أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - خالد الصلعي - أمطار الجحيم -21- رواية














المزيد.....

أمطار الجحيم -21- رواية


خالد الصلعي

الحوار المتمدن-العدد: 3989 - 2013 / 1 / 31 - 17:40
المحور: الادب والفن
    


تابعت طريقي ، فاليوم يوم تسكعي الحر . بعيدا عن قطع الخبز المستديرة ، وعن ضوضاء الحي ، و عن عبثية الكارفور أو ملتقي الطرق ، وما نطلق عليه نحن سكان طنجة بالدوارة . بعيدا عن طقوس الاكتظاظ المجاني ، وأبخرة النقانق العفنة ، سأذرع الشوارع والطرق مشيا على رجلي الاثنتين . ربما لأنني أريد أن أتذكر هل ما زلت قادرا على المشي لمسافات طويلة ، أم أنني أصبحت آلة محكمة الحركات ،مضبوطة السكنات ؟ . أعلم أن روحي تاهت في متاهات حالكة ، وأنا أتربص بمشتر قد يأتي بين لحظة وأخرى . فكثيرا ما أظن أن شخصا قادما نحوي هو زبون سيخفف عني بعض قطع الخبز ، لكنه حين يقترب ،رجلا كان أو امرأة ، ينحرف في اتجاه آخر ويتجاوزني ، تاركا في وجداني بعض الاحباط ،وفشل التوقع . لكنني الآن متحرر من كل هذه التوقعات والرجاءات والانتظارات . رجلاي قد تقوداني في شوارع معلومة ومحصورة ، لكن رغم ذلك ذهني متحرر اليوم من سلاسله العملية . ورغم أنني أعتبر نفسي كمن يؤدي خدمة اجتماعية تنفيذا لعقاب أزلي تواطأ مع عقاب نخبة من سلطة منخورة الضمير عفنة النوايا ،وسط مجتمع مهترئ مغلوب على أمره الذي لايملك منه شيئا ، فان أي نشاط أقوم به بوتيرة مسترسلة ومتتابعة أحسه قيدا وحركة أسر ثابتة تشدني اليها مرغما وتكبلني بالتزامات لست مؤمنا بها ، لكنني مرغم على أدائها .
عندما وصلت قرب ثكنة القوات المساعدة ، انتابني شعور غريب واحساس عجيب ، وكأني للتو سأدخل الى منطقة حضرية ، عندما شاهدت رجل أمن يمسك بأوراق احدى السيارات ويتفحصها ، بينما السائق منتبه له بنوع من الخوف الخفيف من تبعات هذه العملية.
منذ أحداث الثلاثاء الأسود لم أحظ بفرصة رؤية رجل شرطة في منطقتي ، وكأن وجوده أصبح ضروريا في مخيلتي لأتأكد من وجودي في منطقة حضرية .
أصبح الشرطي يمثل مشهدا ضرويرا في حياتنا ، ربما لرمزيته السلطوية ، أو ربما لتعودنا على رؤية ذلك الزي الفريد الذي يختص به جهاز الشرطة . المهم ان هذه الصدمة التي داهمنتني حين رؤية ذلك الشرطي فكرتني بفراغ منطقتنا من رمز مهم من رموز الدولة ، وأدخلتني في أسئلة لم أكن أطرحها على نفسي . هل وجود الشرطي في المدار الحضري أمر مهم لهذه الدرجة ؟ ام أنه كأي ديكور آخر ، مهما كان تافها حين نفقده نفتقده ، ويترك فراغه المكاني فراغا آخر في ذاكرتنا وأحاسيسنا .
لماذا تعمدت الدولة الانسحاب من المنطقة ؟ هل نحن انفصاليون ؟ ونطالب بانسحاب ومحو كل مظاهر الدولة من المنطقة ؟ واذا كانت حادثة الهجوم على الشرطيين حادثة مدانة من الجميع ،فهل يتخذها المسؤولون ذريعة كبرى للانسحاب من المنطقة كي يصفوها بأبشع النعوت ويلحقوها بامارة وهمية يتقلد مسؤولية عشوائيتها ما يسمونهم بالسلفيين ؟. ثم ما معنى الجماعات السلفية ؟ وهل نتوفر في المغرب على مجموعة تحمل سمات ما حمله سلفيو مصر مثلا ؟ .
قرب هذه العمارة المواجهة للثكنة العسكرية التي يشاع أنها كانت في ملك أحد أباطرة المخدرات الذي اغتيل في احدى الدول الأوروبية من أجل حسابات بينية ، كان الشرطي يؤدي عمله . هذه العمارة يقال أن شخصية نافذة في الدولة استولت عليها وباعتها بالملايير .
هكذا يتلاعبون بالأموال الطائلة ، يتركون تاجر المخدرات يتاجر فيها الى أن يتغول ،ثم يقودونه الى السجن ،ويستولون على أمواله بدم بارد باسم القانون . واذا مات فان أخطبوطات الدولة جاهزة للاجهاز على التركة والارث .
لكنني ما زلت أمشي ، كل مظاهر طنجة تقود الى جرائم تهريب المخدرات ، المحطة الطرقية والعمارة المقابلة لها ، بل حتى بناية ولاية الأمن بطنجة ، يقولون أن أحد أشهر مهربي المخدرات هو من قام بتجهيزها بالرخام الصناعي النفيس .
يبدو أن المشي لا يشبه المشي ، والتداعيات قد تصل الى قاع القدرة حسب حكاية مشهورة لجحا ، حين باع قدرة العسل بعد أن حشا بطنها بالقاذورات ، وكان ينصح مشتريه بأن يكتفي بتذوق واجهة القدرة دون الوصول الى عمقها .



#خالد_الصلعي (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- موت حزب الاتحاد الاشتراكي
- وصايا للغراب
- نضج الثورة المصرية
- أمطار الجحيم -20- رواية
- أمة جاوزت مدة حمل حلمها
- الفساد حالة طارئة
- ارحلوا عنا فقد تعبنا من مهازلكم
- أمطار الجحيم -19- رواية
- انتقام اليوطوبيا
- التفاحة لم ترث خطيئتها
- العاصفة والجعة -قصة طويلة
- اطار عام لقصيدة ما
- ورطة فرنسا ...مالي أو الكنز الدفين
- دعاء التماسيح
- مزامير صامتة
- خايف ومش خايف
- أمطار الجحيم -18- رواية
- الديمقراطية الانسانية -3-
- النوم صحوالروح في روحها
- الديمقراطية الانسانية -2-


المزيد.....




- صناع أفلام عالميين -أوقفوا الساعات، أطفئوا النجوم-
- كلاكيت: جعفر علي.. أربعة أفلام لا غير
- أصيلة: شهادات عن محمد بن عيسى.. المُعلم والمُلهم
- السعودية ترحب باختيارها لاستضافة مؤتمر اليونسكو العالمي للسي ...
- فيلم من إنتاج -الجزيرة 360- يتوج بمهرجان عنابة
- -تاريخ العطش-.. أبو شايب يشيد ملحمة غنائية للحب ويحتفي بفلسط ...
- -لا بغداد قرب حياتي-.. علي حبش يكتب خرائط المنفى
- فيلم -معركة تلو الأخرى-.. دي كابريو وأندرسون يسخران من جنون ...
- لولا يونغ تلغي حفلاتها بعد أيام من انهيارها على المسرح
- مستوحى من ثقافة الأنمي.. مساعد رقمي ثلاثي الأبعاد للمحادثة


المزيد.....

- سميحة أيوب وإشكالية التمثيل بين لعامية والفصحي / أبو الحسن سلام
- الرملة 4000 / رانية مرجية
- هبنّقة / كمال التاغوتي
- يوميات رجل متشائل رواية شعرية مكثفة. الجزء الثالث 2025 / السيد حافظ
- للجرح شكل الوتر / د. خالد زغريت
- الثريا في ليالينا نائمة / د. خالد زغريت
- حوار السيد حافظ مع الذكاء الاصطناعي. الجزء الأول / السيد حافظ
- يوميات رجل غير مهزوم. عما يشبه الشعر / السيد حافظ
- نقوش على الجدار الحزين / مأمون أحمد مصطفى زيدان
- مسرحة التراث في التجارب المسرحية العربية - قراءة في مسرح الس ... / ريمة بن عيسى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - خالد الصلعي - أمطار الجحيم -21- رواية