أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - مجدى زكريا - جذور الالحاد















المزيد.....

جذور الالحاد


مجدى زكريا

الحوار المتمدن-العدد: 3935 - 2012 / 12 / 8 - 13:37
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


اننا نعيش على كوكب ممتلئ من الازمات, ونظرة خاطفة الى العناوين الرئيسية فى الصحف ووسائل الاعلام المختلفة تؤكد هذا الواقع كل يوم. وقد جعلت حالة عالمنا الحرجة كثيرين يشكون فى وجود الله, حتى ان البعض, اذ يدعون انهم ملحدون, ينكرون وجوده.
يمكن ان يؤثر الايمان او عدم الايمان بالله بعمق فى نظرتكم الى المستقبل. فمن دون الله, يعتمد بقاء الجنس البشرى كاملا على الانسان - فكرة محزنة, بالنظر الى قدرة البشر الهائلة على التدمير. واذا كنتم تؤمنون حقا بوجود الله, فمن المرجح اذا انكم تقرون بأن الحياة على هذا الكوكب لها قصد - قصد يمكن ان يتحقق فى النهاية.
ورغم ان حالات انكار وجود الله كانت متفرقة عبر التاريخ, لم تنتشر شعبية الالحاد الا فى القرون الاخيرة فقط. فهل تعرفون لماذا ؟
ان منظر شجرة باسقة هو منظر مؤثر. لكن العين لا ترى الا الاوراق, الاغصان, والجذع. أما الجذور - مصدر حياة الشجرة - فهى تكمن مختبئة عميقا فى التربة.
والامر يشبه الالحاد كثيرا, فكالشجرة السامقة, نما وجود انكار الله حتى صار يحتل مكانة مؤثرة بحلول القرن ال19. هل يمكن ان توجد الحياة والكون دون " علة اولى " فوق الطبيعة ؟ وهل عبادة خالق كهذا مضيعة للوقت ؟ كانت اجوبة الفلاسفة البارزين فى ذلك الوقت قاطعة وواضحة, " تماما كما لم نعد بحاجة الى شرائع ادبية, لم نعد بحاجة الى الدين. " هذا ما اعلنه نيتشه. وأكد لودفيغ فوبرباخ ان " الدين هو حلم الفكر البشرى. " وكارل ماركس الذى كان سيصير لكتاباته اثر بالغ خلال العقود اللاحفة, قال جهرا : " اريد ان ازيد تحرر الفكر من اغلال الدين "
وتأثرت بذلك حشود من الناس. لكن ما رأوه ما كان الا اوراق, اغصان, وجذع الالحاد. فالجذور كانت موجودة, ونموها ابتدأ قبل بداية القرن ال19بزمن طويل. ومن المدهش ان النمو العصرى للالحاد رعته اديان العالم المسيحى. وكيف ذلك ؟ بسبب فسادها احدثت هذه المؤسسات الدينية مقدارا كبيرا من خيبة الامل والاعتراض.
خلال القرون الوسطى, كانت الكنيسة الكاثوليكية تضيق الخناق على رعاياها. " بدت السلطة الكنسية غير مؤهلة للاهتمام بحاجات الناس الروحية. " كما تذكر دائرة المعارف الامريكية. " ان الذين أدخلاوا فى عداد رجال الدين ذوى المقام الرفيع وخصوصا الاساقفة, كانوا من النبلاء. وقد اعتبروا مركزهم بصورة رئيسية مصدرا للتفوذ والسلطة. "
وحاول البعض مثل جون كالفن ومارتن لوثر, ان يصلحوا الكنيسة. لكن اساليبهم لم تكن دائما شبيهة بأساليب المسيح. فالتعصب وسفك الدماء وسما الاصلاح. وكانت بعض الحملات وحشية الى حد ان توماس جفرسون, الرئيس الثالث للولايات المتحدة, كتب بعد ثلاثة قرون : " يمكن ان يكون الغفران لمن لا يؤمن باله على الاطلاق اسهل من الغفران للذى يجدف عليه بسبب خصائص كالفن الفظيعة. " ( انتجت الشيع البروستانتية التى نتجت عن الاصلاح عقائد كثيرة باطلة ).
من الواضح ان الاصلاح لم يرد العبادة النقية, لكنه قلص سلطة الكنيسة الكاثوليكية. فلم يعد الفاتيكان يتحكم فى ايمان الناس الدينى. واقترن كثيرون بالشيع الدينية البروستاننتية التى شكلت حديثا. واخرون, اذ خيب الدين املهم, جعلوا العقل البشرى هدف عبادتهم. ونشأ عن ذلك موقف متساهل يجيز اراء متنوعة فى الله.
بحلول القرن ال18, اشيد عموما بالتفكير العقلانى باعتباره العلاج لكل مشاكل العالم. والفيلسوف الالمانى عمانوئيل كنت ان تقدم الانسان اعاقه اعتماده على السياسة والدين من اجل الارشاد. وحث قائلا : " تجرأوا على الحصول على المعرفة. امتلكوا الشجاعة لاستعمال ذكاؤكم الشخصى "
كان هذا الموقف من خصائص حركة التنوير, المعروفة ايضا بعصر العقل. واذ دامت هذه الفترة طوال القرن ال18, اتسمت ببحث دؤوب عن المعرفة. " لقد حلت الشكوكية محل الايمان الاعمى. " كما يقول كتاب معالم التاريخ. " وكل المعتقدات والممارسات التقليدية القديمة جرى الارتياب بها. "
وكان الدين احد " المعتقدات والممارسات التقليدية القديمة ". التى اخضعت لفحص دقيق. يقول كتاب تاريخ العالم الشامل : " غير الناس نظرتهم الى الدين, ولم يعودوا مكتفين بالوعد بمكافات فى السماء, فصاروا يطلبون حياة افضل على الارض. وابتدأوا يخسرون ايمانهم بما هو فوق الطبيعة ". وفى الواقع, نظراكثرية فلاسفة التنوير الى الدين نظرة ازدراء, ولاموا على وجه التخصيص قادة الكنيسة الكاثوليكية المتعطشين الى السلطة على ابقاء الناس فى جهل.
واذ لم يجلب الدين الاكتفاء لهؤلاء الفلاسفة, صار كثيرون منهم ربوبيين, لقد امنوا بالله لكنهم جزموا بأنه لا يهتم بالانسان* وجاهر قليلون بالحادهم كالفبلسوف بول هنرى تيرى هولباخ, الذى ادعى ان الدين " مصدر الانقسامات, الجنون, والجرائم ". واذ مرت السنون, تزايد عدد الذين سئموا العالم المسيحى وشاركوا هولباخ فى ارائه.
فيا لها من سخرية ان يكون العالم المسيحى هو من حفز على نمو الالحاد. " كانت الكنائس التربة التى نما فيها الالحاد. " كتب البروفسور فى اللاهوت مايكل ج. باكلى, " وقد وجد الضمير الغربى نفسه مصدوما بعمق ومشمئزا من الاديان الطائفية. لقد خربت الكنائس والشيع اوروبا. نظمت اجراء المذابح, طالبت بالمقاومة او الثورة الدينية, سعت الى حرم الملوك كنسيا او عزلهم. "
بحلول القرن ال19, كان انكار الله علنيا وفى حالة من الاذدهار. ولم يتردد الفلاسفة والعلماء فى اعلان وجهات نظرهم جهرا. " عدونا هو الله. " اعلن ملحد بصراحة. " بغض الله رأس الحكمة ان اراد الجنس البشرى ان يحقق تقدما ملموسا, يجب ان يكون ذلك على اساس الالحاد. "
لكن تغيرا خبيثا حدث فى اثناء القرن العشرين. فقد صار انكار الله عدائيا اقل : وابتدأ نوع من الالحاد ينتشر, مؤثرا حتى فى الذين يدعون الايمان بالله.
" يتبع "

*يؤمن الربوبيون ان الله كصانع الساعات, اوجد خليقته ثم ادار ظهره لكل ذلك. وبقى غير مهتم ببرودة. ووفقا لكتاب التراث العصرى, امن الربوبيون بأن الالحاد خطأ ناتج من يأس الناس ولكنهم اعتقدوا ان البنية الاستبدادية للسلطة الكنسية الكاثوليكية وصرامة وتعصب عقائدها هى امر مؤسف ايضا. "



#مجدى_زكريا (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- على اى اساس نبنى حياتنا ؟
- قوة اللسان
- يعقوب وعيسو - قصة للتأمل
- اى طابع يتخذه عيد الميلاد ؟
- هل يحق ان يتعاطى رجال الدين السياسة ؟
- كلمات وطرائف ونكات
- من الملوم ؟
- المرأة مكرمة فى عينى الله (3)
- شجرة النخيل
- هل يهتم الله بالمرأة ؟ (2)
- المرأة فى المجتمع الذكورى (1)
- كون صورة شاملة عن المسألة
- يمكن ان تكون المظاهر خداعة
- ميانمار - الارض الذهبية
- ساعات الخليقة الخفية
- هل الزواج السبيل الوحيد الى السعادة ؟
- هل الايمان شكل من اشكال خداع الذات ؟
- لماذا الكذب سهل جدا ؟
- الرجل رأس المرأة - ماذا يعنى ذلك ؟
- فى الزواج - حين لا تتحقق التوقعات


المزيد.....




- مستوطنون يقتحمون مدنا بالضفة في عيد الفصح اليهودي بحماية الج ...
- حكومة نتنياهو تطلب تمديدا جديدا لمهلة تجنيد اليهود المتشددين ...
- قطر.. استمرار ضجة تصريحات عيسى النصر عن اليهود و-قتل الأنبيا ...
- العجل الذهبي و-سفر الخروج- من الصهيونية.. هل تكتب نعومي كلاي ...
- مجلس الأوقاف بالقدس يحذر من تعاظم المخاوف تجاه المسجد الأقصى ...
- مصلون يهود عند حائط البراق في ثالث أيام عيد الفصح
- الإحتلال يغلق الحرم الابراهيمي بوجه الفلسطينيين بمناسبة عيد ...
- لبنان: المقاومة الإسلامية تستهدف ثكنة ‏زبدين في مزارع شبعا ...
- تزامنًا مع اقتحامات باحات المسجد الأقصى.. آلاف اليهود يؤدون ...
- “عيد مجيد سعيد” .. موعد عيد القيامة 2024 ومظاهر احتفال المسي ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - مجدى زكريا - جذور الالحاد