أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - احمد داؤود - القران والله -1-















المزيد.....


القران والله -1-


احمد داؤود

الحوار المتمدن-العدد: 3913 - 2012 / 11 / 16 - 12:39
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


احتدم الجدل مؤخرا حول مااذا كان القران من الله ،ففيما ينحو مؤسس الدين الاسلامي الي الربط بين القران والله ، ويذهب الي تاكيد انه وحي منزل من اله الكون ،تكشف الكثير من الحوادث و النصوص القرانية خلاف ذلك ،بل انها تذهب للفصل بينهما وتثير كثير من الشكوك حول محمد ونبوته.وعلي الرغم من ذلك يتمسك المسلمون الذين يؤمنون بمحمد وكتابه بصحة مايذهب اليه ،ويعلنون بان القران من الله. ولكن يبقي السؤال هل صحيح مايزعمون؟.

القران والاسطورة: يشير القران الي ان الاله ارسل محمد ليخرج الناس من الظلمات الي النور،ويؤكد في ذات الوقت بانه لاينطق عن الهوي،ويعلن بان ماجاء به"وحي يوحي اليه"،كما انه يتحدي مناهضيه ويدعوهم للاتيان بمثله ،ويذهب الي تاكيد ان ماجاء به محمد لم يات به الاولين..وهنا يبرز السؤال هل ما جاء به محمد لم يات به الاوليين؟.

تثبت بعض الوثائق بان كثير من التعاليم او الافكار التي جاء بها القران كانت موجودة قبله بالاف السنين في صورة اساطير ،وتشير ذات الوثائق الي تاثر القران بتلك الاساطير واستلهام الكثير منها .وتتمثل ابرزها في:

*فكرة خلق الانسان من طين:تعود اصل تلك الفكرة الي الحضارة السومرية،حيث تشير بعض اساطيرها الي ان الانسان خلق من طين،وتؤكد في ذات الوقت بانه خلق ليقوم بخدمة الالهة ،وتقول الاسطورة حسبما اورده المفكر فراس السواح في كتابه" مغامرة العقل الاولي..دراسة في الاسطورة ..سوريا ،ارض الرافدين" ان بعض الالهة طلبوا من الاله انكي ان يقوم بخلق خادم ليعمل نيابة عنهم ،بيد ان هذا الاخير حينما تجاهل امرهم ،قاموا باخبار امه التي قالت له:

"أي يا بني انهض من مضجعك، انهض

واصنع امرا حكيما

اجعل للالهة خدما

يصنعون لهم معاشهم" ثم تامل انكي في الامر مليا وقال:

"ان الكائنات التي ارتأيت خلقها ستظهر للوجود

وسوف نعلق عليهم صورة الالهة

امزجي حفنة طين

من فوق مياه الاعماق

وسيقوم الصناع الالهيون المهرة بتكثيف الطين وعجنه

ثم كوني له اعضاء

وستعمل معك ننماخ يد بيد

وتقف عند جانبك عند التكوين ربات الولادة

وسوف تقدرين للمولود الجديد يا اماه مصيره

وتعلق ننماخ عليه صورة الالهة

في هيئة انسان"

وبمرور الزمان انتقلت تلك الفكرة الي الشعوب المجاورة،حيث اعلنت الاساطير البابلية ايضا بان الانسان خلق من طين، بينما تقول الاسطورة الاغرقية "بان الاله اخذ حفنة من طين شكلها علي هيئة انسان ثم تركها في بركة مليئة بماء البحر مدة سبعة ايام ،وفي اليوم الثامن رفعها فكانت بشرا" وتبين اسطورة اخري من الفلبين"يقوم الاله الخالق بجبل حفنة من طين علي هيئة انسان ويضعها في فرن ولكنه يسهو عنها فتسود ،وهذا هو اصل الانسان الاسود،ثم يضع اخري ويخرجها قبل اوانها ،فهذا هو اصل الانسان الابيض،وفي المرة الثالثة ياخذ الطين كفايته من النار فيخرج الانسان الفلبيني ذو اللون البرونزي"

وحينما برزت اليهودية الي الوجود،امنت بذات الفكرة رغم اعلانها بانها منزلة من اله الكون..حيث نجد اله اليهود يهوة يقوم بخلق الانسان من طين ،ويجعله علي شاكلته ،ويعلن العهد القديم في سفر التكوين"وجبل الاله ادم من تراب الارض ـ ونفخ في انفه نسمة الحياة ـ فصار ادم نفسا حية" وفي اصحاح اخر" لانك من تراب والي التراب تعود".

ولكن فكرة ان الانسان خلق من طين لم تبهر موسي وحده،فما ان اعلن محمد نبوته حتي سارع الي تاكيد ذلك ،واكد في الاية الثانية عشر من سورة الرحمن "خلق الانسان من صلصال كالفخار"،واوضح علي لسان الشيطان في ايه اخري "قال انا خير منه خلقتني من نار وخلقته _اي ادم_ من طين".

*الطوفان:تعتبر حادثة الطوفان تعليمية قبل أي شي اخر ،وهي تهدف الي تاكيد فكرة وجود غضب الهي ،وترجع اصل تلك الفكرة _اي الطوفان _الي الحضارتين السومرية والبابلية ،حيث تشير بعض اساطيرها الي انه حينما كثر الفساد والشر والرزيلة اصطفي الاله احد عباده وطلب منه بناء سفينة واخذ زوجين من كل المخلوقات لانه يسعي الي تدمير واهلاك الفاسدين والاشرار..ففي الاسطورة البابلية حسبما ورد في الكتاب السابق ان الاله طلب من جلجاميش - وهو ثلث انسان وثلث اله- طلب منه بناء سفينة وانقاذ نفسه وبعض الذين اصطفاهم من الهلاك القادم واعلن :

"قوض بيتك وابن سفينة

اهجر ممتلكاتك وانج بنفسك

اترك متاعك وانقذ حياتك

اعمل علي حمل بذرة كل ذي حياه

والسفينة التي انت بانيها

فيكون عرضها معدلا لطولها...."

وتنحو الاسطورة السومرية ذات المنحي وتقول :

"وعندما وقف زيو سودرا قرب الجدار

سمع صوتا يقول _قف قرب الجدار علي يساري واسمع

ساقول كلاما فاتبع كلامي

اعط اذنا صاغية

انا مرسلون طوفانا من المطر

فيقضي علي بني الانسان"

وتكشف الاسطورة القناع عن ذلك الطوفان وتؤكد:

"هبت العاصفة كلها دفعة واحدة

ومعها انداحت سيول الطوفان فوق الارض

ولسبعة ايام وسبع ليال

غمرت سيول الامطار وجه الارض"

وتشير اسطورة اخري من الاغريق الي ان كبير الهة الاوليمب "زيوس" قرر تدمير الحياة علي الارض فارسل طوفانا استمر ستة ايام قضي علي الناس اجمعين سوي رجل وامراة .

في المقابل لايختلف الطوفان التوراتي عما ورد في الاساطير السابقة ، حيث يعلن العهد القديم في الاصحاح السابع "وقال الرب لنوح ادخل السفينة انت وجميع اهلك فاني اياك رايت بارا امامي في هذا الجبل ".وفيما يختص بالكيفية التي تمت بها الطوفان يشير التوراة مرة اخري " في ذلك اليوم انبثقت عيون الماء من الهوة السحيقة وانفتحت هواويس السماء"

اما القران فهو يؤكد ان الاله ارسل نوحا لقومه ،بيد انهم حينما رفضوا الايمان به امره الاله قائلا في سورة هود "واصنع الفلك باعيننا ووحينا ولاتخاطبني في الذين ظلموا انهم مغرقين .ويصنع الفلك وكلما مر عليه ملاٌ من قومه سخروا منه قال ان تسخروا منا فانا نسخر منكم كما تسخرون .فسوف تعلمون من ياتيه عذابٌ يخزيه ويحل عليه عذابٌ مقيم.حتي اذاجاء امرنا وفار التنور قلنا احمل فيها من كل زوجين اثنين واهلك الا من سبق عليه القول ومن امن وما امن معه الا قليل" .وفي سورة الشعراء "فانجيناه ومن معه في الفلك المشحون .ثم اغرقنا الباقين"

وبينما تقول التوراة حسب ما اورده الدكتور موريس بوكاي في كتاب له بعنوان "القران الكريم،التوراة ،الانجيل والعلم ...دراسة الكتب المقدسة في ضوء المعارف الحديثة" بان المكان الذي رست فيه السفينة نحو "جبل ارارات" سفر التكوين 8_4،فان القران يذهب خلاف ذلك ويؤكد بانه"الجودي" سورة هود الاية 44. وفيما تحدد التوراة توقيت الذي حدث فيه الطوفان ،فان القران لايفعل ذلك .كما انهما يختلفان في تفاصيل اخري مثل محتوي السفينة وغيرها... ولكنهما رغم ذلك الاختلاف يتفقان مع الاساطير السابقة حول الفكرة العامة للطوفان.

*فكرة وجود والدين للجنس البشري "أي ادم وحواء":

كانت الامم القديمة تؤمن بفكرة وجود ابوين للجنس البشري ،حيث تشير اساطير تلك الامم الي ان الاله بعد ان خلق الكون قام بخلق زوجين"رجل وامراة" وعن طريق تناسلهما وجدت البشرية والتي اختلفت بمرور الزمان في العرق والدين والثقافة والاعتقاد ،ورغم ان الاله خلق مخلوقات اخري الا انه فضل الزوجين عليهما واعلا من شانهما .وتعلن الاسطورة البابلية :

عندما خلقت الالهة في مجمعهم كل الاشياء

كونوا السماء وشكلوا الارض

واخرجوا للوجود الكائنات الحية

فخلقوا قطعان السهول

ووحوش الخلاء ومخلوقات المدينة

قام ايا بخلق زوجين شابين

واعلا من شانهما فوق جميع المخلوقات ..."

ويتفق التوراة مع تلك الاسطورة ،ويشير الي ان يهوه اله اليهود خلق ادم وحواء وميزهما عن جميع المخلوقات الاخري،حيث منحهم سلطة السيطرة علي " سمك البحر وطير السماءوعلي البهائم وعلي كل الارض وعلي جميع الدابات التي تدب علي الارض" حسب ماورد في الاصحاح الاول من سفر التكوين.

ويسلك القران ذات المسلك ،ويعلن بان الله خلق ادم وحواء ،وفضلهما عن بقية مخلوقاته ،ويشير الي انه جعله خليفة الارض .

*الحياة الاخري:

تعتقد بعض الحضارات القديمة بفكرة وجود حياة اخري بعد الموت، وتقول بان الانسان حينما يموت او ينتهي دوره علي الارض فانه قد يعيش حياة اخري،ولذات السبب يقوم الفراعنة بدفن بعض ذوي الملك عندما يموت لاعتقادهم بانه سيحتاج اليهم في حياته الاخري، ووجدت بعض الاثار التي تدل علي ذلك داخل مدافنهم ،وتومن كل الاديان السماوية بتلك الفكرة ،،حيث تؤكد بان هنالك حياة اخري غير الحياة الدنيا ،وتحث اتباعها الي الابتعاد عن ملذات الدنيا والعمل علي كسب ثواب الاخرة.

*الخطيئة الاولي : تتجسد فكرة الخطيئة حول طرد ادم وحواء من الجنة حسب ماتزعم الكتب السماوية،وحرمان جلجامش من حياة الخلود حسب ما تؤكد الاسطورة السومرية ،ورغم وجود بعض اوجه الاختلاف بين ماورد في الاسطورة السومرية والكتب السماوية الا انهما يتفقان حول الفكرة العامة والتي تتمثل في "حرمان الانسان من حياة الخلود ،او طرده من الجنة" بسبب عصيانه او تجاهله للوصايا الالهية ،ففي الاسطورة السومرية حسب كتاب فراس السواح السابق ان جلجامش العائد من سفره المفني ومعه نبتة الحياة التي تجدد الشباب قد راي بركة ماء واستحم فيها ،الشي الذي جعل الحية بان تقوم باخذ النبتة مما تسبب في حرمانه من حياة الخلود ،وتكشف الاسطورة ملابسات تلك الحادثة قائلة:

راي جلجامش بركة ماء بارد

نزل فيها واستحم بمائها

فتشممت الحية رائحة النبتة

وتسللت صاعدة من الماء وخطفتها

وفيما هي عائدة تجدد جلدها

وهنا جلس جلجامش وبكي ".
كما ان اسطورة اخري تشير الي ان الاله انكي قام يمنح ادابا حياة الخلود بيد انه وبسبب عصيان الاول لتعالميه يلجأ الي ارساله الي الارض .وذكر تلك الاسطورة ايضا ذات الكاتب في مقال له بعنوان ـ اسطورة اداباـ
ويذهب القران والتوراة ذات الاتجاه ،ويؤكدان بان الله حينما خلق ادم وحواء وحزرهما قائلا حسب القران" ولاتقربا هذه الشجرة " بينما يبين التوراة في سفر التكوين الاصحاح الخامس عشر الاية السابعة عشر "واوصي الرب الاله قائلا:من شجر الجنة تاكل اكلا واما شجرة معرفة الخير والشر لاتاكل منها"

بيد ان ادم حينما عصي ربه واكل من تلك الشجرة قام الاله بطرده وزوجته من الجنة واعلن حسب القران"وقلنا اهبطوا بعضكم لبعض عدو ولكم في الارض مستقر الي حين" فيما يوضح التوراة "لانك من تراب والي التراب تعود"

*خلق الانسان علي صورة الاله : حينما عجزت الحضارات القديمة في معرفة ماهية الاله لجاءت الي تصويره في هيئة انسان واعلنت بان الاله خلق الانسان علي صورته ففي الاسطورة السومرية يشير الاله انكي الي انه :

"ان الكائنات التي اتاريت خلقها ستظهر للوجود

وسوف نعلق عليها صورة الالهة"

وفي جزء اخر من الاسطورة"تعلق عليه ننماخ صورة الالهة

في هيئة انسان"

وبسبب اعجابه بتلك الفكرة يعلن موسي في التوراة"قال الرب نجعل الانسان علي صورتنا كشبهنا"

اما القران فهو رغم انه لم يؤكد ذلك بصورة قاطعة الا انه يشير الي تلك الفكرة بصورة غير مباشرة ،حيث يخلق الاله علي صورة انسان ويمنحه كافة الصفات الانسانية من حقد وانتقام وشر ومكر،ويؤكد بانه "يمكرون والله خير الماكرين" ويشير الي ان "يد الله غير مغلولة".

*الشيطان والنار: قبل ان تاتي الكتب السماوية بفكرتي الشيطان والنار ،كانت كثير من الامم تومن بفكرة وجودهما ،ففي مقال له يذهب المفكر فراس السواح الي تاكيد ذلك ،ويشير الي ان الديانة الزرادشية هي المبتكر الاساسي لتلك الفكرة . بينما يعرف الشيطان في حضارات اخري "باله الشر"

*فكرة نشوء الكون من كتلة واحدة : كانت بعض الامم القديمة تؤمن بان الكون قبل ان يتشكل بصورته الانية كان عبارة عن كتلة واحدة ،حيث كان اليابانين يعتقدون بان الكون مثل البيضة المحتوية علي بزرة في داخلها حسب ما يوكد بوكاي ،بينما تشير الاسطورة السومرية الي ان الارض فصلت عن السماء أي انهما كانا متحدان ،وتقول الاسطورة:

"بعد ان ابعدت السماء من الارض

وفصلت الارض عن السماء

وتم خلق الانسان

اخذ _ان _السماء وانفرد_انليل_بالارض "

وفي اسطروة اخري " ابعد السماء عن الارض

وابعد الارض عن السماء"


اهل الكهف
استمدت فكرة اهل الكهف التي وردت في القران من التراث السرياني .وبحسب ما اورده الكاتب فراس السواح في مقال له بعنوان ـ اهل الكهف بين الادب السرياني والقران ـ فان القصة تتحدث عن بعض الشبان المؤمنين الذين فرّوا من الاضطهاد الدينيّ ورفضوا عبادة الأوثان التي فرضها عليهم الملك، فلجؤوا إلى كهف في جبل خارج المدينة. وهناك ألقى الله عليهم سباتاً فناموا لمدة تزيد عن الثلاثمئة سنة. وعندما انجلت الغمّة بعثهم الله من نومهم وأراد إطلاع الناس على حقيقة ما جرى لهم، ليؤمنوا بأنّ وعد الله حقّ، وأنّه قادر على إحياء الموتى مثلما أحيى هؤلاء الفتية .ويضيف الكاتب بان فهذه قصة مسيحية متأخّرة جرى تداولها في العصر الذي صارت فيه المسيحية ديناً رسمياً للإمبراطورية الرومانية، بعد تحوّل الإمبراطور قسطنطين (306-337م) إلى الدين المسيحي. وأوّل نصّ مدوّن لهذه القصّة هو نصّ سريانيّ يعود بتأريخه إلى أواخر القرن الخامس الميلادي. ويبدو أنه قد اعتمد مرويات شفهية متدالة أكثر قدماً. ويكشف الكاتب النقاب عن تلك القصة قائلا : "في جولة له خارج عاصمته جاء الإمبراطور ديكيوس إلى إفسوس وفي مدينة عريقة في آسيا الصغرى، ووصلته أخبار انتشار المسيحية فيها. فحاول التضييق على المسيحيين وأمرهم جميعاً بتقديم القرابين إلى الآلهة الرومانية، فرضخ فريق منهم وفعل ذلك تحت التهديد، ورفض فريق قليل آخر مفضلاً الألم والعذاب على ترك المعتقد.

ومن هؤلاء سبعة فتية (وبعض الروايات تقول ثمانية) قُدمت أسماؤهم إلى الإمبراطور ليتّخذ قراره فيهم، فأعطاهم مهلة للتفكير في العدول عن موقفهم هذا ثم غادر المدينة. فترك الفتية المدينة ولجؤوا إلى جبل أنخليوس خارج إفسوس حيث اختبئوا في كهف. وعندما نفذت مؤونتهم أرسلوا واحداً منهم إلى المدينة ليشتري لهم طعاماً، وهناك علم أنّ الإمبراطور قد عاد إلى إفسوس وهو يطلبهم. اضطرب الفتية لسماع هذه الأنباء، وبعد تناولهم طعامهم ألقى عليهم الربّ سباتاً عميقاً، وأغلق عليهم مدخل الكهف بصخرة عظيمة. فتّش جنود الإمبراطور عن الفتية ولم يعثروا لهم على أثر في المدينة، فجاؤوا إلى أهلهم وانتزعوا منهم تحت التهديد بالقتل مكان اختباء الفتية. ولكنهم عندما وصلوا إلى الكهف وجدوه مغلقاً بتلك الصخرة العظيمة، وتأكّد لهم أن الفتية قد لقوا حتفهم في داخله، فغادروا وأخبروا الإمبراطور.

دام سبات الفتية ثلاثمئة وسبع سنين. وكانت الدولة قد تحوّلت إلى الدين المسيحيّ منذ أمد بعيد، وآلت السلطة إلى الإمبراطور ثيودوسيوس الثاني. وفي عصر هذا الإمبراطور دار جدال في الأوساط المسيحية حول مسألة بعث الأموات، ووقف أحد الأساقفة المدعو ثيودور في صفّ من ينكر البعث، الأمر الذي أرَّق الإمبراطور. في هذه الأثناء أراد مالك الحقل الذي يقع فيه الكهف بناء حظيرة لغنمه، فراح يقتلع من صخرة المدخل حجارة لاستخدامها في رفع الجدران، وذلك حتى انكشف مدخل الكهف. ولكن الرجل لم يدخل ولم يلحظ وجود أحد هناك.

ثم إن الله أيقظ الفتية من سباتهم، وظن كل واحد منهم أنه لم ينم إلا ليلة واحدة، وراحوا يشجّعون بعضهم على النزول إلى المدينة لاستقصاء الأخبار وشراء الطعام. وأخيراً وقع الاختيار على المدعو ديوميديوس الذي نزل في المرّة الأولى، فحمل فضته ومضى. عندما وصل ديوميديوس إلى بوابة المدينة رأى صليباً كبيراً معلقاً عليها، فتعجب وتبلبلت خواطره ولم يجد لذلك تفسيراً. ثم إنه دخل وتجول ووقف أخيراً عند أحد الباعة ليشتري طعاماً، وعندما أخرج نقوده المعدنية رأى البائع عليها صورة الإمبراطور ديكيوس، الذي اختفى الفتية في عهده، منقوشة على العملة، فظنّ أنّ الفتى قد عثر على كنز قديم مدفون في الأرض، فراح يضغط على الفتى لمعرفة مكان الكنز وتجمّع حولهما أهل السوق.

ثم إنّ الخبر شاع بسرعة ووصل إلى أسقف المدينة وإلى الحاكم، فجيء بالفتى إليهما وقصّ عليهما القصّة كاملة، وطلب منهما مصاحبته إلى الكهف للتأكّد من صحّة كلامه. وخلال تفحّصهما لمدخل الكهف عثرا على رقيمين معدنيين نُقشت عليهما كتابة تحكي قصة الفتية زمن احتباسهم، ووُضع الرقيمان تحت صخرة المدخل. وبذلك تمّ التأكد من صحّة روايتهم. ثم إنّ الإمبراطور نفسه جاء إلى المكان واستمع إليهم، فقال له واحد منهم إنّ الله قد أنامهم هذه المدة الطويلة ثم أيقظهم، لكي يثبت للمتشكّكين حقيقة البعث في يوم الحساب، وقدرة الله عليه. عند ذلك أمر الإمبراطور ببناء مقام دينيّ في موضع الكهف تذكاراً للفتية."


+الخروج بين الواقع والخيال:المعني بالخروج هنا هو خروج بني اسرائيل من مصر بقيادة نبيهم موسي ،وعلي الرغم من ان الكتب السماوية تتمسك بصحة تلك الحادثة او الرواية الا ان الوثائق التاريخية تكذب ذلك ،وترجع اصل تلك القصة الي الديانة اليهودية التي تشير الي انه حينما اشتد الاضطهاد ببني اسرائيل امر اله اليهود يهوه نبيهم موسي واخيه هارون امرهم بالذهاب الي فرعون ويطلبا منه السماح لقومهم بالخروج من مصر،بيد انه عندما رفض فرعون ذلك،قام موسي واخيه وبمعيته شعبه المضطهد بالهروب من مدينة رمسيس وكان عددهم ستمائة الف رجل حسب ماورد في كتاب الدكتور مورس بوكاي السابق ،ولكن حينما علم فرعون بذلك قام بمطاردتهم " وانطلق ملك مصر مطاردا الاسرائلين الخارجين مرفوعي الايدي " وما ان رفع موسي عصاه" انفتح البحر امامه ودخل رجاله اليهم دون ان تبتبل اقدامهم" . ودخلت جياد فرعون ومركباته وفرسانه كلهم البحر ،وارتد ماء البحر كما كان وغطي مركبات وفرسان كل جيش فرعون الذي دخل الي البحر ورائهم ولم يبقي منهم رجل واحد.

ويعتمد محمد علي تلك الرواية في تحرير قرانه ،ويشير الي ان الله ارسل موسي واخيه هارون الي فرعون ،وامره باخذ بني اسرائيل ،بيد ان فرعون رفض ذلك وجهز جيوشه وطاردهم ،الا ان الله اغرقه وانقذ موسي وقومه ،وتكشف سورة يوسف القناع عن تلك الحادثة "وجاوزنا ببني اسرائيل البحرفاتبعهم فرعون وجنودهما بغيا وعدوا حتي اذا ادركه الغرق قال امنت انه لا اله الا الذي امنت به بنو اسرائيل وانا من المسلمين.الان وقد عصيت قبل وكنت من المفسدين .فاليوم ننجيك ببدنك لتكون من خلفك اية وان كثيرا من الناس عن اياتنا غافلون " وفي سورة اخري "فاتبعهم فرعون بجنوده فغشيهم من اليم ما غشيهم"

وعلي الرغم من ان الكتب السماوية تشير الي مكوث بني اسرائيل بمصر،الا ان ماتركه العبريون لمكوثهم بمصر غامض ،وحسب ما يوكد بوكاي فانه وجدت بعض الوثائق الهيرغلوفية التي تشير الي انه قد عثر في مصر علي فئة من العاملين تسمي بال"ابيرو،اوهابيرو" ولكن المورخين اختلفوا حولهم ،ففيما يزعم البعض انهم العبرانيون ،ينفي اخرون ذلك ،حيث يوكدون بانه لم تحدث هجرة تاريخية لبني اسرايل من مصر الي فلسطين حسب ما تذكر تلك الكتب .بيد ان المتفق حوله ان اسم "هابيرو او ابيرو" كان يطلق علي عمال البناء والمزارع وقطف العنب ..الخ.

وفيما ينفي المؤرخين وجود هجرة تاريخية لبني اسرائيل فانهم يدحضون في ذات الوقت فكرة انقسام البحر الي جزيئين بسبب عصا موسي ،كما انهم يختلفون حول فرعون الخروج "أي الذي هلك في البحر" ،حيث يزعم عالم الاثار المصرية الشهير ماسبيرو في كتاب له بعنوان"دليل زائر متحف القاهرة" حسب ما ورد في كتاب الدكتور بوكاي السابق ،يزعم ان منبتاح هو فرعون الخروج،بيد ان "ج.دي ميسلي" يذهب خلاف ذلك ،ويعلن بانه تحتمس الثاني بحجة ان مومياء هذا الملك كان مكتوب عليها وصف لامراض جلدية يصفها الكاتب بانها برص ، وبما ان البرص كان واحدا من ضربات مصر التي تذكرها التوراة هي طفح جلدي فان الفرض يصبح صحيحا . ولكن هذا الفرض اثبت عدم صحته بمرورالزمن،لان البرص لم يصيب تحتمس الثاني فقط، فقد كان ابنه تحتمس الثالث وحفيده امينوفس الثاني كانا ايضا مصابين بذات المرض ،وبالتالي يكون المرض عائلي وليس بسبب الضربات الالهية حسب ما يزعم ميسلي . اما دانيل روبس فهو يعتبر في كتابه "شعب التوراة" بان امينوفس الثاني هو فرعون الخروج ،ولكنه لايستند علي ادلة موضوعية .وبغض النظر عن اختلاف وجهات النظر وتعدد الاراء حول "فرعون الخروج" الا ان النقطة الجديرة بالاهتمام هو ان اصحاب تلك الاراء فشلوا في ابراز وثائق تاريخية تثبت ما يزعمون ،والمؤسف ان كثير من الوثائق الموجودة تدحض زعمهم.



#احمد_داؤود (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الاسلام وحقوق والانسان
- الاله المستبد
- ماتعلمه الانسان من ذاته ومن الطبيعة اكثر مما تعلمه من الدين
- مابين محاكمة الدين عقليا والطعن فيه
- حكام ام الهة
- يرفضون -الخيانة- ويبيحونها
- العنف لايولد سوي العنف
- اسلاميو السودان..اخر مسمار في نعش الدولة الدينية
- ازدواجية السلفيين
- يتركون الفيل ويطعنون ظله
- تحييد الاله
- تديين الدولة
- لماذا ارتفعت نسبة الملحديين واللادينين؟
- حينما يكون الاله العوبة
- أيامر الاله بقتل انسان بحجة انه ملحد؟
- المأزق.
- تأليه البشر
- خذ الحقيقة ولو من الشيطان
- أنؤمن ببعض الكتاب ونكفر بالبعض الاخر؟
- ماوراء رفض العلمانية ؟


المزيد.....




- “خليهم يتعلموا ويغنوا ” نزل تردد قناة طيور الجنة للأطفال وأم ...
- فيديو خاص عيد الفصح العبري واقتحامات اليهود للمسجد الأقصى
- “ثبتها الآن” تردد قناة طيور الجنة 2024 Toyor Aljanah لمشاهدة ...
- بعد اقتحامات الأقصى بسببه.. ماذا نعرف عن عيد الفصح اليهودي ا ...
- ما جدية واشنطن في معاقبة كتيبة -نيتسح يهودا- الإسرائيلية؟
- بالفيديو.. مستوطنون يقتحمون الأقصى بثاني أيام الفصح اليهودي ...
- مصر.. شائعة تتسبب في معركة دامية وحرق منازل للأقباط والأمن ي ...
- مسئول فلسطيني: القوات الإسرائيلية تغلق الحرم الإبراهيمي بحجة ...
- بينهم طلاب يهود.. احتجاجات مؤيدة للفلسطينيين تهز جامعات أمري ...
- أسعدي ودلعي طفلك بأغاني البيبي..تردد قناة طيور الجنة بيبي عل ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - احمد داؤود - القران والله -1-