أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الصحة والسلامة الجسدية والنفسية - مجدى زكريا - هل الكتاب المقدس متشدد جدا ؟














المزيد.....

هل الكتاب المقدس متشدد جدا ؟


مجدى زكريا

الحوار المتمدن-العدد: 3965 - 2013 / 1 / 7 - 22:05
المحور: الصحة والسلامة الجسدية والنفسية
    


" لم اتعلم فى طفولتى مبادئ الكتاب المقد. ولم اسمع يوما احدا يأتى على ذكر الله ". هذا ما قاله شاب من فنلندا. ولا عجب فى ذلك لأن طريقة التربية هذه صارت شائعة جدا اليوم. حتى ان العديد من الناس, وخصوصا الشباب باتوا يرون فى الكتاب المقدس كتابا عتيق الطراز ونصائحه متشددة جدا. كما انهم يعتبرون من يريدون اتباع الكتاب المقدس اشخاصا مقيدى الحرية يرزحون تحت كم هائل من التحريمات والوصايا. لذلك يشعر كثيرون ان من الافضل تجاهل الكتاب المقدس, تركه على الرف و والبحث عن مصدر اخر للارشاد.
وهذه النظرة الى الكتاب المقدس يعود سببها بشكل رئيسى الى تاريخ الكنائس الملان ظلما وقهرا. لنأخذ على سبيل المثال الفترة التى يدعوها بعض المؤرخين العصور المظلمة. فخلال تلك الحقبة, كانت الكنيسة تتحكم بكل وجه من اوجه حياة الناس تقريبا. واى شخص كان يتجرأ على مخالفتها الرأى يعرض نفسه لخطر التعذيب او حتى الاعدام. وحدث الامر نفسه مع الكنائس البروستانتية التى ظهرت لاحقا. فقد عمدت هى ايضا الى تقييد الحريات الفردية, حتى ان كلمات مثل " كلفنى " و " بيوريتانى " لم تعد مجرد اسماء لأتباع عقيدة معينة, بل اضحت ايضا مرادفا للعقاب القاسى الذى فرضته تلك الفرق. ونتيجة هذا الظلم والقمع, استنتج الناس خطأ ان تعاليم الكتاب المقدس هى تعاليم قمعية تقيد الحريات.
فى القرون الاخيرة, فقدت الكنائس فى بعض البلدان على الاقل سيطرتها على حياة الناس. ومع التحرر من قبضة المعتقدات الدينية التقليدية, صار كثيرون يعتقدون ان من حقهم ان يقرروا هم بأنفسهم الصواب والخطأ. فماذا كانت النتيجة ؟ يوضح أهتى لايتنن, بروفسور فى علم الاجرام وعلم الاجتماع القضائى : " قل احترام الناس للسلطة. كما ان فهمهم لما هو مقبول وما هو مرفوض ازداد غموضا بمرور الوقت. والمفارقة ان قادة الكنائس هم ايضا سلموا بطريقة التفكير هذه. على سبيل المثال, ذكر اسقف لوثرى بارز : " اميل الى رفض الفكرة القائلة ان المسائل الادبية تحل باللجوء الى الكتاب المقدس او بعض المرجعيات الدينية "
لا شك ان فكرة التمتع بحرية مطلقة تستهوى كثيرين, ولا سيما اذا كانوا شبانا. فقلما تجد اناسا يحبون ان يتسلط عليهم شخص اخر, او ان يعيشوا وفق لائحة من القواعد تحدد جميع تصرفاتهم. ولكن هل يعنى ذلك ان المرء يجب ان يتمتع بحرية مطلقة ويعيش على هواه ؟ لمعرفة الجواب عن هذا السؤال تأمل فى المثل التالى : تخيل انك تعيش فى مدينة لا تراعى فيها مطلقا قوانين السير, ولا يخضع فيها السائقون لامتحان قيادة او يستحصلون على رخصة سوق. ويستطيع الناس ان يقودوا سباراتهم كما يحلوا لهم حتى لو كانوا ثملين. ولا احد يعبأ بالسرعة القصوى, اشارات الوقوف والمرور, الطرقات ذات الاتجاه الواحد, وممرات المشاة. فهل ينشد احد " حرية " كهذه ؟ بالتأكيد لاو لأن هذه الحرية تولد الفوضى والتشويش وتؤدى الى كوارث وهكذا, مع ان قوانين السير تحد من حرية الفرد, نحن ندرك انها تحمى السائقين والمشاة على حد سواء.
على نحو مماثل, يعطينا خالق الكون ارشادات توجه حياتنا, وهى لفائدتنا. فبدونها نصبح مضطرين الى التعلم من تجاربنا واخطائنا, وبذلك نعرض انفسنا والاخرين للاذى. وعلى غرار القيادة فى مدينة لا تراعى فيها قوانين السير, فان هذا المناخ من الفوضى الادبية هو امر غير مرغوب فيه وخطر ايضا. من هنا نرى حاجة الانسان الى قواعد ومبادئ تضبط حياته. وهذا واقع يقر به معظم الناس دون تردد.
قد يتضمن قانون السير لائحة طويلة ومفصلة من الانظمة. فقواعد ركن السيارة وحدها هائلة العدد فى بعض البلدان. وبالمقابل, لا يضع الكتاب المقدس لائحة طويلة من القواعدو بل يحدد المبادئ الرئيسية. وهذه الاخيرة لا تشكل عبئا على الناس او تقيد حرياتهم. فقد ناشد يسوع المسيح الناس فى زمنه : " تعالوا الى يا جميع المتعبين والمثقلين, وأنا انعشكم, لأن نيرى لطيف وحملى خفيف ". (متى 11 عدد 28 و 30) وفى رسالة وجهها الرسول بولس الى المسيحيين فى جماعة كورنثوس كتب : " حيث روح الله فهناك حرية ". - كورنثوس الثانية 3 عدد 17.
لكن هذه الحرية ليست مطلقة. فقد اشار يسوع بوضوح الى الى ان مطالب الله تشمل بعض الوصايا البسيطة. على سبيل المثال, قال يسوع لتلاميذه : " هذه هى وصيتى : ان تحبوا بعضكم بعضا كما انا احببتكم ". تخيل كيف ستصبح حياة الناس فى حال طبق الجميع هذه الوصية. اذا, الحرية التى ينعم بها المسيحيون ليست بلا حدود. كتب الرسول بطرس : " كونوا كأحرار, لكن غير متخذين من حريتكم سترة للسوء, بل كعبيد لله ". - بطرس الاولى 2 عدد 16.
كما رأينا, لايتقيد المسيحيون بلائحة طويلة ومفصلة من الشرائع. لكنهم فى الوقت نفسه لا يتصرفون وفق ما يعتبرونه هم صوابا او خطأ. نعم, البشر بحاجة الى الارشاد, والله وحده قادر على منحهم هذا الارشاد. فالكتاب المقدس يقول بكل وضوح : " ليس لانسان يمشى ان يهدى خطواته ". (ارميا 10 عدد 23) واذا اطعنا توجيه الله, نحصد فوائد جمة.
كثير من الناس اتبعوا الارشاد الذى وجدوه فى الكتاب المقدس وجنوا فوائد عديدة. فقد ساعدهم هذا الارشاد على امتلاك علاقات افضل بالاخرين, تنمية نظرة متزنة الى العمل, الامتناع عن العادات المؤذية, وبالتالى العيش حياة اسعد.
ماذا اذا ؟ هل الكتاب المقدس متشدد ؟ الجواب هو نعم, وذلك لفائدتنا جميعا. ولكن هل هو متشدد جدا ؟ طبعا لا, فالحرية المطلقة لا تؤدى الا الى المشاكل, اما مقاييس الكتاب المقدس فهى متزنة وتعزز سعادة الانسان وخيره.
وما ان تبدأ بلمس بركات العيش بانسجام مع مقاييس الكتاب البمقدس, يزداد تقديرك لكلمة الله. وهذا بدوره يمنحك بركة اعظم. اذ تتعلم ان تحب مصدره الالهى, الهنا المحب. " هذا ما تعنيه محبة الله, ان نحفظ وصاياه, ووصاياه لا تشكل عبئا ". - يوحنا الاولى 5 عدد 3.
الله خالقنا وابونا السماوى, وهو يعرف ما الافضل لنا. فعوض ان يقيدنا, يمنحنا توجيها محبا يعود علينا بالفوائد. وبكلمات شاعرية يحضنا الله : " ليتك تصغى الى وصاياى, فيكون سلامك كالنهر, وبرك كأمواج البحر ". - اشعيا 48 عدد 18.



#مجدى_زكريا (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قبل ان يغيبنا الموت - هل تركنا وصية
- اسياد علم الميكانيك فى القرون الوسطى
- هل يرفع التباهى بالممتلكات من قدرنا ؟
- كيف يؤثر فينا يسوع المسيح ؟ (2 - 2)
- تأثير يسوع فى الناس حول العالم (1 - 2)
- ابلا - مدينة قديمة تنفض غبار النسيان
- لالتعزية والتشجيع - جوهرتان بأوجه عديدة
- هل السلام ممكن ؟
- الرجل والمرأة - خلقا احدهما للاخر
- مولد يسوع - كيف يحقق السلام (2-2)
- الروح الميلادية - هل تبقى على مدار السنة (1-2)
- سد حاجة بشرية اساسية - بالتقدير
- لم لا يحتفل البعض بعيد الميلاد ؟
- رفقة - امرأة تقية تحلت بروح المبادرة
- لماذا نحن هنا ؟
- سيدة الصحراء السورية ذات الشعر الفاحم
- انكار الله فى القرن العشرين
- جذور الالحاد
- على اى اساس نبنى حياتنا ؟
- قوة اللسان


المزيد.....




- شاهد ما حدث على الهواء لحظة تفريق مظاهرة مؤيدة للفلسطينيين ف ...
- احتجاجات الجامعات المؤيدة للفلسطينيين تمتد لجميع أنحاء الولا ...
- تشافي هيرنانديز يتراجع عن استقالته وسيبقى مدربًا لبرشلونة لم ...
- الفلسطينيون يواصلون البحث في المقابر الجماعية في خان يونس وا ...
- حملة تطالب نادي الأهلي المصري لمقاطعة رعاية كوكا كولا
- 3.5 مليار دولار.. ما تفاصيل الاستثمارات القطرية بالحليب الجز ...
- جموح خيول ملكية وسط لندن يؤدي لإصابة 4 أشخاص وحالة هلع بين ا ...
- الكاف يعتبر اتحاد العاصمة الجزائري خاسرا أمام نهضة بركان الم ...
- الكويت توقف منح المصريين تأشيرات العمل إلى إشعار آخر.. ما ال ...
- مهمة بلينكن في الصين ليست سهلة


المزيد.....

- الجِنْس خَارج الزَّواج (2/2) / عبد الرحمان النوضة
- الجِنْس خَارج الزَّواج (1/2) / عبد الرحمان النوضة
- دفتر النشاط الخاص بمتلازمة داون / محمد عبد الكريم يوسف
- الحكمة اليهودية لنجاح الأعمال (مقدمة) مقدمة الكتاب / محمد عبد الكريم يوسف
- الحكمة اليهودية لنجاح الأعمال (3) ، الطريق المتواضع و إخراج ... / محمد عبد الكريم يوسف
- ثمانون عاما بلا دواءٍ أو علاج / توفيق أبو شومر
- كأس من عصير الأيام ، الجزء الثالث / محمد عبد الكريم يوسف
- كأس من عصير الأيام الجزء الثاني / محمد عبد الكريم يوسف
- ثلاث مقاربات حول الرأسمالية والصحة النفسية / سعيد العليمى
- الشجرة الارجوانيّة / بتول الفارس


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الصحة والسلامة الجسدية والنفسية - مجدى زكريا - هل الكتاب المقدس متشدد جدا ؟