أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الارهاب, الحرب والسلام - صاحب الربيعي - العنف والإرهاب نتاج طبيعي للتخلف والاستبداد















المزيد.....

العنف والإرهاب نتاج طبيعي للتخلف والاستبداد


صاحب الربيعي

الحوار المتمدن-العدد: 1086 - 2005 / 1 / 22 - 10:34
المحور: الارهاب, الحرب والسلام
    


تعاني المجتمعات المتخلفة من ظواهر الفقر والجوع والأمية والجهل، مما يسفر عنها إحساساً بعدم الشعور بالأمان والاستقرار والشقاء المضني وبتفاهة الحياة. ويترافق ذلك مع سلطة مستبدة تحكم المجتمع بأساليب قهرية تحط من كرامة وقدر الإنسان، وتجعله تحت ضغط نفسي وشعور بحالة الخوف والتهديد المستمر دون أن يكون له القدرة على مواجهتها أو المساهمة في تغييرها.
تلك المسببات من القهر الطبيعي والسلطوي، تجعل الإنسان المقهور يبحث عن مرتكزات لاهوتية تشكل له مظلة حماية كاذبة تمنحه القوة والإرادة على الاستمرار في الحياة وتقبل عُسفها وشقائها اللاعادل طمعاً لحياة أفضل في العالم الأخر تسودها العدالة والمساواة.
إن مظلة الحماية الأساس للإنسان المقهور، منظومة القوى الدينية التي تؤسس لحالة الاستقرار النفسي وتمنحه قوة نفسية إضافية قادرة على مواجهة الواقع المزري الذي يفترس حياته. وهناك سلطتان تتنافس على الهيمنة والتسلط على الإنسان المقهور لتتحكم بسلوكه وتصرفاته في الحياة هما: سلطة الاستبداد وما تمتلكه من وسائل عنف وقهر تخضع به الإنسان وتتحكم به كيفما تشاء. وسلطة رجال الدين الذين يخضعون الإنسان المقهور بوسائل أكثر رهبة من وسائل سلطة الاستبداد ألا وهي منظومة القيم الميتافيزيقية لأجل إحكام السيطرة في اللاوعي على سلوكه وتصرفاته.
وترسيخ الاعتقاد لديه بأن ما تحيط به من ظروف غير عادلة، سببها القدر وعدم الالتزام بأسس الدين وتوجيهات القائمين عليه. وتلك البيئة بعناصرها المتعددة من الفقر والجوع والجهل والعنف والاستبداد وتحكم أولياء الدين في المجتمع...تعتبر بيئة مناسبة لنمو التيارات السلفية-الظلامية الداعية لإرجاع الحاضر نحو التاريخ البدائي، ونبذ أشكال التطور باعتبارها منافية للقيم الدينية وتحرف الإنسان عن القيام بواجباته الدينية تجاه الخالق.
ويعبر ((مصطفى حجازي)) عن حالة المجتمع المتخلف قائلاً:" الإنسان المتخلف، كالمجتمع المتخلف سلفي أساساً، يتوجه نحو الماضي ويتمسك بالتقاليد والأعراف بدل التصدي للحاضر والتطلع إلى المستقبل. وتزداد السلفية شدة وبروزاً بمقدار تخلف المجتمع وبشكل يتناسب طردياً مع درجة القهر التي تمارس على الإنسان فيه".
تشكل ظواهر العنف والاستبداد والجهل والأمية والفقر والجوع منظومة متكاملة تسيطر على ذهنية الإنسان المقهور، وتجعله أسير توجهاتها. وحينها يتولد لديه إحساساً في اللاجدوى من الحياة وقناعة في العالم الأخر (عالم الفضيلة والمساواة) يجعله يستعجل القدر بالموت (الشهادة) للحصول على نصيبه من العدالة والمساواة.
تعمد التيارات السلفية-الظلامية إلى ترسيخ الاعتقاد بتفاهة وشقاء الحياة في ذهنية الإنسان الجاهل والمتخلف والمقهور، بغرض التحكم بسلوكه وتصرفاته. ومن ثم استخدامه كأداة لتنفيذ توجهاتها دون اعتراض أو تفكير مسبق.
تعد هذه العينة من المخلوقات البشرية مادة خام وصالحة للاستخدامات المتعددة، بل أنها المنبع الذي لاينضب للإرهاب كونها جاهلة وغير واعية لفعلها ومدفوعة للانتقام العشوائي من المجتمعات الآمنة والمتطورة.
ويعتقد ((مصطفى حجازي))" أن العنف هو الوجه الآخر للإرهاب والقهر اللذين يفرضان على الإنسان في المجتمع المتخلف".
إحساس الإنسان المقهور بحالة العجز واليأس من تغير واقعه الاجتماعي، يولد لديه حالة من الحقد الكامن وعندما يزداد حجم الحقد عن الحد الطبيعي في داخله يتحول إلى حالة من العدوانية ضد الآخرين من أجل تفريغ الشحنات السلبية المضادة والمستنفذة لقدراته.
ولتحرير الذات من ضغط الشحنات السلبية المضادة (الحقد) يلجأ الإنسان المقهور إلى تفريغها بحالة من العدوانية ضد الآخرين، لتقليل الضغط النفسي واستعادة حالة التوازن. وبالضد من ذلك تفعل الشحنات السلبية، فعلها في تدمير الذات.
إن محاولة تخفيف الضغط النفسي عن الذات المقهور، يتم عبر ترحيل حالة الحقد والعدوانية إلى خارج الذات هي حالة طبيعية يلجأ إليها الإنسان المقهور للحفاظ على ذاته المستلبة.
ويعبر ((مصطفى حجازي)) عنها قائلاً:" العدوانية تنخر وجود الإنسان المقهور عموماً، وتنخر أكثر فأكثر في العالم المتخلف. وهي عبء وتهديد للتوازن النفسي ودافع للإقدام على العديد من تصرفات تدمير الذات كما أنها في الوقت نفسه دفاع وانتفاضة ضد التهديدات التي تأتيه من الخارج".
إن إحساس الإنسان المقهور، بحالة اللاعدالة والمساواة التي تسود المجتمع نتيجة الظواهر المتعددة الخارجة عن إرادته أو المسلطة عليه بشكل قسري تدفعه أكثر نحو أتباع سلوك مضاد (عشوائي في أغلب الأحيان) وغير واقعي لإيجاد سبيل ما لتغيير الواقع المفروض عليه قسراً.
هذا السلوك العشوائي وغير المنظم، ناتج عن دوافع نفسية قاهرة. إن تم توظيفه بإطار موجة لفعل من أفعال العنف والإرهاب تصبح قوته تدميرية لأنها لاتخضع لمنظومة القيم الاجتماعية الرادعة للأفعال المشينة وما تسببه من ضرر بأرواح وممتلكات الآخرين.
وعند إضفاء (الشرعية) على الحالة العدوانية التي تلحق الأذى بالآخرين وإسنادها بالنصوص المقدسة والأحاديث المسندة، تصبح معادلة الصراع متوازنة باعتبار طرفها الأول يمثل منظومة الخير والطرف الثاني منها يمثل منظومة الشر.
حينئذ يغلف الإرهاب والعدوان على الآخرين بغلاف لاهوتي، ويكتسب الشرعية الموجة لفعل الشر المتحكم للنصوص المجتزئة والأحاديث الملفقة لتبرير أعمال القتل والذبح وانتهاك الأعراض لتحقيق الأهداف الخاصة للظلامين بما يتعارض والقيم الإنسانية.
ويشير ((مصطفى حجازي)) إلى العلاقة الطردية بين ما ينتاب الإنسان المقهور من حالة الإحساس بالاستلاب ورد فعله المعاكس ضد المجتمع قائلاً:" أن إنسان العالم المتخلف الذي عاني من استباحة مزمنة لحقوقه وكيانه، لايجد أمامه من نموذج في مثل تلك الظروف إلا الإقدام على استباحة حقوق الآخرين بقدر ما يستطيع. وعدم وجود وزاع داخلي لديه ضد العنف والحقد، يدفعه أكثر نحو الأقدام بشكل صريح على ممارسة المسلكية نفسها التي كانت تمارس ضده".
إن مساعدة الشعوب المقهورة على الخروج من حالة السلبية والفقر والجهل والاستبداد الذي يطالها، كفيل بخلق بيئة مضادة وغير مساعدة على إنتاج عناصر العنف والإرهاب ذاته. وبالضد من ذلك فأن استخدام العنف المضاد والمفرط لإخضاع الطرف الأخر، لايحقق مسعاه المفترض طالما هناك بيئة قادرة على تعويض الخسائر في الأرواح وتهيئة الظروف (الشرعية) الملائمة لإقحام أجيال جديد في معركة طرفها الأول معلوم ومكشوف على صعيد الواقع ومتسلح بأحدث آليات الردع وغير مستعد للتضحيات الكبيرة، والطرف الآخر غير معلوم ومتستر ومتسلح بقيم لاهوتية قادرة على تحشيد أصحاب النيات الحسنة من المجتمعات المقهورة ومستعد لتحمل خسائر لاحصر لها طالما هو في مأمن من الأذى والخسارة. ولاريب فأن خيار المساعدة للشعوب المقهور للخروج من حالة بؤسها وفقرها واستبداد أنظمتها، يعد الخيار الأصلح كونه يحقق النتائج المرجوه دون خسائر غير مبررة في أرواح الطرفين.



#صاحب_الربيعي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- سلطة القانون وآليات الضبط الاجتماعي في المجتمعات المتخلفة
- الطاغية المستبد والشعب المقهور
- الاستبداد والعنف وانعكاسه على المجتمع
- الشعوب المقهورة والزعيم المنقذ
- العسكرة والأدلجة في الثقافة والإبداع
- نتائج العنف والاستبداد على الشعوب المقهورة
- الحثالات والرعاع في المجتمع المادة الخام للإرهاب
- موقف الفلسفة من الشعر والشعراء
- سلطة الطغاة والشعوب المضطهدة
- السياسيون وراء قضبان العدالة
- أنماط الوعي والإدراك في الصراع الاجتماعي
- إعدام شيخ الفلاسفة بكأس القانون وسَّم السياسة
- مفهوم الثقافة والمثقف
- الادعاء والتهويل المعرفي في الوسط السياسي والثقافي
- صدر كتاب جديد للمؤلف صاحب الربيعي بعنوان (المثقف بين المهادن ...
- البعد الثالث في التوجهات الجديدة في العالم
- رؤية فكرية في النظرية والتطبيق
- شرعية استخدام العنف في النظم الشمولية والديمقراطية
- مفهوم الثورة والتحديث في المجتمع
- التوجهات الأساسية في الفكر الليبرالي


المزيد.....




- وزيرة تجارة أمريكا لـCNN: نحن -أفضل شريك- لإفريقيا عن روسيا ...
- مخاوف من قتال دموي.. الفاشر في قلب الحرب السودانية
- استئناف محاكمة ترمب وسط جدل حول الحصانة الجزائية
- عقوبات أميركية وبريطانية جديدة على إيران
- بوتين يعتزم زيارة الصين الشهر المقبل
- الحوثي يعلن مهاجمة سفينة إسرائيلية وقصف أهداف في إيلات
- ترمب يقارن الاحتجاجات المؤيدة لغزة بالجامعات بمسيرة لليمين ا ...
- -بايت دانس- تفضل إغلاق -تيك توك- في أميركا إذا فشلت الخيارات ...
- الحوثيون يهاجمون سفينة بخليج عدن وأهدافا في إيلات
- سحب القوات الأميركية من تشاد والنيجر.. خشية من تمدد روسي صين ...


المزيد.....

- كراسات شيوعية( الحركة العمالية في مواجهة الحربين العالميتين) ... / عبدالرؤوف بطيخ
- علاقات قوى السلطة في روسيا اليوم / النص الكامل / رشيد غويلب
- الانتحاريون ..او كلاب النار ...المتوهمون بجنة لم يحصلوا عليه ... / عباس عبود سالم
- البيئة الفكرية الحاضنة للتطرّف والإرهاب ودور الجامعات في الت ... / عبد الحسين شعبان
- المعلومات التفصيلية ل850 ارهابي من ارهابيي الدول العربية / خالد الخالدي
- إشكالية العلاقة بين الدين والعنف / محمد عمارة تقي الدين
- سيناء حيث أنا . سنوات التيه / أشرف العناني
- الجدلية الاجتماعية لممارسة العنف المسلح والإرهاب بالتطبيق عل ... / محمد عبد الشفيع عيسى
- الأمر بالمعروف و النهي عن المنكرأوالمقولة التي تأدلجت لتصير ... / محمد الحنفي
- عالم داعش خفايا واسرار / ياسر جاسم قاسم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الارهاب, الحرب والسلام - صاحب الربيعي - العنف والإرهاب نتاج طبيعي للتخلف والاستبداد