أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - صاحب الربيعي - رؤية فكرية في النظرية والتطبيق















المزيد.....

رؤية فكرية في النظرية والتطبيق


صاحب الربيعي

الحوار المتمدن-العدد: 1029 - 2004 / 11 / 26 - 09:28
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


سعت الفلسفة منذ نشوءها في البحث عن الحقيقة، وكل النظريات والآراء التي بحثت في هذا الاتجاه عالجت الأوجه المتعددة لمفهوم الحقيقية وما التضاد في الآراء إلا انعكاس لتلك الأوجه. وإذا تم النظر إلى الوجه الأكثر بحثاً وراء الحقيقة وهو مفهوم الخير والشر، نجد هناك تعدد للآراء والمسببات والدوافع لهذا المفهوم. فهناك من ينسب الأمر إلى: الغرائز الإنسانية، والاستغلال، والدين، والجشع، وحب الذات، والسيطرة...وغيرها.
وبناءاً عليه تم اقتراح الحلول للوصل إلى نتائج إيجابية تحقق في محصلتها العدالة التي تعكس إحدى أوجه الحقيقة. ولكن تبقى النتائج في مجملها نظريات، لايمكن التحقق من صدقها إلا عند التطبيق والتجربة. فليس من الضروري أن تكون النتائج النظرية قابلة للتطبيق على صعيد الواقع، وإن عملية التحقق من النتائج النظرية على الصعيد الواقعي يتطلب إخضاعها للتجربة من خلال إسقاطها على الواقع لكي يتم إثبات صحة نتائجها وبالتالي صحة النظرية ذاتها.
ويرى ((وليم جيمس))" أن الأفكار الصادقة هي تلك التي يمكننا أن نتثبت من صحتها، والأفكار الكاذبة هي التي لانستطيع أن نتحقق من صدقها. فالتثبت والتحقق والتحليل هما اللذان يحددان الحقيقة ويؤلفان لبًّها وجوهرها".
إذاً امتحان الفكرة والنظرية، يتطلب إخضاعها للتجربة لأنها السبيل الوحيد للاختبار والتحقق من النتائج. في حين التعصب والانحياز والاعتقاد الأعمى بالآراء والأفكار، لايعد سبيلاً ناجحاً للوصول إلى الحقيقة. إن عملية التحقق والفحص للآراء والأفكار كذلك يتطلب قدراً من الوعي والإدراك والشعور بالمسؤولية تجاه العامة من الناس قبل أن يتم الترويج لها تحاشياً للمساهمة الخاطئة لترويج الأفكار والنظريات التي لاتتوافق والواقع مما يسبب إحباطاً للقوى الاجتماعية الباحثة عن سُبل صحيحة لتحقيق العدالة لمطالبها الاجتماعية.
إما أن يتم استغلال عواطف الناس وشعورهم بحالة اللاعدالة التي تسود المجتمع، لتمرير الأفكار والآراء المضادة ضد فئة اجتماعية على أنها السبب المباشر لحالة اللاعدالة، وأنها بمثابة منظومة الشر كله في المجتمع كونها تنتمي لفئة أو طبقة اجتماعية وفقاً لتصنيفات تم تحديدها مسبقاً، فهذا بحد ذاته لايتفق ومفهوم العدالة ذاتها!.
إن عملية تصنيف البشر على أساس طبقي، وليس إنسانياً يعد مفهوماً متنافياً ومنظومة قيم الخير والشر ويتعارض مع مفهوم القيم الإنسانية التي تحتكم لها المجتمعات الإنسانية. إن المسعى غير الدقيق للتحريفين الخاضعين للعاطفة وليس للفكرة ذاتها حول تجيير المفهوم الطبقي وتأطيره بالعلاقة بين الإنسان ورأس المال، هو في حقيقته مسعى منافي للمفهوم ذاته الذي تدعيه النظرية (بالرغم من التحفظ على المفهوم الطبقي ذاته).
يقول ((ماركس))" أن الرأي العام الساذج يحيل التميز بين الطبقات إلى تميز بين مقادير الأموال".
على العموم أن النظرية تعني التصور النظري وغير التطبيقي لجملة من الآراء والأفكار الخاصة بالمجتمع أو علم من العلوم. ومن خلال هذا المعنى للنظرية نجد أنها لاتحيط نفسها بهالة من القدسية لنصوصها وآرائها كما يحلو للبعض الترويج والادعاء خاصة التحريفون الجدد وأنصار القوالب الفكرية الجاهزة.
كما يتوجب محاكاة النظرية وما تطرحه من أفكار وآراء من خلال سياقها التاريخي، فقد يكون المفهوم الطبقي صحيحاً في خضم الصراع الاجتماعي لنشوء النظرية لكنه في الوقت الراهن يجابه بتساؤلات عديدة نتيجة تغير الظروف التاريخية والتحولات التي طرأت على حركة تطور المجتمعات وتغير العوامل المحركة للصراع الاجتماعي.
فنجد أن النظم الديمقراطية (غير الريعية) يستند نظامها المالي على التحصيل الضريبي لتحقيق الخدمات اللازمة للمواطنين، وأن القسم الأكبر من الضرائب التي تحصل عليها الدولة، تأتي من الشركات العملاقة فكلما زاد ربح الشركة المالي زاد نصيبها التصاعدي من دفع الضرائب وبالمحصلة تزيد الخدمات العامة التي يحصل عليها المواطنين وبالضد من ذلك فأن الخدمات ستنخفض تدريجياً.
في النظم الديمقراطية الليبرالية، أصبح مفهوم التميز (الطبقي) أكثر ضبابية. فلم يعد العامل يضطهد (كما في ذي قبل) نتيجة وجود النقابات المطالبة بحقوقه والتي تعمل على التفاوض مع نقابات أرباب العمل بعيداً عن تدخل الدولة للوصول إلى تسويات (عادلة ومقبولة) بشأن الأجور بين الطرفين.
ويمكن أن تتدخل الدولة (في حال عدم توصل الجانبين لتسوية) بغرض تقريب وجهات النظر بينهما، دون الحاجة لجوء الطرفين لإجراءات أخرى تسبب تعقد سُبل المفاوضات اللاحقة. وهذا ما يفسر انخفاض حجم الاضرابات العمالية في المصانع والمعامل في النظم الديمقراطية الليبرالية.
كما يتوجب النظر إلى عنصر أخر متغير في المعادلة بين العامل ورب العمل، فقد أصبح بمقدور العامل أن يقتني ذات الطراز من السيارات التي يقتنيها رب العمل وذات الشقة السكنية، وأن يسافر بغرض السياحة إلى ذات البلد الذي يقضي فيه رب العمل إجازته السنوية..وغيرها.
وبهذا فأن ما يسمى بـ (فائض القيمة) لم يعد كما كان في الماضي، وشرعت العديد من البلدان المتطورة صناعياً كـ (اليابان على وجه التحديد) بالاستغناء عن العديد من العمال في مصانعها لصالح الإنسان الآلي الذي يعمل 24 ساعة متواصلة وينتج عشرات الأضعاف مما ينتجه العامل. وأدى هذا التطور الصناعي لخلق مشكلة أخرى للعمال، وهي البطالة وأنهى بذلك ما يسمى بمفهوم القيمة الفائضة وما تم البناء عليه في حينه من آراء لصالح العمال!.
ويخضع هذا التطور الصناعي للإنسان الآلي، لتساؤلات عديدة بشأن البطالة وتوفير البضائع بأسعار منخفض..وغيرها ولكون هذا الأمر بعيداً عن موضوعنا فلن ندخل في مناقشة سلبياته وإيجابياته.
ويرى ((بول كيندي))" أن عدد أجهزة الإنسان الآلي في العالم حتى نهاية العام 1988 بلغ: 76 ألف إنسان آلي في اليابان (70% من العالم) وأوروبا الغربية 48 ألف، وأوروبا الشرقية 33 ألف، وجنوب آسيا وبقية دول العالم 23 ألف..أي ما قدره 180 ألف إنسان آلي في العالم...مما أدى إلى تخفيض تكاليف اليد العاملة وانخفاض بأسعار البضائع في السوق العالمية".
والتطور والعصرنة الذي يشهدها العالم، أفرز تساؤلات عديدة بشأن الكثير من المفاهيم القديمة! ولو قدر لأصحاب النظريات ذاتها مواكبة العصر الراهن لتخلوا من ذاتهم عن الكثير منها أو عمدوا لتطويرها باتجاه يتواءم والظروف الراهنة.
في حين مازل ضيقي الأفق متمسكين بالقوالب الفكرية التي عفا عليها الزمن، وغير قادرين على فهم وإدراك حركة التطور والعصرنة الذي يشهدها العالم مقابل توقف حركة التطور الفكري في الاتجاه المضاد.
ويرى ((وليم جيمس))" أن المعتقد صادق صحيح، إذا كان ناجحاً، كاذب باطل إذا كان فاشاً. ونحن ينبغي لنا أن نمتحن الفكرة بما يسندها من معتقدات، وعلى ذلك فلابد من فحص هذه المعتقدات التي تستند إليها أفكارنا. ووسيلتنا في ذلك مناهج تجريبية تقوم على أساس المحاولة والخطأ، وفي هذه المهمة سيبوء بعض المعتقدات حتماً بالفشل، وتتهيأ لبعضها الآخر فرصة أعظم للبقاء وأن كان مصيره الفشل في نهاية الأمر".
لقد اعتمدت أكثر من 20 دولة في العالم وعلى مدى 80 عاماً من التجربة للنظرية الماركسية كأساس لنظمها السياسية، وبإسقاط المنهج التجريبي على تلك البلدان نجد أن هناك فشل ذريع طال تلك البلدان نتيجة إتباعها النهج الماركسي بقوالبه الفكرية ونصوصه الجامدة الذي لم يجارِ حركة التطور والعصرنة في العالم.
ونتيجة ذلك تعرضت تلك البلدان وشعوبها إلى أنواع شتى من المهانة والتخلف بجميع قطاعاتها ولم تواكب مسيرة التطور والتحديث في العالم، مما جعلها في مصاف الدول المتخلفة. وأخذت في الوقت الراهن تتلمس طريقها الجديد والصحيح في اعتمادها النظم الديمقراطية لتطوير وتحديث بلدانها.
يقول ((بوريس يلتسين))" لم يتوافر الحظ لبلادنا، لقد قررنا بالفعل أن نطبق تلك التجربة الماركسية علينا، فالقدر هو الذي دفعنا بالتحديد في هذا الاتجاه. على العكس من ذلك بعض البلدان الأفريقية التي بدأت هذه التجربة معنا وفي النهاية التجربة أكدت أن لامكان لهذه الفكرة، فهي التي دفعتنا خارج الطريق الذي سلكته بلدان العالم المتحضر. وهذا ما نلاحظه اليوم، بينما يعيش 40 في المائة من الناس تحت عتبة الفقر (لا بل أكثر من ذلك) وفي حالة من إذلال مستمر، كونهم يحصلون على السلع بواسطة البطاقة التموينية. إنه لشعور مذل باستمرار، تلك الفكرة المعذبة كونك عبداً في هذه البلاد".
مازال هناك منًّ يروج للأنظمة الشمولية، اعتقاداً بصحة النظرية خاصة الأحزاب الماركسية العربية التي تبحث في أكوام أوهامها عن مبررات ساذجة للدفاع عن السقوط المريع للتجارب التي خاضتها تلك البلدان، بالرغم من أن البلدان ذاتها نقدت تجربتها وأقرت بفشلها! وإن هذا الدفاع المستميت عن تجربة فاشلة، يهدف لإبقاء سطوة قادة تلك الأحزاب والاستمرار في استغفالها للبسطاء من الناس للمحافظة على مصالحهم وامتيازاتهم الشخصية لأمد طويل!.
وهؤلاء مازالوا يخضون معارك المؤخرة، أملاً بعودة الماضي من خلال تلميع (النصوص المقدسة) لاستغفال جيل آخر من البسطاء لاستمرار سطوتهم ومصالحهم الشخصية.
ويرى ((فرانسيس فوكوياما))" حتى لو استمرت السلطة الشمولية في العالم، فأنها قد توقفت عن تقديم فكرة دينامية وجذابة. فالذين يدعون أنفسهم (شيوعين) أصبحوا في الوقت الراهن يخوضون معارك المؤخرة للمحافظة على شيء معين من سلطتهم ومواقعهم السابقة".
إن الإنسان السوي، يتعض من تجارب الآخرين لتقويم ذاته. لا أن يتعنت ويصرَّ على الخطأ ويدافع عن تجارب فاشلة خاضتها الشعوب على مدى ثمانية عقود من الزمن، وأقرت بشجاع فائقة أنها كانت على خطأ، واعتمدت السبيل الديمقراطي لإعادة البناء والتطور لمجتمعاتها.



#صاحب_الربيعي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- شرعية استخدام العنف في النظم الشمولية والديمقراطية
- مفهوم الثورة والتحديث في المجتمع
- التوجهات الأساسية في الفكر الليبرالي
- الانتخابات وعملية إرساء أسس النظام الديمقراطي
- العلاقة بين السياسة والاقتصاد في النظم الشمولية والليبرالية
- ظاهرة النزاع والعنف في المجتمع
- وزارة الموارد المائية العراقية ما لها وما عليها
- العلاقة بين الكاتب والقارئ
- مهام الكاتب ومسؤوليته كمثقف
- دور المثقف والسياسي في الثورة والاحتلال
- موقف السلطة الفاشية من الثقافة
- السياسية والعنف في المجتمع
- السياسة والثقافة في المجتمع
- الأحزاب السياسية وجماعات الضغط
- الأحزاب الشمولية وقياداتها الديناصورية
- العملية الانتخابية وشرعية السلطات
- ظاهرة تفشي الرشوة والفساد الإداري سياسة جديدة تتبعها الأنظمة ...
- سلطة الاستبداد والعنف في المجتمع
- التحديث والعصرنة للأحزاب السياسية في الوطن العربي
- المؤسسات الدينية والسلطة في الوطن العربي


المزيد.....




- مقتل 5 أشخاص على الأقل وإصابة 33 جراء إعصار في الصين
- مشاهد لعملية بناء ميناء عائم لاستقبال المساعدات في سواحل غزة ...
- -السداسية العربية- تعقد اجتماعا في السعودية وتحذر من أي هجوم ...
- ماكرون يأمل بتأثير المساعدات العسكرية الغربية على الوضع في أ ...
- خبير بريطاني يتحدث عن غضب قائد القوات الأوكرانية عقب استسلام ...
- الدفاعات الجوية الروسية تتصدى لمسيرات أوكرانية في سماء بريان ...
- مقتدى الصدر يعلق على الاحتجاجات الطلابية في الجامعات الأمريك ...
- ماكرون يدعو لمناقشة عناصر الدفاع الأوروبي بما في ذلك الأسلحة ...
- اللحظات الأخيرة من حياة فلسطيني قتل خنقا بغاز سام أطلقه الجي ...
- بيسكوف: مصير زيلينسكي محدد سلفا بوضوح


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - صاحب الربيعي - رؤية فكرية في النظرية والتطبيق