أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - صاحب الربيعي - السياسيون وراء قضبان العدالة















المزيد.....

السياسيون وراء قضبان العدالة


صاحب الربيعي

الحوار المتمدن-العدد: 1060 - 2004 / 12 / 27 - 10:48
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


بذل الفلاسفة والعلماء خلال المسيرة البشرية، جهداً كبيراً من أجل أسس ونظم يستند إليها الحكام من أجل سيادة العدالة والمساواة بين البشر. وما النظريات والمفاهيم التي توصلوا إليها خلال مسيرة البشرية (ودفع العديد منهم حياته ثمناً للدفاع عنها) إلا محاولة لإيجاد معادلة متوازنة تحفظ الحقوق وتقرَّ بحقوق الإنسان في العيش الكريم.
ولم يطمح الفلاسفة والعلماء من خلال بحوثهم وآرائهم إلى جاه أو سلطة، وإنما إلى إيجاد نظم بديلة وعادلة يستند إليها السياسيون المتسلحين بالحراب وبقيم الاضطهاد والقتل لفرض سطوتهم على الدولة والمجتمع.
لقد تراكم للبشرية كَّم هائل من القيم والنظريات الداعية للمساواة والعدالة بين البشر، ومازال السياسيون يأخذون منها ما يلزم من أجل الدعاية والتدليس لوصولهم للسلطة وحالما يصلون لمبتغاهم يتخلون عنها، ويعودون إلى وسائلهم البدائية (الحراب والقتل ونصب أعواد المشانق) للمناوئين لهم.
ويرى ((سقراط))" أن البطل الصادق العزم على الدفاع عن العدالة، إذا ما أراد أن تكتب له الحياة صدق دعواه ولو لفترة من الزمن. توجب عليه أن يحصر نشاطه داخل نطاق الحياة الخاصة، وأن يترك السياسة وشأنها".
إن أغلب السياسيون في البلدان المتخلفة، يلجئون إلى الشعارات الداعية للعدالة والمساواة من أجل وصولهم إلى السلطة، وفيما بعد يخوضون صراعاً فيما بينهم لأجل حصولهم على الثروة والجاه وينسون دعواهم الأولى التي أتت بهم إلى السلطة.
هناك جدار عازل يفصل السياسي عن مفاهيم القيم العدالة والمساواة، لكنه يعتمدها لإيهام العامة من الناس بأنه ممثلاً لها للوصول للسلطة بالرغم من أنها تتقاطع ومفاهيمه ذاتها.
لأن السياسي (الحثالة والجاهل) يفتقد إلى المؤهلات اللازمة لخوض المنافسة الحرة في المجتمع لاحتلال الموقع المناسب له، لذا يخوض في عالم السياسة التي تفتقد لمعايير وأسس المنافسة الحرة، وتشترط قيم النصب والاحتيال والتدليس لأجل الفوز بالمركز الاجتماعي المرموق الذي لايتناسب ومؤهلات السياسي الحثالة!.
ويخاطب ((سقراط)) تلك العينة من السياسيين الحثالات بقوله:" أنكم تنتمون إلى هذه المدينة التي هي أعظم مدن العالم وأشهرها قوة وحكمة، ألا تخجلوا من أنفسكم إذ تركزون اهتمامكم على كسب أكبر قدر ممكن من المال والشهرة والمجد، بينما لا تهتموا إطلاقاً بالحق والفهم وكمال النفس".
لاتعود أسس التعارض بين العدالة والسياسة إلى ماهية قيم الخير والشر حسب، بل إلى مدى صلاح النفوس ذاتها، فالنفوس الخربة والدنيئة هي انعكاس عن خراب وتلوث الضمير وبالتالي فأنها تميل بشكل أوتوماتيكي نحو إتباع نهج وقيم الشر.
وانعدام الضمير وخرابه لدى السياسي الحثالة خاصة، يضفي عليه سمة الجبن والخوف من الإفصاح عَّما في داخله من خراب ودونية مما يدفعه أكثر للتبجح والتصريح بمناسبة وبدون مناسبة عن تمسكه بقيم العدالة ودفاعه عن مصالح الناس.
ويرى ((سقراط))" إذا كان المرء بلا ضمير بما فيه الكفاية، فأنه يتمسك بأي شيء ولايصمد أمام أي شيء".
وينال السياسي الحثالة بشكل دائم من الفلاسفة والعلماء والمثقفين ويحاول جهد إمكانه الانتقاص من دورهم في المجتمع، لأنه يشعر في اللاوعي بالدونية والنقص ويفتقد لوسائل الشرعية لدفاع عن موقفه ومركزه (السياسي-الاجتماعي) في حين يجد بين العامة من الناس دوراً له ولايحتاج إلى بذل جهد كبير لخداعهم لتحقيق مصالحه الشخصية!.
ولايقتصر دور السياسي الحثالة على خداع العامة من الناس، وإنما يسعى بشكل حثيث لتقديم خدمات مشبوهة في أغلب الأحيان لأطراف لها تأثير مباشر على السلطة السياسية (خاصة إذا كانت من خارج الحدود) لأجل تحقيق ذاته الهشة للفوز بمركز سلطوي أو بقاءه في منصبه لأمد طويل.
لذا نجد أغلب السلطات والأحزاب الشمولية، تلجأ للبحث والتقصي عن تلك الحثالات لتحقيق المصالح المتبادلة فيما بينهم، لأن السياسي الحثالة يكون أمنيناً ومدافعاً شرساً عن السلطة للحفاظ على مصالحه الخاصة. ويكون عبداً مطيعاً لتنفيذ أوامرها بالقتل واضطهاد المناوئين لها.
ويدعو ((عبد الكريم غلاب)) السياسي إلى دخول عالم الأحرار لا العبيد قائلاً:"أن تكون في مؤخرة عالم الأحرار، خير ألف مرة من أن تكون في مقدمة عالم من العبيد".
إن قيم العدالة والمساواة، قيم سامية، أنتجها فلاسفة وعلماء تحلوا بسماتها. وكانوا صادقين في دعواهم إلى الإنصاف والمساواة بين البشر، لقد أدركوا بشكل مبكر أن معاناة الملايين من البشر من الاضطهاد واللامساواة نتيجة لسيادة الأنظمة السياسية الظالمة.
ولم تسهم الحثالات من السياسيين في صناعة التراكم الحضاري للبشرية، بل العكس سعت إلى إعدام وقتل الفلاسفة والعلماء لأجل تغيب الأفكار والآراء التي تدعو لقيم العدالة والمساواة وبالتالي فأنها تحط من مكانتهم الاجتماعية وتحرض الناس على المطالبة بحقوقهم المنتهكة.
إن منتجي الأفكار والآراء العظيمة خاضوا صراع مرير مع السياسيين، ولم يوكلوا أمر تطبيق أفكارهم وآرائهم الداعية للمساواة والعدالة لحثالات المجتمع من أجل تطبيقها كما يعتقد بعض الحثالات من السياسيين، وإنما طالبوا بأن تقود الدولة والمجتمع نخبة من الفلاسفة والعلماء!.
والنهج الإنساني لقيم العدالة والمساواة، ليس دعوى لتسلط حثالات المجتمع على الدولة بحجة دفاع تلك القيم عن مصالح الطبقات المسحوقة وبالتالي توهَّم البعض بأحقيتهم بقيادة الدولة والمجتمع!.
كتب ((الاسكندر المقدوني)) عندما خرج لتحرير العالم، لأجل نشر قيم العدالة والمساواة إلى أستاذه ((أرسطو)) خطاب فيه نوع من العتاب جاء فيه:" أنك ارتكبت خطأ بنشرك الأجزاء الباطنة من العلم، فكيف سيبقى اختلافنا عن الناس إذا جعلت المعرفة العليا التي اكتسبناها منك شائعة في العالم أجمع". فرد عليه ((أرسطو)) قائلاً:" لقد نشرناها ولم ننشرها..ولن يصل إلى فهمها إلا من درس عنها مثلك".
إن فشل الأنظمة الشمولية في العديد من دول العالم، يؤكد بطلان (كما كان يتوهَّم البعض) تلازم الأفكار والآراء الإنسانية العظيمة وقيادة (الجهلة والأميين والحثالات) للدولة والمجتمع. وبالضد من ذلك فأن الأنظمة الديمقراطية التي تقودها نخبة من التكنوقراط حققت العديد من الإنجازات والتطبيقات الحية للفكر الإنساني في مجال إحلال العدالة والمساواة بين البشر.



#صاحب_الربيعي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أنماط الوعي والإدراك في الصراع الاجتماعي
- إعدام شيخ الفلاسفة بكأس القانون وسَّم السياسة
- مفهوم الثقافة والمثقف
- الادعاء والتهويل المعرفي في الوسط السياسي والثقافي
- صدر كتاب جديد للمؤلف صاحب الربيعي بعنوان (المثقف بين المهادن ...
- البعد الثالث في التوجهات الجديدة في العالم
- رؤية فكرية في النظرية والتطبيق
- شرعية استخدام العنف في النظم الشمولية والديمقراطية
- مفهوم الثورة والتحديث في المجتمع
- التوجهات الأساسية في الفكر الليبرالي
- الانتخابات وعملية إرساء أسس النظام الديمقراطي
- العلاقة بين السياسة والاقتصاد في النظم الشمولية والليبرالية
- ظاهرة النزاع والعنف في المجتمع
- وزارة الموارد المائية العراقية ما لها وما عليها
- العلاقة بين الكاتب والقارئ
- مهام الكاتب ومسؤوليته كمثقف
- دور المثقف والسياسي في الثورة والاحتلال
- موقف السلطة الفاشية من الثقافة
- السياسية والعنف في المجتمع
- السياسة والثقافة في المجتمع


المزيد.....




- عباس: أمريكا هي الدولة الوحيدة القادرة على منع إسرائيل من ال ...
- هل غيرت الضربات الصاروخية الإيرانية الإسرائيلية الشرق الأوسط ...
- كيف وصل مصريون قُصّر غير مصحوبين بذويهم إلى اليونان؟
- جهود دولية حثيثة من أجل هدنة في غزة - هل تصمت المدافع قريبا؟ ...
- وسائل إعلام غربية تكشف لكييف تقارير سيئة
- الرئيس السوري يستعرض مع وزير خارجية البحرين التحضيرات للقمة ...
- -ما تم بذله يفوق الخيال-.. السيسي يوجه رسالة للمصريين بخصوص ...
- روبوتات -الساعي- المقاتلة الروسية تقتحم مواقع العدو وتحيّد 1 ...
- روسيا.. قانون جديد يمنح -روس كوسموس- حق بيع بيانات استشعار ا ...
- اكتشاف صلة بين فيتامين الشمس والاستجابة المناعية للسرطان


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - صاحب الربيعي - السياسيون وراء قضبان العدالة