يعقوب وعيسو - قصة للتأمل

مجدى زكريا

الحوار المتمدن-العدد: 3933 - 2012 / 12 / 6 - 14:36
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    

كل من يقرأ تلك الرواية فى الكتاب المقدس يعتبرها قصة احتيال من الدرجة الاولى. بل يصل بهم الامر الى ان الله متورط فى هذه العملية, او على الاقل وافق عليها. دعونا نبدأ بهذا السؤال : ألم يخطئ يعقوب حين ادعى انه عيسو كما هو وارد فى التكوين 27 عدد 18, 19 ؟
قد تكون هذه الرواية مألوفة لديك. فهى تخبرنا ان اسحاق طلب من عيسو فى شيخوخته ان يتصيد صيدا وقال له : " جئنى به فأأكل, لكى تباركك نفسى قبل ان اموت ". وما ان سمعت رفقة زوجته ذلك حتى صنعت طبقا لذيذا وأوصت يعقوب : " تجئ (بالطعام) الى ابيك ويأكل, لكى يباركك قبل موته ". ثم ألبسته ثياب عيسو, وجعلت على يديه وعنقه جلود جديين من المعزى (لأن عيسو كان أشعر), ودخل الى ابيه ومعه الطبق اللذيذ. وحين سأله اسحاق : " من انت يا ابنى ؟ ", اجاب : " انا عيسو بكرك ". فصدق اسحاق كلامه وباركه. - تكوين 27 من 1-29.
لا يعطى الكتاب المقدس كل التفاصيل عن سبب تصرف رفقة ويعقوب بهذه الطريقة, لكنه يشير ان هذا الظرف نشأ فجأة. ومن الجدير بالملاحظة ان كلمة الله لا تبرر ولا تدين تصرف رفقة ويعقوب, وبالتالى لا تؤسس سايقة تبيح الكذب والخداع, ولكنها تقدم لنا معلومات اخرى مرتبطة بالمسألة.
اولا, توضح الرواية ان يعقوب, بخلاف عيسو, كان يحق له نيل بركة ابيه, فقد اشترى البكورية من اخيه التوأم الذى لم يقدرها, بل باعها مقابل اكلة واحدة ليشبع جوعه. فباتت حقا شرعيا ليعقوب.
واكثر من ذلك, يقول الكتاب المقدس : " احتقر عيسو البكورية ". (تكوين 25 من 29 - 34) لذلك حين دخل يعقوب الى ابيه سعى الى نيل بركة تحق له.
ثانيا, حين علم اسحاق انه اعطى البركة ليعقوب, لم يتراجع عما فعله, فلربما تذكر ما قاله الله لرفقة قبل ولادة التوأمين : " الكبير يخدم الصغير " والجدير بالملاحظة ايضا انه عندما اوشك يعقوب الى الرحيل الى حاران (خوفا من اخيه عيسو وانتقامه) زاد اسحق على البركة التى باركه بها من قبل.
واخيرا, لا يغب عن بالنا ان الله رأى كل ما حدث وكان مهتما به, فالبركة التى منحها اسحاق مرتبطة بوعد الله لابراهيم. (تكوين 12 عدد 2 ,3) فلو لم يشأ الله ان تنتقل هذه البركة الى يعقوب, لتدخل فى المسألة بطريقة ما, لكنه لم يفعل ذلك, بل ثبت هذا الامر حين قال ليعقوب : " تتبارك . . . بنسلك جميع عشائر الارض ". - تكوين 28 من 10 - 15).

#مجدى_زكريا (هاشتاغ)      

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل