أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الصحة والسلامة الجسدية والنفسية - مجدى زكريا - لماذا الكذب سهل جدا ؟















المزيد.....

لماذا الكذب سهل جدا ؟


مجدى زكريا

الحوار المتمدن-العدد: 3908 - 2012 / 11 / 11 - 14:56
المحور: الصحة والسلامة الجسدية والنفسية
    


لا احد يحب ان يكذب عليه. ومع ذلك, فان اناسا من كل انحاء العالم يكذبون بعضهم على بعض لمختلف الاسباب. كشف استطلاع ظهر فى كتاب اليوم الذى فيه اخبرت اميركاالحقيقة, بواسطة جيمس باترسون وبيتر كيم, ان 91 فى المئة من الاميركيين يكذبون قانونيا. ويذكر المؤلفان : " اغلبنا يجد انه من الصعب العيش طوال اسبوع دون ان يكذب. وواحد من خمسة لا يمكنه ان يعيش يوما واحدا دون ان يكذب - ونعنى هنا الاكاذيب المقصودة والمتعمدة. "
ان الكذب ممارسة شائعة فى كل اوجه الحياة العصرية تقريبا. فالقادة السياسون يكذبون على شعبهم وبعضهم على بعض. فقد ظهروا مرارا وتكرارا على التلفزيون منكرين اية صلة بالمشاريع المخزية التى كانوا فى الواقع متورطين فيها بعمق. وفى كتابها الكذب خيار ادبى فى الحياة العامة والخاصة, تلاحظ سيسلا بوك : " فى القانون وفى الصحافة, وفى الحكومة وفى العلوم الاجتماعية, يعتبر الخداع مقبولا عندما يعتقد انه مبرر من قبل الذين يخبرون الاكاذيب والذين يميلون الى وضع القواعد. "
واذ اشارت الى الكذب السياسى فى الولايات المتحدة, لاحظت مجلة القضية المشتركة " ان فضيحة ووترغيت وحرب فيتنام نافستا بالتأكيد فضيحة ايران-كونترا من حيث الخداع الحكومى وعدم الثقة الشعبى. كثيرون كذبوا, لكن قليلين ندموا. لسبب وجيه اذا, لا يثق عامة الشعب بقادتهم السياسيين.
والكذب فى العالم التجارى بشان المنتجات والخدمات انما هو ممارسة شائعة. فالمشترون يضطرون الى الدخول فى اتفاقيات تعاقدية بحذر, متأكدين من قراءة الاجزاء ذات الاحرف الصغيرة. ولبعض البلدان وكالات منظمة فى الحكومة لحماية الناس من الاعلانات الكاذبة, البضائع المؤذية التى يجرى تصويرها بأنها نافعة وغير مؤذية, ومن الغش. وعلى الرغم من هذه الجهود, يستمر الناس فى المعاناة ماليا من التجار الكاذبين.
بالنسبة الى بعض الناسو يكون الكذب سهل اجدا بحيث يصير اعتياديا. والاخرون هم عموما صادقون. ولكن عند الاحراج يكذبون. ويرفض قليلون الكذب فى اية ظروف.
تعرف الكذبة بأنها " 1 - قول او عمل غير صحيح. 2 - اى شئ يعطى او يقصد ان يعطى انطباعا خاطئا. " فالقصد هو جعل الاخرين يصدقون الامر الذى يعرف الكاذب انه ليس الحقيقة. وبالاكاذيب او انصاف الحقائق, يجتهد ليخدع اولئك الذين لهم الحق فى معرفة الحقيقة.
يكذب الناس لاسباب كثيرة. فالبعض يعتقدون انهم ملزمون ان يكذبوا بشأن قدراتهم لكى يحققوا نجاحا فى هذا العالم التنافسى. ويحاول اخرون ستر الاغلاط او الذنب بالاكاذيب. واخرون ايضا يزورون التقارير ليعطوا الانطباع انهم قاموا بعمل لم يقوموا به. ثم هنالك الذين يكذبون ليضروا بسمعة شخص اخر, ليتجنبوا الاحراج, ليبرروا اكاذيب سابقة, او ليسلبوا الناس اموالهم.
واحد التبريرات الشائعة للكذبة هو انها تحمى شخصا اخر. والبعض يعتبرونها كذبة بيضاء لانهم يعتقدون انها لا تؤذى احدا. ولكن ألا تترك حقا هذه الاكاذيب المدعوة بيضاء اى تأثيرات رديئة ؟
يمكن ان ترسم الاكاذيب البيضاء نموذجا يمكن ان يؤدى الى عادة الكذب التى قد تشمل امورا اخطر. تعلق سيسلا بوك : " كل الاكاذيب التى يدافع عنها بصفتها بيضاء لا يمكن صرف النظر عنها بسهولة. وفى المقام الاول, ان كون الاكاذيب غير مؤذية هو موضع جدل على نحو ردئ السمعة. فما يراه الكاذب غير مؤذ او حتى نافعا ربما لا يكون كذلك فى نظر المخدوع. "
مهما بدت الاكاذيب بريئة فانها تهدم العلاقات البشرية الجيدة. فتتحطم مصداقية الكاذب. ويمكن حقا ان يكون هنالك انقطاع دائم للثقة. كتب الكاتب الشهير رالف والدو امرسون : " كل انتهاك للحقيقة ليس فقط نوعا من الانتحار فى الكاذب, بل طعنة لاذدهار المجتمع البشرى. "
يسهل على الكاذب ان يقول شيئا خاطئا عن شخص اخر. ورغم انه لا يقدم برهانا, تخلق كذبته الشك, ويصدقه كثيرون دون ان يتحققوا ادعاءه. وهكذا تتضرر سمعة الشخص البرئ, فيحمل عبء البرهان عن براءته. من المثبط, اذا, ان يصدق الناس الكاذب بدلا من الشخص البرئ. وهذا يدمر علاقة الشخص البرئ بالكاذب.
يمكن بسهولة ان يطور الكاذب عادة الكذب. فكذبة واحدة تؤدى عادة الى اخرى. لاحظ توماس جفرسون, احد رجال الدولة الاميركيين الاوائل : " ليس هنالك عيب ادنى, احقر, وأتفه. ومن يسنح لنفسه بقول كذبة مرة واحدة, يجده اسهل ان يفعل ذلك مرة ثانية وثالثة, حتى بصير ذلك اخيرا امرا اعتياديا. " انها الطريق الى الانهيار الاخلاقى.
بدأ الكذب عندما كذب ملاك متمرد على المرأة الاولى, قائلا لها انها لن تموت اذا عصت خالقها, فأدى ذلك الى اذى عظيم جدا لكامل الجنس البشرى, جالبا النقص, المرض والموت للجميع. - تكوين 3 من 1 الى 14. رومية 5 عدد 12.
منذ زمن ادم وحواء العاصيين, خلق التأثير الماكر لأبى الاكاذيب هذا فى عالم الجنس اليشرى احوالا تحث على الكذب. انه عالم منحط تكون فيه الحقيقة نسبية فقط. لاحظت احدى المجلات ان مشكلة الكذب " تؤثر فى العمل, الحكومة, الثقافة, التسلية, وفى العلاقات اليومية البسيطة بين الرفقاء المواطنين والجيران . . . لقد قبلنا نظرية النسبية, الكذبة الكبيرة الوحيدة التى تقول انه ليست هنالك حقائق مطلقة. "
تلك هى وجهة نظر الكذبة المتعودين. الذين يفقدون اى تعاطف مع اولئك الذين يخدعونهم. فيصير الكذب سهلا عليهم. انها طريقة حياتهم. ولكن الاخرين الذين ليسوا كذبة متعودين يمكن ان يكذبوا بدون تردد بدافع الخوف - الخوف من الفضيحة, الخوف من العقاب, وهلم جرا, انه ضعف فى الجسد الناقص. فكيف يمكن ان يحل التصميم على التكلم بالصدق محل هذا الميل ؟
ان الصدق هو المقياس الذى وضعه خالقنا للجميع. والكتاب المقدس كلمته المكتوبة, يذكر فى العبرانيين 6 عدد 18 انه " لا يمكن ان الله يكذب. " وهذا المقياس نفسه دعمه ابنه, يسوع المسيح. الذى كان الممثل الشخصى لله على الارض.
ان خالقنا. يكره الكذب. ويتطلب هذا الاله الصادق ان نعيش حسب مقاييسه لكى ننال رضاه. تأمرنا كلمته الملهمة : " لا تكذبوا بعضكم على بعض اذ خلعتم الانسان العتيق مع اعماله. " فالاشخاص الذين يرفضون ترك عادة الكذب هم غير مقبولين عنده ولن ينالوا هبته للحياة. وفى الواقع, يقول المزمور 5 عدد 6 بصراحة ان الله يهلك المتكلمين بالكذب. وتقول ايضا الرؤيا 21 عدد 8 ان نصيب جميع الكذبة الهلاك الابدى. فقبولنا نظرة الله الى الكذب يعطينا سببا قويا لنتكلم بالصدق.
ولكن ماذا يجب فعله فى وضع يمكن فيه للصدق ان يخلق وضعا مربكا او مشاعر رديئة ؟ الكذب ليس الحل ابدا, بل عدم قول شئ هو الحل احيانا. فلماذا التكلم بالاكاذيب التى يمكن فقط ان تدمر مصداقيتكم وتجعلكم عرضة لعدم الرضى الالهى ؟
بسبب الخوف والضعف البشرى, قد يغوى الشخص ليطلب ملجأ فى الكذب. فهذا هو المسلك الاسهل لاتخاذه او ما يعتبر خطأ انه لطف. لقد استسلم الرسول بطرس لمثل هذه التجربة عندما انكر ثلاث مرات انه يعرف يسوع المسيح. وبعد ذلك جرح فى الصميم لانه كذب. ان توبته الاصيلة دفعت الله الى مسامحته. كما يتضح فى مباركته بامتيازات عديدة فى الخدمة. فالتوبة مع قرار متسم بالتصميم على التوقف عن الكذب هى المسلك الذى يجلب المغفرة الالهية لفعل ما يكرهه الله.
ولكن عوضا عن طلب المغفرة بعد قول كذبة. احفظوا العلاقة الجيدة بخالقكم وحافظوا على مصداقيتكم عند الاخرين بالتكلم بالصدق. تذكروا ما يقوله المزمور 15 عدد 1 و 2 : " يارب من ينزل فى مسكنك. من يسكن فى جبل قدسك. السالك بالكمال والعامل الحق والمتكلم بالصدق فى قلبه. "



#مجدى_زكريا (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الرجل رأس المرأة - ماذا يعنى ذلك ؟
- فى الزواج - حين لا تتحقق التوقعات
- عندما نتعرض للاساءة
- هل ينبغى ان يختار الاولاد دينهم الخاص ؟
- قسطنطين الكبير - هل كان نصيرا للمسيحية ؟
- لاتكونوا تحت نير غير متكافئ
- التكيف بفرح فى عالم محموم (3)
- ثمن محاولة انجاز الكثير (2)
- نمط حياة هذا العالم المحموم (1)
- اكتشافات مذهلة - عند خط الاستواء
- هل افلت زمام السيطرة على الشر ؟
- خرطوم الفيل
- وجه المسيحية المتغير - هل يرضى الله ؟ (2)
- وجه المسيحية المتغير - هل يرضى الله ؟
- المتطوعون وهم يعملون (2)
- المتطوعون - هل يفيد وجودهم ؟ (1)
- هل يعقل ان تحدث العجائب ؟
- حياة ذات معنى - كيف نجدها الان ؟ (2)
- ما السبيل الى حياة ذات معنى حقيقى ؟ (1)
- موت احد الاولاد


المزيد.....




- مبنى قديم تجمّد بالزمن خلال ترميمه يكشف عن تقنية البناء الرو ...
- خبير يشرح كيف حدثت كارثة جسر بالتيمور بجهاز محاكاة من داخل س ...
- بيان من الخارجية السعودية ردا على تدابير محكمة العدل الدولية ...
- شاهد: الاحتفال بخميس العهد بموكب -الفيلق الإسباني- في ملقة ...
- فيديو: مقتل شخص على الأقل في أول قصف روسي لخاركيف منذ 2022
- شريحة بلاكويل الإلكترونية -ثورة- في الذكاء الاصطناعي
- بايدن يرد على سخرية ترامب بفيديو
- بعد أكثر من 10 سنوات من الغياب.. -سباق المقاهي- يعود إلى بار ...
- بافل دوروف يعلن حظر -تلغرام- آلاف الحسابات الداعية للإرهاب و ...
- مصر.. أنباء عن تعيين نائب أو أكثر للسيسي بعد أداء اليمين الد ...


المزيد.....

- الجِنْس خَارج الزَّواج (2/2) / عبد الرحمان النوضة
- الجِنْس خَارج الزَّواج (1/2) / عبد الرحمان النوضة
- دفتر النشاط الخاص بمتلازمة داون / محمد عبد الكريم يوسف
- الحكمة اليهودية لنجاح الأعمال (مقدمة) مقدمة الكتاب / محمد عبد الكريم يوسف
- الحكمة اليهودية لنجاح الأعمال (3) ، الطريق المتواضع و إخراج ... / محمد عبد الكريم يوسف
- ثمانون عاما بلا دواءٍ أو علاج / توفيق أبو شومر
- كأس من عصير الأيام ، الجزء الثالث / محمد عبد الكريم يوسف
- كأس من عصير الأيام الجزء الثاني / محمد عبد الكريم يوسف
- ثلاث مقاربات حول الرأسمالية والصحة النفسية / سعيد العليمى
- الشجرة الارجوانيّة / بتول الفارس


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الصحة والسلامة الجسدية والنفسية - مجدى زكريا - لماذا الكذب سهل جدا ؟