أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - مختار سعد شحاته - بائعة الطماطم.. قصة قصيرة.














المزيد.....

بائعة الطماطم.. قصة قصيرة.


مختار سعد شحاته

الحوار المتمدن-العدد: 4051 - 2013 / 4 / 3 - 17:49
المحور: الادب والفن
    


-1-
تأخذها التجربة معه نحو كل الأشياء، لتترك في النهاية علامة استفهام كبيرة محيرة أمام عينيها كلما قالها المسيو بتأفف مبالغ فيه:
-"مبحبش الطماطم، مش بأطيقها خالص".
بين يديها أمسكت بحبة طماطم، أرادت أن تعرف السر، لعله يكمن في لونها الأحمر، وهو يعشق فانلة فريقه الأبيض، ورغم انهزامه المتواصل ونكباته أمام الفريق الأحمر؛ لم يخطر بباله يومًا أن يعادي ناديه أو يكره لون فانلته.
-"فانلة بيضا زي الحليب، زي قلبك".
تعرف أن بذور الطماطم هي الأخرى- لا يحبها، فهو مغموس حتى النخاع في كراهيته غير المبررة لتك النبتة الصغيرة، وفي كل مراحل تطور ثمرتها يفلح في أن يجد عذرًا جديدًا، فيزيد تمنعه وحنقه على الطماطم، ولونها وبذرها، ويرفض وجود كل ما تلون بلونها في حياته.
-"السلطة الخضرة بس، من غير اللون الأحمر ده".

-2-
تصادف أن يعبث بملابسها الداخلية حين رماه العبث على حافة دولاب ملابسها، تأمل الألوان في دواخل الدولاب، تتراص ألوان الأسود بدرجاته وخامات أقمشة عديدة، أسلم راحة يده ملمس هذا الحرير اللامع، فسرت رعشة يعرفها تماما قبل أن يطلب منها أن يدخل إلى سريرها، ويكتشف أبعد مراتب النشوة في فورة جسدها أسفل هذا اللون.
-"الأسود ده عليكي بيجنني".
عودته في لحظات لم يتوقعها أن تمنحه من الرغبة أبعد وأبعد، بما يضمن له في النهاية أن يروي عشقه لتضاد جميل تصنعه كمثرى ثديها البض، حين تزخ بمطر العسل فوق تشاعيب جسده، وحيث تنتهي إلى محطة أخيرة.
-"قولي بحبك، عايزة أسمعها وأنت جوايا".
الآن يزداد جرأة، وتزداد ألوان ملابسها الداخلية تساهلا، فتغوص إلى أقصى الدولاب يده، ويزامن ذلك التسلل بإغماض عينيه، والتمتع بكل ملمس لكل لون وثوب، هنا الأبيض حيث ملأ النور ويشع، هنا الفاحم حييث يتوهج ثم يستعر، هنا الأخضر القاني حيث يتصلب وينتشي، هنا الأصفر حيث يرتاح في براحها؛ ثم يغفو.
-"آآآآه.. آآآآه.. بشويش".
تأخذه الفجوة نحو تجربة كل الألوان لونًا تلو الأخر، لكنه أبدًا لا يقرب ذاك الركن حيث الشفاف الأحمر.
-"حلمة صدرك بتوه في اللون الأحمر!! حبيبي: مش فاهمة!!".

-3-
تحرص ألا يظهر أثرها في كل ما يأكل، أوربما تعرف أنه يتغافل، وكثيرًا قالت لنفسها بأنه يعرف، لكنه يتجاوز ذلك لكونه يحبها، لكنها أبدا لم تسأله عن مذاق طعامها المباشر بطعمها ولونها، فذكرها على مائدة طعامه يكفي أن يعكر المزاج.
-"ممممممم، حلو الأكل النهارده قوي".
في كل صباح يناديها نفس الرجل، ويمارس طقس الابهار بصوته المنغم، ونبرته الحادة حين ينادي بوصفها في نفس النقطة المتعامدة على سمعها ولهفتها "حمرا ومرملة يا طماطم"، لكنها تعرف ان تجربة شراء جهرية، قد تقدح ف مصداقيته أمام الجيران.
-"ما بأطقشي الطماطم في البيت".
الصوت يغزوها أكثر وأكثر، ترى ثوبها المهمل في دولابها، يناديها، ويمنيها أكثر وأكثر، تتعلل بالكسل فقد أفاقت فور سماعها ندائه يطرد فلول نومها الليلي الطويل، تقصعت في لا إحساس غير الكسل اللذيذ، تثاءبت ببطء، أغمضت عينيها، وأشاحت برأسها إلى أقصى الوسادة، حيث تراقصت في عنج بثوبها الذي قصت بعض شراشفع وألق بها فوق مصباح صغير، فأغرقت الحجرة في نفس اللون، أثمر صدرها لحظة اهتزت ثمار الطماطم، فأخذت إحداها، وأكلت بنهم وتلذذ بطيء ومثير، فأطلقت آهة اللذة المكتومة بتلذذ عظيم. بينما استمر صوته ينادي.
-"بعشرة جني يا عداية الطماطم".

-4-
يحرص حين عودته في الليل ألا يصدر جلبة قد توقظ قطتها التي تنام خلف باب الشقة، فهو يخاف لون عينيها اللامع في الظلام، ولا يفلح في تبرير مقنع لها، وكيف لتلك القطة أن تصبح مصدر إزعاجه الوحيد ف الليل.
-"بأترعب من عنيها في الضلمة، بأبقى ناسيها".
تتعثر خطوته خلف الباب مباشرة، فيرتبك باعتقاده قد جاس في فروة القطة، ويقرر أن يغمض عينيه فلا يرى بؤبؤ القطة اللامع في الظلام، ويتابع سيره في بهو الشقة بحرص، ولا ينسي نعت القطط وأسلافها بأقبح الشتائم، فكم تمنى قبل قليل أن يطلق طوفان شتائمه في وجه هذا المتبجح الذي يسأله كل ليلة عن وجهته، وكيف ملّ الإجابة نفسها، ومدي كراهيته لاعتذاره الزائف والنوم على أعلى عين هذا الحارس يتراقص، لكنه اليوم لم ير القطة، ولم يسأله حارس البوابة أسفل العمارة.
-"الشروق..702.. يلعن أبو الهباب اللي بتشربه.
يقرر أن يفتح باب الغرفة بحرص أكثر وأكثر، يظل مغمضًا، يفخر بنفسه ويتباهي بحفظه تفاصيل شقتهم، وكيف يمكنه التحرك فيها مغمض العينين؛ متفاديًا الاصطدام بقطع الأثاث المتناثرة، ويعلن ذلك بفرح بطولي زائف يتشابه مع كلامه الزائف كلما سألته إن كان جسده عرف امرأة أخرى قبلها. يواصل طقس الحذر والتسلل، هذا الكرسي جوار سريرهما المزدوج، هناك يجلس التليفون في سلة من الخوص المزخرف، وقد صمت للأبد، وامامه مباشرة دولاب الملابس، بالأعلى سيجد منشفة كبيرة إلى جوارها "بورنص ثقيل" يمارسان رحلة الصمود نحو حتى الشتاء الآتي سريعًا، وهنا تشعر أنامله بملمس ملابسها ورائحتها قبل أن تمسها، يعرف أن الجوف يخبيء لونها الأحمر المطرود، يتحاشاه ويلقي بانامله تحية المساء بلمسة رققة إلى كل الحرير هنا.
-"خليك عفن هنا يا احمر يا ابن الـ...".
تخونه كفه في زلة الحركة، فتمتد نحو مكانه، غير موجود، يراوغه كالعادة ليتنمر له في فجأة من بين الألوان، ترتبك حركة كفه، ويخدش صمت حذره فتتعثر أنامله في خريطته الدماغية عن كل شيء، يتصاعد الارتباك، ويتحول إلى تفتيش عبثي، لا أثر له البته،.لحظة صمت كان هم الدنيا زال، وصار عالمه أكثر سكونًا حين تأكد من غيابه الذي تمناه، ويقرر ان يفتح عينيه في نشوة نصر جديد؛ يفاجئه اللون الذي غمر الغرفة ويأتيه من خلف شراشف حمراء يعرفها جيدًا، يراها تتلوى على السرير وهي ترتديه، وفي يدها حبة طماطم "حمرا ومرملة"، تقضمها بغنج آثر.
-"طماطم يا بيه، أحلى م الفراولة وحياتك.. والعدّاية بعشرة جنيه".

-5-
أحب المسيو الطماطم "حمرة ومرملة وأحلى م الفراولة" للأبد.



#مختار_سعد_شحاته (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ويل الوطن.. ويل ليه -أغنية-.
- كيف نرى؟
- شارع سيرلانكا.. نص أدبي.
- مزاد علني
- رحلة صعود إلى أعلى الدرج.
- راجع م السفر
- أحفاد القردة والخنازير.. حقيقة أم وافتراء؟
- حكاية النملة.. إلى النملة التي تحركت من فروة رأس الجد نحو وج ...
- امرأة كانت ذات يوم مراهقة محبب لها الفرح .. -قصة قصيرة.-.. ن ...
- مزج مقدس.. حالة من حالات الرجل. -نص أدبي-.
- جبريل لم يعد ملاكًا!! ولا أي إندهاشة.
- نِفيسة.. قصة قصيرة إلى نفيسة التي عرفتها، وعرفها نجيب محفوظ ...
- حلقة ذِكر.. قصة قصيرة.
- شعب الطُرشان
- -كليك يمين-. أنا افتراض؛ أنا موجود.
- حاجز الخوف.. كسرناه أم استبدلناه؟
- (ست-حكايات لحبيبي الذي يحب القهوة والأحلام تريحني، وحكاية لا ...
- (خريطة سكندرية خاصة)
- دماء على أسفلت التدين.
- من حالات ربٌّ يُحبُ النساءَ.


المزيد.....




- مصر.. الفنان محمد عادل إمام يعلق على قرار إعادة عرض فيلم - ...
- أولاد رزق 3.. قائمة أفلام عيد الأضحى المبارك 2024 و نجاح فيل ...
- مصر.. ما حقيقة إصابة الفنان القدير لطفي لبيب بشلل نصفي؟
- دور السينما بمصر والخليج تُعيد عرض فيلم -زهايمر- احتفالا بمي ...
- بعد فوزه بالأوسكار عن -الكتاب الأخضر-.. فاريلي يعود للكوميدي ...
- رواية -أمي وأعرفها- لأحمد طملية.. صور بليغة من سرديات المخيم ...
- إلغاء مسرحية وجدي معوض في بيروت: اتهامات بالتطبيع تقصي عملا ...
- أفلام كرتون على مدار اليوم …. تردد قناة توم وجيري الجديد 202 ...
- الفيديو الإعلاني لجهاز -آي باد برو- اللوحي الجديد يثير سخط ا ...
- متحف -مسرح الدمى- في إسبانيا.. رحلة بطعم خاص عبر ثقافات العا ...


المزيد.....

- أبسن: الحداثة .. الجماليات .. الشخصيات النسائية / رضا الظاهر
- السلام على محمود درويش " شعر" / محمود شاهين
- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - مختار سعد شحاته - بائعة الطماطم.. قصة قصيرة.