أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - مروان صباح - استمراء ناعم















المزيد.....

استمراء ناعم


مروان صباح

الحوار المتمدن-العدد: 3918 - 2012 / 11 / 21 - 20:20
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


استمراء ناعم
كتب مروان صباح / قلة كادت أن تنقرض داخل الكيانات العربية لولا أنها قفزت من محيطها الخانع الخاضع تطالب بالتغيير الشامل الرافض بشكل قاطع لكل ما هو قائم من علاقة بين الحاكم والمحكوم أدى مع مرور الزمن إلى ترسيخ انماط من السلوك تبعها استمراء ناعم تحول مع الأيام إلى حرص منزوع الدسم لأي مغامرة لا تعرف مسبقاً عواقبها ونتائجها المضمونة ، فابتت الأغلبية الساحقة تقبل ما بين يديها رغم شكواها وتذمرها من الحال إلا أنها ترتعش حين تأزف الآزفة لمجرد أن هناك امكانية جدية في تحويل الحلم إلى واقع ، وقد حصل هذا تماماً عندما تقدمت الاختبارات خلال العاميين الفائتين حيث وضعت الجميع على المحك خصوصاً من كان يتبع نهج الفلسفة التى تبيّن أنها لا أكثر من ثرثرة ، لكن هناك مجموعة صغيرة من الشباب والشابات رفضت الاستمرار بالتواطؤ على ذاتها واندفعت إلى الميادين تنادي الحاكم ومن يدغدغ نرجسيته الجريحة بالرحيل ، رغم إستهجان الأمر من الأغلبية بسبب التركيبة الذهنية لديهم حيث صنعوا لأنفسهم حدود قُيدت قدراتهم على تخطيها وانغمست بين الانتظار والمراوحة خوفاً من المحظور الذي لا يحمد عقباه مترددة ، تشتم رائحة الكفة أين سترجح ، لكن ما أن استقرت الأوضاع في ساحات التغيير وبدأ التناقص يبدد الظلام لتتضح الشمس في كبد السماء حتى انسلات قريحة اللاحقين بالتغيير بل جاءت مضاعفة كون صمتهم تعفن من قِدّمه بالإضافة للرغبة في إلحاق بمن بادر وسبقهم بخطوات بهدف تقليل المسافة المقطوعة وتجفيف الشعور بعقدة النقص أمام قلة لا تلتفت إلى الوراء وحولها غايتها الوصول إلى القمة .
قد يكون اسقاط رموز الاستبداد أمر سهل ليس بهذا التعقيد خصوصاً بعد ما خاضت الناس وترجمة ذلك على أرض العربية ، لكن ما تفجر لاحقاً من مكبوتات كان مسكوت عنها طيلة الوقت بدأت تتوالى دون انقطاع وبلا أي فرصة تعطى لمن يتصدر بفكفكتها كي يُعالج كل منها على حده ، مما جعل من الأغلبية المتأخرة بالالتحاق أو هؤلاء الذين التزموا المنازل التى تحولت إلى أشبه بدوائر الخوف والإرباك أن يؤيدوا اعادة التفكير لخطواتهم التى خطوها عند كل طارئ كأنها غير محسوبة بل اُتخذت على عجلة وقد يصل البعض لدرجة القول أنه تعرض لمباغتة حين شارك في اسقاط الديكتاتور مما يفضح جذور التربويات لأنه لم يعتاد حقيقةً على حمل المسؤولية بل العكس ذلك تماماً قد اعتياده على التبعية والانقياد لتبدأ العودة إلى الخنوع وتسدل الستائر التى توارى خلفها لبعض الوقت متقمص غاربيالدي صقلية في ذروة الانتصارات لكن سرعان ما تتحطم تلك القامات العالية باحثةً عن كتفين تنغمس وسطهما يعيدها إلى سيرتها الأولى ، وذلك باختصار يعود إلى الخلل للقدرة البنيوية على مواجهة التحديات ، فهؤلاء يعتقدون بأن المسائل تعالج عبر عصى سحرية تختزل الزمن إلا أن الواقع مغاير تماماً لما كانوا يتنبؤن التى يجعلهم أن يفروا هرباً دون أن يقروا بأن الخلل يبدأ بهم ، لهذا سرعان ما يتراجعون عن احلامهم ويصعدون إلى اطلال الماضي ويزرفوا دموعاً على من رحل أو سقط بدافع إرادة الاحرار كون حقبته اتسمت بنوع من الأمن والاستقرار النسبي المفقود اليوم .
ليس على الاطلاق بأن هناك شعوب خلقت بطبيعتها تمارس الديمقراطية كنهج ، تماماً كما أن ليس يوجد شعوب غير جاهزة لاستقبال الديمقراطية فالمسالة بالأصل تربويات يتبنها المجتمع كقاعدة ينطلق منها ليصل إليها عبر مراحل متعددة وقابلة إلى التطور والاستفادة من الدروس والعبر كناقوس يدق بهدف التذّكيّر بحجم التكلفة التى تتكبدها المجتمعات عند غيابها ، لكنها تُقّابل في أغلب الأحيان إلى اعتراضات من أفراد تعودوا على أنماط لا ترتقى للإنسانية باستثناء الشكل حيث اعدموا بأيديهم العقل فتوقف التفكير عن العمل ليصبح الأخر يقوم بتلك المهمة نيابةً عنهم ، بينما تُنّتج هذه الانماط استمراءً يؤدي إلى كسل ذهني كونه الطريق الأسهل الذي لا يتطلب جهداً للحصول على رغباتهم ، فعلى سبيل المثال إذ ما راجعنا سيرة القاصدين من العالم الثالث إلى الدول الغربية بهدف تحسين ظروفهم المعيشية نلاحظ بأن الأكثرية لم تستطيع الانخراط في تلك المجتمعات رغم تمتعها بحرية واسعة وتبتعد كل البعد عن التزلف وما شابه من انحطاط لا يعترف بالكفاءات ولا يحترم العقل الذي يحمله الإنسان كدالة طبيعية على تمييزه عن الكائنات الأخرى ، لكن سرعان ما يكتشف من تسارعت خطواته نحو الجنة الأرضية بأن الحياة التى تحتكم إلى العدالة الاجتماعية تحولت إلى عبء ومسؤولية تتطلب من المرء استخدام العقل كي يستطيع أن يجد موطئ قدم فيها ، إلا أن ما يحصل عكس ذلك تماماً حيث الأغلبية تبدأ بمهن منحصرة بالخدمات وينتهون في نهاية المطاف بها باستثناء قلة تكاد لا تتجاوز أصابع اليد الواحدة مثل ادوارد سعيد وهشام شرابي بل لم تتوقف الأمور عند هذا الحد خصوصاً بعد ما يتخلى عن الخيال ويدرك حقيقة الواقع يبدأ مشوار السعي من خلال التلكؤ ودوران حول الذات كي يقتنص أي فرصة تجعل من الإنفكاك سبيل خلاصهُ من تلك المغامرات مجهولة المصّير والمُكلِفة معاً حيث يعلق على مشاجبها المبررات كونها ليست ملائمة من الناحية الاجتماعية لكن الواقع يعكس الحقيقة دون أي مواربات حيث تُفتضح جميع الوسائل التى يستخدمها صاحبها بهدف تضليل من حوله ومن ترك خلفه ليأتي الهروب الثاني نحو الضباب مصحوب باستسلام شبيه بالأول لكنه فاقد ومنزوع الاندفاع إلا أن بعد مرور كل هذا الزمن يترسخ قناعة بأن تحقيق الحلم ليس محتكر على المكان الذي تبدد مع الايام دون توفير أي جزء منه حيث يتحول تلقائياً إلى خيال كون المسألة ارتبطت واقتصرت على ما اشتهته العين دون أن تتوفر النوايا الجادة لدى الفرد في التطور ومواكبة العصر بإعادة أنتاج الذات حسب مقاييس المتطلبات بل دفعه التقصير والتفلت من المواجهة عند اللحظة الحقيقة إلى اللجوء لمن كان يوفر له في الماضي المقزز الذي دفعه بالأصل للهروب منه نوع من الاستقرار الآمان الكاذب تحت جناحه مقابل تزويد الطرف الأخر بجرعات يؤدي زيادة شعور بالسيادة وفي أغلب الأحيان يتطلب لعق الحذاء كي لا يشيح عن وجه .
مفارقة المفارقات أن يتجرأ البعض بجعل مقارنة بين الماضي الاستبداد والحاضر الساعي للتحرر فهناك من يبحث عن تشابه بين الطائرة والحمار كونهما يتحركان فهل من المقبول أو المعقول أن يجعل المرء مقارنة بينهما ، لهذا نرى بعض المواقف تتجلى من حين إلى أخر بينما نعتبرها أقرب إلى المناكفات لا أكثر ولا أقل بوضع مجموعة من الشكليات المجردة من المضامين بين مبارك المخلوع ومرسي المزروع كأن الموضوع بات مقتصر على كيفية إلقاء هذا أو ذاك خطابه ، باحثين عن كاريزمية شكلية تتعلق بنوع الملابس والكلمات المنمقة والبروتكلات الفارغة دون الالتفات للنواحي الأساسية التى تنطلق من الشعور بالمسؤولية والواجب ومدى صدق الحاكم في تحويل الأقوال إلى أفعال ، لكن الأغلبية التى تعودت في الواقع على المتوفر دون الخوض حول الإيجابيات والسلبيات الإستراتيجية بل تحولت مهمتها أن تتصدر إلى نسمة الهواء المارة بينما تتراجع لدرجة الاختباء عندما تتعرض لانتكاسات في رحلة التغيير وسرعان ما تتحول إلى مخاوف تجعلها أن تُنبش عن الماضي المتعفن لعجزها معالجة الأزمات الراهنة التى تتفجر امامها مما يدفعها أن تؤنب ذاتها على النعم السابقة رغم معرفتهم بأن الحقبة كانت قد اشتهرت بالرغيف البائس ، لتضيق الحياة لدرجة أنها لم تعد تتسع إلا الماضي دون الحاضر والمستقبل ، فالاستمراء والخنوع يجعل من المرء مكبل غير قادر اطلاقاً أن ينظر أبعد من مربعه الأشبه بالسجن ، لهذا يصبح التغيير عدواً من الضرورة محاربته لأنه لم يمتلك عصى سحرية في توفير حلول سريعة للقضايا المستعصية .
لا بد أن يعي من هو داخل هذه الكيانات المتصلبة بأن صفحة الماضي قد طويت بلا رجعة ولم يعد لها حظ بالعودة حتى لو تكاتفت جميع العناصر البائدة بهدف استحضارها من مقابرها المعتمة لأن التغيير لا يقبل إلا جديد نقي يعالج بدوره الأمراض وعلى رأسها تحرير العباد من العبودية التى ترسخت كما يبدو في مكان عميق وباتت مصدر قلق تمارس النكد من أجل التنغيص فقط لا غير ، العقل المتحرر يكره الجمود الغافل عن استيعاب المتغير ولكل خديعة عمر ولكل تضليل نهاية .
والسلام
كاتب عربي



#مروان_صباح (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الردح المتبادل
- ارتخاء سيؤدي إلى إهتراء
- ملفات تراكمت عليها الغبار
- اخراج الجميع منتصر ومهزوم
- نعظم العقول لا القبور
- أمَّة اقرأ لا تقرأ
- مسرحية شهودها عميان
- تونس وهي
- فياض ... لا بد من نقلة أخرى نوعية
- على خطاك يا فرعون
- الضغوط تواجه بمزيج من الشجاعة والحكمة
- ثنائية القوة والضعف
- العربي بين حكم الديكتاتور أو ديمقراطية تفتت القائم
- ثراء يصعب فهمه أو هضمه
- الشعب هو الضامن الوحيد لمستقبله
- راشيل جريمة كاملة دون شهود
- من مرحلة الخوف إلى التربص
- من جاء إلى الحكم على ظهر دبابة لن يرحل إلا تحتها
- أقنعة نهاريةُ وأخرى ليلية
- حفيد أم وريثا


المزيد.....




- هل تصريح نتنياهو ضد الاحتجاجات في الجامعات يعتبر -تدخلا-؟.. ...
- شاهد: نازحون يعيشون في أروقة المستشفيات في خان يونس
- الصين تطلق رحلة فضائية مأهولة ترافقها أسماك الزرد
- -مساع- جديدة لهدنة في غزة واستعداد إسرائيلي لانتشار محتمل في ...
- البنتاغون: بدأنا بالفعل بنقل الأسلحة إلى أوكرانيا من حزمة ال ...
- جامعات أميركية جديدة تنضم للمظاهرات المؤيدة لغزة
- القوات الإيرانية تستهدف -عنصرين إرهابيين- على متن سيارة بطائ ...
- الكرملين: دعم واشنطن لن يؤثر على عمليتنا
- فريق RT بغزة يرصد وضع مشفى شهداء الأقصى
- إسرائيل مصدومة.. احتجاجات مؤيدة للفلسطينيين بجامعات أمريكية ...


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - مروان صباح - استمراء ناعم