أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - صاحب الربيعي - البعد الثالث في التوجهات الجديدة في العالم















المزيد.....

البعد الثالث في التوجهات الجديدة في العالم


صاحب الربيعي

الحوار المتمدن-العدد: 1030 - 2004 / 11 / 27 - 08:58
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


البعد الثالث
في التوجهات الجديدة في العالم
احتلت السياسة المساحة الأكبر في حياة الإنسان نتيجة ارتباطها بالاقتصاد المحرك الأساس للعلاقات الاجتماعية، ومع التطور التقني الذي يشهده العالم أصبح هناك تداخلاً كبيراً بين النمط السياسي وأنماط الاقتصاد متعددة التوجه. وأخذ الاقتصاد في المرحلة الراهنة يرسم المعالم للتوجه السياسي، بل أصبح المرآة العاكسة لجوانب الإخفاق السياسي لأن النمط الاقتصادي تطور بسرعة أكبر من النمط السياسي وبذلك أخذ يفرض قيمه وتوجهاته على النمط السياسي وبالتالي على سائر المرافق الاجتماعية.
هذا التطور الجديد في عالم الاقتصاد والسياسية، أفرز منظومة جديدة من القيم الثقافية. أخذت تهدد النسيج الاجتماعي لمنظومة القيم الثقافية المتشكلة تاريخياً، وجاء هذا التهديد عقب تهديدات متواصلة من النمط السياسي القديم لاحتواء الثقافة واعتبارها جزء من منظومة قيمه السياسية مما أدى إلى انحسار الثقافة وشل قدرتها على التواصل مع الشأن الاجتماعي.
ويرى ((ميكائيل هيللر))" أن العلاقات الإنسانية التي تشكل نسيج المجتمع (العائلة، والدين، والإرث التاريخ، واللغة...) هي المستهدفة من قبل النظام الجديد باعتبار أن المجتمع قد تحول بانتظام ومنهجية إلى ذرات، والعلاقات الفردية المحمية قد استبدلت بغيرها من تلك التي تختارها وتؤيدها منظومة القيم السياسية".
هذا الانحسار لدور الثقافة، يعود إلى الإضعاف المتعمد الذي مارسه السياسي ضد الثقافة بغرض فرض توجهاته على المجتمع دون مناقشة أو اعتراض.
عموماً المنظومات السياسية تختلف في توجهاتها ونظرتها نحو الثقافة، فالمنظومات الشمولية لا تولي اهتماماً للدور الثقافي وتعتبر الثقافة جزءاً من نهجها وأي ثقافة مغايرة تعد بمثابة (العدو) الذي يتوجب مواجهته بكل السُبل أو إضعافه للحدود القصوى لإجباره على القبول بسياسة الاندماج والاحتواء.
في حين أن المنظومات الديمقراطية الليبرالي، تجد أن الثقافة تلعب دوراً هاماً في الصراع الاجتماعي لذا يتوجب تفعيلها ودعمها من أجل استنهاض القوى الاجتماعية ومشاركتها في القرار السياسي.
ويعتقد ((موريس دوفرجيه))" لايرى الماركسيون أن هناك عوامل ثقافية في الأحداث السياسية، فالعقائد والمذاهب والتصورات الجماعية والمؤسسات والثقافات ليست إلا صورة تمثل الطبقات فهي من المجتمع في بنيانه الفوقي. وإما الغربيون فأنهم على خلاف الماركسيون يجدون العوامل الثقافية تحتل منزلة الصدارة وذات شأن كبير. ويرى المحافظون أن الأمم (أي المجموعات الثقافية الهامة في العالم الراهن) تولد الصراعات السياسية الأساسية. ويعتقد الليبراليون أن السياسة عبارة عن أفكار، وعليه فأن الصراعات السياسية هي نزاعات عقائدية".
وإذا كانت الثقافة تمثل منظومة من القيم الأخلاقية للمجتمع، فأنها الوجه الثالث (المُغيب) من العالم. وهذا التغيب المتعمد للثقافة الذي تسعى إليه التوجهات السياسية والاقتصادية، يهدف لنزع (القدسية) عن منظومة القيم الاجتماعية واعتبارها معيقة للتوجهات السياسية التي لاتؤمن بالأخلاق والقيم الروحية في التشكيلة الاجتماعية.
وكذلك الأمر بالنسبة لتوجهات الاقتصاد ومحركه الأساس رأس المال الذي لايؤمن بمنظومة القيم الأخلاقية، ويجد أن معيار تحقيق الربح غير المحدد لاستثمار رأس المال يتعارض ومنظومة القيم الأخلاقية للمجتمع.
ويرى ((عبد الكريم غلاب))" أن العالم حقاً أصبح بحاجة إلى ثورة ثقافية، وذلك لأن الثقافة لاتقل عن السياسة ونظم الحكم والتنظيم الاقتصادي أثراً في حياة الشعوب ومسيرة العالم. والمثقفون لايقلون (أو هم على الأصح يفوقون) رجال السياسة والاقتصاد في التأثير على المجتمعات وفي توجيهها نحو المستقبل".
إن الثقافة غير الإنسانية التي تسعى لفرضها التوجهات السياسية- الاقتصادية الجديدة في العالم على المجتمع، أدت مع الزمن لخلق منظومة قيم جديدة، متعارضة ومنظومة القيم الموروثة للمجتمع مما ساعد على بروز أشكال من العنف والخروج على القانون.
والقانون ليس باستطاعته دائماً فرض توجهاته على المجتمع مهما كان رادعاً، فهناك العديد من المجموعات والأفراد خاصة في المجتمعات المتخلفة لا يردعها القانون بقدر ما تردعها القيم الروحية والثقافية للنظام الاجتماعي.
لذا تسعى النظم الديمقراطية الليبرالية إلى منح حرية أكبر للأفراد والجماعات لممارسة شرائعهم الروحية وعاداتهم الاجتماعية وقيمهم الأخلاقية...بغرض المحافظة على منظومة القيم الاجتماعية الرادعة للتجاوزات غير الشرعية على المجتمع، كونها تمتلك مقومات القوة الروحية الرادعة ضد الخارجين عليها أكثر مما تمتلكه قوة القانون.
وعليه فأن العالم بحاجة إلى إضافة البعد الثقافي لتوجهاته السياسية-الاقتصادية، لإيجاد نوع من التوازن بين منظومة التوجهات الأخلاقية وغير الأخلاقية لأجل ضبط السلوك الاجتماعي وتفعيله باتجاه خدمة المجتمع وتقدمه.
والبعد الثالث (الثقافي) للتوجهات العالمية، يتوجب أن يكون بعداً ذا توجه إنساني وليس أفرازات ثقافية غير إنسانية للتوجهات السياسية-الاقتصادية الجديدة.
ويعتقد ((عبد الكريم غلاب))" أن الثقافة يجب تكون ملتزمة بالقيم الإنسانية، تعمل للسمو بالعلم والفكر، كما تعمل للسمو بالخلق الإنساني في معناه الأعم. فلا تكون ثقافة بدون أخلاق لتنغمر في عالم السلبية الذي يفضي إلى اليأس من الفكر والعلم بعد أن كانا أمل الإنسانية. وإن لاتكون ثقافة ضد الخلق لتنغمر في عالم الإجرام الذي يفضي إلى اتهام الفكر والعلم بالإسهام في شقاء وانحراف الإنسانية".
إن عجلة التطور والتقدم المتسارعة في العالم على المستوى السياسي-الاقتصادي أفرزت التوجهات السلبية التي ألقت بظلالها المعتم على الكثير من القيم الروحية والأخلاقية المتوارثة عبر الأجيال خاصة منها المتحكم بالسلوك الإيجابي للمجتمع.
وهذا ما يفسر حجم الزيادة المضطردة بعدد الجرائم والعنف والسرقة والاغتصاب وتفشي المخدرات، وتنامي القيم المتطرفة في العالم. وبغياب (وتهميش) دور منظومة القيم الثقافية أصبحت السيادة لتلك القيم السلبية على المجتمع وكحالة غير واعية من الرد السلبي والمدمر للذات والمجتمع في آن واحد.
وهي محاولة غاية في اليأس وفقدان الأمل لتقويض منظومة القيم الجديدة باعتبارها السبب المباشر في إقصاء أحد الأركان المهمة للمجتمع ألا وهي الثقافية الاجتماعية!.
وعليه فأن الثقافة الإنسانية، تعد البعد الثالث لمعادلة التوازن للأفرازات السلبية للتوجهات الجديدة في العالم. والثقافة الإنسانية لديها سُبل الحل والمعالجة للمظاهر السلبية (الطارئة) على المجتمع من خلال إشاعة المفاهيم الإنسانية ونشر قيم التسامح والعدالة ومفاهيم حقوق الإنسان. لتكون في محصلتها النهائية بمثابة منظومة اجتماعية تحد من مظاهر الأفرازات السلبية للتوجهات السياسي-الاقتصادية الجديدة، وتشكل مظلة لحماية المكتسبات والقيم الاجتماعية والحضارية.



#صاحب_الربيعي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- رؤية فكرية في النظرية والتطبيق
- شرعية استخدام العنف في النظم الشمولية والديمقراطية
- مفهوم الثورة والتحديث في المجتمع
- التوجهات الأساسية في الفكر الليبرالي
- الانتخابات وعملية إرساء أسس النظام الديمقراطي
- العلاقة بين السياسة والاقتصاد في النظم الشمولية والليبرالية
- ظاهرة النزاع والعنف في المجتمع
- وزارة الموارد المائية العراقية ما لها وما عليها
- العلاقة بين الكاتب والقارئ
- مهام الكاتب ومسؤوليته كمثقف
- دور المثقف والسياسي في الثورة والاحتلال
- موقف السلطة الفاشية من الثقافة
- السياسية والعنف في المجتمع
- السياسة والثقافة في المجتمع
- الأحزاب السياسية وجماعات الضغط
- الأحزاب الشمولية وقياداتها الديناصورية
- العملية الانتخابية وشرعية السلطات
- ظاهرة تفشي الرشوة والفساد الإداري سياسة جديدة تتبعها الأنظمة ...
- سلطة الاستبداد والعنف في المجتمع
- التحديث والعصرنة للأحزاب السياسية في الوطن العربي


المزيد.....




- بعدما حوصر في بحيرة لأسابيع.. حوت قاتل يشق طريقه إلى المحيط ...
- الجيش الإسرائيلي ينشر مشاهد لأعمال إنشاء الرصيف البحري في قط ...
- محمد صلاح بعد المشادة اللفظية مع كلوب: -إذا تحدثت سوف تشتعل ...
- طلاب جامعة كولومبيا يتحدّون إدارتهم مدفوعين بتاريخ حافل من ا ...
- روسيا تعترض سرب مسيّرات وتنديد أوكراني بقصف أنابيب الغاز
- مظاهرات طلبة أميركا .. بداية تحول النظر إلى إسرائيل
- سائق يلتقط مشهدًا مخيفًا لإعصار مدمر يتحرك بالقرب منه بأمريك ...
- شاب يبلغ من العمر 18 عامًا يحاول أن يصبح أصغر شخص يطير حول ا ...
- مصر.. أحمد موسى يكشف تفاصيل بمخطط اغتياله ومحاكمة متهمين.. و ...
- خبير يوضح سبب سحب الجيش الأوكراني دبابات أبرامز من خط المواج ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - صاحب الربيعي - البعد الثالث في التوجهات الجديدة في العالم