|
سجان توحشت روحه
مروان صباح
الحوار المتمدن-العدد: 3755 - 2012 / 6 / 11 - 19:38
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
لم تنتهي الطريق مادام السوريون ينشدون في كل صباح بدمائهم ليس بألسنتهم الحرية لا غير ، متمسكين بالأمل الباقي بعد ما أثبت العالم بأسره بأن للتحرك ثمن تفتقدها الأرض السورية حيث لا مدخرات في باطنها من الذهب الأسود كي تساهم بزحزحة هِّمم المجتمع الدولي في الضغط المطلوب لإجبار آلة القتل بالتوقف الفوري وردم الحقد الأصفر الذي يسيل دون إنقطاع بل يتفاقم كل ما ظهر إصرار ممن يمتلك عقول المعرفة والأصالة التى كانت كامنة بعد كل هذه السنوات من محاولات القهر والتجهيل والمرض التى انتهجها النظام كسلوك في تحديد التعامل مع الشعب . ليس من الصعب بل من السهل على النظام توليد الكلام من الكلام في وقت لم يعد مطلوب الكشف عن حقيقة المجازر التى تشهدها المناطق الأكثر صلابةً في وجهه لكن الحالة برمتها تحولت إلى أشبه بالمقيتة لدرجة التقيؤ لذلك الإفتضاح المسكوت عنه إقليمياً ودولياً كأن عقارب الساعة توقفت عند ساعة الصفر فلم يعد الليل يتقدم نحو النهار ولا النهار قادر على البزوغ ، فبدل من توظيف جميع الجهود كي تتوفر الأفكار التى تساعد في إنتشال الشعب المظلوم من تحت سكاكين الإجرام في وقت يتصاعد الموقفين الروسي والصيني بالتشدد لأي حل يدفع في تقليص الفجوة بين من يصرون لحمايته والشعب أمام التدهور لمبادرة عنان التى بفضلها أصبح القتل عشوائي بل تعاظم لدرجة لُطِخت الدماء على الجدران وأصبح يتنقل من مجزرة إلى اخرى دون الاكتراث لأي جهة دولية مما يظهر تحدي عنيد لجميع المبادرات التى فُعّلت أو طرحت حتى الآن بهدف الحد لشلال الدم المتواصل دون توقف والدخول في عملية سياسية تؤدي في النهاية للإنتقال إلى جمهورية ثانية ضمن تحرك سعودي أمريكي يحاكي الموقف المتصلب الروسي بعد تجاهُل أدى إلى تفاقم المسألة وسهل للنظام عملياته المتوحشة التى جاءت في حاصل جمع تسهيلات روسية صينية محورية ، لكن هناك شبه إجماع دولي في تناول المبادرة اليمنية والإستناد إليها كأحد الحلول الممكنة بهدف تقليل المسافة بين الطرفين ، وهذا يعني شيء واحد بأن الرئيس بشار مازال لديه في المخزون الروسي رصيد هائل بهدف إخراجه بأقل الأضرار ، لقد ضاقت الدنيا امام الشعب على سعتها وأثبتت عملية الخض والرج التى أتبعها أصدقاء الشعب السوري عدم جدواها في احداث مساهمات تؤدي إلى اسقاط نظام دموي تماماً بل كانت تأتي الجهود المبذولة عكسية لصالحه بسبب تفوقه بأدوات الذبح في كل مرة وتعطيه فرصة أضافية كما يحصل اليوم في إستحضار النسخة اليمنية التى تأكد بشكل قاطع على عجز المجتمع الدولي في إيجاد حلول تساند الشعب الثائر الذي قدم دروس في إصراره على نيل حريته لتكون مدرسة ومرجع للشعوب القادمة ، بيد أن الفارق الجوهري بين النظام علي عبد صالح والأسد واسعة من حيث كيفية التعامل فالثاني أشهر مدافعه الثقيلة وسكاكين الغدر والحقد لمن في الشوارع وداخل المنازل فقتل بشكل همجي مئات الأشخاص يومياً وحول الجغرافيا دون إستثناء إلى قبر جماعي في حين الأول حرص رغم أنه حاول في البداية قمع المتظاهرين بشتى الوسائل المتاحة وأدى القمع إلى قتل مئات الناس لكنه سرعان ما أدرك وأجرى ترميم لإدارة الأزمة خصوصاً بعد تعرض مقره إلى تفجير ذهب ضحيته أقرب الناس إليه وظيفياً مما جعله يعيد حساباته ليقابل الثوار بين وقت وأخر بعوامل الزمن والمراهنة على التقادم الذي لا يسلم منه الحجر ، فلم تسعفه في الواقع وجاءت بالفشل مما اضطره في النهاية بالتسليم والخروج من يأسه كي يعانق الزمن الذي سمح للثورة أن تخطو بثقة إلى المستقبل وترفع رأسها شامخة قوية رغم ما تركه النظام البائد من مكبوتات . لسنا من المتفائلين الذين يغيرون صورة الواقع عبر عمليات تجميلية قاسية ابداً خصوصاً عندما تتقدم إقتراحات متعاقبة في فن الممكنات والتى يتضح أنها أقرب إلى الهروب من أي شيء أخر فالمسألة ليست مرهونة عند رأس الهرم بل تركيبة النظام التى أوغلت في قتل وتعذيب وسلب حقوق البشر وأمعنت في احتكار الهواء قبل الاقتصاد بحيث تُعّفي المبادرة الجديدة المجرمين من العقاب الدنيوي لما إقترفوا لتبدأ في البحث عن مشاجب هشة كي تعلق اللوم بالمسؤولية على الطرفين أي مناصفة لما كان من أحداث وتغفل عن عقود طويلة من التنكيل بالإضافة إلى السنة والنصف الأخيرة التى وحدها تحولت البلاد إلى غاب لا رأفة مع من قرروا الفطام سياسياً ، لكن هذا الإصرار في خلق قنوات تؤدي إلى تملص القتلة من تبعيات ما إفترسوا هو تواطؤ على المنظومة القيمية البشرية التى عبر عنها الشعب السوري من خلال ثورته الإنسانية . لقد خسر النظام الكثير وفي المقدمة هيبته الكارتونية بارتخاء قبضته المعجونة بقالب حديدي ملفق في أغلب المناطق وقد دفع أدواته إلى فعل الكثير من الجرائم الشنيعة التى تبرهن عن مدى الحقد المتوغل داخل قالب بشري لكنه قي الواقع متوحش ومشوه كي تستعيد هيبته المنزوعة بقرار شعبي والتى تبعثرت تحت أقدام الأطفال أولاً ليكتشف الشعب مدى هشاشتها ، لهذا ينبغي أن تتقدم الحلول على قدر التضحيات التى قدمها الشعب بضرورة تحميله عبثية القمع وجنون أتباعه ووحشيتهم ، فهناك محاولات قاصرة تدفع في وضع طرق آمنة لمن ينظر للناس بأنهم حشرات لا قيمة لأي قيمة إنسانية كأن الأرض خلت من القيم مما أعطاهم الحق أن يحكموها بروح السجان التى توحشت روحه . والسلام
#مروان_صباح (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
خبر ناقص أعرج
-
تواطؤ يتغذى من الذات
-
من شروط نهوض الدولة نهوض القضاء
-
يعيش خارج التقويم
-
محكمة ذاتية أقامها لنفسه
-
الطرف لثالث
-
مرحلة لا بد من قطعها كي يعاد العقل إلى عقاله
-
الخطأ يتحول إلى خطايا
-
الخطوة تبحث عن مغامراً
-
فلسطين الديمقراطية فيكِ عرجاء
-
احتشادا وتأهب
-
لعبة التكامل والابتزاز المتبادل
-
وزيراً في الصباح وغفيراً في المساء
-
المزهرية الفارغة يثرثر فيها غياب الورد
-
جنرالات استبدلوا الشدة بالفتحة
-
عادات كرسها متنكرون
-
التنكر في زمن الانتخابات
-
المقابر فاضت وابتلعت المدن
-
القيامة بصياغة بشرية
-
توهموا الصغار بأنهم أنداد للكبار
المزيد.....
-
فوردو ونطنز وأصفهان.. الخطاب الكامل لترامب بعد الضربات الأمر
...
-
أول حالة معروفة لاستخدام هذه القنبلة.. إليك ما نعلمه عن تفاص
...
-
تحديث مباشر.. أمريكا -دمرت تماما- منشآت إيران وطهران ترد بأو
...
-
قرب منشأة فوردو الإيرانية.. ناسا تلتقط إشارة حرارية الأحد
-
قبل نحو 48 ساعة من ضربة أمريكا.. صور فضائية تكشف تحركات إيرا
...
-
-هجوم وحشي-.. إيران تدين الضربات الأمريكية على المواقع النوو
...
-
إسرائيل.. -دمار واسع النطاق- بعد هجوم صاروخي إيراني وهذا عدد
...
-
25 ألف طائرة ورقية تزيّن سماء جزيرة فانو الدنماركية
-
دمى عملاقة تجوب العالم في رحلة فنيّة ضد تغير المناخ
-
ترامب يعلن شن ضربات -دمرت بشكل تام وكامل- مواقع نووية إيراني
...
المزيد.....
-
كذبة الناسخ والمنسوخ _حبر الامة وبداية التحريف
/ اكرم طربوش
-
كذبة الناسخ والمنسوخ
/ اكرم طربوش
-
الازدواجية والإغتراب الذاتي أزمة الهوية السياسية عند المهاجر
...
/ عبدو اللهبي
-
في فوضى العالم، ما اليقينيات، وما الشكوك
/ عبد الرحمان النوضة
-
الشباب في سوريا.. حين تنعدم الحلول
/ رسلان جادالله عامر
-
أرض النفاق الكتاب الثاني من ثلاثية ورقات من دفاتر ناظم العرب
...
/ بشير الحامدي
-
الحرب الأهليةحرب على الدولة
/ محمد علي مقلد
-
خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية
/ احمد صالح سلوم
-
دونالد ترامب - النص الكامل
/ جيلاني الهمامي
-
حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4
/ عبد الرحمان النوضة
المزيد.....
|