جاسم البغدادي
الحوار المتمدن-العدد: 4049 - 2013 / 4 / 1 - 10:51
المحور:
الادب والفن
فضيحه في بيت فريال
(15)
- تفضل اجلس
اشار الدكتور ناظم الى كرسي قريب منه ..كان جالسا خلف المنضده الواسعه في احدى زوايا غرفه الاساتذه ..توجهت نحو الكرسي الذي يقع بجانب المنضده وجلست وانا افرك كفيّ بتوتر..انا متوتر جدا , الدكتور ناظم يبدو هادئا .. حرك نظارته الى اعلى ووراح يمسح مابين عينيه بسبابته وابهامه ..انها عاده ملازمه له , اعاد نظارته وراح يتطلع لي بتركيز وقال:
- اظن ناجي اخبرك بكل شئ كما اخبرني ؟
-نعم
استأنف حالا:
-وماذا نويت ان تفعل ؟
- ناجي يقول اني لا استطيع فعل شئ الان .. ربما سأنتظر و...
قاطعني بحزم :
-وماذا تنتظر ؟
- يعني ..... ما يقرره الاستاذ المعاون
صمت برهه وهو ينظر لي باستغراق ..المح في نظرته خيبه امل ..او شئ يشبه التقريع .. ثم سألني :
- اترغب مني المساعده فعلا ؟
- انا اتمنى ذلك ..
تابع بنظره جاده ..حاده :
-حسنا اخبرني عما جرى ..وبصدق
شعرت ببعض الخوف من كلامه ونظرته ..قلت مترددا :
-لا ادري ..ما يعني الاستاذ
رأسا قال :
-علاقتك بفريال
اضطربت لذكرها ..عصرني الالم مجددا حين اذكر صوره وجهها الذي شوهته يداي ..اني حائر , هل اخبره عن كل شئ ؟ استسخف الفكره ...وفريال ..هل تقبل ذلك مني ؟ اطرد الفكره ..او احاول ..لكنه يعلم , ناجي اخبره ,الكليه كلها ستعلم , ما فائده سكوتي الان ..ربما يستطيع مساعدتي ..بل سيساعدني , اني متيقن من ذلك ..مكانته في العماده ...سيحل المشكله , و ... تعود فريال ..يا الهي اتمزق حين اذكرها هاربه الى بغداد ..اني مشتاق لها جدا ..الدكتور يتطلع في ّ ...ينتظرني ..سأخبره بكل شئ ..دون التفاصيل ..سأراوغ في حديثي .. لا بد من ذلك ..قلت بتوجس :
-اني ..اني اعترف ان لي علاقه بالسيده فريال , لكنها ليست علاقه سيئه , كل ما في الامر اننا متقاربون اكثر من اللازم قليلا ..
وبحزم ايضا ..قال :
-ايمكن ان توضح اكثر ..
- يعني ,قد تحصل بيننا لقاءات في النادي او السوق ..المطعم ..يعني لا ..
- وفي بيتها ايضا ؟
-نعم
-وماذا بعد ؟
ادركت انه يشير الى شكوى الجيران لسماعهم الصراخ .. وشك المعاون في ذلك ..
- يعني .. حدث لي شجار معها , في بيتها , لكني خرجت بسرعه .. وسمع الجيران صوتها ..فظنوا اني ما زلت موجودا في البيت ..
اتراه عذرا مقبولا .. لا استطيع الجزم , لكن علي التعلق به .. ربما يفيدني بشئ ... ربـــــاه ..اني متضايق ..ما هذا .. ما الذي يحصل معي ..أأنا اول شاب في الدنيا ذهب مع امرأه الى بيتها .. أأنا فقط دون خلق الله له علاقه بامرأه .. جلس معها .. حدثها .. خرجا سويه .. اكلا في مطعم .. ماذا يجري .. معظم الطلبه عندهم علاقات عاطفيه .. بعضها مفضوحه واخرى مستوره .. لا احد يتكلم عنهم .. لكن ..جائني صوت الاستاذ:
- الجيران حسب قول ناجي يؤكدون ان الصراخ وقع وانت داخل البيت ..!.
ثم تابع كأنه يقطع عني اي محاوله للتعلق بهذا العذر :
-وعلى كل حال فأن هذا العذر غير مفيد الان , ما دامت فريال غائبه عن الكليه , وجودها هنا الان قد يغير الموضوع كليا .. المعاون يشك ان ثمه امورا حصلت لها ومنعتها من المجئ للكليه .. وقد يبدر منه تصرف ليس من صالحك ولا صالحها ..
- كيف ؟
- ينقل الشكوى ووصف الجيران للحادثه الى المخفر ..
سألته بفزع:
- اله الحق بذلك ؟
اجاب بثقه :
-بل ربما هذا من واجبه .. لا تنسى انها موظفه هنا
كان يتفرس في وجهي ليرى تأثير كلامه علي ..ثم سألني :
- هل صحيح انها غادرت الى بغداد ؟
اجبته على الفور :
- نعم هذا ما حصل فعلا
- اليس لديك عنوانها هناك ؟ رقم هاتفها..؟
قلت وانا انكمش الما لذكرها :
- اقسم اني لا اعرفه
- الا تستطيع معرفته بطريقه ما ؟
بدأت اقلق .. اني استطيع ذلك طبعا ..نوال ستدلني ..سأقنعها بسهوله ..ربما فريال طلبت منها ان تدلني اذا طلبت منها العنوان .. اني مشتاق جدا لفريال ...اريد ان انتهي من هذا الموضوع ..قلت :
- ربما .. ربما استطيع ذلك
- قال بسرعه
- حسنا جدا , انا اطلب منك الان الاتصال بها باسرع وقت لاقناعها بالحضور للكليه .. ستفعل ذلك طبعا ..
قلت وانا متحير :
-لكن ..الان ؟ كيف ؟ ..كيف سأغادر الان ؟ والمعاون .. والقضيه ..كيف اترك كل ذلك ؟
قال بهدؤ :
- لا عليك ..لا عليك ..ساتدبر انا الامر وسيكون كل شئ على ما يرام انشاء الله .. المهم ان فريال تأتي للكليه باسرع وقت .. وجودها الان سينهي كل الشائعات والشكوك التي ستبدأ بالظهور هذه الفتره .. فكر في ذلك واتكل على الله
ثم انهى حديثه بالقول
- اتمنى لك التوفيق
خرجت الى باحه الكليه وانا استنشق الهواء بعمق ..اشعر ببعض الراحه لاني سأسافر الى بغداد ..استنجد الخلاص من هذا الكابوس .. والاحتفال برؤيه فريال ...كم انا مشتاق لها الان ..لنظراتها التي تنسكب حنانا ورقه ..لحديثها الصبياني ..لكنه رزن ومرتب .. لكل ما فيها ..ابحث عن كاظم , يجب ان اخبره .. ناجي يلمحني من بعيد , يأتي نحوي مسرعا , يصافحني وهو يسألني :
- ها ماذا حصل ؟
- قابلت الدكتور ناظم
- وماذا قال لك ؟
-قال انه سيدبر الامر ..ولا ادري بعد ذلك
-الم اقل لك .. ان الدكتور ناظم متفهم جدا .. وسيساعدك بقوه ..لكن هل طلب منك عمل شئ ؟
-طلب مني اقناع فريال بالحضور للكليه
-وهل تستطيع ذلك ؟
- ربما
- وماذا تنتظر ؟ اسرع فالوقت ليس في صالحنا
- ولكن الدوام !! .. وكاظم ..اني
-لا عليك بالدوام سأخذ لك اجازه .. وكاظم ماشأنه ؟ أتريد منه شئ؟
- لا شئ اريد فقط اخباره اني مغادر الى بغداد
-سأخبره انا ..هيا الان ..بالسلامه
-حسنا ..الى اللقاء .. ولكن ارجوك اخبر كاظم بذلك
- طبعا طبعا ..هيا الان
سرت مسرعا لخارج الكليه ..لا ادري لماذا اشعر برغبه قويه لرؤيه كاظم ..يبدو اني تعودت اشراكه بهمومي ..ربما احببت ان اوصيه بما يفعل لو اتت فريال اليوم او غدا .. على اي حال لا بد من المضي الان الى بغداد ..احس بالفرح وانا اذهب اليها ..اراها ..اني محتاج لها الان اشد من حاجه الطفل الى امه حين يقرصه الالم ..اخدت تكسي , واتجهت الى منزل فريال , فكرت وانا في السياره بما عسى ان يكون شكل نوال وهي تقابلني ..ربما ما زالت غاضبه ..كلا ليست غاضبه ..ستعطيني العنوان ..ربما ترفض .. لا ..لا.. انا واثق انها لا ترفض .. لماذا ترفض ؟ ها نحن نصل الان ..نزلت من السياره واتجهت نحو البيت ..شئ من القلق والتوجس .. هناك حنق يدهمني وانا اتطلع لبيوت الجيران ..ترى من اي بيت اتصل هذا النذل ..وصلت البيت ..طرقت الباب ...مرت لحظه .. طلت نوال من خلال فتحه الباب ..انها تبتسم لي ..ليست غاضبه ..المح في عينيها شئ من العطف ..ابتسمت لها وانا احييها ..ردت التحيه بابتسامه ارق واكثر نعومه ..عيناها تسألني قبل شفتيها ..انها تغمرني بنظره صارخه كأنها تتوثب للنفوذ في كل اجزائي لمعرفه ما هو مجهول في اعماقي الوحشيه والخائفه في ان واحد ..قلت لها وانا اتعمد الهروب من نظرتها :
-العفو نوال , ايمكن ان تدليني على عنوان فريال في بغداد ؟
- الاتتفضل الان ؟
-كلا , كلا اني مستعجل , سأغادر الى بغداد الان ..لدي شغل مهم مع فريال
ابتسامتها تتسع ..وعيناها تبرق بدهاء
- وهل اعطيك العنوان هنا ؟ تفضل ادخل وسأحضره لك
لم اجد ملاذا من الاستجابه لها , لم يعد البيت غريبا عني ..ولا ارغب ان يراني احد الجيران هنا الان ..مرقت للداخل ..نوال تسير امامي ..تفاصيل ظهرها تصفع عيني ..ظهرها جذاب ..رشيقه ... الرغبه تتثاوب داخلي .. تفرك عينيها .. وتشد مفاصلها ..تتمدد .. تستيقظ من سباتها ..تحارش الوعي كي يجمد جديته قليلا ويسرح في عالم الخيال البرزخي الــــ.... لا لا لا ..احني رأسي بعنف ..احنق على هذا المارد الخائن الذي يريد اختطاف برائتي .. رباه .. هل استطيع خيانه فريال الان وبعد كل الذي حصل لها بسببي؟؟ ..اني فعلا اخونها بنظراتي هذه ..اني العن نفسي ..العن تلك الرغبه النتنه التي تنز على كل نبض لتشحذه بوحشيه مقيته , لا ..لن استجيب لها ..نوال تقف وسط الهول ..تشير الى احدى الارائك وتقول بتودد:
- تفضل
اتجه للأرئكه وارمي نفسي جالسا , محني الرأس .. مازلت خجلا من تلك النظره الخائنه .. حانقا
-اتريد شاي ؟
نوال تسألني
-كلا .. لا شئ , ارجوك ..جئت فقط لمعرفه عنوان فريال ..سأذهب لها حالا
نوال تتجه نحو الاريكه المقابله لي , تجلس عليها ..ما زالت تبتسم لي بعطف ... تسألني :
- ماذا جرى ؟
اجبتها بسرعه كي اطرد عنها كل قلق :
- لا شئ .. لاشئ على الاطلاق ..انا فقط اريد التحدث معها في امور ..يعني..
بدت منها ضحكه قصيره .. ثم قالت وهي تبتسم بشراهه:
- لا اقصد ذهابك الان ..اقصد اول امس , حين جئت مع صديقك لرؤيه فريال
يسحقني الالم وانا اتذكر تلك اللحظه قلت بحشرجه :
- اوه .. لا شئ ..فقط اغمي علي
بدأت تضحك وهي تحاول تهويل ما جرى :
-لكنهم حملوك ..كنت فاقدا تماما ..
الم ..الم .. ضيق .. يجتاحني .. يطوقني .. يخنقني ..لماذا تتكلم نوال بهذا ؟ .. انها تعذبني .. الا تعلم بذلك ؟ اتطلع لها بدهشه .. ربما لا تقصد ذلك ..ربما تتسلى فقط ..لكنها ...قلت بوجوم :
-نعم نعم , اخبرني صديقي بذلك
وفركت كفي كالمتضايق من الحديث ثم قلت لها :
- ارجوك نوال , اني مستعجل
نظرت لي باستغراق , سكتت عن الضحك ..بدت كأنها تريد فهم ما يدور في ذهني ..ليست حاذقه مثل فريال ..(فريـــــــال ) .. اللعنه ..كم تلسعني الحسرات المسعوره ..حي ن اسرح بخيالي في صوره وجهها ونظراتها ..اني مشتاق لها بشكل لا يصدق الان ...اريد رؤيتها اليوم ..نوال تسألني :
- ايضايقك حديثي معك ؟
- كلا كلا , لكني فقط مستعجل
نهضت مستنده على يديها وهي تقول :
-حسنا .. سآتيك به
خرجت من الهول .. مرت لحظات وانا جالس لوحدي , احاول استعاده ما قاله لي الدكتور ناظم .. ان كلامه طمأنني .. اشعر ببعض الراحه , لا شئ سيحدث ..انا سعيد لاني سأرى فريــــــ.... لا .. لا اريد التفكير كثيرا , تعبت من التفكير , كل شئ على ما يرام , على الاقل الان , ها هي نوال قادمه .. تحمل ورقه بيدها .. استقبلها واقفا .. امد يدي لأخذ الورقه ..لكنها سحبت يدها ..ارجعت يدي ..نظرت اليها مستغربا ..انها تبتسم بشبق ...ترفع الورقه الى شفتيها ..تلامسها بشفتيها .. ثم تمسح بها عليهما.. لا افهم ما يجري , لكني ابتسمت لها ..قالت بابتسامه متحرشه :
-الا تخبرني لماذا فعلت ذلك بفريال ؟
الضيق يجتاحني من جديد ... لماذا تفعل نوال ذلك ؟ اني لا افهمها ..لا افهمها ابدا الان ..قلت بتوسل :
- نوال ..ارجوك , في وقت اخر
تابعت بلا مبالاة
- لكنك كنت مفزعا , لقد افزعتني ,وارعبتني
قلت وانا ارثي لحالي :
- انا اسف ..اسف جدا نوال ..لم اسيطر ساعتها على نفسي
انها تحس بي الان ..الحمد لله , ادركت ما يحل بي حين اتحدث عن ذلك اليوم المشؤوم ..
- ايضايقك الكلام عن ذلك اليوم
-نعم .. بعض الشئ
-حسنا ..لن اتكلم اكثر ..خذ العنوان .. وارجوك بلغها سلامي واسألها عن موعد رجوعها هنا , انا قلقه عليها
استرحت اخيرا لهذا الانفراج
-حسنا ..سأبلغها ..عن اذنك ..
- الا تقرأ العنوان .. ربما لا تستطيع فك خطي ..فهو سئ للغايه
قالت وهي تضحك بتنهيدات متتابعه..نظرت الى العنوان ..(بغداد - الكاظميه - منطقه المحيط - قرب مستشفى الكاظميه الجمهوري - وقم الدار 56 الزقاق الرابع - بيت السيد ابو نضال ) قلت بثقه:
- تمام .. خطك احسن من خطي
- لا تجامل ..لا احب الشخص المجامل
-لا .. اكيد , خطك جميل
واتجهت للباب الخارجي , وقبل الخروج قالت لي وهي تلصق ظهرها على حائط الممر المقابل لي وترمقني بنظره دلال مستفزه :
- من حق ..ايمكن ان اسألك سؤال اخير ؟
- تفضلي
قالت وهي تهز كتفيها وتتلمظ بشفتيها بشقاوه متحفزه :
- يعني ... هل حصل شئ بينك وبين فريال ..؟
لمحت عينها تغمز بطرفه رمش خفيفه .. وفهمت ما تعنيه ..لكني لم امتلك سرعه البديهه للجواب على هذا السؤال الجرئ جدا , فاحنيت رأسي خجلا وتمتمت وانا ابتسم بخجل
- اظن ذلك ..
ثم ادرت وجهي وخرجت .... و ...الى بغداد
#جاسم_البغدادي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟