|
الديمقراطية الانسانية
خالد الصلعي
الحوار المتمدن-العدد: 3966 - 2013 / 1 / 8 - 18:38
المحور:
العمل المشترك بين القوى اليسارية والعلمانية والديمقرطية
الديمقراطية الانسانية-1- **************** على الديمقراطي المؤمن بالتعدد كهوية ثابتة ، وبالاختلاف كاستراتيجية شفافة ، في البلاد غير الديمقراطية ، او المتشدقة عبر اعلامها وأذرعها الأخطبوطية المختلفة القصيرة منها والطويلة ، أوتلك البلاد التي لم تترسخ فيها بعد لسبب أو لآخر ، شروط الديمقراطية كفعل يومي ، وكممارسة عادية تطبع سلوك الادارة ومرافقها المختلفة ، وكمطلب شعبي لا يقل أهمية عن مطلب الخبز والهواء ؛ ان يعض بالنواجد على كل لمحة ديمقراطية ، وعلى كل فعل ديمقراطي ، لترسيخه ذاتيا ، ونشره بين معارفه الأقرباء ، والزام الآخر بالالتفات اليه . من هنا تغدو الديمقراطية شأنا تربويا ، وورشا تفاعليا ، اذ لا يمكن التشدق بالديمقراطية ونحن أبعد الناس عن ممارستها وتفعيلها ، ولا يمكن اشاعة الديمقراطية ونحن أول الكافرين بها ، أو الترويج لها ، ونحن أول العازفين عن شرائها . ولعل الشعوب العربية بما فيها مثقفيها ، لم ينتبهوا للآن ، الى هذه العضوية التي يستحيل فصل شقيها العملي والنظري عن مكونها الأساس .واذا كان الساسة العرب قد استلذوا اللعب بالمصطلحات وباللغة ، الى درجة مرضهم بذهان عقلي ، وهو مرض من أهم أعراضه الاصابة بخلل في عملية التفكير المنطقي ، وقد يتمدد الى مرض نفسي فيُحدث خللا في الادراكات الحسية وخلخلة في الأحاسيس . ولنا في كلمات أو خطب أو توسلات الرؤساء العرب غير المأسوف على رحيلهم خير مثال على ذلك ، حيث بدا الرئيس التونسي كمريض لم يحس بمستوى الداء الا حين انتفضت سائر الأعضاء ببتره ، أو حالة الهيستيريا التي أصابت القذافي وهو يسب شعبا حكمه لمدة زادت عن أربعين سنة . كما ان حالة الارتباك التي داهمت الرئيس المصري حسني مبارك ، وهو لا يكاد يصدق نفسه من حقيقة واقع لم يحلم يوما أنه سيواجهه بتلك الصيغة وبذلك السيناريو الشعبي الملحمي . كما ان كثيرا من مثقفينا الذين كذبوا علينا لسنوات طويلة ، وأوهمونا بدفاعهم عنا وعن مصالحنا ، ورعاية احلامنا ورهاناتنا ، سرعان ما انطفأوا كفقاعات سطحية قصيرة العمر والنفَس ، فمنهم من أصابه الخرس ، ومنهم من انقلب على عقبيه وراح يدافع عن الديكتاتورية علنا ، ومنهم من بقي صامتا وانتظر هدوء العاصفة ، وكأن انتفاضات الشعوب بما تحمله من مؤشرات ومداليل وحمولات عميقة ومكثفة ، مجرد تقليعة بوهيمية فوضوية ، سرعان ماستخبو ، عندما يشتد صقيع الشتاء . ولكي لا نكون مثل من قال فيه الحلاج :
ألقاهُ في اليَمِّ مَكتوفاً وَقالَ لَهُ --- إِيّاكَ إِيّاكَ أَن تَبتَلَّ بِالماءِ ...
سنضطر الى تعريف الديمقراطية تعريفا مكثفا ، باعتبارها نوعا من القبول بالرأي الآخر ، أي هي اعتراف بوجود الآخر ، سواء كان فكرة أو انسانا ، في مختلف التجليات ، وحتى الأكثر عنفا ، سواء كان عنفا ماديا كالاحتلال أو الظلم ، أو معنويا كالاقصاء والتهميش ، لأن اليمقراطية في العالم العربي ، مع تحول معطيات الواقع ، أصبحت تُطلب من تحت ، وتدشن مختبراتها الشعبية بين الجماهير العطشى للحرية والكرامة ، عكس ما حاول جيلان من المفكرين والساسة ترسيخه ، أي منح الديمقراطية من فوق ، كهبة وكمنة تستجديها الشعوب ، وهو ما يتعارض مع المفهوم الأولي للديمقراطية باعتبارها حكم الشعب لنفسه عبر مجموعة من الآليات ، آخرها آلية صناديق الاقتراع . هل نحن في سنة أولى ديمقراطية ، ونحن الشعوب التي لم تدخل نادي الديمقراطية كمفهوم متداول ثقافيا واعلاميا ، الاقبل عشرين سنة ؟ ربما ما نزال في طور الروض والحضانة ، لكن المؤكد أن مطلب الديمقراطية مطلب أسمى ، يجب على جميع الفاعلين أن يؤسسوا لترسيخه في الحياة اليومية ،قبل التنصيص عليه في أوراق الدستور والقوانين ، لأننا أمة للأسف لا تحترم دولها واداراتها النصوص التي تطبخها في مطابخها التقليدية القديمة ، فكيف نطلب من شعوب تتجاوز فيها الأمية الأبجدية نسبة الخمسين ، وتصل نسبة العلم فيه أقل من عشر في المائة أن تعمل على اشاعة مداليل الديمقراطية وسماتها بين أفرادها . وهنا لا بد من التركيز على أن الديمقراطية بمعناها الحرفي الجاف ، قد تنتج نظما ديكتاتورية غاصبة ، كما حدث في ألمانيا هتلر ، وقد تتخذ اسم الديمقراطية الشعبية ، كما هو حادث في الصين . وهذا ما يجب التحذير منه . فنحن ندعو الى ديمقراطية التعدد والاختلاف ، أي ديمقراطية شاملة تمس جميع مناحي الحياة في أمتنا العربية القادرة على انتاج ديمقراطيتها الانسانية .
#خالد_الصلعي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
خطاب الانهزام ملامحا ولغة
-
طين جا.........طين جا
-
النظام المغربي وواقع السياسة
-
عصر الشعوب مرة أخرى
-
السنة الماضية _1_
-
البرلماني والمواطن وحقوق الانسان
-
نقاش مع وزير الخارجية الروسي
-
الشعرية المبكرة -شارل بودلير-2-
-
الدولة الانشائية
-
أمطار الجحيم -رواية-16-
-
الشعرية المبكرة -1-
-
بارمينديس يتهجى أفكاره
-
الفيتو الأمريكي والصمت العربي
-
تعزية لا شماتة
-
الشريعة أم السياسة-3-
-
النفاق أو لغة الكون
-
العرب والانقسام الأزلي
-
شهود لا متأثرون
-
الشريعة أم السياسة_2_
-
في مفهوم التواضع
المزيد.....
-
الهجمة الإسرائيلية المؤجلة على إيران
-
بلاغ صحفي حول اجتماع المكتب السياسي لحزب التقدم والاشتراكية
...
-
أصولها عربية.. من هي رئيسة جامعة كولومبيا بنيويورك التي وشت
...
-
مصدر التهديد بحرب شاملة: سياسة إسرائيل الإجرامية وإفلاتها من
...
-
الشرطة الفرنسية تستدعي نائبة يسارية على خلفية تحقيق بشأن -تم
...
-
السيناتور ساندرز يحاول حجب مليارات عن إسرائيل بعد لقائه بايد
...
-
إعادة افتتاح متحف كانط في الذكرى الـ300 لميلاد الفيلسوف في ك
...
-
محكمة بجاية (الجزائر): النيابة العامة تطالب بخمسة عشر شهرا ح
...
-
تركيا تعلن تحييد 19 عنصرا من حزب العمال الكردستاني ووحدات حم
...
-
طقوس العالم بالاحتفال بيوم الأرض.. رقص وحملات شعبية وعروض أز
...
المزيد.....
-
مَشْرُوع تَلْفَزِة يَسَارِيَة مُشْتَرَكَة
/ عبد الرحمان النوضة
-
الحوكمة بين الفساد والاصلاح الاداري في الشركات الدولية رؤية
...
/ وليد محمد عبدالحليم محمد عاشور
-
عندما لا تعمل السلطات على محاصرة الفساد الانتخابي تساهم في إ
...
/ محمد الحنفي
-
الماركسية والتحالفات - قراءة تاريخية
/ مصطفى الدروبي
-
جبهة المقاومة الوطنية اللبنانية ودور الحزب الشيوعي اللبناني
...
/ محمد الخويلدي
-
اليسار الجديد في تونس ومسألة الدولة بعد 1956
/ خميس بن محمد عرفاوي
-
من تجارب العمل الشيوعي في العراق 1963..........
/ كريم الزكي
-
مناقشة رفاقية للإعلان المشترك: -المقاومة العربية الشاملة-
/ حسان خالد شاتيلا
-
التحالفات الطائفية ومخاطرها على الوحدة الوطنية
/ فلاح علي
-
الانعطافة المفاجئة من “تحالف القوى الديمقراطية المدنية” الى
...
/ حسان عاكف
المزيد.....
|