أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - خالد الصلعي - أمطار الجحيم -19- رواية














المزيد.....

أمطار الجحيم -19- رواية


خالد الصلعي

الحوار المتمدن-العدد: 3981 - 2013 / 1 / 23 - 03:09
المحور: الادب والفن
    


أمطار الجحيم - 19-رواية
******************
ما تعلمته من احتراقات الحياة ، لم أتعلمه من أول فيلسوف أثبت التاريخ أقدميته في فلسفة الشك .
بارمينديس لم يعلمني ، كيف أشك في ظلي ، وأتوهمه لقيطا يحصي أنفاسي ، عركت الحياة بكل تفاصيلها ، عشت حكاية الأمراء ، وكنت أميرا لشهر تقريبا ، ألوح بالنقود الورقيةوأرميها في الهواء ، يسرع المتلهفون والمتلهفات على التقاط الأوراق ، وهم لا يفطنون لكونهم قد انحدروا الى مرتبة الحصى والتراب ، تغزوني نشوة رؤية اللقطاء وهم يلتقطون ما أرميه ، هكذا كان يفعل هارون الرشيد ، والقذافي .كان القذافي يرمي بالدنانير وهو يركب سيارته الفارهة بدون غطاء في طريق يحفه الأفارقة ، يتسابق الفقراء على التقاط ما يرميه ملك الملوك ، وغبار عجلات السيارة يناوش وجهه ، فيأمر الساسي بنش الغبار عن وجه ملك الملوك ، تلك الحالة عشتها أنا بائع الخبز في ساحة تافيلالت .
جالست الوزراء ورأيت بأم عيني كيف يتم التصويت من طرف رجل واحد على ميزانية اقليم شاسع وسط اكثر من ثلاثين مستشارا ،
كتبت محضر رئيس جماعة وهو لا ينطق بكلمة واحدة صحيحة ، بينما الطاولة الطويلة التي يجلس على جنباتها أكثر من 25 مستشارا ، يصيخون السمع بكل انتباه الى رجل لا يقول شيئا ، بينما أنا كنت أحس أن الدم في عروقي يكاد يغلي ، وتخالجني فكرة أن أنقض على رئيس الجماعة الجاهل الذي لم تطأ رجله يوما باب مدرسة ، وأجعل هؤلاء الأكباش شهود عيان على جريمة حلال .
كتبت قصائد للملك ، للوطن ، للانسان ، للحلم ، رسمت الجنة بحروفي ، لكنهم دفعوني الى هاوية أعماق الجحيم .
غنيت ، وشاركت العالم أغانيه وأناشيده ، مزاميره وملاحمه ، لكنهم لجموا صوتي ، غير أني لم اسكت ، ذهبت الى البحر وصرخت كل أغاني البجع والسنونوات ..
ثم عدت من مكوك الغدر والبغض والحقد والحسد بسرعة خاطفة ، لأبيع الفواكه والخبز .
لكن الابداع والكتابة ، ملائكة تحرس الأنقياء مثلي ...
سرعان ما تأقلمت مع الأجواء الجديدة ، وأحسست بطمأنينة يحسدني عليها منافقوا البلاد وعاهروا الثقافة وزبانية الجحيم ..
هاهم الان يحقدون على كل أهل الحي ، يفبركون لهم القضايا ، يزورون المحاضر ، يدخلونهم السجون ، ينكلون بهم ، يجلسونهم على قنينات المشروبات الغازية فينفجر الدبر دما . حين قرأت أن أحد القاطنين بحيي أصبح بفضل الاعلام المصنوع من المخابرات رئيس جماعة سلفية تيقنت أن عصر النانو عندنا مؤشره أن يجعل المخزن من شاب لا يحفظ من القرآن ولو سورة متوسطة ، ولا يحفظ من الأحاديث النبوية حديثا واحدا صحيحا ، ولا يعرف عن ابن تيمية الا اسمه اذا سمعه . فجروا الحي بقنابلهم المسيلة للدموع والمرجفة للطمأنينة من أجل افراغ منزل من أهله . يحاكمون الشعب المظلوم على الرغم أن الجميع يعلم ويدرك ومتيقن أن المخزن هو الظالم .
كل شيئ أصبح واضحا كالشمس ،الدولة تسيرها عصابة من الغوغاء ، خبرت رجالها وعرفتهم كما خبرت نفاق الأصدقاء ، الغائبين والحاضرين ، اكتفيت برياء من أعرف ومن لا أعرف ، اغتصبت أنا كما لم تغتصب اي امرأة .، اغتصبت براءتي ، اغتصب شبابي ، اغتصبت حقوقي في الحياة ،في الاختيار ، في القراءة ،في الكتابة .....
وصرخت بأعلى صمتي كفى ، اريد أن أرى من الآن فصاعدا بعيني أنا لا بأعينكم ، وأسمع ما أصدقه أنا ، وليس ما تريدونني أن أصدقه ، واكتب ما أحسه أنا في وفيكم ، لا ما توهمونني به .
لم أنتبه كيف صار لي ثلاثة أطفال ، وكيف أصبحت ابنتي سمية بين عشية وضحاها ابنة التسع سنوات ،وأخوها بدر ابن الثامنة .
كثيرا ما أنظر اليهما وأضحك مستغربا ، وأتساءل ، هل فعلا هما ابناي أنا المغيب عن الوجود ظلما وحقدا ما ينيف عن ربع قرن ، كيف ؟ وأبتسم في وجه القدر ، في وجه المخزن في وجه رئيس الدولة ، في وجه القاضي ووزير الداخلية ، وجميع المخبرين اللقطاء، وأسخر من كل شيئ ، لم يعد لي شيئ أراهن عليه بعد أن خسرت كل شيئ ، سوى أن أقضي فائض حياتي في السخرية من كل شيئ...هذه أقصى درجات سعادتي الآن..



#خالد_الصلعي (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- انتقام اليوطوبيا
- التفاحة لم ترث خطيئتها
- العاصفة والجعة -قصة طويلة
- اطار عام لقصيدة ما
- ورطة فرنسا ...مالي أو الكنز الدفين
- دعاء التماسيح
- مزامير صامتة
- خايف ومش خايف
- أمطار الجحيم -18- رواية
- الديمقراطية الانسانية -3-
- النوم صحوالروح في روحها
- الديمقراطية الانسانية -2-
- استسلام لا بد منه
- الديمقراطية الانسانية
- خطاب الانهزام ملامحا ولغة
- طين جا.........طين جا
- النظام المغربي وواقع السياسة
- عصر الشعوب مرة أخرى
- السنة الماضية _1_
- البرلماني والمواطن وحقوق الانسان


المزيد.....




- -أقوى من أي هجوم أو كفاح مسلح-.. ساويرس يعلق على فيلم -لا أر ...
- -مندوب الليل-... فيلم سعودي يكشف الوجه الخفي للرياض
- الموت يفجع الفنانة اللبنانية كارول سماحة بوفاة زوجها
- وفاة المنتج المصري وليد مصطفى زوج الفنانة اللبنانية كارول سم ...
- الشاعرة ومغنية السوبرانوالرائعة :دسهيرادريس ضيفة صالون النجو ...
- في عيد التلفزيون العراقي... ذاكرة وطن تُبَثّ بالصوت والصورة
- شارك في -ربيع قرطبة وملوك الطوائف-، ماذا نعرف عن الفنان المغ ...
- اللغة الروسية في متناول العرب
- فلسطين تتصدر ترشيحات جوائز النقاد للأفلام العربية في دورتها ...
- عُمان تعيد رسم المشهد الثقافي والإعلامي للأطفال


المزيد.....

- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري
- عشاء حمص الأخير / د. خالد زغريت
- أحلام تانيا / ترجمة إحسان الملائكة
- تحت الركام / الشهبي أحمد
- رواية: -النباتية-. لهان كانغ - الفصل الأول - ت: من اليابانية ... / أكد الجبوري
- نحبّكِ يا نعيمة: (شهادات إنسانيّة وإبداعيّة بأقلام مَنْ عاصر ... / د. سناء الشعلان
- أدركها النسيان / سناء شعلان


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - خالد الصلعي - أمطار الجحيم -19- رواية