أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي - خالد الصلعي - الفساد حالة طارئة














المزيد.....

الفساد حالة طارئة


خالد الصلعي

الحوار المتمدن-العدد: 3983 - 2013 / 1 / 25 - 07:25
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي
    




لا يمكن لأي سلوك تأباه الأخلاق والقيم الانسانية السامية ، وتنهى عنه الشرائع السماوية ، وتجزره القوانين الوضعية الا أن يكون طارئا وعرضيا ، لأنه ضد طبيعة الأشياء في حالتها السوية ، فقد جعل اللغويون العرب من أمثال ابن منظور والفيروزآبادي الفساد يقابل الصلاح مباشرة ، كما جعلوا الفساد انحرافا عن المسار الطبيعي لحياة الكائنات ولطبيعة العلاقات المختلفة بين مكونات الوجود الانساني . فمعلوم أن الفساد في مفهومه العام ، هو خروج الشيئ عن أصله المتعارف عليه -1- في حالة النقص والاختلال . وبذلك يكون الفساد حالة تشويه عامة تمس كل ما تلامسه وتؤثر فيه .
وعليه يصبح الفساد شيئا دخيلا على أصل وطبيعة الأشياء ، فهو ان كان مقابلا صارخا للاصلاح والصلاح ، فهو المقابل الحتمي للتطور والازدهار ، فالفساد حين يعم الميدان الاداري والمالي والسياسي والاقتصادي والقضائي ، فان ذلك لا يعني الا شيئا واحدا هو فساد المجتمع برمته . وبذلك المعنى تداولت بعض التعريفات الفلسفية مفهوم الفساد على كونه يحيل الى البطلان -2-
والمجتمع الفاسد لن يفرز الا مظاهر الفساد بكل تجلياتها وتمظهراتها ، من الأمن الاجتماعي الى الأمن الأخلاقي ، الى الأمن التربوي والتعليمي ، انه منظومة متكاملة من الانحطاط والانهيار . فالأمة الفاسدة يصعب اصلاحها اذا ما تغلغلت منظومة الفساد في شريانها ، وانساب بين الأطفال والشباب ، حيث يصبح فقدان التوازن هو السمة المهيمنة على طبيعة المجتمع ، اذ يتحول الفساد الى مرض عضال ومعدي ، ينتقل بين أفراد المجتمع من القمة الى القاعدة ، وينتشر كالنار في الهشيم ، فالمجتمع المريض بمظاهر الفساد مجتمع منخور القوى ، عديم الحصانة ، لايمكن اصلاحه الا بجهد جهيد ويارادة من حديد .
يبدو من خلال هذه المقاربة أن الفساد أصبح القاعدة في وطننا المغرب ، والصلاح هو الاستثناء ،كما يبدو أنه اصبح العملة الرائجة بين مكونات المجتمع ، وأسلوب عبش ونمط علاقات اجتماعية ، اذ لا يمكن أن تعزل مؤسسة ما عن الفساد ، ولا يمكن أن تبرئ أسرة أو فردا عن وباء الفساد . والدليل على ذلك هو هذا التواطؤ السري بين جميع مكونات المجتمع على منظومة الفساد التي تسري بين أعضائه ، بحيث لا تكاد تفتح جريثدة ما لا تتحدث عن الفساد ، كما أن القنوات العمومية كثيرا ما تخصص برامج حول الفساد ، بل ان برنامج الحكومات المتعاقبة منذ حكومة عبد الرحمان اليوسفي خصصت أولت اهتماما خاصا لمعضلة الفساد . غير ان الفساد ظل هو نمط حياة المغاربة على اختلاف طبقاتهم ومشاربهم وتوجهاتم وتكويناتهم . ومن هذا المنظور أصبح حالة مقيمة وأصيلة وليس حالة طارئة كما نحاول ان نوضح . فبرغم ما شهده المجتمع المغربي من تحولات عميقة بفضل مجموعة من العوامل ، الا أن اصداء الفساد وافرازاته تصر على التكاثر والانتعاش .
ولعل شساعة مدلول مفهوم الفساد في اللغة العربية كما وردت في القرآن الكريم تقف على مدى اتساع هذا المفهوم وهيمنته على مجمل التفاعلات الانسانية والكونية ، وقد استعمله الفلاسفة والمناطقة وعلماء الاجتماع ، ووظفته سائر العلوم الانسانية ، وأنماط الانتاج الانساني عضوية كانت أو فكرية ، فهو مفهوم متعدد الأشكال والمظاهر ، واذا ما استتب بعضو ما من الأعضاء سرعان ما ينتشر الى سائر الأعضاء ايجابا أو سلبا ، -وقد استعملت مصطلح الايجاب تجاوزا فيما قد يذره الفساد من ما قد يعتبره بعض ضعاف النفوس امتيازات ومنافع تمنحهم حظوة ومكانة ما -. خاصة ونحن في عصر لا يعترف الا بالشيئ ، أي أننا نعيش عصر التشييئ بامتياز ، وهو العصر الذي حدسه كبار فلاسفة القرن التاسع عشر أمثال نيتشه وكارل ماركس ، ووسعه فلاسفة القرن العشرين كفلاسفة وعلماء مدرسة فرانكفورت الى أن استطاع المفكر الفرنسي جان بورديار تقعيده كملمح علائقي يسم عصرنا الراهن .
ونظرا للخطورة التي يشكلها الفساد الذي أصبح منظومة معترف بها كونيا ، لها خبراؤها وذرائعيوها ومفكروها ، وأنظمتها وجيوشها ومجتمعاتها ، فقد حاولت الجمعيات والهيآت الدولية تناوله ، كل من جانب اهتمامه ومن زاوية اشتغاله ، فقد "عرفه معجم أوكسفورد الإنكليزي بانه (انحراف أو تدمير النزاهة في أداء الوظائف العامة من خلال الرشوة والمحاباة)،وتعرفه منظمة الشفافية العالمية بأنه (استغلال السلطة من اجل المنفعة الخاصة). اما البنك الدولي فيعرفه بأنه (اساءة استعمال الوظيفة العامة للكسب الخاص. -3- .
كما أن أصحاب القانون "فيعدون الفساد انحرافاً في الالتزام بالقواعد القانونية، وهناك إجماع على أن للفساد أثرا مدمراً على القانون وعلى القضاء عندما يطاله ويشمله بمؤثراته المهلكة " -4-
نحن اذن أمام وباء استفحل الى درجة أصبحت فيه جميع علاقاتنا وانتاجاتنا مطبوعة بخصيصة الفساد ، لكن الفساد أمر ضد طبيعة الانسان السوية ، وهو انتصار لغريزة الشر والانحراف ضد غريزة الخير والسواء . فلماذا أصبح الفساد هو البنية المهيمنة على علاقاتنا الانسانية ؟ هل يعود ذلك الى طبيعة المنظومة التعليمية ؟ أم الى طبيعة المؤسسة الحاكمة بجميع اداراتها ومؤسساتها ؟ ام هو سلوك انساني طبيعي ...أسئلة يجب علينا فتح مجالات البحث فيها على مصراعيها ...

الهوامش
******
1-مجلة النبأ الالكترونية 2009
2-الدكتور صبري محمد خليل ، مجلة سودانيوز اونلايت .كوم
3-نفسه
4- مجلة النبأ الالكترونية العدد 80 - في قضايا الفساد ومؤثراته المختلفة



#خالد_الصلعي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ارحلوا عنا فقد تعبنا من مهازلكم
- أمطار الجحيم -19- رواية
- انتقام اليوطوبيا
- التفاحة لم ترث خطيئتها
- العاصفة والجعة -قصة طويلة
- اطار عام لقصيدة ما
- ورطة فرنسا ...مالي أو الكنز الدفين
- دعاء التماسيح
- مزامير صامتة
- خايف ومش خايف
- أمطار الجحيم -18- رواية
- الديمقراطية الانسانية -3-
- النوم صحوالروح في روحها
- الديمقراطية الانسانية -2-
- استسلام لا بد منه
- الديمقراطية الانسانية
- خطاب الانهزام ملامحا ولغة
- طين جا.........طين جا
- النظام المغربي وواقع السياسة
- عصر الشعوب مرة أخرى


المزيد.....




- لماذا تهدد الضربة الإسرائيلية داخل إيران بدفع الشرق الأوسط إ ...
- تحديث مباشر.. إسرائيل تنفذ ضربة ضد إيران
- السعودية.. مدير الهيئة السابق في مكة يذكّر بحديث -لا يصح مرف ...
- توقيت الضربة الإسرائيلية ضد إيران بعد ساعات على تصريحات وزير ...
- بلدات شمال شرق نيجيريا تشكل وحدات حماية من الأهالي ضد العصاب ...
- أنباء عن -هجوم إسرائيلي محدود- على أهداف في العمق الإيراني و ...
- قنوات تلفزيونية تتحدث عن طبيعة دور الولايات المتحدة بالهجوم ...
- مقطع فيديو يوثق حال القاعدة الجوية والمنشأة النووية في أصفها ...
- الدفاع الروسية: تدمير 3 صواريخ ATACMS وعدد من القذائف والمسي ...
- ممثل البيت الأبيض يناقش مع شميغال ضرورة الإصلاحات في أوكراني ...


المزيد.....

- عن الجامعة والعنف الطلابي وأسبابه الحقيقية / مصطفى بن صالح
- بناء الأداة الثورية مهمة لا محيد عنها / وديع السرغيني
- غلاء الأسعار: البرجوازيون ينهبون الشعب / المناضل-ة
- دروس مصر2013 و تونس2021 : حول بعض القضايا السياسية / احمد المغربي
- الكتاب الأول - دراسات في الاقتصاد والمجتمع وحالة حقوق الإنسا ... / كاظم حبيب
- ردّا على انتقادات: -حيثما تكون الحريّة أكون-(1) / حمه الهمامي
- برنامجنا : مضمون النضال النقابي الفلاحي بالمغرب / النقابة الوطنية للفلاحين الصغار والمهنيين الغابويين
- المستعمرة المنسية: الصحراء الغربية المحتلة / سعاد الولي
- حول النموذج “التنموي” المزعوم في المغرب / عبدالله الحريف
- قراءة في الوضع السياسي الراهن في تونس / حمة الهمامي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي - خالد الصلعي - الفساد حالة طارئة