أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - مروان صباح - نقدم العزاء لروح ستيفن جوبز















المزيد.....

نقدم العزاء لروح ستيفن جوبز


مروان صباح

الحوار المتمدن-العدد: 3771 - 2012 / 6 / 27 - 20:34
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


كيف لستيفن جوبز صاحب جهاز النقال أي فون وقبله الماكنتوش أن يموت بيننا ما دام ابتكاره استطاع أن يتحول إلى جزء أصيل في يومِياتنا ، لقد دافع المرء في الحياة عن ذاته بشتى الوسائل لكنه اخفق كما اخفق صاحب السلالة الأولى للبشرية أن ينجح في الدفاع عن نفسه لحظة الرحيل فوقف عاجزاً ، لهذا رغم رحيل جسده إلا أن افعاله تحُّول المغادرة وهي ما بين البقاء والخلود ، فنحن رغم عدم معرفتنا الشخصية بجوبز واختلافنا المشروع بالعقيدة والانتماء الأممي إلا أن انسانيته الكونية من خلال اعماله المتنوعة في الكيف تمكنت أن تذكرنا به بمنأى عنه كأن عيوننا لم ترسل له النظرة الأخيرة في الوداع بل في كل برنامج يسمح لنا الفضول بالتعرف على كيفية استخدامه يجعلنا أن نستقبله راجعاً بقوة من مماته ، كأن قدرته على الاختراع والإتقان حولته إلى ابدي دون جسده من خلال ادراكه وعيه السريع والمختصر للمسافات التى تتخللها حلقات ضائعة بأن الخلود ليس للجسد بقدر العمل التى تستفيد منه البشرية جمعاء ، فقد تكمن الرجل من أن يحرز ولادته الثالثة بعد ما اعاد إنتاج ذاته في الولادة الثانية فكان هو الأب والأم والدولة في تذويب ما تراكم من شوائب في الولادة الأولى التى هيأت فيما بعد للولادة الخلود حيث استغرق فيها المنبهرين بتحويل البعيد إلى قريب والكم مهما تضخمت مواده تجد سعة تسمح لها الاستيعاب لتكون مرجع في أي وقت ومكان .
ما يلفت الانتباه هذه الجراءة في التحدي للتضاريس والأزمنة التى جعلت الرجل يخترقها رغم أنه يعيش ضمن جغرافيا توصف بالحرية مما يدلل على عدم الاستجابة إطلاقاً لما هو قائم والاكتفاء بما حوله ، فحول وعيه المبكر إلى صراع مع الذات بهدف تحريرها ، حيث انتصرت موهبته لصالح الإنسان فأزالت جميع الحواجز الاستبدادية بما فيها الحدود والتعتيم للمعرفة التى أنتجت معركة طاحنة ما بين النظم التى لا تقبل التغيير والذاكرة الممتلئة التى بدورها قلصت تمدد النسيان ، نحن في هذا الوقوف المتكرر في الاستقبال ، نسجل غبر الكلمات اعترافاً مصحوب بالعرفان لرجل بات تحت التراب لكننا نقدم العزاء من روحه حتى ولو جاءت متأخرة بعد الشيء ، حيث ارتبطت بحياتنا بشكل قوي وعلى اختلاف الأعمار وبتفاوت القدرة التعاملية من إنسان لآخر وقد يكون كما كل شيء لمثل هذه التكنولوجيا التى توفرت بين أيدي الأجيال الأصغر سناً حيث يعطيها التأقلم منذ النشأة فرصة المهارة في الغوص بعدة مجالات وتنتقل من التحسس إلى المتقدم بخفة ومرونة دون الشعور بالاغتراب وتتدرج نحو إلغاء الكثير من القضايا العالقة ليحل مكانها أكثر علمياً وتطوراً حيث السهولة والمتعة ، فيما تتزاحم الدعوات لتلك الأمهات التى لا يعرفنا من الأجهزة غير الإرسال والاستقبال مع احتفاظهم بالانبهار دون أن تتقلص المسافة بينهم وبين ما يطرأ من إضافات متنامية تُزيد المسألة تعقيداً لمهمتهم في محاولات بائسة ولإمكانية التعامل مع هذه النوعية من التكنولوجيا حتى لو كانت هناك رغبة عالية في التماهي ، إلا أن ما تحمل ارواحهم من امتنان لسيد جوبز الذي استطاع نفض كميات من الغبار التى تراكمت وتحولت إلى تراب ليجرف أكوامها الترابية التى وضعتها عقول مختلفة إن كانت إحتلالية أو اقتصادية أو اجتماعية أدت إلى تشريد شعوب بالكامل وتقطيع وصالهم ليصبح التواصل صعب ومكلف بل متوحش لدرجة القطيعة القسرية .
لقد حُكِما علينا بالآهات إلى ما لا نهاية في محاولات حثيثة بهدف المحافظة على الإرث الموروث لتكوين الأسرة التى طالما افتخر بها العرب من حيث الترابط المشبع بالدفء والحنان ، لكن بلوغ الأشخاص سن الرشد الجسدي وإنفكاكهم الطبيعي من تحت مظلة العائلة يتعرضون في أول خطوة يخطوها نحو المجتمع إلى جحيم معبد بالنوايا الحسنة مما يجعلهم بشكل فوري الانتقال للبحث نحو جغرافيا تتوفر فيها الحد الادنى من الحياة الكريمة التى تهدف إلى توفير ما يمكن أن يؤسس لعائلة صغيرة تجنبهم المأساة والتشتت الذي وقع بحق اسلافهم لتبدأ المعركة الحقيقية في اثبات الذات ضمن مساحة حرة تحترم الكفاءة والموهبة دون أي تمييز لأن انعكاس تلك الإبداعات التى تأتي من الفرد تضيف لما تراكم من إنجازات وتتيح او بالأحرى تُسهل للقادم الفرصة في ابتكار الجديد ، مما لا يعطي أي فرصة للكسول أو عاطل عن التفكير والذهن أن يحيل هزائمه الشخصية المتعاقبة إلى الآخرين أو يعلقها على مشاجب التبرّير كي يريح ضميره المتوقف ليزداد تشوه على المشوه .
لقد مات ستيفن لكن بأعماله المستمرة لم يموت كأنه مازال حياً تماما حين ملئ حياته بالحيوية والانتشار ، حيث لا مكان لطنين البعوض في مربعه المنتج وفي نفس الوقت لم يبحث إطلاقاً عن اوسمة هي في حقيقتها تليق بالمتقاعدين لا بالمدعيين ، مضفيين للبشرية وسائل تُسهل لهم التواصل والمعرفة بأقل الثمن ناهيك عن المسائل الأخرى العديدة التى تساعد في تجديد المعلومات الناقصة ، هنا نقف مجدداً مغمضين عيوننا في لحظة عرفان يسقط السؤال بين مجموعة اسئلة ، كم من الوقت أستنفذ جوبز كي يكرس طاقاته العلمية وحياته الشخصية امام هائل من الفراغ الحياتي وتنوع طنينه الذي يستهدف كل مجتهد ومبتعد عن الثرثرة وأشكالها المقيتة لكن الإجابات تتقدم دون إذن كي تجمع جميع الدلائل بأن الإرادة والإصرار التى تحلى بهما أوصلته إلى الإبداع وانتصر على الموت بالخلود فاخترق اسمه التضاريس والأزمنة وسمح للبشرية اختراق الحدود المصطنعة التى صنعها الإنسان ذاته لكن هذه المرة دون خوض حروب أو مشقة سفر .
تعلم ستيفن جوبز المغامرة من النحل الباحث عن الرحيق وحلق فوق السفوح ليحول من شيء متخيّل إلى محسوس ومرئي ثم إلى طاقة كي يعيد السلوك المحذوف من حياتنا لأسباب لها علاقة في التكوين الاجتماعي للأفراد والمفاهيم التى تتشكل لدينا وقد ضرب لنا مثلاً متجدد من رجل يشبه قلة ممن سبقوه في تخليد أنفسهم ، في زمن أصبحنا نموته يومياً أكثر مما نعيشه لأن الإنسان ضل الطريق إلى نفسه اولاً وفوجئ بأن الطرق التى سعى معتقداً أنها ستوصله للسعادة لا تفضي إلى ما يريد فبات في حالة الهرولة المنزوعة من الرؤى في التقدم .
والسلام
كاتب عربي



#مروان_صباح (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الموت السريري والنبض الكاذب
- عناق تحت الأرض
- قد يكون المحذوف هي الحقيقة ذاتها
- لم يعد متاح لمن يسبح على الرمل أن يفوز بقطع النيل
- المياه العميقة تمشي ببطء
- مصطلحات موسمية
- سجان توحشت روحه
- خبر ناقص أعرج
- تواطؤ يتغذى من الذات
- من شروط نهوض الدولة نهوض القضاء
- يعيش خارج التقويم
- محكمة ذاتية أقامها لنفسه
- الطرف لثالث
- مرحلة لا بد من قطعها كي يعاد العقل إلى عقاله
- الخطأ يتحول إلى خطايا
- الخطوة تبحث عن مغامراً
- فلسطين الديمقراطية فيكِ عرجاء
- احتشادا وتأهب
- لعبة التكامل والابتزاز المتبادل
- وزيراً في الصباح وغفيراً في المساء


المزيد.....




- قصر باكنغهام: الملك تشارلز الثالث يستأنف واجباته العامة الأس ...
- جُرفت وتحولت إلى حطام.. شاهد ما حدث للبيوت في كينيا بسبب فيض ...
- في اليوم العالمي لحقوق الملكية الفكرية: كيف ننتهكها في حياتن ...
- فضّ الاحتجاجات الطلابية المنتقدة لإسرائيل في الجامعات الأمري ...
- حريق يأتي على رصيف أوشنسايد في سان دييغو
- التسلُّح في أوروبا.. ألمانيا وفرنسا توقِّعان لأجل تصنيع دباب ...
- إصابة بن غفير بحادث سير بعد اجتيازه الإشارة الحمراء في الرمل ...
- انقلبت سيارته - إصابة الوزير الإسرائيلي بن غفير في حادث سير ...
- بلجيكا: سنزود أوكرانيا بطائرات -إف-16- وأنظمة الدفاع الجوي ب ...
- بايدن يبدى استعدادا لمناظرة ترامب


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - مروان صباح - نقدم العزاء لروح ستيفن جوبز