أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي - خالد الصلعي - حركة 20 فبراير : المنزلقات الموضوعية















المزيد.....

حركة 20 فبراير : المنزلقات الموضوعية


خالد الصلعي

الحوار المتمدن-العدد: 4009 - 2013 / 2 / 20 - 16:41
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي
    


حركة 20 فبراير : المنزلقات الموضوعية
****************************
منذ نشوئها على خلفية الثورات العربية التاريخية غير المسبوقة في العالم العربي منذ بداية تاريخه الممتد عبر أكثر من 14 قرنا ، استطاعت حركة 20 فبراير أن تخلق دينامية جديدة في أفق نضال الشعب المغربي .
واذا كانت ثورة تونس قد استطاعت ان توحد بين قواعد الشعب التونسي على اختلاف أطيافه ومكوناته ، بالنظر الى طبيعة النظام البائد الذي ركز دواليب السلطة وتصريفها في عائلة السيدة الأولى للجمهورية ، في حين تم اقصاء جميع الشرائح الاجتماعية من رهانات السياسة والتنافس الاقتصادي والانتفاع من خيرات ومقدرات البلاد . ولعل هذا ما يفسر التفاف الشعب التونسي حول جذوة الثورة واحتراقهم بوهججها ، دون اغفال تلك الشرارات الأولى التي أشعلها شباب المواقع الاجتماعية ، تمهيدا عفويا وتلقائيا لثورة كانت في طور الكمون في نفس كل تونسي .
لكن الأمر سيأخذ بعدا آخر في مصر التي كانت قد راكمت تجربة طويلة الى حد ما ، فيما يعرف بالحراك الاجتماعي ، كما هو شأن حركة كفاية التي ضمت زبدة من المثقفين العضويين الفاعلين ، وحركة 6 أبريل التي تمثل نخبة من الشباب الفاعل في الحقل الحركي عبر تعبئة الجماهير ضد كل أشكال الانحراف التي انخرطت فيها مؤسسات الدولة . فكان انتقال جذوة الثورة التونسية الى مصر بمثابة النار التي تسري في الهشيم بشكل طبيعي وانسيابي . واستجابة وجدانية لهذه الثورة غير المسبوقة في الوطن العربي جميعه.
وتوالت الثورات في معظم الدول العربية ، وان بنسب مفاوتة . وقد كان الشعب المغربي في الموعد حين أعلن عن تفجير شكله الاحتجاجي ، الصورة المصغرة للثورات التي انطلق أوارها ومفعولها في مجموعة من الدول العربية ، اذ ان زمنية انطلاق بعض الثورات العربية لا تتعدى أسبوعا ، كما هو حال الثورة الليبية والثورة اليمنية ، وحركة 20 فبراير المغربية . وعلة سرعة هذا السريان في الجسد الشعبي العربي ، هو الثورة التقنية والأدوار الرائدة التي لعبتها بعض القنوات التلفزية .
واذا كانت تلك الثورات قد حققت الجزء البسيط من مطامحها المشروعة ، فان حركة 20 فبراير المغربية سرعان ما خبا ضوؤها ، وانحسرت في جزء يسير من مناضليها . لكنها رغم ذلك حاولت جاهدة ان تحافظ على وجودها ولو في زاوية قصية من ركن البيت النضالي المغربي .
فقد كان النظام المخزني المغربي من الأنظمة القليلة التي أبانت عن قدرة هائلة على الالتفاف على هذه الحركة الوليدة . فبعد عشرين يوما بالتحديد سيتقدم ملك المغرب بمشروع تعديل الدستور الذي ضمنه بعضا من مطالب الحركة ، كاشارة واضحة الى مسايرة القصر لنبض الشارع عبر احتواء بعض مطالبه والالتفاف على المطالب الأخرى ، دون أن يخسر ولو جزءا قليلا من احتكاره للميادين المصيرية التي يتحكم فيها ، كالسياسة والاقتصاد والدين .
لكن حركة 20 فبراير خسرت تقريبا كل شيئ ، خاصة وأن أقوى تنظيم ومكون اختار أن يغادر قطار الحركة بعد أول انطلاقة ، وهو ما أربك توجهاتها الكبرى ، وأفرغ حمولتها الشعبية من عنصر كان بالامكان أن يوصل أهداف الحركة الى مبتغاها . فجماعة العدل والاحسان وفي خطوة مفاجئة وغير مفهومة قررت دون سابق انذار الانسلاخ عن جسد الحركة والتقوقع في شرنقتها ، متعللة بمجموعة من الأسباب التي لا تصمد أمام القراءة السياسية المعمقة ، وأمام صيرورة النضال الطبيعي للشعب المغربي وطموحه المشروع في اسقاط كل تمظهرات ومظاهر الفساد المستشري في دواليب الدولة من أخمص رجليها الى ما فوق شعر رأسها .
فالاحتجاج بتسلق تنظيمات حزبية قزمية والسيطرة على هيكل الحركة هو تعليل صبياني وأناني ، لأن الأمر لا يتعلق بحساسية ونرجسية تنظيم ما ، بقدر ما يتعلق بمستقبل شعب بكامله وحضارة قائمة في صلب الجغرافية الكونية . كما أن التعلل بالسقوف المطلبية لا يفسد للود قضية ، اذ يمكن لكل فصيل أن يترجم شعاراته عبر اتفاق مبدئي شامل ، في أفق امتصاص رعونة بعض التيارات . أما التعلل باحتواء المخزن لبعض التيارات ومحاولة جر الحركة الى براثينه الخبيثة ، فهذا يعد من ابجديات التدافع السياسي بين جميع القوى الحية في أي مجتمع حيوي . وهو من المسلمات التي لا يغفلها تنظيم العدل والاحسان .
وهناك من يرى أن الحركة افتقدت منذ البداية لحطبها الطبيعي ، وهو الطبقة الوسطى التي أصبحت في حكم العدم ، ولم يعد لها وجود في المجتمع المغربي ، وهذا نظر حسير ، لأن القاعدة الجماهيرية التي انطلقت منها الحركة في أشهرها الستة الأولى كانت في غنى عن انتظار تكوين طبقة وسطى ماديا ، مادام أن المشاركين أغلبهم من الطبقة الوسطى فكرا ومطلبا .
بيد أن أهم ما غفله المحللون في انحسار وهج حركة 20 فبراير ، هو افتقادها للتراكم الحركي بالمفهوم التفاعلي . فمعلوم أن الجهات الموكول لها تأطير الشعب في المغرب دستوريا هي التنظيمات السياسية والهيآت أو المنظمات المدنية ، التي لا تكاد تراها العين المجردة الا باستعمال المجهر . بالاضافة الى ارتهانها كلها الى أجندة المخزن ، اما مباشرة ، كما حدث مع حزب الاتحاد الاشتراكي ، أو مناورة كما يحدث مع بعض الأحزاب الصغيرة ذات القاعدة النخبوية أسيرة يوطوبيا الايديولوجيا البائدة الميتة .
وهنا لا بد من الوقوف عند البنيات الذهنية للمجتمع المغربي ، باعتباره مجتمعا منغلقا على ترسبات علائقية ، يتحكم المخزن بأريحية عالية في تطويعها لصالحه ، كلما هجست ارادة ما باللعب خارج ملعبه الضيق .
والأمثلة في هذا الشأن كثيرة ، كان آخرها انفراط عقد حزب الاتحاد الاشتراكي واحداث زلزال ليس من الهين توقيف تداعياته على المدى القريب ، كما يمكن الاشارة الى حصار أكبر تنظيم سياسي مغربي ، وتجميد نشاطاته ، الا فيما انحصر في دوائر اضيق بكثير من حجمه الواقعي . أما الأحزاب اليسارية الراديكالية كالنهج الديمقراطي ، أو تلك الاسلامية التي حاولت الدخول للعبة السياسية حسب رهاناتها الذاتية كحزب الأمة ، فرغم صغر حجمها ، فقد اعتمد المخزن سياسة التحجيم والتقزيم الى درجة أن أخبارها لا تكاد تتابعها الا بين بعض أعضائها الخلص .
في حين عملت جميع الأحزاب باستثناء حزب الاتحاد الاشتراكي ، على تمييع هوامش العمل السياسي وحقوله الحيوية ، من ثقافة وفن وتأطير ، وتكوين ، ومواكبة التطورات الكونية على جميع الصعد ، مما أفرز جيلا من الخصاء الفكري ، وأجهض تجربة التفاعل السياسي التي كان قائدها بلا منازع حزب الاتحاد الاشتراكي قبل دخزله تجربة- التناوب الديمقراطي - المفترى عليه .
في هذه الظروف ، لا يمكن أن ننتظر من حركة وليدة ثورة اقليمية ، ومتأثرة وجدانيا ،أكثر مما أعطته وأنتجته ، وان كانت جميع أسباب نشأتها كامنة في ذاتها ، الا أن الذات حين لا تعقل ممكناتها وقدراتها ، تنحرف بالضرورة عن الأهداف المعلنة هنالك .
فمن أهم الملاحظات التي يمكن مؤاخذة حركة 20فبراير عليها ، هو ذلك الصراع حول القيادة والتوجيه ، وصياغة منهج الحركة ، الذي لا يمكن الا أن يكون منهجا توافقيا متفقا عليه ، بيد ان منطق الاملاءات ، والتبعية لجهات هي في الأصل ضد وجود مثل هذه الحركة ، كالأحزاب الرسمية ،التي تعتبرها حركة قد تفضح تواطآتها المعلنة ، أو الأحزاب المسيجة في دوغمائيتها المتكتلة حول أعضاء بعينهم ، التي وجدت فرصة ذهبية لاثبات وجودها ، أو تنظيم العدل والاحسان الذي حاول اغتنام فرصة الانصهار بالشارع لكي يتغلغل أكثر في عمقه ومداه ،هي المسؤولة عن تشرذم باقة الحركة ، وعودة الجميع الى قواقعهم .
فالخيط الناظم بين جميع مكونات حركة عشرين فبراير ، سواء ذات الكتلة العددية ، أو تلك المنحسرة في نخبتها الضيقة ، أو ذات النفس الانتهازي التي تتغذى على التلاعب بمشاعر المواطنين الفاقدين للوعي السياسي ، قلت الخيط الناظم بين هذه المكونات هو الرغبة في الهيمنة والاستحواذ على حركة ذات طبيعة جماهيرية ، وقيادتها حسب هواها وأجندتها ، غافلة تربص النظام بمثل هذه التجارب ، وهو الذي سارع الى الالتفاف عليها بتنازله التكتيكي عبر اعلانه تعديل الدستور ، فضلا عن تغلغله في مجموعة من المكونات التي أخذت مواقع متقدمة في بعض المدن ، مما سهل عليها تحريف أهدافها عبر رفع شعارات عشوائية وفارغة قياسا بطبيعة الحقل السوسيوسياسي ، وتجاوز السقوف الممكن الوصول اليها عبر مراحل من النضال العقلاني والحقوقي .
من هنا يمكن أن نستشف أن تلك الأحزاب والتنظيمات لم تدخل ولم تنخرط في حركة 20 فبراير من أجل الدفع بحركية المجتمع المدني ، وخلق تجربة فارقة في صيرورة التطور الاجتماعي المغربي ، لتأسيس منظور ذي بعد مطلبي سياسي جديد ، بقدر ما ارتهنت لدوائرها الضيقة ولأجنداتها الشخصية ، كما عودتنا التجارب الشخصية لمجموعة من الزعامات والفاعلين المغاربة طول مسيرتهم السياسية .
لقد عجز الجميع عن التنازل ولو قليلا ،عن بعض النرجسية الذاتية ، والتنفج الايديولوجي ،والنزول من أعلى البرج الافتراضي الى واقع ما يزال عذريا في جانبه الحركي ، باعتباره نشاطا اجتماعيا مدنيا ، لا علاقة له بالأحزاب ، الا بعد تحقق اشباع نضالي يأخذ بعده الرمزي والحضاري .



#خالد_الصلعي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عيد ميلاد ديكتاتور
- أبحث عن امرأة ثائرة
- محاولة محاصرة وقائع جناية
- الثورة السورية تكشف حقيقة أوباما
- استراتيجية البلد العشوائي
- أمطار الجحيم -23- رواية
- كان الشعر ولا يزال...
- منتعلا أملي أمشي
- الرويبضة...وضرورة الحسم
- الاغتيال السياسي والرهان الخاسر
- أمطار الجحيم -22- رواية
- الغيب ليس من شأننا -قصة قصيرة -
- المواطنة بالوصاية
- أمطار الجحيم -21- رواية
- موت حزب الاتحاد الاشتراكي
- وصايا للغراب
- نضج الثورة المصرية
- أمطار الجحيم -20- رواية
- أمة جاوزت مدة حمل حلمها
- الفساد حالة طارئة


المزيد.....




- جعلها تركض داخل الطائرة.. شاهد كيف فاجأ طيار مضيفة أمام الرك ...
- احتجاجات مع بدء مدينة البندقية في فرض رسوم دخول على زوار الي ...
- هذا ما قاله أطفال غزة دعمًا لطلاب الجامعات الأمريكية المتضام ...
- الخارجية الأمريكية: تصريحات نتنياهو عن مظاهرات الجامعات ليست ...
- استخدمتها في الهجوم على إسرائيل.. إيران تعرض عددًا من صواريخ ...
- -رص- - مبادرة مجتمع يمني يقاسي لرصف طريق جبلية من ركام الحرب ...
- بلينكن: الولايات المتحدة لا تسعى إلى حرب باردة جديدة
- روسيا تطور رادارات لاكتشاف المسيرات على ارتفاعات منخفضة
- رافائيل كوريا يُدعِم نشاطَ لجنة تدقيق الدِّيون الأكوادورية
- هل يتجه العراق لانتخابات تشريعية مبكرة؟


المزيد.....

- عن الجامعة والعنف الطلابي وأسبابه الحقيقية / مصطفى بن صالح
- بناء الأداة الثورية مهمة لا محيد عنها / وديع السرغيني
- غلاء الأسعار: البرجوازيون ينهبون الشعب / المناضل-ة
- دروس مصر2013 و تونس2021 : حول بعض القضايا السياسية / احمد المغربي
- الكتاب الأول - دراسات في الاقتصاد والمجتمع وحالة حقوق الإنسا ... / كاظم حبيب
- ردّا على انتقادات: -حيثما تكون الحريّة أكون-(1) / حمه الهمامي
- برنامجنا : مضمون النضال النقابي الفلاحي بالمغرب / النقابة الوطنية للفلاحين الصغار والمهنيين الغابويين
- المستعمرة المنسية: الصحراء الغربية المحتلة / سعاد الولي
- حول النموذج “التنموي” المزعوم في المغرب / عبدالله الحريف
- قراءة في الوضع السياسي الراهن في تونس / حمة الهمامي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي - خالد الصلعي - حركة 20 فبراير : المنزلقات الموضوعية