أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - جواد كاظم غلوم - الزيارة الأخيرة لمقهى اللوكسمبورغ














المزيد.....

الزيارة الأخيرة لمقهى اللوكسمبورغ


جواد كاظم غلوم

الحوار المتمدن-العدد: 3771 - 2012 / 6 / 27 - 02:27
المحور: الادب والفن
    


الزيارة الأخيرة لمقهى اللوكسمبورغ

لم ألوِّحْ لها مرحِّبا
لمْ أسعَ لمطاردتِها سعْياً لِنَيلِها
هي من دعتْني للإرتماء في حضْنِها
منذ أن لاحت لي طلْعتُها الجليلة
وتألقتْ فتوتي في باحتها
كانت مُتَّكاي الجميل
حين يعصفُ بي التعب
وينال منِّي الهزال
انتقيتها صفْوَتي ، نُخبتي المبتغاة
يوم غربلتُ الحرير من يرقاتهِ
وألْبستُها حُلَّةً بَضَّةَ الملمس
وشربتُ نبيذَها الشهيَّ المُسْكِر
المعتّقَ بأقبيةِ اليسار المتأجج
المتلّونِ بالفوضى حينا
والتمرّدِ حينا آخر
وبين هذا وذاك
يلتمُّ الصراخُ الآتي من الشرق
يصمُّ مسامعي
يجرجرُني من أذيالي
بيديهِ القويتين
ليوقعَني في شِباكهِ الممزقة
لكنني أفلتُ من قبضتهِ
كسمكةٍ زلقتْ من صائدِها
أهربُ إلى غاباتٍ شائكةٍ
أدورُ مثل طائرٍ حائرٍ
باحثٍ عن عشٍّ آمِنٍ
أبحثُ عن فسحةٍ من العشب
أُرخي جسدي في نعومتهِ
وأتلذّذُ في بَلَلِهِ
كنتُ أدور برأسي بين "الطاعون"
وبين "الغثيان"
أثِبُ بين حُفَرٍ عميقة الغور
ناجياً بنفسي
وأعود إلى زاويتي في المقهى
طاولتي التي تعرفُني بطلَّتي الخجولة
ومشْيتي الوئيدة
أعدّتْ لي كأسي الساخن
لأرشفَهُ مع إكسيرِ الفاقة
بقيتْ تسندُني سنواتٍ طوال
لكنها لم تقدّمْ لي
سوى القهوةِ اللاذعة المُرّة
وقدحٍ من الماء غير السائغ
بيد أنه يروي ظمئي
مثلما أعلكُ حشاشة القهوة طرداً للجوع
مازلتُ أسمعُ وقْعَ خطى أحبّتي
ذوي التقليعة اليساريّة
يتأبطون " الليبراسيون "
ويكيلون المجدَ للأهوجِ الشيوعي "ريجيس دوبريه"
مذ غادر الجادة السادسة عشر
ميمماً وجهَه صوبَ الكاريبي
مبحِراً في خِضَم الثورات النزِقة
متوسّداً أحراشَ الغابات مرةً
يغيبُ في طرقات المدن الموبوءة بالناحلين
ينامُ مع الوجَل بعينين نصف مغمضتين
يتحسسُ جسدَه خوف قرصاتِ البرد
ولدغات الرصاص الطائش
يتحاشى لسعات أعدائِه العقارب
الطالعة من خرائب واشنطن
يهرب من "السّخام" العالق في البيت الأبيض
خوفاً من أن يتَّسخَ بالدِّعَةِ والخمول
ويتمرّغُ منتشيا تحت الأوراق الخضر
**********
صديقتي اللوكسمبورغ
أنا جليسُك العتيد
حين غادركِ سليلو "اللومانتيه "
وعاشقو "ستالينغراد"
التففتُ وحدي
أغلقتُ محارتي بدهان الكلمات
وسددتُ مسمعي بصمغٍ
نزعْتُه من شجرةٍ هرِمة
ظفرتُ بهِ في غابة بولونيا
ولأني غارقٌ في الفقر
رحتُ أتلصص كالفأر
وأنسلّ إلى خشبة جان كوكتو
متلصصاً خائفاً من أعين الرقباء
ممعناً النظرَ في كلّ دورٍ
يسلبُ لبِّي ويأخذ بكياني
إلى عوالمَ لم أكن ألِفْتُها
أُرخي جسَدي على كرسيٍّ وثير
دون أن أدفع فرنكاً واحدا
كم شتمنا العاهرين
مريدي جان جينيه
وسخرنا من سفالتهم
ومجونهم النيئ
يعلكون اللِبان
المطعّمَ بالعبثيّة
وزَبَدِ "النهلستية" الطافحِ بين شفاههم
كعاهراتٍ في مبغى سافل
يتصيّدون حفنةً من الجُهّال
ممتهني اللصوصية
سارقي النار من مارجيها
عاليِي الهِمَّة ، المُحَلِّقين في الأعالي
صديقتي اللوكسمبورغ
أنا زائرُك المحِبُّ، المشوقُ ، المُعنَّى
أما آنَ لي أن أهجعَ على وسادِك الناعم؟؟!
أما آن لقلبي أن يستريح؟؟
يوم أذِنَ اللهُ أن أرحلَ عنكِ
جئتكِ صباحاً وبيدي وردةٌ يانعة
نثرتُ أوراقَها على عتَبَتِك
ورششْتُ قبلاتي على جدرانِك
كما ترشُّ أمّي الماء
حين يفارقُها وليدُها
وطبعْتُ كفَّيَّ المخضبتينِ بالوفاء
على بابِك
وهمسْتُ في سِرِّي مودِّعاً
بيدَ أن الصباح شزرني بعينيهِ البيضاوين
كمن يوصيني أن أربطَ جأْشي
أتصنّعُ الاتزان
غير أني تعثّرْتُ بأحزاني
وانهلّتْ مدامعي بكاءً أسودَ
غامتْ رؤاي بغتةً
شحذتُ الظلمةَ بعودِ ثقاب
فعاد الصباح مجددا
ضاحكاً بوجهي ، ناظراً إليّ بحنوٍّ
بعد أن دسَّ في جيبي...
حفنةً من ليلٍ عالقٍ بأذيالهِ
أهداني فتيلةَ زيتٍ بيدي
وعلبةَ كبريت أوقدُها في العتمة
هي زوّادتي في السّفر
إلى مجاهلَ لاقرارَ لها
في بَرِّ الظلمات

جواد كاظم غلوم
[email protected]



#جواد_كاظم_غلوم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بشرى وترتعشُ الشفاهُ...
- سودانيّون في -أرض الموساد-
- سيجار هافانا
- عشاءٌ عراقيٌّ في القاهرة
- نزلتَ وحلاً وحللْتَ قحلاً
- مقاطع شعريّة برفقة صيغ التفضيل
- ثلاث قصائد
- مذكرات مثقف عراقي في سنوات الحصار/الجزء السادس
- من قصائد الفتوّة - بشرى-
- غورباتشوف وخيبة الأمل
- تركيا الصديقة الحميمة
- مذكرات مثقف عراقي في سنوات الحصار/الجزء الخامس
- لايكفُّ لساني عن وخزك
- هكذا أدرّبُ نفسي
- الإحتلال الديبلوماسي
- مذكرات مثقف عراقي في سنوات الحصار/الجزء الرابع
- مذكرات مثقف عراقي في سنوات الحصار/الجزء الثالث
- لدغاتُ العمّ سام وشطحاتُ بابا كريستوفر
- رياشٌ مغمّسةٌ بالحزن
- مِن عاشقةٍ لمعْشوقِها في عليائِهِ


المزيد.....




- الثقافة الفلسطينية: 32 مؤسسة ثقافية تضررت جزئيا أو كليا في ح ...
- في وداع صلاح السعدني.. فنانون ينعون عمدة الدراما المصرية
- وفاة -عمدة الدراما المصرية- الممثل صلاح السعدني عن عمر ناهز ...
- موسكو.. افتتاح معرض عن العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا
- فنان مصري يكشف سبب وفاة صلاح السعدني ولحظاته الأخيرة
- بنتُ السراب
- مصر.. دفن صلاح السعدني بجانب فنان مشهور عاهده بالبقاء في جوا ...
- -الضربة المصرية لداعش في ليبيا-.. الإعلان عن موعد عرض فيلم - ...
- أردوغان يشكك بالروايات الإسرائيلية والإيرانية والأمريكية لهج ...
- الموت يغيب الفنان المصري صلاح السعدني


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - جواد كاظم غلوم - الزيارة الأخيرة لمقهى اللوكسمبورغ