أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - جواد كاظم غلوم - القصيدةُ الثانية لابن زريق البغدادي














المزيد.....

القصيدةُ الثانية لابن زريق البغدادي


جواد كاظم غلوم

الحوار المتمدن-العدد: 3869 - 2012 / 10 / 3 - 01:48
المحور: الادب والفن
    



سيدي ، ذا المقام الرّفيعِ المنيف
جئت من سدفةِ الظلامِ المخيف
جائعاً ، عارياً ، دافقاً بالنزيف
أرى نسْلِيَ الزّغبَ تشقى
ولا سيف لي ..لأشهرهُ في وجوه البُغاة
في وجوه العدى والردى
حين يحمى الوطيس
ألوكُ الأسى مضغةً في فمي
أرحتُ رِكابي بأرضِ الزلازلِ
لا زاد عندي سوى كِسرةٍ من رغيف
بلَّلتها العفونة واخضرّ طحلبها في خِراجي
أتيتك حزناً طويل الحبال
ثقيلا ، ثقيلا بحجم الجبال
ويأساً مريراً كيأسِ الوصال
تركتُ مُناي ببغدادَ مُتَّكَأً للحنين
بُنيّاتيَ الناضراتُ قذىً في العيون
وزوجيَ أرجوحةٌ تقاذفَها الهمُّ والغمُّ
تأبى الوقوفَ ولا تستكين
وقلبيَ جمْرٌ كوتْهُ الشجون
كفاني أجوبُ الفيافي الطوال
سلكتُ القفار ، ذرعتُ البراري
خياميَ بادت ، فلا وتَدٌ يستطيل
متى أستظلّ بأفياءِ أهلي ؟!
حين يعمى مسار الطريق
ويصدأُ وجهُ البريق
أنا شاعرٌ أثقلتْهُ الصعاب
جاع أولادهُ
خبا ضوؤهُ
كنتُ أمشي أحاذي الجدار
وأبعدُ عن زمرةِ المدْحِ والقدْح
لي عالمي الذي ضمّني
أصوغُ القنوتَ الى اللهِ شِعراً ثَرِيّاً
وأدعو الى الحبِّ والصلوات
لم أكن داعراً مثل صحبي
ولا شاتماً أحداً
ولا شاحذاً مثل شطّارنا
لاأجيدُ التزلّف والكذبَ والعثرات
لم أقف أبداً ماسحاً طيلسان المهانةِ
مستجدياً من رواق الخلافةْ
أبيع اليراعً بأبخس نقدٍ حقير
وأنتظرُ الإذنَ من حاجبٍ للدخول
وأنشدُ : أنت بحار النّدى
وأنت المُعِزُّ المُذِلُّ
وأنت الصداحُ وغيرك محضُ صدى
لم أبِع مايروقُ قصيدي لِعيّار بغداد
أبحثُ عن لقمةٍ سائغة
ومالٍ وفيرْ
وجاهٍ أعلِّقهُ مشجباً
على حائطٍ مائلٍ
لم أكن غير طيرٍ يهيمُ مع الريحِ
أنّى مشتْ في تخومِ البلاد
ومازحت الغيمَ والنجمَ
أعلى الذرى السامقات
وحين يهدُّ عظامي الهلاك
أحطُّ على نخلةٍ آخر الكرخِ
أرنو الى بيت أهلي العتيد
يعدّون إكليلَ وردٍ الى سيدي
"خضر الياسِ" في سفح دجلةَ
يبقون حتى المغيب
أظلُّ أنا سارحاً ، شاردَ الذهنِ كالحالمين
أناجي المياه
وآخذ منها شراباً طهوراً
****************
أيا شاعر الموجعات !!
أما زال كفُّك يطوي الكتاب ؟
ورِجْلُك تعلو الرِّكاب
وعينُك نحوَ طريقِ الإياب
وسمعُك يرقبُ خطوَ الصِحاب
تمهّلْ قليلا
فإني أرى فسحةً في السماء
أرى الأرضَ متَّسَعاً
والمضيقُ بدا مثل فتح الفتوح
فهذي المدائنَ أبوابها مشرعة
وهلاّ دخلتَ الى باحةٍ
رحبةِ الصدْرِ ، مفعمةٍ بالجمال
وتلقاكَ تلك المُنى ، باسمٌ ثغرُها
يا لَهذي المُنى كم بعدْتِ علينا
وغادرْتِنا للتخوم القصيّة
وأبقيتِ فينا حطامَ التمنِّي
يا لَهذي الحياة الزؤام
ثخنتِ جراحَك فينا
سلَختِ قشور الطّباع بأرواحنا
وأبقيتِ فينا قشور التطبّعِ
نخلعُها فيْنةً ونلبسها طيلسان التصنّعِ
صِرنا مع الزيفِ توأمهُ
لاسعاً مثل ذنبِ العقاربْ
ماكراً مثل ذيلِ الثعالبْ
موحشاً كالسكونِ المريب
كرعْدةِ خوفٍ مشتْ فوقنا كالدبيبْ
هنا كاتمٌ في الخفاءْ
يداهمُ خطْوي
أسيرُ ، أحاذر هذا وذاك
وأعجبُ كيف وصلْتُ الى مبتغاي
آمناً ، أتحسس رأسي
فكيف نجوتُ من الفخِّ والغادرين
*************
أيها الفجرُ
ياغائباً من زمان
جناحاك حطّا على بِركةٍ
ضحلةِ الماء والفيءِ
لاشيء غير الطيور البغاثْ
تلعقُ الطينَ والدودَ والقيح
وما ساح في الماء من أثر القيءِ
ناهشةً جيفةً ، ميتةً عافها النسرُ للأرذلين
قم بنا أيها الشاعر العفُّ
هذا مكان الأذى والسقامْ
مالنا مهجعٌ أو مقام
فهزَّ جناحيك في قِمّةٍ
في أعالي الغمام
يالَهذي العيون التي يسكنَ الملحُ فيها
حين تأبى المنام
فرشتُ البساطَ ، طردتُ الوساوسَ من خاطري
وأطلقتُ ساقيَّ للحلْمِ
علِّيْ أزورُ الرصافةَ أو أرتمي...
كالوليدِ الصغيرِ بأحضانها
أرضعُ المُرَّ من ثدْيها عسَلاً أشتهيه
وأغفو على لحنِ قُبَّرَةٍ
مرّغت ريشَها في التراب
تغنّي مواويل عن موجعات الغريب
وعن لهفة الأهل والدارِ
عن ناحبٍ يرتجي ان يعود
وكيف يعود اذا الحضن ممتلئٌ بالسخام !!
والردى فاتحٌ صدرهُ للأنام
ملْ بنا ايها الشاعرُ الصّبُّ
هذا أوان الغياب
أوان التوقّدِ في النحْسِ والبؤسِ
في سانحات الأسى والعذاب
فلا الارض تدنو لأشبعها قُبَلاً وبكاء
ولا الغيم يحنو ويرأفُ بالسبخِ والجدبِ
والقحطِ والقفرِ والبيدِ عند اشتدادِ الجفاف
ألا من شذىً يملأُ البيت عطرَ الشميم !!
يفوحُ بأنفاسنا ، يحتوي شملنا
ولامطرٌ زارَنا ، عمَّ أرجاءنا
طهّرَ القلبَ ، صفّى السريرةَ
أو عطَّرَ الدربَ للنازحين
سيدي موئلَ الحزنِ والأمنياتْ
موطني السّحرَ والخيرَ والبركاتْ
ألا أستميحُ بلاديَ عذراً
سأبكيكِ شعراً الى أن أموت :
" بـغـدادُ دمـعـةُ أيـامـي ولـوعتُـها
وفي ثراها أرى الحـلاّج قد صلبا
ياخمرةَ الرَّوحِ والريحان تُسكرني
فـأنهل الــزّقَّ حـتى ألعـقَ الحبـبا
دموع يعـقوب تجري في مرابعِـنا
دمـاءُ يوسـف ماكانـتْ دمـاً كـذِبـا
تشـدو المقامات في أفيـائـنا نغَـماً
كــرْداً ، بيـاتاً ،نـهاونـداً وثـمّ صبا
وفـي المـنافـي حـبـيـبٌ أنَّ مبتـعـدا
وترقـصُ الروحُ جـذلى كلـمـا قـربا
مـاذا أحـدّثُ يابـغــدادُ عـــن ولَـهـي
أضحى الحبيبُ رماداً والهوى خشَبا
ماضرّني جـمـرةٌ تجثو على جـسدي
بل شاقـني صحبةٌ صاروا لـها لهَـبا
لـكنـمـا السعْــدُ لايـبــقـى الـى أبـَــَدٍ
فـفي الحنايا بكـاءٌ لامـسَ الطـرَبا "

جواد كاظم غلوم
[email protected]



#جواد_كاظم_غلوم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هكذا يفضحون الفاسدين
- فصلٌ مُتهتِّك في - الهوى -
- يدي في الكتاب ورِجْلي في الرِّكاب
- تجارب صحفية جريئة خلاّقة
- لحْسُ الكوعِ...وأشياءٌ أخرى
- مصيدةُ الوطن وانفلاتُ المنفى ومابينهما
- مذكرات مثقف عراقي في سنوات الحصار/ الجزء السابع
- القوّة الناعمة ..سحرُها وتأثيرُها
- الزيارة الأخيرة لمقهى اللوكسمبورغ
- بشرى وترتعشُ الشفاهُ...
- سودانيّون في -أرض الموساد-
- سيجار هافانا
- عشاءٌ عراقيٌّ في القاهرة
- نزلتَ وحلاً وحللْتَ قحلاً
- مقاطع شعريّة برفقة صيغ التفضيل
- ثلاث قصائد
- مذكرات مثقف عراقي في سنوات الحصار/الجزء السادس
- من قصائد الفتوّة - بشرى-
- غورباتشوف وخيبة الأمل
- تركيا الصديقة الحميمة


المزيد.....




- نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم ...
- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة
- باريس تعلق على حكم الإعدام ضد مغني الراب الإيراني توماج صالح ...
- مش هتقدر تغمض عينيك.. تردد قناة روتانا سينما الجديد على نايل ...
- لواء اسرائيلي: ثقافة الكذب تطورت بأعلى المستويات داخل الجيش ...
- مغنية تسقط صريعة على المسرح بعد تعثرها بفستانها!


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - جواد كاظم غلوم - القصيدةُ الثانية لابن زريق البغدادي