أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - مازن كم الماز - فانتازيا ثورية : كافكا في دمشق














المزيد.....

فانتازيا ثورية : كافكا في دمشق


مازن كم الماز

الحوار المتمدن-العدد: 4080 - 2013 / 5 / 2 - 19:34
المحور: الادب والفن
    


مقدمة : كتبت من قبل ستالين يذهب إلى درعا , باكونين يذهب إلى درعا , هذا هو الجزء الثالث من الملهاة السورية , ما يزال أمامنا الكثير , يوما ما سيكتب أحدنا المذكرات الأخيرة لدون كيخوت السوري , و لسبارتاكوس الذي لا ينتصر و لا يموت
كان الجو مشبعا بالانتظار , أشاع النظام و شبيحته أن مجزرة جديدة ستقع , أن الجيش الحر سيدخل المدينة و سيقتل الجميع .. انتشر الشبيحة في كل مكان , هرب الكثيرون , بقي البعض , و بقيت أنا .. عندما طرقت ذلك الباب أول مرة , ظهر وجهها من وراء معدنه الكئيب , كانت تبتسم .. و وجدت يدها تحتضن يدي , دخلت , عرفتها عن نفسي , ثم جاء والدها , و بعده أختها الصغرى .. أحسست بحذر هائل و بشيء من الخوف , صديقي مات هنا , قتل هنا , و ها أنا ذا في نفس المكان , أبحث كما كان يبحث , عن ملجأ .. كان طيف صديقي يكتم أنفاسي , و لم أتخلص منه إلا عندما لفظت اسمه في وجوههم .. غابت الابتسامة عن وجهها , و بدا لي أن أختها أيضا قد أصبحت أكثر حزنا .. لكني لم أسأل عن شيء , اكتفيت بالصمت .. بعد يومين أو ثلاثة , كانت ابتسامتها تلاحقني في كل مكان , و صورة صديقي أيضا , لأجدها في حضني , ثم لأجد نفسي في فراشها , و تساءلت و أنا ممدد بجوارها : هل جئت هنا لأعرف من قتلك أيها الصديق ؟ كانت عيناها تسألاني نفس السؤال , لكن أختها بصقت ذلك السؤال في وجهي مباشرة , بكثير من الألم و التوتر , لكني ببساطة لم أكن أعرف الجواب .. أصبح القصف يوميا , النظام يشيع أن الجيش الحر يقصفنا بالهاون من قرية مجاورة .. في ذلك اليوم سقطت قذيفة داخل البيت , انفجرت الدماء من ساقها , و رأيت وسط الدماء عظما أبيضا مكسورا , حملتها , مع ساقها النازفة , و ركضت بها إلى المشفى البعيد .. كانت تصرخ بي أن أتوقف , قالت لي أنها تريد أن تموت , أخيرا قالت لي أنها تخشى علي , أنني مطلوب و لا يجب أن أمشي هكذا في الشوارع .. لم أكن أصغي إلا للدماء النازفة من ساقها , كنت كمن انتابته نوبة من الجنون .. ربما كانت تلك الدماء هي جواز عبوري عبر حواجز الأمن و الشبيحة العديدة .. في المستشفى , ودعتها بصمت , و هي أيضا ودعتني بصمت , رأيت في عينيها شكرا ما , لوما ما , غضبا ما , و شيئا آخر لم أره من قبل .. وصلت البيت المحاصر بنفس طريقة خروجي منه , كأن شيطانا ما يرافقني أو كأني أنا ذلك الشيطان , كان رجال الأمن و اللجان الشعبية يكتفون بالنظر إلي بحزن .. كانت أختها تبكي , لكنها بعد بعض الوقت بدأت تتحدث , سألتني عن سر تصرفي الغبي هذا , و عندما لم أجبها غضبت , همت بضربي , سألتني : ألم أسمع بتلك الشائعات التي زعمت أن أختها هي من سلم صديقي للأمن , قلت لها أني سمعتها , عندها صرخت في وجهي هل أنا مجنون ؟ آتي للبيت الذي قتل فيه صديقي طالبا الأمان , و أتجول في الشوارع وسط رجال الأمن و الشبيحة حاملا امرأة تموت ؟ .. عندما عادت إلى البيت كان جسدها محموما , و كان جهازا معدنيا غريبا ملتصقا بساقها المكسورة , أصبحت عيناها أكثر جنونا و حزنا , كانتا معلقتين بي دائما , و سرعان ما اعتدت على صفائهما الجديد .. قالت لي أختها بغضب أنني شرير , أنني خططت و تآمرت لكي أملك قلب أختها , أنني جعلتها عبدة لي .. في ليلة باردة التصقت بجسدها المحموم , كانت بين ذراعي كقطعة نار تذوب و هي تصرخ .. و في الصباح التالي ماتت .. بقيت أنا و أختها الصغرى , بعد ثلاثة أيام من البكاء , بينما كان عيناها و صوتها غارقين في الدموع , قالت لي في حالة كالاعتراف , أن أختها قد أحبتني حقا .. و فجأة انفجر شيء ما داخلها و بدأت تهذي , قالت لي أن صديقي لم يكن ملاكا , أنه نام أولا مع أختها , ثم نام معها , و وعد كلا منهما بالحب و الأطفال , بالسفر إلى بلاد بعيدة و بألوان لم يرها أحد .. و عندما اكتشفتا الخديعة قررتا قتله , ذبحا .. مات صديقي هنا , على هذا الفراش , اعتقد الجميع أن الشبيحة هم من قتله لأنهم وجدوه مذبوحا من الوريد إلى الوريد .. بدأ الطرق على الباب , لم يكن الطارق يطلب الإذن بالدخول , كان يريد تحطيم الباب , هل اكتشفوني ؟ أم أنها المجزرة الموعودة ؟ كانت أختها نائمة أمامي , بصمت , بوداعة , كأن هذه الضجيج لا ينتمي لعالمها أو أنها لا تنتمي إليه , تأملت وجهها بهدوء , أصبحت الطرقات على الباب مثل طلقات الرصاص , و دوت معها أيضا صرخات مجنونة ماجنة , بقيت عيناي معلقتان بوجهها , و أحسست بطيف أختها إلى جانبي , فجأة شعرت بالهدوء في المكان , حتى تلك الضربات المجنونة على الباب بدت جزءا من ذلك الهدوء , أغمضت عيني بصمت , رأيت وجوها مذبوحة و سيقانا مكسورة و عيونا تبكي و نساءا تحلم بالسفر إلى بلاد بعيدة و بألوان لم يرها أحد , رأيت وجه صديقي و لأول مرة كان قبيحا , كانت الطرقات على الباب و الصرخات القادمة من ورائه قد أصبحت كدوي المدافع , لكن الهدوء بقي سائدا على كل شيء



#مازن_كم_الماز (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- محاولة لتحليل شخصية محمد
- مي زيادة و جبران خليل جبران
- مسكين أنت أيها العبد !!!
- ماذا بقي من الحلم السوري ؟
- كيف تنظر الطبقة السياسية و المثقفة للشباب الثائر
- أخلاق -حرة- ؟ -حب حر- ؟
- القصاص أو الفوضى
- تجربة شخصية مع الله و الرغبة
- الصعاليك , الثوار العرب الأوائل
- نحو دادائية عربية
- ذكريات إدلبية
- فلسفة التمرد الكامنة وراء تكتيكات البلاك بلوك
- أبو فرات , أبو حاتم , زاباتا الثورة السورية
- تحية للحوار المتمدن
- نحو جيل جديد من الغاضبين
- سيد قطب في الجنة
- حشيش سوري
- الثورة السورية , ابن تيمية , و الحرية
- كلمات عن الله
- مطاردة الساحرات مرة أخرى , عن احتمالات صعود هستيريا جماعية ج ...


المزيد.....




- دواين جونسون بشكل جديد كليًا في فيلم -The Smashing Machine-. ...
- -سماء بلا أرض-.. حكاية إنسانية تفتتح مسابقة -نظرة ما- في مهر ...
- البابا فرنسيس سيظهر في فيلم وثائقي لمخرج أمريكي شهير (صورة) ...
- تكريم ضحايا مهرجان نوفا الموسيقى في يوم الذكرى الإسرائيلي
- المقابلة الأخيرة للبابا فرنسيس في فيلم وثائقي لمارتن سكورسيز ...
- طفل يُتلف لوحة فنية تُقدر قيمتها بخمسين مليون يورو في متحف ه ...
- بوتين يمنح عازف كمان وقائد أوركسترا روسيا مشهورا لقب -بطل ال ...
- كيلوغ: توقيع اتفاقية المعادن بين واشنطن وكييف تأخر بسبب ترجم ...
- عرض موسيقي مفاجئ من مانو شاو وسط انقطاع الكهرباء في برشلونة ...
- مسقط.. أكثر من 70 ألف زائر بيوم واحد للمعرض الدولي للكتاب


المزيد.....

- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري
- عشاء حمص الأخير / د. خالد زغريت
- أحلام تانيا / ترجمة إحسان الملائكة
- تحت الركام / الشهبي أحمد
- رواية: -النباتية-. لهان كانغ - الفصل الأول - ت: من اليابانية ... / أكد الجبوري
- نحبّكِ يا نعيمة: (شهادات إنسانيّة وإبداعيّة بأقلام مَنْ عاصر ... / د. سناء الشعلان
- أدركها النسيان / سناء شعلان


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - مازن كم الماز - فانتازيا ثورية : كافكا في دمشق