أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - عبدالله خليفة - عزيز السيد جاسم (3-3)














المزيد.....

عزيز السيد جاسم (3-3)


عبدالله خليفة

الحوار المتمدن-العدد: 3958 - 2012 / 12 / 31 - 12:06
المحور: سيرة ذاتية
    


تصاعد نشاط عزيز السيد جاسم الوطني المثابر لتغيير الواقع العراقي ولكن أدى قصورِ فهمه لجوانب محورية من طبيعة الأنظمة والعصر والتاريخ إلى مأساته السياسية.
كان انقلاب تموز العسكري قد بدأ في تآكل طبعته الأولى عبر صراعات قطبية الشخصين قاسم وعارف المعبرين عن تناقضات بنيوية في نظامٍ متخلف لم تتشكل فيه قوى التجاوز الحقيقية، حيث تصارعت الشيوعية والرأسمالية، والقومية العربية والانعزالية، وعمليات الإصلاح والتغيير ونقيضها، حتى كان حكم البعث وراثة انقلابية أخرى بعد أن فقدت رأسمالية الدولة العسكرية قاعدتها الاجتماعية، وأستعيض عنها بتوسعٍ عبر القَبلية والطائفية والمحافظة والعنف.
لم يقم عزيز السيد بقراءةِ النظام السياسي عبر بنيته وموقعها في علاقات الإنتاج التاريخية، فكانت تجريبيتُهُ وسطَ منظمات البرجوازية الصغيرة بلا جدوى، لكنها عَرضتْ مصيرَه الشخصي للزوال.
كانت شكلاً لعدم معرفة التطور الحقيقي، ففيما الصراع الطبقي يُصعدُ أكثر قوى العنف تطرفاً يتوجه الحالم لأنسنة الوحوش.
وقد رأينا كيف مَوضعَ عزيز السيد الصوفيةَ وسطَ الحراكِ الثوري، وهي بخلافِ ذلك، وغارقةٌ في الغيبيةِ والتحلل الاجتماعي، ولهذا فإن غيابَ الرؤيةِ للاتجاهات السياسية المعاصرة وطبيعتها الاجتماعية جعلتهُ ينتقلُ بين تياراتٍ عدة، كلها شموليةٌ مفتقدةٌ لما يريد من ديمقراطية عميقة!
لكن التمسك برأسمالية الدولة العسكرية بل المشاركة في صنعها، ترتب عليه استمرار مراهنته عليها، وإمكان حدوث ديمقراطية وسطها، فيما كانت تنتقل لمرحلة أكثر ضراوة.
فقد كان صعود رأسمالية الدولة عبر طبعة طائفية متعصبة وقيام (إصلاحات) تدعم وفرتها المالية عبر تأميم النفط وهو المشروع الذي خطط له عزيز السيد نفسه، قد أتاح للأجهزة الشمولية استغلال الوفرة المالية في التوسع الأمني والعسكري وشراء الذمم والقيام بالحروب الداخلية ضد الشعب العراقي والشعوب المجاورة. فالوفرة مهمة للإصلاحات ولكن في ظل نظام ديمقراطي يوجهها للتنمية.
هذا هو نفس مصير وفيق السامرائي المثقف الآخر الذي صادق عزيز السيد للقيام بخلقِ نواة ديمقراطية وسط السلطة فتعاونا لتطوير الوعي النقابي العمالي والثقافة الديمقراطية من خلال صحافة السلطة، لكن هذا التعاون والزخم الذي توسع بمشاركة عناصر يسارية أيقظ قرونَ الاستشعار لدى قوى اليمين المتصاعدة والذي رأت خطورته الجسيمة على موقعها خاصة إنه ينمو داخل مؤسسات السلطة.
هذه كانت أكبر أخطاء اليسار العربي الذي يفتقد الديمقراطية والرؤية الموضوعية داخله، ويترك خصمَه الحضاري المفيد وهو البرجوازية التحديثية ويصارعها ويُصعّد قوى البرجوازية الصغيرة العنفية التجريبية وقوى اليمين الديني الفاشي.
وهكذا كانت تصفية النظام الملكي ذي القواعد الأكثر حضارية من نظام العسكر، وعدم تنمية التحالف التحديثي بين قوى الانتاج الوطنية العمال والبرجوازية، قد جعل قوى المثقفين التنويريين واليسار والجماعات القومية المختلفة في زاويةٍ ضيقة مع تصاعد رأسمالية الدولة العسكرية في المركز التي غدت أداة سحلِ الخصوم على طريقة العديد من الدول الأخرى كسوريا وإيران وباكستان وغيرها.
ولكن كانت الطبعة الصدامية الدموية ذروةً لهذا.
إن المثقف المستقل الباحث المحرك للوعي الديمقراطي يقف وظهره للحائط، ولهذا فإن اعتقال عزيز السيد جاسم الأخير لم يكن كالاعتقالات العابرة الأولى، كان عملية دهس لفكره وإجباره على كتابة كتب مغايرة لقناعاته، وتعذيبه، حتى تغييبه عن الوجود ومحو جسده الذي لم يُعثر عليه بعدئذ.
كانت السلطة الفاشية على العكس من أحلامه تدرك أن دوره للتغيير وسطها انتحار.
الجوانب الفكرية المتقطعة والكتب التجميعية للمواد الأدبية والفكرية لم تكن تكفي دون تحليلات معمقة للبُنية الاجتماعية وطبيعتها وعلاقتها بالتشكيلة التاريخية، وضرورة تجاوز الشموليات(الاشتراكية) بتحليلها ونقدها والتوجه لخلق نظام ديمقراطي على غرار الغرب وتجميع الصفوف والقوى في سبيل تنامي ذلك.
رغم كل شيء ترك عزيز السيد جاسم ثروة فكرية وأدبية كبيرة سوف تظلُ مدرسةً للأجيال.



#عبدالله_خليفة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عزيزُ السيد جاسم (2-3)
- عزيز السيد جاسم (1-3)
- المشرقُ العربي الإسلامي في مهبِّ العاصفة
- البناءُ التحتي القبلي العابرُ للتاريخ
- معسكرانِ متخلفانِ
- مرحلةُ دخولِ الأريافِ في الديمقراطية
- انزلاقٌ نحو الفوضى
- في انتظارِ غودو
- المذهبيون السياسيون إلى الوراءِ دائماً
- الإسلامُ التوحيدي والوطنيةُ
- المحافظون أمريكيين وعربا
- المذهبيون السياسيون والقومية
- المذهبيون السياسيون والاستبداد
- الفكرُ الغربي في حقبتهِ الحديثة
- حقبتانِ من الدين
- سلبياتُ التحديثيين والدينيين
- دعْ الإنسانَ حراً
- المنضمون إلى التقليديين
- الطائفيون والهياكلُ السياسية
- مرحلةٌ جديدةُ للريفيين


المزيد.....




- بيسكوف: نرفض أي مفاوضات مشروطة لحل أزمة أوكرانيا
- في حرب غزة .. كلا الطرفين خاسر - التايمز
- ارتفاع حصيلة ضحايا هجوم -كروكوس- الإرهابي إلى 144
- عالم فلك: مذنب قد تكون به براكين جليدية يتجه نحو الأرض بعد 7 ...
- خبراء البرلمان الألماني: -الناتو- لن يتدخل لحماية قوات فرنسا ...
- وكالة ناسا تعد خريطة تظهر مسار الكسوف الشمسي الكلي في 8 أبري ...
- الدفاع الروسية تعلن القضاء على 795 عسكريا أوكرانيا وإسقاط 17 ...
- الأمن الروسي يصطحب الإرهابي فريد شمس الدين إلى شقة سكنها قبل ...
- بروفيسورة هولندية تنظم -وقفة صيام من أجل غزة-
- الخارجية السورية: تزامن العدوان الإسرائيلي وهجوم الإرهابيين ...


المزيد.....

- سيرة القيد والقلم / نبهان خريشة
- سيرة الضوء... صفحات من حياة الشيخ خطاب صالح الضامن / خطاب عمران الضامن
- على أطلال جيلنا - وأيام كانت معهم / سعيد العليمى
- الجاسوسية بنكهة مغربية / جدو جبريل
- رواية سيدي قنصل بابل / نبيل نوري لگزار موحان
- الناس في صعيد مصر: ذكريات الطفولة / أيمن زهري
- يوميات الحرب والحب والخوف / حسين علي الحمداني
- ادمان السياسة - سيرة من القومية للماركسية للديمقراطية / جورج كتن
- بصراحة.. لا غير.. / وديع العبيدي
- تروبادورالثورة الدائمة بشير السباعى - تشماويون وتروتسكيون / سعيد العليمى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - عبدالله خليفة - عزيز السيد جاسم (3-3)