أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - صاحب الربيعي - الحكمة والحقيقة في الفلسفة














المزيد.....

الحكمة والحقيقة في الفلسفة


صاحب الربيعي

الحوار المتمدن-العدد: 1154 - 2005 / 4 / 1 - 12:01
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


هناك تعارض في وجهات النظر بين الفلاسفة بشأن ماهية الحكمة والمعرفة، بالرغم من سعيهم نحو اكتشاف سُبل الوصول إليهما. ويميل القسم الأول منهم إلى اعتبار أن الحكمة تقتصر على المنظومة السماوية، وبما أنها ليست منظومة أرضية فإن محاولة إدراكها أو الوصول إلى ماهيتها يجب أن يتم البحث في مكونات المنظومة السماوية. ويعد هذا البحث محذور على البشر، لأنه يبحث في الذات الإلهية لأجل الوصول إلى ماهية الحكمة ولماذا تقتصر على الذات الإلهية دون غيرها؟.
ويرفض القسم الثاني من الفلاسفة، ادعاء أن الحكمة هي منظومة سماوية وبالتالي لايتوجب مناقشتها. وإنما يرى أن الحكمة منظومة أرضية وليست لها علاقة بالذات الإلهية لكن سُبل الوصول إليها والاستدلال على ماهيتها يمكن أن تضع الفرد في مرتبة أقرب إلى مصاف الآلهة.
كما أنهم اختلفوا على ماهية الحقيقة: فمنهم من يرى بأن الحقيقة تمر عبر مراتب المعرفة، فكلما أتقن المرء السير في تلك المسالك المتعددة كلما اقترب أكثر منها. في حين أن آخرين وجدوا أن للحقيقة أوجه متعددة، وإن اكتشاف عدداً من أوجهها لايعطي مؤشرات للوصول إلى الحقيقة ذاتها.
وهناك من وجد أن للحقيقة وجهان: وجه ظاهري (أرضي) يمكن استنباطه من خلال أتباع سُبل المعرفة، ووجه باطني (سماوي) لايمكن الوصول إليه، لأنه معقد السُبل وهو ما يعرف بـ (الحقيقة المطلقة) البعيدة كل البعد عن مدارك المنظومة العقلية للبشر.
ولكن هذا الإقرار المبرم بمحدودية الإدراك لمنظومة العقل البشري، لم يقر به عدداً أخراً من الفلاسفة مستندين في رؤيتهم إلى أن الإنسان مكون من منظومتين: أرضية (الجسد) وسماوية (العقل أو الروح) وبما أن للإنسان منظومة تربطه بالشأن السماوي فيجب أن تكون له القدرة على إدراك الحكمة والحقيقة عبر سُبل إدراك المعرفة المطلقة وما تعني في محصلتها النهائية من ارتقاء بالمنظومة العقلية البشرية (السماوية) إلى مراتب عليا تُكسبها الآلية للتواصل مع المعرفة السماوية صولاً لإدراك الحكمة والحقيقة المطلقة.
ويقرًّ ((سقراط)) بأن الحكمة شأن سماوي قائلاً" أنا لست حكيماً، لأن الحكمة من صفات الآلهة وما أنا إلا فيلسوف".
إن هذا الإقرار من شيخ الفلاسفة ((سقراط)) بكون الحكمة شأن سماوي، يتناغم مع إقراره الأول بأنه مكلف من قبل الآلهة بنشر تعاليمها في الخير والعدالة بين البشر.
ويأتي إصراره على الاستجابة لتنفيذ قرار محكمة أثينا بإعدامه ورفضه للهروب من السجن إنقاذاً لحياته من الموت دليلاً أخراً على اعتقاده بأنه رسول يؤتمر بأمر الآلهة. وإن حدود إدراكه للمعرفة مناط بما تمنحه (أو لاتمنحه) الآلهة. والحكمة شأن من شؤون الآلهة، ودوره لايتعدى عن كونه فيلسوفاً ومبلغاً لرسالة لاغير.
كما أنه أقرًّ (عند تجرعه للسًّم لتنفيذ قرار المحكمة) بأن روحه ستغادر إلى عالم أقرب إلى مصاف الآلهة التي استجابة لندائها في نشر مبادئ الخير والعدالة بين البشر.
في حين أن ((كونفوشيوس)) لايقرًّ بأن الحكمة شأن سماوي، وأنما هي شأن ارضي يمكن الوصول إليها من خلال إدراك مدلولات العالم الأرضي خاصة بشأن الإنسان. فكلما توسعت مدارك المعرفة لدى الإنسان، كلما كان قادراً على فهم واستيعاب الآخرين من أقرانه.
يعتقد ((كونفوشيوس))" بأن الحكمة تعني أن تفهم الناس والفضيلة أن تحب الناس".
كذلك فإنه يعتقد إدراك الحقيقة لايمت بصلة بالشأن السماوي، وأنما هي منظومة أرضية يمكن الوصول إليها من خلال الاستيعاب الكامل للمعرفة. وهذه المعرفة هي التي تمنح الفرد سُبل الوصول إلى الحقيقة لذلك فأن البشر مختلفين بمراتب المعرفة بعضهم عن البعض الآخر، فمنهم من يفرح بالحقيقة ويحتل أعلى المراتب، ومنهم من يحب الحقيقة ويحتل مرتبة متوسطة ومنهم منًّ يدرك الحقيقة ويحتل مرتبة أدنى.
وبهذا الإطار يرى ((كونفوشيوس))" أن أولئك الذين يدركون الحقيقة لايتسامون إلى مرتبة أولئك الذين يحبونها، لكن من يحب الحقيقة لايرقى إلى مرتبة من يفرح بها".
وهناك من الفلاسفة من ربط بين العلم والحكمة، وأقرًّ بأن الحكمة شأن أرضي يأتي من إدراك علوم المعرفة التي بدورها تؤدي إلى توسع مدارك منظومة العقل البشري. وتلك بدورها تؤسس لحالة الإدراك الكلي للحكمة لتمنح منظومة العقل البشري المزيد من الاستيعاب لحقول العلم والمعرفة.
يرى الأمام ((جعفر الصادق-ع))" أن كثرة النظر في العلم تفتح العقل، وكثرة النظر بالحكمة تلقح العقل".
يتبين من خلال الاستعراض السابق لآراء الفلاسفة بشأن الإدراك للحكمة والحقيقة، هناك رؤيتان هما: رؤية مثالية تستند إلى مفهوم أن منظومة الخلق للإنسان مكونة من منظومتين رئيستين هما: سماوية (العقل) وأرضية (الجسد) والمنظومة السماوية هي التي تتحكم بمنظومة العقل البشري وتمنحه القدرة على الاستيعاب والإدراك للشؤون الدنيوية بما يخدم رسالتها السماوية بين البشر. وتبقى الحكمة والحقيقة المطلقة شأن سماوي، لايمكن للعقل البشري إدراكهما لأنهما من خصائص الذات الإلهية.
والرؤية الثانية، واقعية تستند إلى العلم والمعرفة كسُبل للوصول إلى الحكمة والحقيقة وتلك السُبل تقتصر على الفلاسفة الواقعين. كونهم نهلوا من حقول العلم المتنوعة ووصلوا إلى أرقى مراتب المعرفة. وتلك المراتب العليا من المعرفة تمنحهم القدرة على إدراك الحكمة والحقيقة.



#صاحب_الربيعي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مراتب المعرفة عند الفلاسفة
- ماهية الإحساس والمعرفة في الفلسفة
- صراع القيم والمبادئ بين الفلاسفة والملوك
- تأثير الاستبداد والعنف على اختلال أنماط السلوك الاجتماعي
- دور علماء الاجتماع في تقويم المجتمع
- موقف الفلاسفة من الحاكم والحكومة
- العلم والجهل في المجتمع
- تحرير الثقافة من الهيمنة والتسلط
- الحكومة والشعب
- التصورات اللاعلمية في الفكر الماركسي
- مجالس الفلاسفة والعلماء مع السلاطين
- الملوك والفلاسفة وتهمة الإلحاد
- النظام الديمقراطي والسلطة السياسية
- الفشل في تحقيق الذات وانعكاساته السلبية على المجتمع
- العنصر الثالث لدعم الاستقرار والتوازن الاجتماعي
- سلطة القانون في المجتمع
- مواصفات الرئيس وشروط الرئاسة
- شروط وآليات العقد السياسي والاجتماعي في كتابة الدستور
- المرأة والحب في عالم الفلاسفة والأدباء
- انعدام سُبل الحوار والنقاش مع الإنسان المقهور


المزيد.....




- صراخ ومحاولات هرب.. شاهد لحظة اندلاع معركة بأسلحة نارية وسط ...
- -رؤية السعودية 2030 ليست وجهة نهائية-.. أبرز ما قاله محمد بن ...
- ساويرس يُعلق على وصف رئيس مصري راحل بـ-الساذج-: حسن النية أل ...
- هل ينجح العراق في إنجاز طريق التنمية بعد سنوات من التعثر؟
- الحرب على غزة| وفد حماس يعود من القاهرة إلى الدوحة للتباحث ب ...
- نور وماء.. مهرجان بريكسن في منطقة جبال الألب يسلط الضوء على ...
- الحوثي يعلن استهداف سفينتين ومدمرتين أميركيتين في البحر الأح ...
- السودان: واشنطن تدعو الإمارات ودولا أخرى لوقف الدعم عن طرفي ...
- Lenovo تطلق حاسبا متطورا يعمل مع تقنيات الذكاء الاصطناعي
- رؤية للمستقبل البعيد للأرض


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - صاحب الربيعي - الحكمة والحقيقة في الفلسفة