أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمود عبد الغفار غيضان - تلصصٌ على شاعر كوري














المزيد.....

تلصصٌ على شاعر كوري


محمود عبد الغفار غيضان

الحوار المتمدن-العدد: 4063 - 2013 / 4 / 15 - 10:42
المحور: الادب والفن
    


تلصصٌ على شاعر كوري

-إنهم المرضى...
- ينوبون عنَّا جميعًا...
- في حمل أوجاع هذا العالمِ...

عندما أشار عداد صفحتي على موقع الحوار المتمدن باقترابه من الخمسين ألف قارئ... شعرتُ بسعادة كنت بالفعل أحتاج إليها كثيرًا... فهذه الخواطر المتواضعة استطاعت أن تجد من يمر عليها بعينيه ولو مرورا عابرًا... فضلتُ أن أحتفل بهذه المناسبة مع شخص تعلمتُ منه الكثير مع أني لم أقابله سوى مرة واحدة. إنه صاحب تلك العبارات المدهشة تحت العنوان.. الشاعر الكوري الجنوبي "كو أون"... تسمع عنه فلا تكاد تصدق أنه شخص حيَّ مثلنا إلا إذا قابلته... شعره يمزج الماضي بالحاضر، الواقع بالخيال، التاريخ بالأساطير... بل إن حياته ذاتها أسطورة كبرى له أكثر من مائة مؤلَّف، أحدها بحجم رف كامل باتساع الحائط بعنوان "ألف حياة وحياة" ومع ذلك يقول :"أنا نادم جدًّا على لحظات كثيرة أضعتها من حياتي"!!!! لا يبدو لي هذا التلصص ككل التلصصات الأخرى في دفتر دهاليز عالمي الثالث. فشاعرنا النبيل قد علم قراءه بمهارة فائقة فن التلصص عليه وكأن تاريخه الشخصي ذاته قصيدة كبرى لا يُمّلُّ ترتيلها:

- تحمله خالته على ظهرها بانتظار عودة أمه من شاطئ البحر، حيث تجمع ما تيسر العثور عليه من المحار لإطعام الأسرة.. تتأخر الأم.. يحل المساء... تقف خالته أمام المنزل بانتظار الأم... يتألم الطفل الصغير جوعًا... يمد بصره نحو السماء... يرى كل النجوم كحبات الأرز التي تتدلى من شجرة كبيرة باتساع ما يعرفه من الأفق!!!

- تخيل صغيرًا أنه يسمع سعال المرضى بالمستشفى العام البعيد جدا عن مسكنه... ثم مع الوقت تخيل أنه مصاب بمرض "السل" وأن أخته قد تكفلت برعايته وتطبيبه إلى تم له الشفاء، لكنها بكل أسفٍ أصيبت بالمرض وماتت... جمع رمادها في قنينة ثم نثره في المحيط... كثيرون من أصدقائه في مرحلة الشباب كانوا يأسفون لموت أخته صغيرة... وكثيرًا ما احتفظ بحقيقة واحدة لنفسه: "لم يكن لي أخت أصلا"!!! في بداية التسعينيات ومع أول فحص طبي شامل وكان قد جاوز الخمسين من عمره، اكتشف أن إحدى رئتيه قد تيبست بالفعل من الإصابة بمرض "السل"!!! المدهش أنه عاش كل هذه السنوات دون أن يسعل أو يشاهد بقعة دم واحدة تخرج من فمه مع أنه مدخن شره!!!!!

- شابًا... يجلس على أحد المقاهي... يتألم لمناظر الأشقياء التعساء الباحثين عن العمل... يجد بقايا صفحة من جريدة عن عامل أحرق نفسه ضيقًا بالحياة وقسوتها... يتوقف عن التردد على المقهى لبعض الوقت... تتكرر محاولات انتحاره الفاشلة... يزوره أصدقائه بعد إنقاذه في المرة الأخيرة... يداعبهم بما يؤكد أنه قد اختار الانحياز للحياه:" أنا الآن قد جئتكم... رسولاً من عالم الموت!!". يضحكون ويضحك معهم وتظل الضحكة لا تفارق وجهه لما يزيد على أربعة عقود بعد هذه الحادثة!!

- قرر في مغامرة خطيرة أن يرتحل بين شمال كوريا وجنوبها... مشى فوق كل صخرة أو جبل في البلدين... شرب من كل مجرى مائي فيهما... استراح قليلا مستظلا بكل شجرة فيهما... كتب حكايات كل منزل مرة عليه في طريقه... صلى بكل دير أو معبد مر به في طريقه... أحزنه حد الموت استباحة القتل باسم المعتقد... ظل طيلة الوقت متمسكًا بضرورة أن يعود القطر المشجوج إلى عهده الأول... أعلن مرارًا أنه يقف على خط الهدنة بين البلدين لا يحمل السلاح بل عاريًا...

- منحني ساعتين للقائه في منزله... أعجبته قراءتي لشعره... استمر اللقاء أكثر من ست ساعات... قال لي: "أنا أسكن قلبك.. وأنت تسكن عقلي.. لم أتصور أن شخصًا يمكنه أن يقترب من عالمي الإبداعي إلى هذه الدرجة... أنا فخور بك... يا الله!! "كو أون" فخور بي أنا!!! ما كل هذا التواضع؟!! أين نحن من هؤلاء البشر؟!! عفوًا! أنحن بشر مثلهم؟ أفي هذا التشبيه ظلم لهم؟؟ لا أعرف.. عند وداعي... وقف أمام بيته الهادئ في منطقة "فيلات" الكتاب والمبدعين الكوريين في مدينة "آن سونج"- نعم هذه الشعوب المنظمة يسكن مبدعوها وكتابها في مكان واحد تقريبًا أهم ما يميزه "الهدوء والاتساع والانفتاح على الطبيعة بمنازل لا تتجاوز تقريبا الدور الواحد- عندما جاء التاكسي الذي اتصلنا به ليقلني إلى محطة الباص... أعطاني " خمسة آلاف وون كوري" كأجرة للتاكسي... قيل لي" الجد أو الأب الكوري يفعل هذا مع اولاده أو أحفاده أو المقربين منه تعبيرًا عن الاهتمام والحفاوة".. ادخرت النقود... قمت بتصويرها على هاتفي... وقررت الاحتفاظ بها إلى الأبد!!

دهاليز عالم ثالث
محمود عبد الغفار غيضان
15 أبريل 2013م



#محمود_عبد_الغفار_غيضان (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تلصص في الوجع
- تلصص فيسبوكي
- محروس أبو فريد... طبيب الأحذية
- وهيبة... تسالي المصاطب
- العم -توفيق-... خواجة من زمن المصاطب.
- أبو رجل لم تكن مسلوخة
- تلصصُ الوداع
- بورتريهات الدهاليز 1- - أبانا الذي في منيل الروضة-
- تلصص على حين غرة
- تلصص ٌخاص...
- صاصا .. آخرُ بوحِ المصاطب
- كُتَّاب الشيخ عبد الواحد
- المتلصص 4
- رجلٌ بألف ...
- أوبرا المصاطب
- المُتَلصَّص-3
- -أُسُودَه... أُسُودَه-
- لوحاتٌ ورجلٌ من زمن المصاطب
- صد رد 2- (دهاليز عالم ثالث)
- المتلصص-2 (دهاليز عالم ثالث)


المزيد.....




- البروفيسور عبد الغفور الهدوي: الاستشراق ينساب في صمت عبر الخ ...
- الموت يغيب الفنان المصري عماد محرم
- -محاذاة الغريم-... كتاب جديد في أدب الرحلات لعبد الرحمن الما ...
- -أصيلة 46- في دورة صيفية مخصصة للجداريات والورشات التكوينية ...
- -نَفَسُ الله-.. هشاشة الذات بين غواية النسيان واحتراق الذاكر ...
- جبل كورك في كردستان العراق.. من خطر الألغام إلى رفاهية المنت ...
- لماذا يفضل صناع السينما بناء مدن بدلا من التصوير في الشارع؟ ...
- الذكاء الاصطناعي يختار أفضل 10 نجوم في تاريخ الفنون القتالية ...
- شباب سوق الشيوخ يناقشون الكتب في حديقة اتحاد الأدباء
- الجزيرة 360 تشارك في مهرجان شفيلد للفيلم الوثائقي بـ-غزة.. ص ...


المزيد.....

- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمود عبد الغفار غيضان - تلصصٌ على شاعر كوري