أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الثورات والانتفاضات الجماهيرية - خالد الصلعي - نضج الثورة المصرية















المزيد.....

نضج الثورة المصرية


خالد الصلعي

الحوار المتمدن-العدد: 3986 - 2013 / 1 / 28 - 02:18
المحور: الثورات والانتفاضات الجماهيرية
    


نضج الثورة المصرية
*************
تخليد الذكرى الثانية لثورة مصر المجيدة ، هو في حد ذاته اشارة الى استمرارية عنفوان الثورة بوتيرة أخرى بأسلوب آخر ، وبأدوات جديدة . ولعل هذا يقودنا ضرورة الى تذكيرنا بأم الثورات ، وهي الثورة الفرنسية التي يرى بعض المؤرخين والباحثين أن عمرها يمتد زهاء قرن من الزمن . وخلال هذا القرن حدثت تحولات ومعارك ، منها عودة الملكية في فترات متقطعة ، واعتلاء نابليون الثالث ، عرش الامبراطورية الفرنسية عبر استفتاء ديمقراطي سنة 1848 ، لتتحول فرنسا الى دولة أكثر استبدادا وطغيانا ، خاصة وان الامبراطور استبدل اسمه من "شارل لوي " الى نابليون الثالث . وما يهمنا هنا هو أن نابليون الثالث قد تولى السلطة عبر استفتاء شعبي ، ولم يستول على الحكم ، لكنه انقلب على الشرعية الشعبية واستفرد بالحكم ضد طبيعة الشياء وارادة الشعب ، مما مهد الأمر لدخول فرنسا في طور جديد من الفوضى ، وبعث في المواطنين جذوة الثأر من مختطف السلطة عبر طرق لا ديمقراطية ، هي نفسها التي نعيشها في بلداننا العربية اليوم ، تزوير ، شراء ذمم ، ترهيب ،قبلية وعصبية ، وما الى ذلك من الفيروسات القاتلة للعمل السياسي الديمقراطي ، الذي يحول البلاد ، اثر ثورة ما من السيئ الى الحسن ، ومن الديكتاتورية الى الديمقراطية ، ومن الاستفراد بالحكم الى التشاركية .
صيرورة الثورة لا تقف عند محطة تثبيت رئيس ما على رأس هرم السلطة ، كما قد يتبادر الى أذهان الكثير من المواطنين العرب والمحللين ، والا فان ذلك يعد انقلابا شعبيا ، اذا جاز التعبير . وهذا ما يجتره الكثير من ذوي النوايا الحسنة . فهتلر نفسه جاء عبر صناديق الانتخاب ، كما أن العنصري النمساوي يورج هايدر الذي تسلم حزبه حكم النمسا في ائتلاف حكومي مع حزب الشعب ،اضطر للتنازل عن قيادة الحزب والبلاد بعد أن اتخذت أوروبا ضده مواقف صارمة . وهو الذي أحدث ثورة في المفهوم السياسي الأوروبي بارتكازه على نبذ كل ما لايمث بصلة الى العرقية النمساوية الخالصة بما في ذلك الأوروبيين أما المهاجرين العرب والأفارقة ،فان رأيه فيهم مشهور .
فالثورة في مفهومها العام ، قد توصل غير المرغوبين فيهم ، ومن لايخدم أهدافها ، لكن استمراريتها ، تؤدي بها حتما ، بالمفهوم العلمي للحتمية الى جب وشطب ما لايتوافق وطموح الشعب ، لتثبيت أهداف وأحلام الشعب .
الثورة في جميع تعبيراتها التداولية ، كثورة البركان مثلا ، فهي ناشئة عن تفاعلات فيزيائية باطنية لمجموعة من عناصر الأرض ،بفعل درجة من الحرارة ، مما يجعل الماجما بفعل الضغط الحراري التفاعلي الكبير تصعد الى الأعلى ، محدثة تشظيات قوية من اللافا . انه نفس سلوك الثورة البشري ، الذي يضاف اليه سمات الوعي والارادة والطموح ، كمواد باطنية غير مدركة ، لكنها حين الفعل ورد الفعل ، تطفو بشكل لا ارادي الى فوق قشرة الوعي ، فتأخذ الثورة بذلك بعدها الانساني ، الذي لا يمكن التنبؤ بجميع تحولاته وتفاعلاته ، لشدة تعقيد الظاهرة الاجتماعية .
وعند استحضارنا للثورة المصرية البهية وتفاعلاتها الراهنة ، يجب أن نستحضر ثورتين ، ثورة عمال حوض "غدانسك " ببولاندا بقيادة الشاعر ليش فاليسا ، الذي سجل اخفاقا منقطع النظير في تجسيد أحلام ثورة البولانديين ، مما جعله يترك السلطة في أل تجربة انتخابية . وثورة أوكرانيا البرتقالية التي منيت هي أيضا بفشل ذريع .ولقراءة أسباب فشل هاتين الثورتين وجب استحضار كل الحيثيات التي صاحبت نجاحهما المشبوه ، فالغرب كان وراء دعم نجاحهما البراق ، ولم يكن نجاحها ناتجا عن تفاعل داخلي محض ، كما حدث في مصر .
فمعلوم ، وهذا ما سجله التاريخ أن تجربة مصر الثورة ، كانت تجربة مصرية مائة في المائة ، الى درجة أنها أربكت جميع المعادلات الاستخبارية الغربية ، بما في ذلك الموسومة بالدقة والعمق كالاستخبارات الأمريكية ، فقد وقع اجماع من قبيل كل المتتبعين أنها صدمت بعفويتها وتلقائيتها وجماهيريتها الادارة الأمريكية ، واربكت كل الحسابات الداخلية التي عملت على محاولة احتواء تبعاتها الاقليمية والعالمية بتنسيق مع أكثر من جهة استخباراتية بما في ذلك الاستخبارات الصهيونية ، لكن كما يقول علم الثورة ، يظل الشعب دائما أقوى من أي قدرات وقوات عسكرية ان التحمت حشوده في صف واحد ، وفي موقف واحد ، وفي هدف واحد . وهو ماحدث بالضبط في الثورة المصرية ، رغم ما حاول الاعلام العميل من تسويقه لوجوه تدعم النظام المنهار ، أو التخويف من سيادة الفوضى .
لكننا اليوم وبعد مرور سنتين على الثورة المصرية ، فاننا نلاحظ هذه الكثافة العددية من الجماهير الشعبية المصرية التي نزلت الى الشوارع ، يدفعها هدف واحد ، هو تصحيح مسار الثورة وتشذيب أغصانها المعوجة . وهو مؤشر واضح وقوي على أن الثورة المصرية لا يزال أوارها يغلي ، فمن سمة الشعوب الحية انها لاتكتفي بالوعود البراقة ، وبالجمل المرصوصة ببلاغة ، وبالايديولوجيا الوهمية مهما تعللت بنظم وضعية أو الاهية . فالمواطن يبحث عن العيش كما يقولون في مصر بلهجتهم الجميلة ، وعن الكرامة والحرية ، أما الايات القرآنية فهي موجودة في القرآن الكريم ، ولن توفر عيشا كريما ولا عيش /خبز .
فالثورة الحقيقية تعني التغيير الشامل أو الجزئي ، حسب درجة وعي الشعوب ، فالتغيير الشامل حصل في أم الثورات بفرنسا وعم عموم أوروبا الغربية ، والتغيير الجزئي حصل في ثورات عديدة ، كثورة الشيلي ، وثورة البرتغال واليونان .
فالتغيير يلزمه اندفاع العقليات والطموحات ، في اتجاه تحول عميق يلمسه المواطن العادي قبل النخبة . وقد أنتجت الثورة الشعبية المصرية ،شأنها في ذلك شأن الثورة التونسية ، نخبة تستطيع أن تقود الجماهير نحو آفاقها المشرقة ، بعد أن كان الشعب في طبقاته الدنيا هو مفجر الثورات العربية .
وهو ما يجعلنا نصل الى مرحلة العقلنة في الثورة المصرية ، وتبويب الأولويات ، وقيادة التطلعات من منطلقات أكثر متانة وعضوية ، وأكثر رسوخا فيما تعلق بربط المطالب الشعبية بالقواعد القانونية والحقوقية والفنية والأدبية ، انطلاقا من شرعية الثورة الطامحة الى تغيير السيئ بالجميل والواعد .
ولعل هذا ما يجعلنا نتفاءل خيرا في سيرورة الثورة المصرية ، خاصة وأن أخطاء كبيرة حدثت في عمق تطورها ، وهو ما قد تستفيد منه في المستقبل . فالتطور الطبيعي للأشياء يقتضي تتبع مساره التطوري الطبيعي كجميع الكيانات التي تخضع لمبدأ التطور . وحالة النضج هذه تبشر بما قد ينتظره الشعب المصري من أحلام وطموح ، كباقي الشعوب العربية الأخرى .



#خالد_الصلعي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أمطار الجحيم -20- رواية
- أمة جاوزت مدة حمل حلمها
- الفساد حالة طارئة
- ارحلوا عنا فقد تعبنا من مهازلكم
- أمطار الجحيم -19- رواية
- انتقام اليوطوبيا
- التفاحة لم ترث خطيئتها
- العاصفة والجعة -قصة طويلة
- اطار عام لقصيدة ما
- ورطة فرنسا ...مالي أو الكنز الدفين
- دعاء التماسيح
- مزامير صامتة
- خايف ومش خايف
- أمطار الجحيم -18- رواية
- الديمقراطية الانسانية -3-
- النوم صحوالروح في روحها
- الديمقراطية الانسانية -2-
- استسلام لا بد منه
- الديمقراطية الانسانية
- خطاب الانهزام ملامحا ولغة


المزيد.....




- الرئيس الجزائري يستقبل زعيم جبهة البوليساريو (فيديو)
- طريق الشعب.. الفلاح العراقي وعيده الاغر
- تراجع 2000 جنيه.. سعر الارز اليوم الثلاثاء 16 أبريل 2024 في ...
- عيدنا بانتصار المقاومة.. ومازال الحراك الشعبي الأردني مستمرً ...
- قول في الثقافة والمثقف
- النسخة الإليكترونية من جريدة النهج الديمقراطي العدد 550
- بيان اللجنة المركزية لحزب النهج الديمقراطي العمالي
- نظرة مختلفة للشيوعية: حديث مع الخبير الاقتصادي الياباني سايت ...
- هكذا علقت الفصائل الفلسطينية في لبنان على مهاجمة إيران إسرائ ...
- طريق الشعب.. تحديات جمة.. والحل بالتخلي عن المحاصصة


المزيد.....

- ورقة سياسية حول تطورات الوضع السياسي / الحزب الشيوعي السوداني
- كتاب تجربة ثورة ديسمبر ودروسها / تاج السر عثمان
- غاندي عرّاب الثورة السلمية وملهمها: (اللاعنف) ضد العنف منهجا ... / علي أسعد وطفة
- يناير المصري.. والأفق ما بعد الحداثي / محمد دوير
- احتجاجات تشرين 2019 في العراق من منظور المشاركين فيها / فارس كمال نظمي و مازن حاتم
- أكتوبر 1917: مفارقة انتصار -البلشفية القديمة- / دلير زنكنة
- ماهية الوضع الثورى وسماته السياسية - مقالات نظرية -لينين ، ت ... / سعيد العليمى
- عفرين تقاوم عفرين تنتصر - ملفّ طريق الثورة / حزب الكادحين
- الأنماط الخمسة من الثوريين - دراسة سيكولوجية ا. شتينبرج / سعيد العليمى
- جريدة طريق الثورة، العدد 46، أفريل-ماي 2018 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الثورات والانتفاضات الجماهيرية - خالد الصلعي - نضج الثورة المصرية