أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - قاسم حسين صالح - اللاوعي الجمعي العراقي..مخدّر وخالق أوهام ومثير فتنة (2-3)















المزيد.....

اللاوعي الجمعي العراقي..مخدّر وخالق أوهام ومثير فتنة (2-3)


قاسم حسين صالح
(Qassim Hussein Salih)


الحوار المتمدن-العدد: 4080 - 2013 / 5 / 2 - 18:01
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    



توطئة
تهدف هذه الدراسة الى تبيان دور اللاوعي الجمعي في الشخصية العراقية في أربع قضايا اساسية :صناعة الدكتاتور،صناعة الأزمات ،الاحتراب الطائفي،وصراع الهويات..وتلقي الضوء على رهاب العلمانية والحداثة ومقاومة التغيير. وننوه مقدما الى انه سترد فيها افكار قد تثير عدم رضا أو انزعاج او استفزاز بعض من تستقر في لاوعيهم ما يعدّونه مقدسا او معتقدات يجب عدم الاقتراب منها.وتأتي اهميتها من حيث أن العقلية العراقية لن تتقدم الا بغربلة كلّ ما تحتويه لتتخلص من ثقل ما لم يعد نافعا كي تسرع أكثر في اللحاق بعصر الثورة المعلوماتية والحياة المدنية قبل ان تكون خارج زمنيهما.وهذا مطلوب شرط ان يكون الحوار علميا وبأسلوب مهذّب يفضي الى تبيان الدور الذي ينبغي ان تلعبه الثقافة بشكل عام والجامعة بشكل خاص في اللاوعي الجمعي العراقي،الذي لم ينل من الدراسة ما يستحق مع انه احد الأسباب الخفية في الازمات والكوارث التي شهدها العراق في الزمن الديمقراطي.
اللاوعي الجمعي والعقد النفسية في الشخصية العراقية
أسهم اللاوعي الجمعي في تكوين عقدا نفسية في الشخصية العراقية ،عملت الحروب والأزمات والتناحر بين الجماعات والتدخل العسكري الطائفي لتركيا وايران على ان تجعلها صلدة أشبه بالكونكريت.
ونقصد بالعقد النفسية هنا،حالة عصابية من خصائصها :شعور صاحبها ،بالقلق والخوف من الآخر،والضعف او العجز، وسوء التوافق مع نفسه ومع الآخرين،واللاواقعية في تقييم الأمور ،وصعوبة ايجاد حلول عقلانية لمشكلاته،والميل الى الاستمرار على هذا السلوك برغم ادراكه انه يتعبه.
وعلى وفق النظرية التطورية Evolutionary فان المورّثات " الجينات" السلوكية تخضع لقانون الانتخاب الطبيعي فتعمل – عبر التاريخ التطوري للانسان -على تقوية مورّثات "جينات" سلوكية معينة واضعاف مورّثات اخرى (مقارب لقانون دارون :البقاء للأصلح). وهذا يعني أن الأحداث التي عاشها الانسان عبرتاريخه التطوري تدخلت في عمل المورّثات "الجينات " بثلاث صيغ : تقوية مورّثات معينة ، واضعاف أخرى ، ودثر أخرى .
وتأسيسا على ذلك فاننا – أبناء هذا الجيل من العراقيين – لسنا فقط نتاج تكويننا البيولوجي الخالص،انما ايضا نتاج ما صنعته الأحداث من تأثير في مورّثات " جينات " أسلافنا العراقيين . ولك أن تقول : ان " جيناتنا " الحالية مشّفرة أو مسجّل عليها الأحداث التي عاشها أجدادنا في لاوعينا الجمعي، وأننا نقرأ عناوين هذه الأحداث ونرى صورا منها عبر سلوكنا وتصرفاتنا.ولك أن تقرأ تاريخ الخلافتين الأموية والعباسية ثم العثمانية والدماء التي أريقت على أرض العراق في عنف شرس تحز فيه الرؤوس وتدوس حوافر الخيل جثث القتلى،نجم عنها توريث الحقد والكراهية عبر الأجيال.
بهذا المعنى فان الموروث الثقافي يعدّ من أهم عوامل تكوين الشخصية .ونعني بالثقافة : القيم الدينية والأخلاقية والاتجاهات والمعتقدات والمعايير والفنون والآداب والعلوم..وكل ما ينتجه المجتمع وينتقل عبر اجياله ،وأنها "الثقافة "عملت على تكوين " مركز سيطرة" على مستوى الوعي واللاوعي الجمعي داخل الفرد يتحكم بتوجيه سلوكه نحو أهداف محددة ، وأن الاختلاف بين الأفراد ، في سلوكهم وتعاملهم مع الناس والأحداث ، يعود في واحد من أهم أسبابه الى مركز السيطرة الثقافي هذا .
هنالك سبع عقد نفسية في الشخصية العراقية..لنبدأ بأخطرها،التي تعد أحد أسباب أزماتنا السياسية..هي العناد العصابي.
1. العناد العصابي
كان لديّ شك أن الشخصية العراقية أكثر ميلا الى الخلاف مع الآخر منه الى الاتفاق. وتحول هذا الشك الى يقين بعد أحداث السنوات التي تلت عام 2003 ، فرحت أبحث عن اسبابه فوجدت أن هذه الصفة ليست من صنع حاضر قريب او بعيد مكتوب، انما تعود الى تاريخ يمتد الاف السنين ، وانها ليست ناجمة عن سبب بعينه ( القول ان العراقيين جبلوا على هذه الصورة مثلا ) انما عن شبكة معقدة من الأسباب تفاعلت فيما بينها فأنتجت الشخصية العراقية بهذه الصورة .
ويبدو،لي في الأقل ،أن العناد العصابي في الشخصية العراقية،او عقدة الخلاف مع الآخر يعود الى أن العراق ينفرد عن بلدان المنطقة بأمور وأحداث لها تاريخ يمتد الاف السنين يتمثل أهمها بالآتي :
1. انه البلد الذي تؤخذ فيه السلطة بالقوة المصحوبة بالبطش بمن كانت بيده .
2. وأنه البلد الذي سفكت على أرضه أغزر دماء المحاربين من العراقيين والعرب والأجانب، لاسيما : المغول والأتراك والفرس والانجليز...وأخيرا ، الامريكان .
3. وأنه البلد الذي نشأت فيه حضارات متنوعة ومتعاقبة ، انهارت أو أسقطت بفعل صراع داخلي أو غزو أجنبي .
4. وأنه البلد الذي تنوعت فيه الأعراق والأديان والمذاهب ، في مساحة مسكونة صغيرة نسبيا.
5. وأنه البلد الذي كان مركز الشرق الاسلامي حتى الهند والسند ، وحيث عاصمته كانت مدينة الخلافة الاسلامية .

2 . عقدة البارانويا .
تعني البارانويا : اسلوبا مضطربا من التفكير يسيطر عليه نوع غير منطقي " أو غير عقلاني " من الشك وعدم الثقة بالناس ، ونزعة دائمة نحو تفسير أفعال الأخرين على أنها تآمر أو تهديد مقصود أو مهين .
وقد نجمت هذه العقدة عن تواتر الاستيلاء على السلطة في العراق بالثورات والانقلابات الدموية والانتقامية ، فأصيب بها كل من أخذ السلطة ،وسيطرت على أغلبهم حالة هوسية من التآمر عليهم والشك بالآخر حتى لو كان بريئا.
وبالمقابل ، تولّد لدى الناس اقتران شرطي بين السلطة والظلم ، ناجم عن تكرار السلطات المتعاقبة لممارسة الظلم على الناس .
ومن هذه العلّة النفسية تحديدا (عقدة اليأس من مجيء سلطة عادلة ) نشأت فكرة " المخلّص المنتظر " الذي سيأتي ويملأ الأرض عدلا ، والتي يؤمن بها معظم العراقيين بغض النظر عن العرق والدين والمذهب والمستوى الثقافي سواء كان أمّيا أم حامل الدكتوراه .
3. عقدة الاستهداف .
ان تكرار غزو العراق من قوى اجنبية ( لخيراته وموقعه الاستراتيجي ) ولّد لدى الفرد العراقي حالتين نفسيتين :
الأولى : يقينه أن العراق سيبقى مستهدفا وأنه " الضحيه " في كل غزو. وادراكه بالتجربة المتكررة أن كل غزو يحصل يشطر العراقيين الى ثلاثة أقسام : متعاونون مع الغزاة ، ومحايدون أو من جماعة " الياخذ أمّي يصير عمّي " ، ومعارضون ..يحكمهم جميعا : الخلاف مع الآخر .
والثانية : كره العراقي للحكومة وتعمّق الهوة النفسية بينهما ، الناجمة عن اعتقاده بأن أية حكومة تتولى السلطة لابد أن تكون مسنودة من قوة أجنبية ، وأنها تخدم مصالح الأجنبي أكثر مما تخدم مصالحه ، الأمر الذي أدى الى أن تكون نظرة العراقي للأمور في حال يشبه فيه حصان العربة : النظر باتجاه واحد هو الخلاف مع السلطة والعمل على اسقاطها .
4 . عقدة أخذ الثأر.
ان جسامة ما وقع من احداث وبطش الآخر بالآخر، سواء بسسب الصراع على السلطة او بسبب معتقد او مذهب او فكرة، عملت على توريث عقدة ( أخذ الثأر أو الحيف ) من الآخر، وتحكّمت بسلوك العراقي في أزمات الحاضر، بانفعالية تعطّل التفكير العقلاني بأسباب هذه الأزمات أو بمن يخلقها.
ولقد تجسدت عقدة اخذ الثأر هذه في (قانون الأجتثاث)..وتعني مفردة الاجتثات القلع من الجذور بأسلوب لا يخضع الى قانون.ونتيجة الى تعالي الأصوات بأن تطبيقه كان ظالما،جرى تعديل الأسم الى (قانون المساءلة والعدالة).ويلاحظ ان نزعة الثأر الجاهلي هذه كانت عنيفة في الشخصية العربية العراقية مقارنة بالشخصية الكردية التي كانت متسامحة مع الذين اساءوا الى قضيتها من الكورد.
والعّلة المتورمة أكثر في صنف من الشخصية العربية العراقية أنها تسعى الى أخذ الثأر عن حيف او ظلم لحق بها من حدث مضى عليه أكثر من ألف سنة،وانها تستهدف أحفاد احفاد من ارتكب الفعل مع انهم لا ذنب لهم فيما ارتكبه اسلافهم.
5 . عقدة التعصب لــ" الهوية ".
سكنت العراق أقوام متعددة : عرب،كورد،تركمان،كلدان،آشوريون،يزيديون،شبك..ونشأت فيه أديان ومذاهب متنوعة :اسلام،مسيح، يهود،صابئة،مجوس..،شافعي،جعفري،حنفي،مالكي، حنبلي.
وتفيد الاحداث أن هذه الأقوام والأديان والمذاهب تعايش أهلها بسلام حيثما كانت السلطة بعيدة عن التدخل في شؤون خصوصياتهم،وأن الصراعات تنشأ فيما بينها،حدّ ابادة الآخر،حين تكون السلطة او قوة غازية محرضّا بشكل علني او خفي.
ولأن الانسان به حاجة نفسية الى (هوية ) فأنه يضطر الى الدفاع عن هويته حين تتعرض الى الخطر.ولأن كلّ ( هويات ) الجماعات العراقية لحقها أذى وتعرضت الى هذا القدر او ذاك من الخطر،فأنه نجم عن ذلك تغليب الانتماء الى الهوية الخصوصية (بدافع الحماية والأمن ) على الانتماء الى الهوية الوطنية،مصحوبة بحالات من التطرف أو التعصب العرقي أوالديني أوالمذهبي.
ويلاحظ على الثقافة العربية الاسلامية ان تساؤلات الهوية فيها تتداخل ضمن الوعي واللاوعي الجمعي وتتحرك نحو تفكيك مجتعاتها في ميدان صراع الهويات..تبدأ باشاعة سيكولوجيا الكره وتنتهي بالحقد الذي يدفع الى الانتقام في اوقات الازمات.



#قاسم_حسين_صالح (هاشتاغ)       Qassim_Hussein_Salih#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- اللاوعي الجمعي العراقي..مخدّر وخالق أوهام ومثير فتنة (1-3)
- في ذكرى نهاية الطاغية..هل انتهت صناعة الدكتاتور في العراق؟
- عشرة اعوام على حرب (تحرير)العراق-تحليل سيكوبولتك( 4- 4)
- عشر سنوات على حرب (تحرير) العراق-تحليل سيكوبولتك (3-4)
- عشر سنوات على حرب (تحرير ) العراق_تحليل سيكوبولتك (2-4)
- عشر سنوات على حرب (تحرير ) العراق-تحليل سيكوبولتك
- حذار من الترامادول
- الناخب العراقي..من سيكولوجيا الضحية الى سيكولوجيا التردد(1-3 ...
- حذار من اليأس..سنة خامسة
- الشك بين الأزواج
- التستر على المرض العقلي
- الشخصية الفلوجية
- ثقافة نفسية(75): الشعور بالذنب..والضمير
- العشائر العراقية..قراءة في ازدواجية المواقف
- الحكومة تريد..اسقاط الشعب!
- الطلاق.. صار يوازي الارهاب!
- ايها السياسيّون..كلكّم أحول عقل!
- من عام النكد الى عام الرهان على العراقيين
- سيكولوجيا الكذب
- الصعاليك


المزيد.....




- مصور بريطاني يوثق كيف -يغرق- سكان هذه الجزيرة بالظلام لأشهر ...
- لحظة تدمير فيضانات جارفة لجسر وسط الطقس المتقلب بالشرق الأوس ...
- عمرها آلاف السنين..فرنسية تستكشف أعجوبة جيولوجية في السعودية ...
- تسبب في تحركات برلمانية.. أول صورة للفستان المثير للجدل في م ...
- -المقاومة فكرة-.. نيويورك تايمز: آلاف المقاتلين من حماس لا ي ...
- بعد 200 يوم.. غزة تحصي عدد ضحايا الحرب الإسرائيلية
- وثائق: أحد مساعدي ترامب نصحه بإعادة المستندات قبل عام من تفت ...
- الخارجية الروسية تدعو الغرب إلى احترام مصالح الدول النامية
- خبير استراتيجي لـRT: إيران حققت مكاسب هائلة من ضرباتها على إ ...
- -حزب الله- يعلن استهداف مقر قيادة إسرائيلي بـ -الكاتيوشا-


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - قاسم حسين صالح - اللاوعي الجمعي العراقي..مخدّر وخالق أوهام ومثير فتنة (2-3)