أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - صاحب الربيعي - تحرير الثقافة من الهيمنة والتسلط














المزيد.....

تحرير الثقافة من الهيمنة والتسلط


صاحب الربيعي

الحوار المتمدن-العدد: 1133 - 2005 / 3 / 10 - 10:44
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


إن المناخ المناسب لنمو وتطور الثقافة، يعود إلى المساحة المتوفرة من الحرية التي من خلالها تتحرر الأفكار والآراء وتتفجر ينابيع المعرفة والإبداع لتطال البحث في شؤون الدولة والمجتمع. والمعيار التجريبي المعتمد في أغلب الدول المتحضرة، لقياس أبعاد الأجواء الديمقراطية في البلد ينظر إليه من خلال حجم التراكم الثقافي فكلما زاد هذا التراكم حجماً ونوعاً كلما كان القياس صحيحاً ومعبراً عن مدى نجاح وتوفر الأجواء الديمقراطية السليمة.
وبالضد من ذلك فأن التراكم يأخذ أبعاداً غير إنسانية ويزداد حجماً، لكنه يفتقد للنوعية لأنه ينهل من التوجهات الشمولية سماته. وبالتأكيد ينتهج، نهجاً شمولياً ومسعاً للترويج للأفكار الشمولية التي لاتخدم الفعل الإنساني. وبالتالي فإنها لاتساهم في رفد الحضارة الإنسانية، وأنما تشوه صورة الإنسان وتخدم قيم الشر وعلى حساب قيم الخير.
يسعى الفكر الشمولي لفرض وصايته على الثقافة من خلال اعتماد أساليب الهيمنة والتسلط، وحرًّف الثقافة عن اتجاهها الإنساني لتخدم النهج الشمولي وتروج لمفاهيم ضالة ومنافية للفعل الإنساني. كما أنه يسعى لتوظيف الثقافة والمثقفين للفعل المضاد لحركة الثقافة الإنسانية من خلال عسكرة الثقافة والمثقفين. وتجيش المثقفين الحزبين لمهمة محاربة المثقفين الرافضين للتدجين والفكر الشمولي والمطالبين برفض نهج الوصاية والهيمنة على الشأن الثقافي.
لايعد المثقف الحزبي والمنخرط في مليشيات حزبية مهمتها تجيير الثقافة لخدمة أهداف حزبية بحتة، مثقفاً حقيقياً وإنما مطبلاً وشعاراً في جوقة السياسيين ومهمته تقتصر على تبرير سقطاتهم، لأنه يفتقد لحرية النقد وتخلى من ذاته عن مهامه كمثقف للدفاع عن قضايا المجتمع.
ويصف ((عبد الكريم غلاب)) تلك الحالة من الاصطفاف للمثقف وتخليه عن حريته في النقد قائلاً:" إن مثقفاً يحتفظ بحريته في وضع ليبرالي أو إمبريالي فينقد ويوجه، هو خير ألف مرة من مثقف يساير وضعاً اشتراكياً. ويتخلى عن حريته في النقد والتوجيه، أي أنه يتخلى عن ذاتيته في سبيل النظام".
يعتقد أنصار الفكر الشمولي في الوطن العربي، بأنهم حراس النظرية بدون منازع. وإنهم ورثتها الشرعيين، وأي مناقشة لمبادئ النظرية تعد مساساً بهم!. في حين أن أصحابها الحقيقيين، لايجدون ضيراً في مناقشتها بل أنهم ساهموا مساهمة كبيرة في هذا النقاش من أجل تطويرها لتتوافق والاتجاهات الفكرية الجارية على صعيد العالم.
إن سمة الجهل بالشيء، يسفر عن معاداة لاتستند إلى مبررات حقيقية سوى التمسك بالقشور وليس بالجوهر. واعتماد العواطف وليس الفكر كأساس لمعاداة الأخر دون مبرر، نتيجة الجهل المطبق بمبادئ النظرية ذاتها.
هذا الوهًّم والنزوع نحو الخيال، بأحقية الإرث للنظرية والدفاع المستميت عن آراء بالية أثبت النهج التجريبي بطلانها على المستوى العالمي، يدلل على مدى تخلف وجهل المدعين بأحقيتهم في الإرث!.
يعبر ((فيدل كاسترو)) عن تلك الحالة من الجهل والتصحر الفكري قائلاً:" إننا نؤمن بعقيدة ثورية جدلية، لا بعقيدة تحمل صفات الجمود وعلى هذه العقيدة أن تكون دليلنا في العمل الثوري لا أن تثقل علينا كعقيدة جامدة. إن محاولة سجن الماركسية داخل نوع من الديانة، هو بحد ذاته عمل مضاد للماركسية".
هذا الجهل المطبق والانحياز الأعمى نحو مسلمات فكرية جامدة، عطل سُبل النقاش والحوار لتطوير النظرية ذاتها. لأن الورثة (المفترضين وجلهم من الأميين والجهلة) وجدوا في تلك المسلمات ما يتوافق ونزعاتهم التسلطية لفرض آرائهم ومنهجهم المتخلف على الآخرين. بل ذهب البعض منهم أبعد من ذلك وتهيأ لهم بأنهم مسوؤلون عن كافة شؤون المجتمع وعلى الآخرين أن ينصاعوا لتوجهاتهم خاصةً بالشأن الثقافي.
وأخذوا يصدرون الفتاوى للمثقفين بالكتابة حول هذا الشأن الاجتماعي أو ضد ذاك التوجه الفكري، وكأنما المثقفون كتبة ومجندين، يتوجب عليهم إطاعة الأوامر وإلا فأنهم معادين وغير وطنيين!. الأمر الأقسى في هذا النهج غير السوي للورثة المفترضين لفرض الوصاية والهيمنة على الثقافة، أن جُلهم من الجهلة والأميين والمعادين للثقافة المثقفين. ويمارسون إرهابهم ضد المثقفين، انطلاقاً من مواقفهم الحزبية المماثلة لتشكيلة عصابات المافيا لابتزاز المخالفين لهم في الرأي.
يحث ((غورباتشيوف)) هؤلاء الجهلة والأميين من الحزبيين على ضرورة التخلي عن هذا النهج المنافي للحرية قائلاً:" لقد حان الوقت للتخلي عن توجيه المثقفين وإصدار الأوامر إليهم، لأن هؤلاء هم الجزء العضوي من المجتمع ذي الشعور الوطني الراسخ حيال الوطن. إنهم إنجازنا العظيم، ولعله الإنجاز الفريد من نوعه. إنهم الرأسمال الروحي الذي لايقدر بثمن".
ومازال الورثة المفترضين، ينهلون من ذات المسلمات البالية في تعاملهم من الثقافة والمثقفين. ومازالوا يطلقون العنان لحملاتهم الهمجية للتسلط والهيمنة على الثقافة والمقفيين. إن ما يميز هؤلاء الجهلة والأميين عن غيرهم، أنهم غير قادرين على استيعاب النهضة الفكرية الجارية على صعيد العالم. إنهم لايصلحون لأي شيء سوى وضعهم في المتاحف أو إيداعهم لدى مصحات نفسية تعمل على معالجتهم من أمراض الماضي وتحفز ما تبقى لديهم من العقل للتفكير في الحاضر والكف عن اعتماد أساليب غير حضارية تسعى للهيمنة والتسلط على الثقافة والمثقفين.



#صاحب_الربيعي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الحكومة والشعب
- التصورات اللاعلمية في الفكر الماركسي
- مجالس الفلاسفة والعلماء مع السلاطين
- الملوك والفلاسفة وتهمة الإلحاد
- النظام الديمقراطي والسلطة السياسية
- الفشل في تحقيق الذات وانعكاساته السلبية على المجتمع
- العنصر الثالث لدعم الاستقرار والتوازن الاجتماعي
- سلطة القانون في المجتمع
- مواصفات الرئيس وشروط الرئاسة
- شروط وآليات العقد السياسي والاجتماعي في كتابة الدستور
- المرأة والحب في عالم الفلاسفة والأدباء
- انعدام سُبل الحوار والنقاش مع الإنسان المقهور
- النزاعات العرقية والمذهبية في المجتمعات المقهورة نتاج سلطة ا ...
- تنامي ظاهرة الحقد والعدوانية في المجتمعات المتخلفة
- شرعنة العنف والقتل في الدولة الإرهابية
- العنف والإرهاب نتاج طبيعي للتخلف والاستبداد
- سلطة القانون وآليات الضبط الاجتماعي في المجتمعات المتخلفة
- الطاغية المستبد والشعب المقهور
- الاستبداد والعنف وانعكاسه على المجتمع
- الشعوب المقهورة والزعيم المنقذ


المزيد.....




- السعودية الأولى عربيا والخامسة عالميا في الإنفاق العسكري لعا ...
- بنوك صينية -تدعم- روسيا بحرب أوكرانيا.. ماذا ستفعل واشنطن؟
- إردوغان يصف نتنياهو بـ-هتلر العصر- ويتوعد بمحاسبته
- هل قضت إسرائيل على حماس؟ بعد 200 يوم من الحرب أبو عبيدة يردّ ...
- الجيش الإسرائيلي يعلن قتل عضوين في حزب الله واعتراض هجومين
- باتروشيف يبحث مع رئيس جهاز المخابرات العامة الفلسطينية الوضع ...
- قطر: مكتب حماس باق في الدوحة طالما كان -مفيدا وإيجابيا- للوس ...
- Lava تدخل عالم الساعات الذكية
- -ICAN-: الناتو سينتهك المعاهدات الدولية حال نشر أسلحة نووية ...
- قتلى وجرحى بغارة إسرائيلية استهدفت منزلا في بلدة حانين جنوب ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - صاحب الربيعي - تحرير الثقافة من الهيمنة والتسلط