أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - صاحب الربيعي - التصورات اللاعلمية في الفكر الماركسي















المزيد.....

التصورات اللاعلمية في الفكر الماركسي


صاحب الربيعي

الحوار المتمدن-العدد: 1126 - 2005 / 3 / 3 - 11:22
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


لاتوجد حقائق ثابتة في العلم، فالحقيقة العلمية اليوم قد تكون باطلة غداً. لأن العلم هو سيل من المعارف المتتالية، يستند إلى معيار التطور والتقدم للوصول للحقيقة. لذا فأن العلم يرفض مبدأ الحقيقة المطلقة، ويجد أن الحقيقة نسبية يتعين النظر إليها بعين الشك دائماً وتسليط الضوء على كافة أوجهها.
وتعد مفردات الجزم والإطلاق والثبات والحتمية والضرورة، مفردات مرفوضة الاستخدام في السياق العلمي. ويستخدم بدلها: الاحتمال والحقائق غير الثابتة، والشك من أجل فتح الأبواب على مصراعيها للمناقشة والتساؤل والشك والبحث للوصول إلى الحقيقة. يعود الفرق بين العلمي واللاعلمي إلى أن الأول فضاء بحثي مفتوح يسعى نحو الوصول للحقيقة، والثاني عالم مغلق يستند إلى تصورات نهائية تؤمن بالحقيقة المطلقة.
ويرى ((باريتو))" ينبغي إخراج مقولات مثل الضرورة والحتمية والحقيقة المطلقة من نطاق العلم، فالعلم ينبغي أن يكون احتمالياً بدرجة أكثر أو أقل".
إن أهم الأسس وما تنطلق منها الفلسفة هي الشك والبحث للوصول للحقيقة وترفض الأحكام القطعية والثوابت والتنبئوات الحصرية بمستقبل البشرية، وقد وصف ((سقراط))" المنجمون بالغيب بأنهم مشعوذون".
وإن النظرية الداعية لرسم مسار التاريخ وتحديد المستقبل وفقاً لتصورات غير علمية اثبت بطلان دعواها خاصة ما يتعلق منها بالتشكيلات الاجتماعية التاريخية، لأنها لم تقدم ما يسندها علمياً للتحقق من صدقها. كما أنها لم تقدم تفسيرات مقنعة بشأن تلازم المسارات الاجتماعية لمجتمعات مختلفة النشأة والبيئة، وأجازت إلغاء خصوصية المجتمعات وظروف معيشتها من أجل حشرها عنوة في سياق مسلمات ثابتة تحتكم إلى مفهوم الضرورة والحتمية.
هناك عوامل عديدة تؤثر في مسار التاريخ وتغير من سلوك المجتمعات منها: القيم الاجتماعية والدينية والبيئة والإرث الحضاري. فمفهوم الإقطاع في أوروبا لايطابق مفهوم الإقطاع في الشرق، ففي الأولى هناك وراثة أو شراء لمقاطعات زراعية مع سكانها، حيث يعملون بالسخرة ولقاء قوت يومهم. في حين في الثانية هناك شيخ العشيرة (الإقطاعي) وهو أحد أبناء العمومة في المجتمع، والفلاحين يعملون لدى الإقطاعي بأجر بخس ولا سبيل لبيع أو شراء السكان مع الأرض.
في هذا الإطار من التعارض المبسط لمفهوم الإقطاع، يطرح تساؤلاً مشروعاً عن صحة تعميم ما يسمى بالضرورات التاريخية الخاصة بالتشكيلات الاجتماعية وتعاقبها ومن ثم حتمية مسارها المستقبلي. إن الأحداث الراهنة الجارية على صعيد العالم أثبتت بطلان تلك الادعاءات الحتمية لمسيرة المجتمعات البشرية، بل أن المسار الجديد فندًّ كافة أسس البناء الفكري للمنطلقات النظرية المستندة لمفاهيم الضرورة والحتمية.
ويرى ((ماكس فييبر))" الماركسية غير ملائمة مع طبيعة العلم، ولا مع طبيعة الوجود الإنساني. ذلك لأن كل علم تاريخي أو سوسيولوجي ما هو إلا نظرة جزئية، ومن ثم فهو عاجز عن إعلامنا مقدماً بطبيعة مستقبل محدد الملامح لأن الإنسان في طبيعته الأساسية البسيطة يميل نحو الحرية وما يستطيع من خلالها أن يرفض هذه الحتمية الجزئية أو أن يتكيف معها بأي من الأساليب العديدة وما تتراءى له".
إن الربط الجدلي وما سعت إليه الماركسية في تفسير تكون التشكيلات الاجتماعية ومستقبلها في العالم من خلال تقسيمات اجتماعية افتراضية مقحمة بحدود زمنية، لاتستند إلى أسس علمية. كما أنها عمدت لربطها بعضها ببعض بسلاسل حديدية متصلة تجر التاريخ نحو الحاضر وتسير به نحو المستقبل على سكة حديدية، لاتحيد عن طريقها دون أن تقدم أية قرائن علمية تؤكد صحة هذا الربط الجدلي للتقسيمات الاجتماعية ونطاقها الزمني.
وإذا كان الأمر كذلك حقاً، فهل هناك ضرورة للصراع الاجتماعي أو لتطور العلوم طالما مسار الضرورة والحتمية هما اللذان يتحكمان في سلوكنا ومستقبلنا ويرسمان حدود تطورنا ومستقبلنا غير المنظور؟. إن مبدأ القياس على صدق هذه التصورات النظرية، يتوجب أن يستند إلى أساس علمي وليس إلى تصورات فردية شأنها شان العديد من التصورات النظرية الأخرى.
ولكن يبقى الفارق الوحيد بينهما، وجود قوة ما عملت على تسويق تلك التصورات وجاهدت في سبيل طمس التصورات المضادة. وكانت الغلبة الفعلية للتصورات الأولى ولكن بالنتيجة، تسببت مجريات الأحداث العالمية المتسارعة في هزيمتها.
ولايتفق ((ماكس فييبر)) مع تصورات حتمية الماضي والمستقبل وما تنبأت بها الماركسية قائلاً:" إن الماضي والمستقبل ليس حتمياً، لأن ما هو ماضي بالنسبة لي هو مستقبل بالنسبة للآخرين. فإذا كان المستقبل ليس حتمياً على هذا النحو، إذاً فليس هناك بالتالي تفسير حتمي للتاريخ ولكن هناك من الناحية النظرية تفسير سببي لماهية الماضي والمستقبل".
إن تستند النظرية على افتراضات وتصورات غير علمية، فهي تصورات افتراضية لاترتقي لمستوى العلم، وبالتالي لايمكن الحكم على النظرية على أنها (نظرية علمية كما يحلو للبعض تسميتها). النظرية تعني الافتراض غير المسند إلى قرائن علمية، أي أنها تصورات قابلة للمناقشة والخطأ والصواب والتحقق والفشل.
في حين العلم يستند إلى قرائن علمية نسبة الخطأ فيه ضئيلة، فهي تخضع للمنهج التجريبي لإثبات صحة الفرض. وبما أن العلم يعني التطور فليس هناك ثوابت أو ضرورات أو حتميات علمية، فالنتائج العلمية عرضة بشكل دائم لإعادة الدراسة والبحث.
لذلك هناك تعارض بين ما هو علمي ونظري، ولايجوز الخلط بينهما. واعتماد معايير العواطف والاعتقاد لقبول تصورات نظرية (ضرورات وحتميات) وفرضها على الواقع باعتبارها قرائن علمية تحظى بالقبول والاستحسان!.
إن النظرية الاجتماعية، تنحو باتجاه استغلال عواطف وأحاسيس العامة من الناس وإقناعهم بقشور الأفكار العظيمة وجزل الوعود غير الواقعية من اجل تحقيق الدوافع الحقيقة للقائمين عليها وعلى حساب العامة من الناس.
هناك قدر من التشابه بين الأسس النظرية للمسلمات الفكرية الماركسية والدينية، وكلاهما يلجأ إلى استغلال عواطف العامة من الناس وكيل الوعود بعالم جديد في الأرض وبجنة في السماء. فلم تصمد الأولى أمام المتغيرات الجديدة في العالم، وهزيمتها كانت نكراء جعلت غالبية المعتقدين بها يعلنون البراءة منها كونها تصورات بشرية لم تصمد أمام أول عاصفة فكرية عالمية جاءت في التغيير. في حين الثانية مازالت تحشد الملايين من الناس وراءها، كونها تستند إلى مسلمات غير خاضعة للمنهج التجريبي في العالم الأرضي، ولم يتحقق منها أحد في العالم السماوي.
كما أن القائمين عليها كانوا أكثر ذكاءً من غيرهم في إجراء تحديثات تتواءم وواقع التغيرات المحدثة في العالم، انطلاقاً من تفسيرات مختارة لأوجه النصوص والمسلمات العديدة وإسباغها بشرعية دينية تسحب التاريخ نحو الحاضر وفيما بعد يمكنها الاستناد إلى الحاضر لسحبه نحو المستقبل.
إن السياق المفترض في التصورات النظرية البشرية وديمومتها، تفترض إجراء نوع من التحديث للمسلمات الفكرية من اجل مجاراة الأحداث والتطورات العالمية. ولكن على ما يبدو أن قياس صدق النظرية لايعود فقط إلى صدق أفكارها وتصوراتها، وأنما يتوجب أن يستند إلى صدق القائمين عليها.
وهذا ما أدى إلى إخفاقها على المستوى التطبيقي (التجريبي) في العالم وتسبب في هزيمتها، بالإضافة إلى تخلف القائمين عليها كونهم أسرى المسلمات والحتميات والضرورات غير العلمية.



#صاحب_الربيعي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مجالس الفلاسفة والعلماء مع السلاطين
- الملوك والفلاسفة وتهمة الإلحاد
- النظام الديمقراطي والسلطة السياسية
- الفشل في تحقيق الذات وانعكاساته السلبية على المجتمع
- العنصر الثالث لدعم الاستقرار والتوازن الاجتماعي
- سلطة القانون في المجتمع
- مواصفات الرئيس وشروط الرئاسة
- شروط وآليات العقد السياسي والاجتماعي في كتابة الدستور
- المرأة والحب في عالم الفلاسفة والأدباء
- انعدام سُبل الحوار والنقاش مع الإنسان المقهور
- النزاعات العرقية والمذهبية في المجتمعات المقهورة نتاج سلطة ا ...
- تنامي ظاهرة الحقد والعدوانية في المجتمعات المتخلفة
- شرعنة العنف والقتل في الدولة الإرهابية
- العنف والإرهاب نتاج طبيعي للتخلف والاستبداد
- سلطة القانون وآليات الضبط الاجتماعي في المجتمعات المتخلفة
- الطاغية المستبد والشعب المقهور
- الاستبداد والعنف وانعكاسه على المجتمع
- الشعوب المقهورة والزعيم المنقذ
- العسكرة والأدلجة في الثقافة والإبداع
- نتائج العنف والاستبداد على الشعوب المقهورة


المزيد.....




- شاهد: تسليم شعلة دورة الألعاب الأولمبية رسميا إلى فرنسا
- مقتل عمّال يمنيين في قصف لأكبر حقل للغاز في كردستان العراق
- زيلينسكي: القوات الأوكرانية بصدد تشكيل ألوية جديدة
- هل أعلن عمدة ليفربول إسلامه؟ وما حقيقة الفيديو المتداول على ...
- رئيس هيئة الأركان المشتركة الأميركية يتهرب من سؤال حول -عجز ...
- وسائل إعلام: الإدارة الأمريكية قررت عدم فرض عقوبات على وحدات ...
- مقتل -أربعة عمّال يمنيين- بقصف على حقل للغاز في كردستان العر ...
- البيت الأبيض: ليس لدينا أنظمة -باتريوت- متاحة الآن لتسليمها ...
- بايدن يعترف بأنه فكر في الانتحار بعد وفاة زوجته وابنته
- هل تنجح مصر بوقف الاجتياح الإسرائيلي المحتمل لرفح؟


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - صاحب الربيعي - التصورات اللاعلمية في الفكر الماركسي