|
من جاء إلى الحكم على ظهر دبابة لن يرحل إلا تحتها
مروان صباح
الحوار المتمدن-العدد: 3838 - 2012 / 9 / 2 - 20:29
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
نختلف مع البعض وهذا حقنا كما هو حق الآخرين بالاختلاف معنا كون تقيمهم للوهلة الأولى لحالة الرئيس بشار الأسد جاءت مستعجلة ووضعت في القالب الشكلي تماماً حيث تصور من راقب حركاته المضبوطة ، المصحوبة بهدوء صوته بأن الرجل يتمتع بارتياح غير عادي قياساً للظروف التى تحيط به كأنه خارج الأزمة ، لكن ما حاول اظهاره يهدف مخادعة المشاهد وناتج عن تلكؤ غربي مقصود الذي يندرج تحت اعطاءه فرصة تلو الأخرى لتكتمل بالأخيرة بعد ما استقال السيد عنان وحل مكانه السيد الإبراهيمي ليرئس الفريق المفتشين الخاص بمجلس الأمن والذي استغرق من الوقت ما يكفي كي تصول وتجول كتائب الأسد في البلاد مستغلتاً ما قبل ساعة الصفر التى حددها رئيس البعثة لبدء عمله ، لم يكن الرجل أبداً على ما يرام خلال المقابلة الأخيرة التى وصفت صحافياً أنها تتحلى بمساحة من الحرية والصراحة ، حيث يعلم قبل غيره بأن الأمور دخلت مرحلة جرائم الحرب وكما يدرك جيداً أنه قد انتقل إلى منطقة لا سبيل للعودة بسبب الإفراط في عمليات القتل الجماعي التى تجاوزت مفهوم تبادل النار لتأخذ منحة اخرى القتل على الهوية . لقد تجاسر الأسد على الجهر منذ البداية برفض الإصغاء لأي حلول تؤدي إلى حل سياسي تنهي حكمه الموروث ، لقناعته التامة المنطلقة من منطق أنه لم يأتي إلى الحكم بالطريقة الديمقراطية ، لهذا لن يرحل إلا بذات الطريقة التى جاء بها على ظهر دبابة وأغتصب حينها مناحي الحياة وعلى رأسها التفكير نيابةً عن الآخرين لهذا نلاحظ عندما سُئل عن الانشقاقات التى إصابة رأس الهرم من مراتب مدنية وأخرى عسكرية حتى من كان يُعّرف برفيق الدرب قفز بخفة مستخرجاً مصطلح جديد ومغاير عن ما هو مألوف بأنهم فارين من الخدمة العسكرية والوطنية ولهذا ينطبق عليهم عقوبة الإعدام كون البلد يعيش ظروف قاسية وتحتاج إلى السواعد التى استفادة وتنعمت في المراحل السابقة من خيراته ، فيما يندفع إلى ذروة التناقض حين أبدى تعجبه لفرارهم وعدم معارضتهم من داخل الوطن كأن هناك حالات سابقة نفدت عندما تجرأت على الاعتراض وراهنت بفتح فمها ولم تسحق بآلة القتل . طبعاً هناك فرق بين الشعور بالاطمئنان و إعطاء للقاتل مدة زمنية اطول كي يعيش بالأرض فساداً وهذا بالتأكيد يعود إلى سياسة الادارة الأمريكية التى ينتهجها الديمقراطيين عندما يصلوا إلى البيت الأبيض ولم تكن اطلاقاً مقتصرة على الأزمة السورية بل تعاملت مع معظم القضايا العالم بذات الإهمال المقصود الذي ينتج حالة من الانهاك والعصر المنظم ، حيث نراها اليوم بشكل جليّ على الساحة السورية من دمار للوطن والدولة الذي يعكس حجم الخدمة المقدمة للعسكرية الإسرائيلية من قبل النظام اولاً والتآمر القوى العظمى يأتي لاحقاً ، فقد قدم الأسد اعترافا بأن المسألة لم تكن كما تصور أو صورة له بأنها تحتاج بضعت أيام كي تعالج من جذورها وأن الدعم الخارجي يمكن أن يُسرع في إنهاء الثورة حيث بدأ يحيل عجزه وعجز دافعيه إلى الهلاك وأسباب تأخر حسم المعركة لتدخلات دول الجوار التى ابدت استعدادها منذ البداية في تقديم العون للثوار بالسلاح والتمرير المقاتلين محتكراً لنفسه تأيد الشعب المطلق مما جعله بكل هدوء إحالة جميع ما يجري إلى الإرهاب الدولي ، رامي وراء ظهره مطالب الشعب التى جعلتهم ان يتظاهروا ثم تحولوا إلى ثوار نتيجة رميهم بالرصاص الحي وتحالفوا مع القوات المنشقة من الجيش النظامي ، ولم يكتفي عند هذا الحد من التجاهل لثورة الشعب بل تمادى باتهام الأعداد التى لجئت إلى دول الجوار بالخيانة والبالغة تعدادها عشرات الألوف وقابلة إلى المزيد في كل لحظة هرباً من نار الجحيم التى فتحها الأسد نحوهم . لم يعد أمام الشعب السوري إلا أمرين أثنين لا سواهم ، أن يتحولوا إلى ثوار يمتلكوا السلاح ويقاتلوا عدو الإنسانية ، واضعين خطط تمكنهم من تغيير الأساليب المعركة الدفاعية وتصدي لهجمات الكتائب الأسد إلى هجوم معاكس تبدأ بإنهاك قواعده التى ينطلق منها بالإضافة للمراكز الأمنية ، أو الالتحاق بمن سبقهم من إخوانهم إلى ما بعد الحدود كي يعلنوا جميعهم من الخارج أنهم لن يعودوا إلى ديارهم إلا برحيل هولاكو العصر وزمرته القتلة مغول اليوم الذين يبيدون كل ما يأتي في طريقهم من حجر وبشر ، فإذا كان فاقد الشيء لا يعطيه ، وتلك من بديهيات المنطق فكيف يمكن للأسد أن يقف عند نصح الإعلام وإرشاده للطريق الذي يمكن أن يسير باتجاه وهو ذاته معطوب البوصلات وبحاجة لمن يرشده ، كما كيف له أن يهدي الناس سواء السبيل وهو قاتلهم ، هناك عبارة لديستوفوسكي يقول فيها اذا كانت السماء خالية فكل شيء مباح ، من خلال هذا المنطق يتعامل النظام بجنون تام مع من يعارضه بل أصبح يساوي من يلتزم الحياد بذات الانتقام ، منطلقاً من قناعة أن الجميع لديه متهم حتى يثبت عكس ذلك ، معتمداً بشكل عمياني على حلفائه كي يعيدوا له عقارب الساعة إلى الوراء لكنها محكومة بالفشل لأن الشعب قد قام ولن يسمح بالتلاعب بحركته وقد بعث رسائله مكتوبة من دماءه لكنها تبددت دون فائدة لأن المُنَّادَ خُلق ميت لهذا سبقنا الشاعر بقوله إذا ناديت ولكن لا حياة لمن تنادي ، فإذا كان حاصل جمع القوى الأزمة يساوي صفراً وعلى الشمال فما المأمول ممن يمشي كالطاووس على جثث الأبرياء . لم يحصل من قبل أن الاستبداد قدم اعتراف ولو بسيط بأن العواصف لا تهب كما يشتهيها ومن يشاركونه السفينة ، لكن الواقع مغاير تماماً لمن يقدم تذاكي على المسألة السورية دون أن يعترف ، بل يحيل اخفاقاته للمساعدات الخارجية دون أن يطرح ولو لمرة بشكل مسئول بأن الشعب قد طفح لديه الكيل ويرغب بالتطهير الدولة من هذا النظام الفاشل والعاجز ويريد استبداله بوجوه تحتكم إلى رغباته والدستور ، وان لا مكان بعد اليوم لأمثال الأسد بين السوريين لأن من يرفض التعايش مع أغلبية الشعب سيكون مصيره مثل من رحل ويحاكم في محاكم القضاء العادل وسيحاسب حساب العدو لأن المستبد هو الوجه الأخر للنكبة ، فما قام به النظام خلال 18 شهراً يفوق الأربعين عام من الضرب تحت الحزام حيث لم يواجه الشعب مباشرةً وإنما حاربه بطرق اخرى غير المواجهة من خلال التجويع والتجهيل والقمع والانحلال الخلقي المنهج . اليوم اختلفت المعادلة وباتت المعارضة تسيطر على مناطق شاسعة من جغرافية الوطن ولم يعد ينفع الانكار ، الأمر الذي اضطره أن يلجأ إلى سلاحه الأخير الطائرات والقصف المنهمر بعد ما أُنهكت كتائبه حيث باتت تسجل تراجع في الهِمّة والتململ وفقدت هيبتها في القتال على الأرض مقابل عجز اممي غير قادر على أخذ قرار بالحظر الجوي على غرار ما حصل في ليبيا ، إلا أن لا بد من ايجاد قنوات تستطيع الحد من تأثير الضربات الجوية وإضعافها لدرجة إلغاء تفوقها تماماً وذلك يكمن إذا ما تم تزويد المعارضة بصواريخ مضادة تعطل من استباحة طائرة الأسد للفضاء دون أن تخرج عن إمكانيات الشعب وسواعد ابطاله ، فالحائط الأخير الذي يستطيع النظام الاستناد إليه هو السماء لامتلاكه الطائرات لا سواه ، كي ينقذ الديكتاتور من خريفه لكن هيهات .
#مروان_صباح (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
أقنعة نهاريةُ وأخرى ليلية
-
حفيد أم وريثا
-
تسكع من نوع آخر
-
اجراس تكفي لأن تثقب طبلة الأذن
-
تحالف المشوهين
-
بين قسوة العربي على توأمه والعدو
-
فحم يتحول إلى ماس يتلألأ
-
أهي البداية أم قراءة الفاتحة
-
التحرر من عُقد النقص والتورط بالتقليد
-
صفحات بلا فصول
-
ظل وظلال
-
الشعب يريد نصرك يا الله
-
باحثون عن حفرة ينامون بها إلى الأبد
-
يحتاج المرء إلى ثلاثة اضعاف عمره كي ينجز بعض احلامه
-
المعرفة المجزوءة
-
اتباع الطاغية لا دولة بنوا ولا حرية سمحوا
-
عجلات لن ترحم
-
أجمل ما في الحياة أن يدافع المرء عن نفسه
-
نقدم العزاء لروح ستيفن جوبز
-
الموت السريري والنبض الكاذب
المزيد.....
-
خبير: الكرملين لا يسعى لإسقاط النظام الإيراني بل يراهن على ج
...
-
في ملجأ محصن.. خامنئي يعزل نفسه ويحدّد خليفته تحسبًا لاغتيال
...
-
القبض على أول شخص من عائلة بشار الأسد في سابقة أمنية لافتة ب
...
-
تل أبيب تصعّد حملتها ضدّ المنشآت النووية ال?إيران?ية وتلوّح
...
-
مساعدات التنمية: ألمانيا تقلص الإنفاق على الناس الأكثر فقراً
...
-
فرنسا: المنطاد الأولمبي سيعود للتحليق في سماء باريس بعد تحول
...
-
بالأرقام.. هكذا يضيّق الاحتلال الخناق على خان يونس
-
عبر الخارطة التفاعلية.. آخر التطورات في المواجهة الإيرانية ا
...
-
ردّا على ترامب.. الكنديون يلغون رحلاتهم إلى أمريكا.. من يدفع
...
-
الجيش الإسرائيلي: قتلنا قائدا آخر بفيلق القدس.. ونخوض -واحدة
...
المزيد.....
-
كذبة الناسخ والمنسوخ _حبر الامة وبداية التحريف
/ اكرم طربوش
-
كذبة الناسخ والمنسوخ
/ اكرم طربوش
-
الازدواجية والإغتراب الذاتي أزمة الهوية السياسية عند المهاجر
...
/ عبدو اللهبي
-
في فوضى العالم، ما اليقينيات، وما الشكوك
/ عبد الرحمان النوضة
-
الشباب في سوريا.. حين تنعدم الحلول
/ رسلان جادالله عامر
-
أرض النفاق الكتاب الثاني من ثلاثية ورقات من دفاتر ناظم العرب
...
/ بشير الحامدي
-
الحرب الأهليةحرب على الدولة
/ محمد علي مقلد
-
خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية
/ احمد صالح سلوم
-
دونالد ترامب - النص الكامل
/ جيلاني الهمامي
-
حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4
/ عبد الرحمان النوضة
المزيد.....
|