أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - صاحب الربيعي - التأثيرات السلبية للفقر والجهل على المجتمع














المزيد.....

التأثيرات السلبية للفقر والجهل على المجتمع


صاحب الربيعي

الحوار المتمدن-العدد: 1165 - 2005 / 4 / 12 - 11:03
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


هناك علاقة تلازم بين الفقر والجهل، فأينما حل الفقر تفشى الجهل وحيثما زال الفقر انحسر الجهل. وإن الشغل الشاغل للإنسان تحقيق غرائزه الطبيعة، ويأتي في مقدمتها تامين حاجته من الغذاء ليواصل مسيرته في الحياة. وحينما تنغلق في وجهه سُبل تأمين قوت يومه، يتعطل تفكيره وتصاب منظومة قيمه الذاتية بالعطب....وتنمو هواجس الشر في ذاته للبحث عن سُبل جديدة ومتعارضة مع قيم المجتمع لتأمين حاجته من الغذاء، وعندما يتحقق مبغاه بهذه السُبل يسعى إلى المزيد وعلى حساب المجتمع وينتهي به الأمر إلى عالم الجريمة.
وهكذا فان الشعب الجائع، يتخلى عن قيمه تدريجياً، وتحكمه العصبية وشريعة الغاب، مما يضعف من أواصر العلاقة التضامنية بين أفراده. ولاتجدي معه نفعاً دعوات الإصلاح والامتثال للقيم لأن دوافع الابتعاد عن تلك القيم هي أكبر بكثير من دعوات الإصلاح والامتثال للقيم ذاتها، فالجوع والفقر يعطلان منظومة التحكم (العقل) لدى الإنسان.
يعبر ((منشيوس)) عن تلك العلاقة المتلازمة قائلاً: " لاتنتظر من شعب جائع، الالتزام بالقيم والمثُل العليا".
إن الجوع الفقر ليس أداتان لإضعاف القيم الاجتماعية حسب، بل هما أداتين للكفر بالقيم الروحية والاجتماعية. فإذا كانت القيم الروحية والاجتماعية، تشكل المنظومة الأخلاقية للمجتمع فإن انحلالها يتسبب في إشاعة الفوضى والعنف في المجتمع.
لاتحقق الأساليب القهرية لإجتثاث حالة الفوضى والعنف لاستتاب الأمن والاستقرار في المجتمع المسعى المنشود لها ، وأنما يتوجب البحث في المسببات (الجوع والفقر) واجتثاثهما من بنيته. ويترافق ذلك مع حملة توعية شاملة بأهمية القيم الروحية والاجتماعية، لإحلال السلام والأمن الاجتماعي.
وعبرًّ ((أبي ذر الغفاري)) عن العلاقة بين الفقر والكفر قائلاً:" إذا ذهب الفقر إلى بلد، قال الكفر خذني معك".
كما أن الجوع الفقر يمهدان السبيل إلى تفشي الجهل في المجتمع، وهذه الآفة الجديدة تعمل على تعطيل سُبل التقدم والتطور الاجتماعي. فكلما تعاظم شأن الجهل في المجتمع، كلما ضعفت الأواصر بين أفراده كنتيجة لتفكك منظومة القيم الروحية والاجتماعية لأن التعليم يطرد الجهل ويسهم في فتح مدارك المنظومة العقلية للإنسان، العنصر الأساس للتحكم بالسلوكيات والتصرفات المنافية لقيم المجتمع.
لذلك نجد أن معظم الديانات السماوية، تدعو إلى مكافحة الجهل ونشر علوم المعرفة لترتقي منظومة الإنسان العقلية لمراتب أعلى ويكون لها القدرة على التميز بين قيم الخير والشر، وبالتالي التعرف بشكل أكبر على ماهية القيم الروحية والالتزام بها بما يخدم التوجهات الإنسانية.
يرى الأمام ((جعفر الصادق-ع))" أن الجهل نقص في الدين والخلق ومعاملة الناس".
ويعمل الجهل على نخر الذات وتعطيل مكامن الخير في الكينونة وتحفيز مكامن الشر وإطلاق العنان لنوازع الشر لتكون السبيل الوحيد لتحقيق الرغبات المنفلتة من عقالها وعلى حساب بقية أفراد المجتمع.
والجهل هو المحفز الأساس لنوازع الشر الكامنة في الذات الإنسانية، وحينما تتنامى نوزاع الشر في الذات بشكل كبير تعمل على قتل الذات ما لم تُطرد إلى خارجها وبالتالي فأنها ستطال بقية أفراد المجتمع. كما أن الجهل، يعمل على تعطيل نظام التحكم العقلي للذات، ويخلق فراغاً في النظام الروحي وما تحكمه من منظومة القيم الاجتماعية مما يؤدي إلى تمهيد الطريق للذات لتنهل توجهاتها من قيم الشر المنافية للقيم الاجتماعية.
ويتساءل ((سقراط))" أليس الجهل والحماقة فراغاً في نظام النفس؟".
إن سلوك وتصرفات الذات الجاهلة، تحتكم إلى قيم الشر في تعاملها مع أفراد المجتمع، وتلك القيم الشريرة لايقتصر ضررها على الكينونة ذاتها وإنما ينسحب شرها المتمثل بالتعدي والفجور والإساءة ليطال بقية أفراد المجتمع.
وعملياً فان الجهل المتفشي في المجتمعات الفقيرة، لايقتصر ضرره على المجتمعات ذاتها وأنما ينسب ليطال المجتمعات الأخرى المسالمة لأنها بيئة الجهل ملائمة لنمو كل أشكال الانحراف والإرهاب للانتقام من المجتمعات المسالمة وتحميلها المسؤولية لكافة الانكسارات والخسارات التي منيت بها المجتمعات الفقيرة.
يعتقد ((سقراط))" أن العمى يتلف البصر، والعفن يفسد القمح، والسوس يعطل الخشب. إما داء النفس العضال، فهو التعدي والفجور والجبن والجهل...وإذا لم يقتل الشر النفس ذاتها فلا شيء أخر قادر على قتلها".
وعليه يتوجب على المجتمع الدولي تقديم سُبل المساعدة لإجتثاث مسببات الفقر والجهل في المجتمعات المتخلفة من أجل الحفاظ على الاستقرار العالمي وبذات الوقت تهيئة الأرضية اللازمة لزرع مفاهيم التسامح والمحبة ونبذ العنف بجميع أشكاله وإنقاذ تلك المجتمعات من براثن الإرهاب لتساهم في المسيرة الحضارية للبشرية.



#صاحب_الربيعي (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- استحقاقات الرئاسة القادمة
- مَلكة الإبداع بين العبقرية والالهام والفطرة
- قيم الراعي والقطيع السائدة في الكيانات الحزبية
- الحكمة والحقيقة في الفلسفة
- مراتب المعرفة عند الفلاسفة
- ماهية الإحساس والمعرفة في الفلسفة
- صراع القيم والمبادئ بين الفلاسفة والملوك
- تأثير الاستبداد والعنف على اختلال أنماط السلوك الاجتماعي
- دور علماء الاجتماع في تقويم المجتمع
- موقف الفلاسفة من الحاكم والحكومة
- العلم والجهل في المجتمع
- تحرير الثقافة من الهيمنة والتسلط
- الحكومة والشعب
- التصورات اللاعلمية في الفكر الماركسي
- مجالس الفلاسفة والعلماء مع السلاطين
- الملوك والفلاسفة وتهمة الإلحاد
- النظام الديمقراطي والسلطة السياسية
- الفشل في تحقيق الذات وانعكاساته السلبية على المجتمع
- العنصر الثالث لدعم الاستقرار والتوازن الاجتماعي
- سلطة القانون في المجتمع


المزيد.....




- أكثر من 420 ألف رطل من الذخائر وقرابة 30 صاروخ -توماهوك-.. إ ...
- بيانات دول عربية على الضربة الأمريكية بإيران فجر الأحد
- الأردن.. جدل حول مدى تأثر المملكة باحتمال ضرب مفاعل ديمونا ب ...
- سلاح إيراني برسائل عقائدية وتكتيكية.. ماذا نعرف عن صاروخ خيب ...
- إسرائيل ستعيد رفات ثلاث رهائن من غزة والرئيس هرتسوغ يطالب بـ ...
- هل انتهى البرنامج النووي الإيراني بعد الضربة الأميركية؟
- الدويري: طهران تخطط لحرب طويلة الأمد وواشنطن وتل أبيب تخططان ...
- كيف يستغل المحتالون تطبيق تيك توك لإصابة المستخدمين بالبرامج ...
- واشنطن تقلّص بعثتها بالعراق وتحذر من السفر إليه بعد استهدافه ...
- شاهد.. شرطة الاحتلال تستبعد الصحفيين الأجانب وتبحث عن الجزير ...


المزيد.....

- الآثار العامة للبطالة / حيدر جواد السهلاني
- سور القرآن الكريم تحليل سوسيولوجي / محمود محمد رياض عبدالعال
- -تحولات ظاهرة التضامن الاجتماعي بالمجتمع القروي: التويزة نمو ... / ياسين احمادون وفاطمة البكاري
- المتعقرط - أربعون يوماً من الخلوة / حسنين آل دايخ
- حوار مع صديقي الشات (ج ب ت) / أحمد التاوتي
- قتل الأب عند دوستويفسكي / محمود الصباغ
- العلاقة التاريخية والمفاهيمية لترابط وتعاضد عالم الفيزياء وا ... / محمد احمد الغريب عبدربه
- تداولية المسؤولية الأخلاقية / زهير الخويلدي
- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - صاحب الربيعي - التأثيرات السلبية للفقر والجهل على المجتمع