عيادات الدّجل والشعوذة

جواد كاظم غلوم

الحوار المتمدن-العدد: 3982 - 2013 / 1 / 24 - 23:13
المحور: الصحة والسلامة الجسدية والنفسية
    

عيادات الدجل والشعوذة

في ظاهرة ملفتة للنظر أخذت تنتشر في مجتمعنا العراقي بشكل مخيف ودون ان يُتخذ ايّ اجراء لأيقافها أو الحدّ من اتساعها سواء من قبل الدولة او المجتمع ، الا وهي انتشار وشيوع مظاهر الدجل والشعوذة وممارسة السحر وكشف الطالع حتى اصبحت هناك الكثير من البيوتات والاماكن تستخدم كعيادات يقصدها القاصي والداني طلبا للشفاء من امراض نفسية عديدة تصيب الناس وتثير فيهم حالات الاكتئاب والانفصام مما يسميه المهتمون (الشيزوفرينيا )اضافة الى ان هناك امراض مركّبة " نفسعقلية "عديدة بدأت تعمّ اوساط مجتمعنا بعد ان كانت نادرة الحدوث في بلادنا ، ناهيك عن حالات العته والجنون والنزوع الى الانتحار والتعذيب النفسي والجسدي الذي يمارسه المرضى بحق انفسهم بسبب الهوس وأخفّها حالات الصداع والشرود الذهني والبلادة ....كل ذلك يحدث بسبب الصدمات التي يلحقها المجتمع بالفرد واللامبالاة وعدم اهتمام دوائر الصحة النفسية بالمرضى المبتلين وأوضاعهم النفسية ودون الاعتماد على الاساليب والطرق العلمية الحديثة مما يُلجئ الانسان الى زيارة العرّافين والمشعوذين أملا في ايجاد الحلول اللازمة لمعاناتهم .
ومما يفاقم الامر سوءا ويثير الاستغراب ويزيد الطين بلّةً هو قيام بعض الفضائيات بالترويج والدعاية لهؤلاء العابثين بمصائر الموجوعين المرضى والذين يتسلّون بهموم الانسان ويتلاعبون بمصائرهم بهدف الاستحواذ عليهم ماليا وامتصاص جيوبهم ؛ وكم سخرتُ ألَما وغصّة حين رأيت بأمّ عيني قنوات فضائية تقوم باستضافة احد هؤلاء الدجالين ومحاورته بشأن امراض نفسية عصيّة حتى على ذوي الاختصاص ، كل ذلك من اجل استقطاب عدد اكبر من الاشخاص الذين يأملون في ايجاد علاج ناجع لأمراضهم وكم زفرتُ قهرا حين أحسست ان أولئك المرضى المساكين يتشبثون بأيّ حبلٍ يرمى اليهم عسى يكون منجاةً لأوضاعهم الصحية المتردية ولايدرون ان هذا الحبل يضيق الخناق على رقابهم ويزيد من اوجاعهم وهمومهم ويضيف الى احمالهم حملا ثقيلا آخر من خلال دسّ الخديعة في آمالهم نحو الشفاء وإدخال المريض في متاهات من العلاج الخطأ مما يزيد من تفاقم وضعه النفسي ويضاعف مرضه ؛ كل ذلك من اجل ابتزاز امواله وجعله أسير هؤلاء "المطبّبين" المخادعين
أجل فإن ذا الحاجة أعمى فلا تجعلوه يتوه في متاهات يصعب الخروج منها وهو في هذه الحال السقيمة المزرية والاحرى بكم يارعاة هذه القنوات ان تأخذوا بيد هؤلاء وتدلّوهم الى طرائق سليمة وعلاجات طبية — نفسية مقنعة من ذوي الاختصاص والكفاءة العلمية/ الطبية لأجل انتشالهم والعمل على شفائهم بوسائل علم النفس الحديثة لا أن نحشو ادمغتهم بالغثّ من الكلام الفارغ والخزعبلات الضارة وتسويق هذا الخرَف والترويج لأسماء البعض من ممارسي الكذب الرخيص والعائشين على هموم وضيم المبتلين بأمراض سايكولوجية وعقلية مؤثرة
اننا كثيرا مانسمع بان تلك العرّافة وهذا الشيخ يستطيع ان يطرد الجنّ والعفاريت من جسد السقيم المعنّى وان ذلك الساحر قادر على ان يشفي الابكم والمحسود والمذهول والمعتوه دون ان يعلم الآخرون ان هذا الدجّال وذاك المشعوذ هو الجنّ نفسه وهو العفريت بشحمه ولحمه لسبب بسيط ندركه بسهولة ؛ انه استغل حاجة هؤلاء الى طلب الشفاء فآثر الضحك على ذقونهم واستنزاف اموالهم وسرقة آمالهم وتطلعاتهم لعلاج شافٍ ينقذهم مما هم فيه من آلام وشجون لكن الانكى والأمرّ ان البعض يروّج لمثل هذه النماذج العابثة بمصائر الناس والتلذذ بمعاناتهم بدلا من ان يخففوا من شدّتها ويضمدوا جراح النفس التوّاقة الى الهدوء والاستكانة وطرد الوساوس والقلق من ارواح وعقول مرضانا المساكين الموجوعين

جواد كاظم غلوم
[email protected]

#جواد_كاظم_غلوم (هاشتاغ)      

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل