الرجل رأس المرأة - ماذا يعنى ذلك ؟

مجدى زكريا

الحوار المتمدن-العدد: 3906 - 2012 / 11 / 9 - 19:57
المحور: العلاقات الجنسية والاسرية
    

يقول الكتاب المقدس ان " الرجل رأس المرأة ". ( كورنثوس الاولى 11 عدد 13 : افسس 5 عدد 23 ) لكن اناسا عديدين حتى بين الذين يحترمون الكتاب المقدس يشعرون ان مبدأ الرئاسة الزوجية ليس قديم الطراز فحسب, بل خطر ايضا. علق زوجان : " ان العقيدة القائلة ان النساء ينبغى ان يخضعن عن طيب خاطر لأزواجهن يمكن ان تقود, اذا ما طبقت بتطرف, الى الاساءة الجسدية والعاطفية ". وللأسف, غالبا ما يساء تطبيق مبدأ الرئاسة. يقول احد المؤلفين : " فى عدد من البلدان, يعتبر ضرب الزوجات تصرفا مقبولا وحقا مكتسبا للرجال. وهو يمتدح فى الاغانى والاقوال المأثورة وحفلات الزفاف ".
يعتقد البعض ان مبدأ الرئاسة فى الكتاب المقدس هو الذى أدى الى هذه التصرفات الوحشية. فهل يحقر مبدأ الرئاسة النساء ويشجع على العنف المنزلى ؟ ماهو حقا دور رأس العائلة ؟
الرئاسة فى الكتاب المقدس هى ترتيب حبى, وهى لا تمت الى الطغيان بأية صلة. لكن تجاهل وصايا الله هو الذى ادى الى سيادة الرجال على النساء بطريقة غالبا ماتتصف بالوحشية. فمنذ طرد الزوجين الاولين من جنة عدن, كثيرا ما اساء الرجال استخدام سلطتهم, مستغلين الاخرين بقسوة بمن فيهم النساء والاولاد.
لكن قصد الله لم يكن كذلك. فالخالق يبغض الذين يسيئون استخدام سلطتهم. وقد دان الرجال الاسرائليين الذين غدروا بزوجاتهم. ( ملاخى 2 من 13 الى 16 ) فضلا عن ذلك, يقول الله ان " محب العنف تبغضه . . . نفسه " ( مزمور 11 عدد 5 ( ولذلك فان كل الرجال الذين يسيئون معاملة زوجاتهم, بمن فيهم الازواج الضرابون, لا يمكنهم استخدام الكتاب المقدس لتبرير اعمالهم العنيفة.
ان ترتيب الرئاسة هو ترتيب اساسى وضعه الله للحفاظ على النظام فى الكون. وكل فرد فى الكون, ما عدا الله, عليه ان يقدم حسابا لشخص معين, حتى المستخدم لرب عمله. فالرجال خاضعون للمسيح والاولاد تحت سلطة والديهم وجميع البشر خاضعين للحكومة التى تحكم, حتى المسيح خاضع لله.
لا يمكن ان يكون المجتمع منظما ومستقرا ما لم يخضع الناس لسلطة تتولى القيادة. وعلى نحو مماثل, ان الخضوع لرأس العائلة مهم جدا لكى تنعم الاسرة بالسلام وتكون متماسكة وسعيدة. وعدم وجود زوج او اب فى العائلة لا يغير هذا الواقع. ففى مثل هذه العائلات تلعب الام دور الرأس. اما حين يكون الابوان كلاهما غائبين, فقد يصير الولد الاكبر او احد الاقرباء رأس العائلة. وفى جميع هذه الحالات, يستفيد اعضاء العائلة حين يظهرون الاحترام للشخص الذى فوضت اليه الرئاسة.
بناء على ذلك, لا ينبغى ان نرفض مبدأ الرئاسة, بل يلزم ان نتعلم الطريقة الصحيحة لممارسة الرئاسة ونمتلك النظرة الصائبة اليها. يحث الرسول بولس الازواج المسيحيين ان يكونوا رؤوسا فى عائلاتهم " كما . . . المسيح ايضا رأس الجماعة ". افسس 5 من 21 الى 23 ) وبقوله ذلك يشير الى ان افضل مقياس للرئاسة هو طريقة تعامل المسيح مع الجماعة. فما هو المثال الذى رسمه المسيح ؟
بما ان المسيح كان المسيا, فقد كان يتمتع بسلطة معطاة من الله نفسه. كما انه كان يفوق تلاميذه ذكاء وخبرة فى الحياة. ولكن رغم كل ذلك, اتصف يسوع بالمحبة والرقة والتفهم. فلم يكن شخصا قاسيا ومتعجرفا, ولا متطلبا. ولم يفرض سلطته على الاخرين ويذكر من حوله باستمرار انه ابن الله. بل كان وديعا ومتضع القلب. ونتيجة لذلك, كان نيره لطيفا وحمله خفيفا. وهذا ما جعله شخصا منفتحا يسهل الاقتراب اليه. وقال بولس ان يسوع احب الجماعة لدرجة انه اسلم نفسه لأجلها. - افسس 5 عدد 25.
كيف يمكن ان يتمثل رؤوس العائلات بالمسيح ؟
يهتم رأس العائلة الصالح بخير عائلته الجسدى والروحى. وهو يبذل نفسه من اجل عائلته اذ يخصص الوقت ويمنح الانتباه لحاجاتهم كأفراد وكعائلة. وهو يضع مصالح زوجته واولاده قبل مصلحته الشخصية. وعندما يطبق الزوج مبادئ الكتاب المقدس وتعاليمه فى حياته اليومية, يكسب احترام ودعم زوجته واولاده. وبفضل رئاسته الحبية, تثمر جهودهم الموحدة لمواجهة المشاكل وحلها. وحين يمارس الزوج رئاسته بهذه الطريقة المنسجمة مع الكتاب المقدس تصير عائلته عائلة سعيدة تجلب المجد والتسبيح لله.
يتحلى رأس العائلة الحكيم بالتواضع ايضا, فهو يعتذر عن طيب خاطر حين تدعو الظروف الى ذلك, مع ان اعترافه بالخطأ قد لا يكون دائما امرا سهلا. بالاضافة الى ىذلك, يقول الكتاب المقدس ان " كثرة المشيرين " تأتى بالفوائد. ( امثال 24 عدد 6 ) فالتواضع يدفع رأس العائلة الى طلب رأى زوجته واولاده حين يكون ذلك ملائما. والاصغاء اليهم حين يبدون رأيهم. وعندما يتمثل رأس العائلة بيسوع يمكنه ان يكون على ثقة ان رئاسته لا تجلب السعادة والامن لعائلته فحسب, بل ايضا المجد والاكرام لمنشئ العائلة ومؤسسها الله القادر على كل شئ.

#مجدى_زكريا (هاشتاغ)      

---

ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل