أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الصحة والسلامة الجسدية والنفسية - مجدى زكريا - لم يحسن بنا تجنب التطرف ؟














المزيد.....

لم يحسن بنا تجنب التطرف ؟


مجدى زكريا

الحوار المتمدن-العدد: 3984 - 2013 / 1 / 26 - 19:51
المحور: الصحة والسلامة الجسدية والنفسية
    


الله مثال الاتزان. فهو "كامل" فى كل ما يفعله ولا يمارس العدل بقساوة البته , انما هو عادل ورحيم فى الوقت نفسه. (تثنية 32 عدد4) كما ان محبته لا تتجرد من المبادئ على الاطلاق , لانه يعمل دائما بانسجام مع شرائعه الكاملة. وقد خلق ابوينا الاولين متزنين فى كل شئ و لا متطرفين بأى شكل من الاشكال. لكن الخطية الحقت بهما عيبا هو النقص , فخسرا اتزانهما.
ولكى تتوضح تلك النقطة اكثر , تأمل فى الايضاح التالى : تخيل نفسك راكبا سيارة احد اطاراتها فيه انتفاخ او نتوء كبير. لا شك ان هذا العيب سيجعل رحلتك كثيرة الخضخضة وغير امنة. لذلك يلزم اصلاح الاطار قبل ان تسوء حالته او يفرغ من الهواء. على نحو مماثل , تشوب العيوب شخصياتنا الناقصة , واذا سمحنا لها بأن تنمو , تصبح رحلة حياتنا عسيرة ومحفوفة بالمخاطر على حد سواء.
احيانا يمكن ان نصير متطرفين فى الاعراب عن صفاتنا الجيدة. على سبيل المثال , تطلبت شريعة موسى ان يصتع الاسرائيليون اهدابا على اذيال ثيابهم. لكن الفريسيين فى ايام يسوع احبوا البروز , لذلك اطالوا اهداب ثيابهم الى حد متطرف. وكان هدفهم اعطاء الانطباع انهم انقى من غيرهم.
واليوم , يحاول البعض لفت الانتباه بأية وسيلة ممكنة حتى لو تطلب الامر ان يصدموا الاخرين. وما يفعلونه هو فى الواقع اشبه بصرخة شخص مستقتل لاسترعاء انتباه الناس يقول " انظروا الى انا ". الا ان التطرف فى اللباس والمواقف والتصرفات لن يسد حاجاتنا.
ايا كنا وحيثما عشنا , يعتبر العمل المفيد من الامور التى تمنح حياتنا قصدا. فقد خلقنا بحيث نجد الاكتفاء فى عملنا. لذلك يدين الكتاب المقدس الكسل. وهذا ما عبر عنه الرسول بولس بشكل صريح حين قال : " ان كان احد لا يريد ان يعمل فلا يأكل ". نعم , ان التراخى فى العمل قد يؤدى الى الفقر وعدم الاكتفاء , وقد يخسرنا رضى الله.
من جهة اخرى , يذهب كثيرون الى الطرف النقيض فى هذه المسألة اذ يصبحون مدمنين على العمل ويجعلون انفسهم عبيدا له بملء ارادتهم. فيغادرون منزلهم فى الصباح الباكر ولا يعودون حتى وقت متأخر من الليل , ظنا منهم ان ما يفعلونه هو الافضل لعائلاتهم لكن الحقيقة هى ان تفانيهم فى العمل الى هذا الحد قد يؤثر سلبا فى عائلاتهم. تقول احدى الزوجات التى كثيرا ما يقضى زوجها ساعات اضافية فى عمله : " انا مستعدة ان اتخلى عن كل المقتنيات فى هذا البيت الفخم مقابل ان يقضى زوجى الوقت معى انا والاولاد ". ويحسن بالذين يفرطون فى العمل ان يفكروا مليا فى ما ذكره الملك سليمان من اختباره الخاص : " التفت انا الى كل اعمالى التى عملتها يداى , والى الكد الذى كددت لاتمامه , فاذا كل شئ باطل وسعى وراء الريح , ولا منفعة تحت الشمس ". - جامعة 2 عدد 11.
تنبأ الكتاب المقدس عن ايامنا قائلا : " الناس يكونون . . . محبين للملذات دون محبة لله ". لقد اصبح السعى وراء الملذات احد الاساليب الاكثر فعالبية التى يستخدمها الشيطان لابعاد الناس عن الله. فاطلاق العنان للاهواء فى الاستجمام والتسلية , كمزاولة الرياضات الخطرة حبا فى الاثارة هو متفش الى حد كبير. وقائمة هذا النوع من الرياضات لا تنتهى , وعدد الذين يمارسونها يتزايد باستمرار. فما سر شعبيتها ؟ كثيرا من الناس ريسأمون من حياتهم اليومية فيبحثون عما يولد المزيد من الاثارة. لكن النشاطات المثيرة تفقد رونقها اذا لم يرفع المرء مستوى المجازفة المرة تلو المرة. غير ان الاشخاص ذوى الضمير الحى يتجنبون الرياضات الخطرة بدافع الاحترام لهبة الحياة ومانحها.
عندما خلق الله الزوجين الاولين وضعهما فى جنة عدن. والاسم عدن يعنى "سرور" او "بهجة". من الواضح اذا ان الله قصد من البداية ان يعيش البشر حياة تملأهم سرور وبهجة.
وقد رسم لنا ابن الله افضل مثال فى امتلاك نظرة متزنة الى الملذات. فقد كرس يسوع حياته لاتمام مشيئة الله , ولم يتوقف قط عن العمل بموجب شرائع الله ومبادئه. كما انه صرف الوقت مع المحتاجين حتى عندما كان تعبا. من جهة اخرى , لبى الدعوات الى وجبات الطعام وخصص وقتا للراحة والانتعاش , رغم ادراكه دون شك ان بعض الاعداء انتقدوا تصرفاته هذه قائلين : " هوذا انسان شره وشريب خمر ". لقد علم يسوع ان التعبد الحقيقى لا يعنى الامتناع عن التمتع بكل ملذات الحياة.
يتضح اذا ان من الحكمة ان نكون معتدلين فى مجال الاستجمام. فوضع اللملذات والتسلية اولا فى حياتنا لن يجلب لنا السعادة الحقيقية ابدا. بل يمكن ان يجعلنا نتهاون بالامور الاكثر اهمية , بما فيها علاقتنا بالله. بالمقابل , ينبغى الا نحرم انفسنا مسرات الحياة والا ننتقد الاخرين عندما يمارسون بعض النشاطات الممتعة باتزان.
كتب التلميذ يعقوب : " اننا جميعا نعثر مرارا كثيرة ". (يعقوب 3 عدد 2) وقد يصح الامر نفسه فى سعينا الى تجنب التطرف. فماذا يساعدنا ان نحافظ على الاتزان ؟ علينا ان نكون صادقين مع انفسنا لنحدد مواطن ضعفنا وقوتنا. وهذا ليس بالامر السهل. فربما نكون متطرفين فى ناحية ما دون ان ندرى. لذلك من الحكمة ان نعاشر اصدقاء يحبوننا وناضجين ونصغى الى نصائحهم السليمة.
من المفرح اننا لسنا مغلوبين على امرنا , بل فى وسعنا تجنب العيش حياة يشوبها التطرف. فبالجهد الدؤوب وبركة الله , يمكننا ان نصبح اشخاصا متزنين وبالتالى سعداء.



#مجدى_زكريا (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هل الله سر ؟
- أعجوبة بيضة النعام
- هذا مستحيل !
- لماذا لزمت الصمت يارب ؟
- الخزامى - هدية الله الى الحواس
- غلطة من هى ؟ عندما نلقى باللوم على الاخرين
- ماينبغى ان تعرفوه عن السحر (2 - 2)
- ماذا تعرفون عن السحر ؟ (1 - 2)
- ينبغى احترام السلطة
- هل الكتاب المقدس متشدد جدا ؟
- قبل ان يغيبنا الموت - هل تركنا وصية
- اسياد علم الميكانيك فى القرون الوسطى
- هل يرفع التباهى بالممتلكات من قدرنا ؟
- كيف يؤثر فينا يسوع المسيح ؟ (2 - 2)
- تأثير يسوع فى الناس حول العالم (1 - 2)
- ابلا - مدينة قديمة تنفض غبار النسيان
- لالتعزية والتشجيع - جوهرتان بأوجه عديدة
- هل السلام ممكن ؟
- الرجل والمرأة - خلقا احدهما للاخر
- مولد يسوع - كيف يحقق السلام (2-2)


المزيد.....




- رئيسة جامعة كولومبيا توجه -رسالة- إلى الطلاب المعتصمين
- أردوغان يشعل جدلا بتدوينة عن بغداد وما وصفها به خلال زيارته ...
- البرازيل تعلن مقتل أو فقدان 4 من مواطنيها المرتزقة في أوكران ...
- مباشر: 200 يوم على حرب بلا هوادة بين إسرائيل وحماس في غزة
- مجلس الشيوخ الأمريكي يقر بأغلبية ساحقة مشروع قانون مساعدات ل ...
- محكمة بريطانية تنظر في طعن يتعلق بتصدير الأسلحة لإسرائيل
- بعد 200 يوم.. تساؤلات حول قدرة إسرائيل على إخراج حماس من غزة ...
- -الشيوخ- الأمريكي يوافق على حزمة مساعدات لأوكرانيا وإسرائيل ...
- مصرية الأصل وأصغر نائبة لرئيس البنك الدولي.. من هي نعمت شفيق ...
- الأسد لا يفقد الأمل في التقارب مع الغرب


المزيد.....

- الجِنْس خَارج الزَّواج (2/2) / عبد الرحمان النوضة
- الجِنْس خَارج الزَّواج (1/2) / عبد الرحمان النوضة
- دفتر النشاط الخاص بمتلازمة داون / محمد عبد الكريم يوسف
- الحكمة اليهودية لنجاح الأعمال (مقدمة) مقدمة الكتاب / محمد عبد الكريم يوسف
- الحكمة اليهودية لنجاح الأعمال (3) ، الطريق المتواضع و إخراج ... / محمد عبد الكريم يوسف
- ثمانون عاما بلا دواءٍ أو علاج / توفيق أبو شومر
- كأس من عصير الأيام ، الجزء الثالث / محمد عبد الكريم يوسف
- كأس من عصير الأيام الجزء الثاني / محمد عبد الكريم يوسف
- ثلاث مقاربات حول الرأسمالية والصحة النفسية / سعيد العليمى
- الشجرة الارجوانيّة / بتول الفارس


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الصحة والسلامة الجسدية والنفسية - مجدى زكريا - لم يحسن بنا تجنب التطرف ؟