبقية داخله , و سياسات و اقتصاد طبقي , و عن تناقض غير قابل للحل بين القادة و من يقودونهم . الشخصية المتسامية لليون تروتسكي تكشف الطابع غير البروليتاري للثورة البلشفية تماما مثل مومياء لينين المؤلهة في ضريحه بموسكو .
لكي يكون البعض قادة , يجب أن يكون الباقون ضعفاء أو عاجزين . لكي تستمر كطليعة للعمال , يجب على النخبة أن تنتزع كل المراكز الاجتماعية الرئيسية . تماما مثل البرجوازية القديمة , يجب على القادة الجدد أن يستولوا و يسيطروا على وسائل الإنتاج و التدمير . لكي يحتفظوا بسيطرتهم و يبقوها فعالة , يجب على القادة أن يقووا أنفسهم باستمرار من خلال توسيع البيروقراطية , و أن يقسموا المحكومين باستمرار . فقط السادة يمكن أن يكونوا قادة .
كان تروتسكي هذا السيد . في البداية كان محرضا ماهرا , الخطيب العظيم الذي لا يتعب , مؤسسا بذلك لموقعه القيادي في الثورة . بعدها أصبح مؤسس و قائد الجيش الأحمر , مقاتلا كلا من اليمين و اليسار , مقاتلا في سبيل البلشفية , التي كان يأمل بأن يصبح قائدها أيضا . لكنه فشل هنا . عندما يصنع القادة التاريخ , فإن من يقودونهم لا يعودوا مهمين , لكنهم لا يختفون أيضا . مؤمنا بقوة المشاهد التاريخية الكبرى , أهمل تروتسكي الحاجة ليكون الانتهازي الناجح خلف كواليس البيروقراطية الصاعدة بما أنه كان في مركز التاريخ العالمي .
اليوم لم يعد الرجال العظام ضرورة . وسائل الدعاية المعاصرة يمكنها أن تحول أي مدعي إلى بطل , أي شخصية عادية إلى عبقري يفهم كل شيء . إن الدعاية تحول بالفعل من خلال أفعالها الجماعية أي قائد عادي , إن لم يكن غبيا , مثل هتلر و ستالين , إلى رجل عظيم . يصبح القادة رموزا لإرادة , منظمة , جماعية و ذكية حقا للحفاظ على المؤسسات الاجتماعية القائمة . خارج روسيا , سرعان ما تقلص تروتسكي إلى سيد لفئة صغيرة من الثوريين المحترفين و مموليهم . لقد كان "الرجل العجوز" , السلطة غير القابلة للجدال لحالة نمت بشكل مصطنع في المشهد السياسي , و حكم عليها أن تنتهي إلى مجرد عبث . أن يصبح سيد الأممية الرابعة , كما كان خصمه ستالين سيد الأممية الثالثة , بقي هذا هو الوهم الذي مات عليه تروتسكي .
لا توجد هنا حاجة لتتبع تطور تروتسكي الفردي , تكفينا سيرته الذاتية . و ليس من الضروري أيضا التأكيد على ميزاته العديدة , الأدبية و غيرها . إن أعماله , لا سيما تاريخ الثورة الروسية , ستخلد اسمه ككاتب و كسياسي . لكن هناك حاجة حقيقية لمعارضة تطور أسطورة تروتسكي التي ستجعل من هذا القائد لثورة رأسمالية الدولة الروسية شهيدا للطبقة العاملة العالمية – أسطورة يجب رفضها مع كل المسلمات و الجوانب الأخرى للبلشفية .
قال لويس فيرديناند سيلين أنه يجب الحكم على الثورات فقط بعد عشرين عاما من وقوعها . و عندما فعل هذا , لم يجد سوى كلمات الإدانة للبلشفية . لكن يبدو بالنسبة لنا أن إعادة تقييم البلشفية اليوم ستكون أفضل من دون أي وعظ أو حكم أخلاقي . بالعودة إلى الوراء من السهل جدا أن نرى في البلشفية بداية مرحلة جديدة من التطور الرأسمالي , بدأته الحرب العالمية الأولى . لا شك أنه في عام 1917 , كانت روسيا الحلقة الأضعف في بنية العالم الرأسمالي . لكن الرأسمالية بأكملها في شكل ملكيتها الخاصة كانت على حافة الركود بالفعل . لم يعد من الممكن إقامة و توسيع نظام اقتصادي قابل للحياة حسب نموذج إطلاق حرية رأس المال ( دعه يمر ) . فقط قوة المركزة الكاملة , الحكم الديكتاتوري على كل المجتمع , كان يمكنه ضمان إقامة نظام اجتماعي استغلالي قادر على توسيع الإنتاج على الرغم من تراجع الرأسمالية العالمية .
لا يوجد شك في أن القادة البلاشفة باختراعهم لبنية رأسمالية دولتهم – التي أصبحت في غضون عشرين عاما نموذجا لتطور مشابه لمجمل العالم الرأسمالي – كانوا مقتنعين بعمق أن بناءهم يتجاوب مع حاجات و آمال بروليتاريتهم و البروليتاريا العالمية . حتى عندما اكتشفوا أنه لا يمكنهم تغيير واقع أن مجتمعهم قد استمر بالاعتماد على استغلال العمال , سعوا إلى تغيير معنى هذا الواقع بتقديم نظرية لتبريره تربط حكم القادة بمصالح من يقودونهم . القوة الحافزة للتطور الاجتماعي في أي مجتمع طبقي – الصراع الطبقي – كان قد جرى الانتهاء منها نظريا , لكن عمليا , كان يجب تطوير نظام شمولي توليتاري مقنع تحت ديكتاتورية البروليتاريا . في خلق هذا النظام و في محاولة تمويهه كسب تروتسكي معظم مجده . و بقي يعيش على مجده هذا حتى النهاية . يكفي فقط أن نشير إلى الدور الأساسي الذي لعبه تروتسكي في السنوات الأولى العاصفة لروسيا البلشفية لفهم لماذا لم يمكنه الاعتراف أن الثورة البلشفية كانت قادرة فقط على تغيير نمط الرأسمالية لكنها لم تكن قادرة على التخلص من النمط الرأسمالي للاستغلال . كان شبح تلك الفترة هو الذي حكم على فكره بالفساد .
في التأخر العام الذي ساد في روسيا القيصرية , كان أمام الإنتلجنسيا فرصة ضئيلة لتحسين وضعها . لم تجد موهبة و قدرات الطبقات الوسطى المتعلمة أية فرصة في ذلك المجتمع الراكد . فيما بعد وجد هذا الوضع ما يماثله في أوضاع الطبقات الوسطى في إيطاليا و ألمانيا بعد ( معاهدة ) فرساي و في أعقاب الأزمة العالمية التي تلتها , و في كلتا الحالتين , جرى تسيس للأنتلجنسيا و لفئات كبيرة من الطبقات الوسطى و استجابت بشكل مضاد لتراجع النظام الاقتصادي . في بحثها عن إيديولوجيات مفيدة كسلاح , و في بحثها عن حلفاء , كان عليها أن تتجه إلى الطبقة البروليتارية من المجتمع , و كل العناصر الساخطة الأخرى . إن قيادة البلاشفة مثلها مثل الحركات الفاشية ليست بروليتارية , إنها من الطبقات الوسطى : نتيجة إحباط المثقفين تحت ظروف الركود و التراجع الاقتصادي .
في روسيا , قبل عام 1917 , تطورت إيديولوجيا ثورية بمساعدة الاشتراكية الغربية – مع الماركسية . لكن تلك الإيديولوجيا خدمت شيئا واحدا فقط هو القيام بالثورة . و كان يجب أن تعدل باستمرار لتخدم الحاجات المتغيرة لثورة رأسمالية الدولة و المستفيدين منها . و أخيرا فقدت هذه الإيديولوجيا أي اتصال لها بالواقع و أصبحت دينا , سلاحا للحفاظ على الطبقة الحاكمة الجديدة .
بواسطة هذه الإيديولوجيا , كانت الأنتلجنسيا الروسية و بدعم من العمال الطموحين قادرة على الاستيلاء على السلطة و الحفاظ عليها بسبب تفسخ المجتمع القيصري , و الفجوة الاجتماعية الواسعة بين الفلاحين و العمال , و الوعي البروليتاري غير المتطور , و الضعف العام للرأسمالية العالمية بعد الحرب . بعد أن وصل إلى السلطة بفضل إيديولوجيا ماركسية مروسة ( أو روسية ) , لم يكن لدى تروتسكي بعد أن فقد السلطة إلا أن يحافظ على تلك الإيديولوجيا الثورية بشكلها الأصلي ضد انحطاط الماركسية الذي قام به الستالينيون . كان بمقدوره أن يتحمل ذلك الترف , لأنه قد فر من النتائج الحديدية للنظام الاجتماعي الذي ساعد في إقامته . يمكنه الآن أن يعيش حياة كريمة , هي حياة المعارض . لكن لو أنه أعيد للسلطة فجأة لما كانت أعماله لتكون إلا أعمال ستالين نفسها التي كان يحتقرها . ففي نهاية المطاف , ليس الأخير إلا نتاج سياسات لينين و تروتسكي . في الواقع , إن "الستالينيين" كنوع خاص من البشر طالما بقي تحت السيطرة , كانوا نوع البشر المفضل الذي يحتاجهم قادة مثل لينين و تروتسكي . لكن الدودة تنقلب أحيانا . هذه التوابع البلشفية التي صعدت إلى مراكز السلطة فهمت لأقصى حد أن الضمانة الوحيدة لأمنها تكمن في السجن و النفي و القتل .
في عام 1925 لم تكن الأساليب القمعية متطورة بما يكفي لضمان السلطة المطلقة للقائد العظيم . كانت ما تزال تقاليد الرأسمالية الديمقراطية تعيق الوسائل الديكتاتورية . بقيت القيادة بعد وفاة لينين , لكن لم يكن هناك قائد . رغم فرض المنفى على تروتسكي لكن عدم نضج الأشكال السلطوية للحكم أبقاه حيا لخمسة عشرة عاما . سرعان ما أمكن القضاء على المعارضات القديمة و الجديدة لحكم ستالين . و جاء نجاح هتلر الكبير في ليلة "السكاكين الطويلة" عندما قضى بضربة جريئة على كل المعارضة المؤثرة ضده , أظهر لستالين الطريقة المثلى لمعالجة مشاكله الخاصة . كل من اشتبه بأنه حمل ذات يوم أفكارا غير سارة بالنسبة لدولة ستالين و حكمه المطلق , كل من كان يشك بأنه بسبب قدراته النقدية سيكون قادرا في المستقبل على أن يصل إلى الآذان الراغبة للمستضعفين و البيروقراطيين المستائين , جرى القضاء عليه . لم يجر هذا بالطريقة الجرمانية التي تخلص بها الفاشيون الألمان من رويهم و ستراسر و أتباعهم , بل بالطريقة المخفية , المنهجية و المضحكة لمحاكمات موسكو , بحيث جرى استغلال حتى موت المعارضين المحتملين لتأكيد المجد الأعظم للقائد الأكبر و المحبوب . و جرى بهذه الطريقة التأكد من أن من أخذوا يحتلون المكاتب التي أصبحت فارغة سيصفقون جيدا للقائد . دفع الجماهير العريضة لتقبل بسعادة تلك النهاية البائسة "للبلاشفة القدامى" كانت مهمة وزير الدعاية . هكذا , كل روسيا , و ليس فقط المجموعة البيروقراطية الحاكمة قضت على "خونة الوطن الأم و العمال" .
رغم الاحتفال السري للنظام بموت تروتسكي , أخذ المدافعون عن الستالينية يتساءلون بسذاجة مؤثرة , لماذا يجب أن يكون ستالين مهتما بالتخلص من تروتسكي ؟ ففي نهاية المطاف أي ضرر يمكن لتروتسكي أن يتسبب به لستالين القوي و روسياه العظيمة ؟ لكن البيروقراطية القادرة على تدمير آلاف الكتب لأنها تحتوي على اسم تروتسكي , و على إعادة كتابة التاريخ مرة تلو أخرى لإلغاء أي إنجاز للمعارضين الذين تم إعدامهم , البيروقراطية القادرة على أن تنفذ محاكم موسكو , قادرة بكل تأكيد على استئجار قاتل , أو على أن تجد متطوعا لإسكات الصوت الوحيد المخالف فيما كان سيكون انسجاما كاملا لمديح الطبقة الحاكمة الجديدة في روسيا . إن التعريف الذاتي المتسامي مع القائد ضد المنبوذ الأخير داخل الحزب الشيوعي , و التعصب الغبي الذي يبديه هؤلاء الأشخاص عندما ترفع مرآة الحقيقة أمام أعينهم , يكفي كي يمنعنا من الاندهاش لمقتل تروتسكي . الحقيقة أن من المدهش أنه لم يقتل قبل ذلك . لفهم اغتيال تروتسكي يكفي أن ننظر إلى آلية و روحية أية منظمة بلشفية , بما في ذلك تروتسكي نفسه .
أي ضرر يمكن لتروتسكي أن يتسبب به ؟ لأنه لم يخرج لكي يلحق الضرر بروسياه و بدولته العمالية كان تروتسكي لهذا السبب بالذات مكروها بشدة من البيروقراطية البلشفية الحاكمة . و أيضا لأن التروتسكيين في البلاد التي لهم فيها موطئ قدم لم يقوموا حتى بأدنى تغيير في أداة الحزب التي اخترعها لينين , لأن روحهم بقيت روح البلشفية , لهذا السبب أيضا كانوا مكروهين لهذه الدرجة من قبل مالكي الأحزاب الشيوعية المنفصلة .
الخطوات السريعة للتاريخ تجعل أي استحالة ظاهرية أمرا ممكنا . و ليست روسيا منيعة على التغييرات الهائلة التي يشهدها العالم المعاصر . في عالم يترنح تصبح كل الحكومات غير آمنة . لا أحد يعرف أين سيضرب الإعصار في المرة القادمة . على الجميع أن يحسب كل الاحتمالات . لأن تروتسكي أصر على الدفاع عن إرث 1917 , و لأنه بقي بلشفيا كان يرى في رأسمالية الدولة أساس الاشتراكية و في حكم الحزب حكم العمال , لأنه لم يرد إلا استبدال ستالين و البيروقراطية المؤيدة لستالين , كان يشكل خطرا فعليا على الأخير .
حقيقة أن لديه حججا مختلفة , مثل "الثورة الدائمة" في مقابل شعار "الاشتراكية في بلد واحد" , الخ , هو شيء لا معنى له لأن استمرار الثورة أو دوامها إضافة إلى عزلة روسيا لا تعتمد على الشعارات و القرارات السياسية , بل على الوقائع التي لا تخضع لسيطرة حتى أكثر الأحزاب قوة . هذه المحاججات تفيد فقط في إخفاء المصالح العادية جدا التي تناضل في سبيلها الأحزاب السياسية حقا .
لقد كانت الطبيعة غير الثورية لسياسات تروتسكي فيما يتعلق بالمشهد الروسي هي ما جعلته خطيرا لهذه الدرجة . تعرف البيروقراطية الروسية جيدا أن الوضع الدولي الحالي لن يؤدي إلى تغيرات ثورية في صالح البروليتاريا العالمية . الديكتاتوريون و البيروقراطيون يفكرون بتعابير الديكتاتورية و البيروقراطية , إنهم يخافون أولئك الذين يدعون أحقيتهم بالعرش ( منافسيهم على العرش ) , و ليس رعاع الشارع . وجد نابليون أنه من السهل السيطرة على أي حشد ثوري , و أن التعامل مع مكائد فوشي و تاليراند ( اثنان من كبار جنرالات جيشه – المترجم ) أكثر صعوبة بكثير . تروتسكي الحي كان يمكن أن يستدعى ثانية من قبل الطبقات الأدنى من البيروقراطية الروسية عندما تحين اللحظة المناسبة . كانت فرصته في أن يحل مكان ستالين , في أن ينتصر أخيرا , تعتمد على أن يتوقف في نقده لستالين على شخص الأخير فقط , كانت هذه كآبة قاسية , لإرضاء الميول الجديدة لأتباع ستالين . لقد أدرك أنه يمكنه أن يعود إلى السلطة فقط بمساعدة القسم الأكبر من البيروقراطية , أنه يمكنه أن يحتل مقعده في الكرملين ثانية فقط في أعقاب ثورة في القصر , أو انقلاب رويهم ناجح ( رويهم قائد مجموعات القمصان الرمادية النازية الي قتله هتلر عام 1934 مدعيا أنه كان يخطط لانقلاب عليه – المترجم ) . لقد كان واقعيا جدا – رغم كل الغموض المرغوب في برنامجه السياسي – لئلا يدرك سخف مناشدته العمال الروس , أولئك العمال الذين أصبحوا يعرفون اليوم جيدا أن سادتهم الجدد هم مستغليهم الجدد , و أنهم يتحملونهم فقط بدافع الخوف و الضرورة . ألا يتحملوهم , ألا يقبلوا الوضع الجديد يعني أن يضيعوا فرصة تحسين أوضاعهم الفردية , و طالما كان الاقتصاد الروسي يتوسع , فإن المطامح الفردية و الأعذار الفردية ستحكم الأفراد . سيحاول الوصوليون أن يستفيدوا بأقصى ما يمكنهم من وضع يشعرون أنهم لا يستطيعون تغييره . بالتحديد لأن تروتسكي لم يكن ثوريا , بل مجرد منافس على القيادة تحت الظروف الروسية القائمة – على أهبة الاستعداد لتلبية دعوة البيروقراطية لإعادة التنظيم إذا ما دعتها أزمة وطنية ما للتخلي عن ستالين – لهذا أصبح تروتسكي أكثر خطورة للزمرة الحاكمة الحالية و هي تستعد للانخراط في مغامرات إمبريالية كبيرة . كان مقتل تروتسكي أحد النتائج العديدة لإعادة ظهور الإمبريالية الروسية .
تقف البلشفية اليوم عارية على أنها المرحلة الأولى لحركة كبرى , تهدف لتأبيد الاستغلال الرأسمالي , باسطة سيطرتها ببطء لكن بثقة على العالم بأسره نحو تغيير اقتصاد الملكية الخاصة الذي لم يعد قادرا على الاستمرار إلى وحدات أكبر لرأسمالية الدولة . كان دور المفوض البلشفي هو اكتشاف نتيجتها المنطقية في الديكتاتوريات الفاشية التي أخذت تنتشر فوق الكوكب . كما أن لينين و تروتسكي كانا يعرفان القليل فقط عما كانا يفعلانه فعلا عندما كانا يحاربان من أجل الاشتراكية , فإن هتلر و موسوليني يعرفان القليل فقط عما يفعلانه فعلا بينما يحاربان من أجل ألمانيا عظيمة و إمبراطورية رومانية جديدة . في العالم الواقعي يوجد فرق كبير بين ما يريده البشر و بين ما يفعلونه بالفعل . الرجال , مهما كانوا عظيمين , هم صغار جدا أمام التاريخ , الذي يتجاوزهم و يفاجئهم مرة أخرى بنتائج مخططاتهم المفاجئة تماما .
في عام 1917 كان تروتسكي يعرف القليل فقط كما كنا نحن عن أن الثورة البلشفية ستنتهي بحركة فاشية عالمية , في التحضير و القيام بحرب عالمية جديدة . لو أنه عرف اتجاه التطور , إما أنه كان قد قتل قبل عشرين عاما , أو أنه كان يحتل مكان ستالين اليوم . بينما انتهى أخيرا كضحية للثورة المضادة الفاشية ضد الطبقة العاملة العالمية و السلام العالمي .
على الرغم من هذا , و رغم حقيقة أن ستالين قد قتل تروتسكي , و رغم استبدال كل أشكال البلشفية بالفاشية , فإن تقييما أخيرا لدور تروتسكي التاريخي سيضعه إلى جانب لينين , و موسوليني , ستالين و هتلر كأحد القادة العظام لحركة عالمية تحاول , عن وعي و بشكل غير واعي , أن تطيل عمر نظام الاستغلال الرأسمالي بطرق اخترعتها البلشفية أولا , ثم أكملتها الفاشية الألمانية , و مجدت أخيرا في المجزرة العامة التي نشهدها . فقط بعد كل هذا – ستبدأ الحركة العمالية .
نقلا عن http://www.marxists.org/archive/mattick-paul/1940/trotsky.htm
- ليلة السكاكين الطويلة , مجزرة نفذها النازيون الألمان ضد منافسي هتلر داخل الحزب النازي : زعيم الجناح "اليساري" ستراسر , و روهم قائد ميليشيات القمصان الرمادية عام 1934 .
ترجمة مازن كم الماز



#مازن_كم_الماز (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أدب المقاومة : الشاعر و الروائي السوريالي الروسي دانييل خارم ...
- نحو جاهلية جديدة
- فانتازيا ثورية : كافكا في دمشق
- محاولة لتحليل شخصية محمد
- مي زيادة و جبران خليل جبران
- مسكين أنت أيها العبد !!!
- ماذا بقي من الحلم السوري ؟
- كيف تنظر الطبقة السياسية و المثقفة للشباب الثائر
- أخلاق -حرة- ؟ -حب حر- ؟
- القصاص أو الفوضى
- تجربة شخصية مع الله و الرغبة
- الصعاليك , الثوار العرب الأوائل
- نحو دادائية عربية
- ذكريات إدلبية
- فلسفة التمرد الكامنة وراء تكتيكات البلاك بلوك
- أبو فرات , أبو حاتم , زاباتا الثورة السورية
- تحية للحوار المتمدن
- نحو جيل جديد من الغاضبين
- سيد قطب في الجنة
- حشيش سوري


المزيد.....




- مصدر التهديد بحرب شاملة: سياسة إسرائيل الإجرامية وإفلاتها من ...
- الشرطة الفرنسية تستدعي نائبة يسارية على خلفية تحقيق بشأن -تم ...
- السيناتور ساندرز يحاول حجب مليارات عن إسرائيل بعد لقائه بايد ...
- إعادة افتتاح متحف كانط في الذكرى الـ300 لميلاد الفيلسوف في ك ...
- محكمة بجاية (الجزائر): النيابة العامة تطالب بخمسة عشر شهرا ح ...
- تركيا تعلن تحييد 19 عنصرا من حزب العمال الكردستاني ووحدات حم ...
- طقوس العالم بالاحتفال بيوم الأرض.. رقص وحملات شعبية وعروض أز ...
- اعتقال عشرات المتظاهرين المؤيدين لفلسطين في عدة جامعات أمريك ...
- كلمة الأمين العام الرفيق جمال براجع في المهرجان التضامني مع ...
- ال FNE في سياق استمرار توقيف عدد من نساء ورجال التعليم من طر ...


المزيد.....

- مساهمة في تقييم التجربة الاشتراكية السوفياتية (حوصلة كتاب صا ... / جيلاني الهمامي
- كراسات شيوعية:الفاشية منذ النشأة إلى تأسيس النظام (الذراع ال ... / عبدالرؤوف بطيخ
- lمواجهة الشيوعيّين الحقيقيّين عالميّا الإنقلاب التحريفي و إع ... / شادي الشماوي
- حول الجوهري والثانوي في دراسة الدين / مالك ابوعليا
- بيان الأممية الشيوعية الثورية / التيار الماركسي الأممي
- بمناسبة الذكرى المئوية لوفاة ف. آي. لينين (النص كاملا) / مرتضى العبيدي
- من خيمة النزوح ، حديث حول مفهوم الأخلاق وتطوره الفلسفي والتا ... / غازي الصوراني
- لينين، الشيوعية وتحرر النساء / ماري فريدريكسن
- تحديد اضطهادي: النيوليبرالية ومطالب الضحية / تشي-تشي شي
- مقالات بوب أفاكيان 2022 – الجزء الأوّل من كتاب : مقالات بوب ... / شادي الشماوي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - مازن كم الماز - ليون تروتسكي للشيوعي المجالسي باول ماتيك - 1940