أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - نافذ الشاعر - مفهوم الفتح في سورة الفتح















المزيد.....


مفهوم الفتح في سورة الفتح


نافذ الشاعر

الحوار المتمدن-العدد: 3908 - 2012 / 11 / 11 - 20:38
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


المحور الأساسي الذي تدور حوله سورة الفتح هي السكينة والطمأنينة في قلوب المؤمنين، وهذه السكينة هي ما يسمى بالفتح، أو التواصل في علم السلوكيات الحديث، فما المقصود بالتواصل الإنساني؟

مفهوم التواصل:
يفيد مفهوم التواصل في اللغة العربية: التقارب والتحابب، والتَّقَاطُعُ والتهاجر ضدّ التَّوَاصُل، كما يقول الشاعر: عندي لكم يوم التواصُل فرحةٌ ... يا معشر الجلساء والندماء [1].. وكذلك يحمل نفس المعنى في اللغة الانجليزية، إلا أنه يركز على المعنى الظاهري وليس الباطني، حيث تعني كلمة communication نقل وتبادل المعلومات، وتبادل الآراء، والصلة، والرسالة الشفوية، والشبكة تليفونية،...

فالتواصل، كما يقول تشارلز هورتن، هو الميكانيزم الذي بواسطته تنمو العلاقات الإنسانية وتتطور؛ لأنه ينبغي للشخص أن يكون على معرفة بكل رموز الذهن مع إتقان تبليغها عبر الزمان والمكان؛ حيث يتضمن إجادة استخدام تعابير الوجه وهيئات الجسم ونبرات الصوت وصدق الكلمات..[2]

فإذا أتقن الشخص هذه الوسائل مجتمعة حدثت بينه وبين الآخرين عملية انفتاح, وانزاحت السدود وتلاقت الأرواح، وتم التواصل الوجداني والاندماج الإنساني في أعلى صوره وأتم مظاهره، وسرى التفاهم في الأفكار والمشاعر بين الآخرين كما تسري الكهرباء في أسلاك النحاس..

لكن هذا التواصل والالتقاء في صورته المثالية السابقة، يبقى حلما إنسانيا عزيز المنال لوجود معوقات كثيرة تمنع هذا الاتصال، كالمعوقات اللغوية التي تكمن في صعوبة نقل المعاني وتوصيل القصد للآخرين.. وكذلك هناك المعوقات النفسية التي تتعلق بالإدراك والتصور؛ لأن كثيرا من الناس يفهمون المعلومات بحسب ما يتوقعونه مسبقا, ويكون لديهم شعور بالخوف أو القلق يؤدي بهم إلى مقاومة التغيير ورفض التأثر والتأثير، فيتم حمل الكلمات بين القائل والمتلقي على غير محملها الصحيح. كذلك هناك معوقات اجتماعية وثقافية تتمثل في عدم مراعاة الأعراف والعادات السائدة في المجتمع، أو استخدام بعض الكلمات الخاطئة والمربكة، أو عدم التقيد بالعبارات الملفتة والجمل الهادفة.

بقي أن نقول إن هذا التواصل لطف إلهي قبل إن يكون جهد إنساني، وهذا ما أشار إليه القرآن الكريم تحت اسم "الفتح" في قوله تعالى: (إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا)..
فالفتح هنا هو التواصل الذي يعني أن يجعل الله عز وجل بين الشخص وبين الناس طريقا للتفاهم والتواصل فيفهمهم ويفهمونه، ويوصل إليهم ما يريده من اقصر سبيل وأيسر طريق، حيث روي عن مقاتل بن حيان، في معنى فتحنا لك فتحا مبينا: يسّرنا لك يُسراً بيّناً[3] . وهذا ما أشار إليه قوله تعالى: (رَبَّنَا افْتَحْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ قَوْمِنَا بِالْحَقِّ وَأَنتَ خَيْرُ الْفَاتِحِينَ)الأعراف89. .

أما الشخص العنيد غير المرن نفسيا واجتماعيا وفكريا.. فسوف نجده لا يستطيع التواصل مع الآخرين ولا يفتح بينه وبينهم أي سبيل، وهذا ما أشار إليه قوله تعالى: (وَاسْتَفْتَحُواْ وَخَابَ كُلُّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ) (إبراهيم15). والفتح: إزالة غلق الباب أو الخزانة قال تعالى (لا تفتح لهم أبواب السماء) [4]؛ لأن هذا الفتح لطف من الله؛ فهو الذي يوفق عباده إلى ما فيه نفعهم وخيرهم. ولذلك كان من أسمائه الحسنى (الفتاح) الذي جاء في معناه: "الذي يفتح لعباده منافع الدنيا والدين؛ فيفتح لمن اختصهم بلطفه وعنايته أقفال القلوب، ويدر عليهم من المعارف الربانية والحقائق الإيمانية ما يُصلح به أحوالهم، ويقيم على الصراط المستقيم نفوسهم. وهو كذلك ما يقدره الله على عباده من خير وشر ونفع وضر وعطاء ومنع؛ فيفتح لعباده الطائعين خزائن جوده وكرمه، ويفتح على أعدائه ضد ذلك.." [5]
وقد أصاب ابن جزى في تفسيره التسهيل لعلوم التنزيل عندما فسر "الفتح" بمعنى "العطاء" كقوله تعالى "ما يفتح الله للناس من رحمة فلا ممسك لها". وقد كانت فرحة رسول الله بهذه السورة فرحة عظيمة؛ حيث قال: ( لقد أُنزلت عليَّ الليلة سورة لهي أحبُّ إليَّ ممّا طلعت عليه الشمس، ثمّ قرأ: إِنَّا فتحنا لك فتحاً مبيناً) [6]

ومن هذا يتبين لنا أن الفتح أو التواصل كما يكون بالحق فقد يكون أحيانا بالباطل. فمن المسلم به أنه عندما يجتمع في مكان واحد ثلة من السكارى والخطاة والدجالين؛ يحدث بينهم التفاهم والتواصل السريع منذ النظرة الأولى، حتى قبل أن يفوه أحدهم بكلمة أو ينبث ببنت شفة. ولهذا أخبرنا عز وجل أن الاجتماع بين النبي صلى الله عليه وسلم، وبين الآخرين يكون بالحق وعلى الحق؛ وهذا ما جاءت إليه الإشارة بقوله تعالى: (قُلْ يَجْمَعُ بَيْنَنَا رَبُّنَا؛ ثُمَّ يَفْتَحُ بَيْنَنَا بِالْحَقِّ وَهُوَ الْفَتَّاحُ الْعَلِيمُ) سبأ26
لذلك كان من دعاء الأنبياء أن يكون الفتح بينهم وبين أقوامهم بالحق وليس بالباطل؛ كما جاء على لسان نوح عليه السلام: (رَبَّنَا افْتَحْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ قَوْمِنَا بِالْحَقِّ وَأَنتَ خَيْرُ الْفَاتِحِينَ)الأعراف89

والآن سوف نرى هذه المعاني التي بينتها آنفا في سورة الفتح..
تبدأ السورة ببيان الفتح الذي اختص الله عز وجل به النبي صلى الله عليه وسلم، فجعله يفهم نفسه ويفهم الآخرين ويتواصل معهم بسهولة ويسر..
وهذا الفتح الرباني إذا اختص الله به عبدا من عباده فقد أنزل في قلبه، بهذا الفتح السكينة والرضا؛ فلا يحتاج بعد ذلك إلى كثير من المشقة والعناء التي كثيرا ما توقع من حُرم من هذه الميزة من الناس في العنت والخطأ، فتجعله متسرعا ضائق الصدر؛ كما حدث مع يونس عليه السلام عندما ترك قومه مغاضبا.. ولهذا عندما اختص الله عز وجل، النبي صلى الله عليه وسلم، بهذا الفتح الرباني، فكأنما غفر له ذنبه بأن جنبه أكثر ما يوقع الناس في الخطأ والزلل، وهو ضيق الصدر وقلة الصبر وعدم الفتح والعجز عن التواصل؛ وبسبب هذا الفتح، الذي اختُص به النبي، صلى الله عليه وسلم، لن يقع في الذنب أصلا:

إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا (1) لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ وَيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ وَيَهْدِيَكَ صِرَاطًا مُسْتَقِيمًا (2) وَيَنْصُرَكَ اللَّهُ نَصْرًا عَزِيزًا(3)

وهذه السكينة والطمأنينة التي انزلها الله في قلب النبي صلى الله عليه وسلم، أنزلها كذلك في نفوس أتباعه المؤمنين؛ كي يزدادوا إيمانا مع إيمانهم:
هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ السَّكِينَةَ فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ لِيَزْدَادُوا إِيمَانًا مَعَ إِيمَانِهِمْ وَلِلَّهِ جُنُودُ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا (4)

والملاحظ أن الله عز وجل قال في حق النبي: (لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ) لأنه لم يقترف ذنبا أصلا كما بينا، أما في حق المؤمنين فقد قال: (وَيُكَفِّرَ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ)؟
وغفران الذنوب يختلف عن تكفير السيئات!..
فالكفر لغة هو التغطية والستر، فالله عز وجل يخبر بأنه سوف يستر عن المؤمنين سيئاتهم ويحجبها عنهم، فلم يقل (ويكفر لهم) إنما قال (ويكفر عنهم) وهذا في جميع آيات القرآن الكريم بلا استثناء. لماذا؟
وذلك لأن الأعمال السيئة التي يعملها الإنسان تطل برأسها بين الحين والآخر وتوسوس لمرتكبها بأن يقترف سيئات أخرى؛ فتغدو تلك الذنوب وقد تحولت إلى شياطين بمعنى من المعاني؛ فتوسوس لصاحبها بارتكاب المزيد من السيئات.
هذا من جهة، ومن جهة أخرى فإن هذه السيئات التي يرتكبها الإنسان تسبب له الهم والحزن والقلق، فيبقى في توقع وتوجس لنزول عقاب الله به في أي لحظة جزاء ما اقترفت يداه، كما يقول تعالى: (ترى الظالمين مشفقين مما كسبوا وهو واقع بهم) (فصلت22). كما أن هذه السيئات تشعره أمام نفسه بالمهانة والذل والصغار، ولذا فقد تكفل الله بأن يحجب عن المؤمنين سيئاتهم ويسترها عنهم، فكأنه وضع بين المؤمنين وبين ذنوبهم ساترا وحجابا، فلم تعد سيئاتهم تطل برأسها وتخرج لهم لسانها وتسخر منهم كي تشعرهم بالحزن والكمد:
لِيُدْخِلَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا. وَيُكَفِّرَ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ، وَكَانَ ذَلِكَ عِنْدَ اللَّهِ فَوْزًا عَظِيمًا (5)

وعلى العكس من النبي وصحابته وأتباعه هناك في الجهة المقابلة المنافقون أصحاب الظنون السيئة والوساوس الشيطانية بالله ورسوله؛ فهؤلاء لا يجدون في أنفسهم السكينة والراحة، إنما يجدون المقت واللعنة والغضب:
وَيُعَذِّبَ الْمُنَافِقِينَ وَالْمُنَافِقَاتِ وَالْمُشْرِكِينَ وَالْمُشْرِكَاتِ الظَّانِّينَ بِاللَّهِ ظَنَّ السَّوْءِ؛ عَلَيْهِمْ دَائِرَةُ السَّوْءِ وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَلَعَنَهُمْ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا (6)

وظن السوء يجعل كثيرا من الناس يضلون بأهوائهم بغير علم، ومن ثم يصلون إلى تصور فاسد عن الإلوهية والربوبية والرسل والحشر والحساب والجنة والنار.. وهذا التصور يكون سببا في ضلالهم وفسادهم، ولذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم: (لا يموتن أحدكم وإلا وهو يحسن الظن بالله) أي يجب على المسلم أن يجتهد قبل موته ليصل إلى أحسن التصورات عن ذات الله، وبالتالي ينزه ذات الله عز وجل عن التصورات الفاسدة والمنحرفة. أو لا يموتن أحدكم إلا وهو يحسن تقدير الله حق قدره، فيوفيه حقه ومكانته اللائقة به.
ولذلك فإن الإنسان بقدر ما يجتهد في معرفة الله حق المعرفة بقدر ما يُجازى على هذا الاجتهاد، وسوف ينال من الدرجات بقدر ما ينزه الله عن التصورات المنحرفة، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: (أنا عند ظن عبدي بي فليظن عبدي بي ما شاء). أي سوف أحاسب الإنسان على ظنه السيئ وأعطيه على حسب تصوره الفاسد؛ فإن كان يظن أنني لا أزوج أحدا من الحور العين، فلن يُزوج. وإن كان يظن أن الجنة ليس فيها فاكهة ولا ماء ولا خمر ولا عسل ولا لحم طير.. فسوف يُحرم منها كذلك. وإن كان يظن أن ليس هناك شفاعة للنبي فسوف يحرم منها، وهكذا؛ فإن الله حاضر عند ظن العبد، فليظن عبده به ما شاء!..

وللمنافقين عذاب في الدنيا قبل الآخرة؛ وهو يحدث بفعل أشياء كثيرة لا يمكن حصرها ولا عدها، لأن كل ذرة في الكون بمثابة ملك من الملائكة، وكلها تستجيب لله عز وجل. وهذه الذرات والعناصر التي يتألف منها الكون هي عبارة عن رسل الله – بمعنى من المعاني- لأنها تقوم بتنفيذ أمر الله في الكون، فهي التي تأتي بالليل والنهار، وهي التي تأتي بالصيف والشتاء، وهي التي تأتي بالرعد والبرق والأمطار.. فهذه الذرات التي يتكون منها الكون هي التي تسبب الحوادث في الكون، لكنها لا تسبب هذه الأمور بإرادتها، وبدون علم الله وإرادته، إنما هي مأمورة بأمر الله تفعل ما يشاء، فهي بهذا المعنى جند الله التي تقاوم المنافقين وتترصدهم. لذلك وفق هذا المفهوم فإن طعام الكافر وشرابه والتراب الذي يمشي عليه، حتى الهواء الذي يتنفسه.. كل هذه جنود الله التي تقاتل في سبيل الله صفا واحدا كأنها بنيان مرصوص؛ فتدخل في قلب الكافر ونفسه اللعنة والمقت والغضب:
وَلِلَّهِ جُنُودُ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا (7)

ولن تقوم لأحد عند الله يوم القيامة حجة ولا عذر؛ كأن يقول إنه لا يدري بهذه الأمور، أو لم يكن على علم بها؛ لأن الله عز وجل أرسل رسوله ليبلغها للناس:
إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا (8) لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُعَزِّرُوهُ وَتُوَقِّرُوهُ وَتُسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا (9)

فالرسول صلى الله عليه وسلم هو المبلغ شرع الله عز وجل لعباده، وهو صاحب المقام الأسنى، وصاحب الاتصال الحقيقي بالله تبارك وتعالى، وعلى هذا من يعاهد الرسول فكأنما عاهد الله عز وجل، أو كأنه وضع يده في يد الله عز وجل، ومن نكث عهده مع الرسول فكأنما نكث عهده مع الله:
إِنَّ الَّذِينَ يُبَايِعُونَكَ إِنَّمَا يُبَايِعُونَ اللَّهَ يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ فَمَنْ نَكَثَ فَإِنَّمَا يَنْكُثُ عَلَى نَفْسِهِ وَمَنْ أَوْفَى بِمَا عَاهَدَ عَلَيْهُ اللَّهَ فَسَيُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا (10)

وهؤلاء المؤمنون عندما أرادوا سلوك الطريق إلى الله جاهدوا أنفسهم، وتساموا على شهواتهم من اجل الغاية العظمى التي يرجونها، فأعطاهم الله في النهاية مرادهم.. أما غير المؤمنين من المنافقين والمخلفين الذين لا يهمهم إلا تجارتهم وأموالهم وراحتهم الشخصية، فهؤلاء لم يبذلوا في سبيل الوصول إلى اليقين والسكينة أي جهد أو عناء أو تعب.. حتى في الدعاء، ليس لديهم الهمة في الدعاء وطلب المعونة من الله، وهم يحاولون أن يزيحوا عن كواهلهم عبء الدعاء لأنفسهم؛ بأن يطلبوا من الرسول أن يستغفر لهم بدلا من أن يستغفروا هم لأنفسهم:
سَيَقُولُ لَكَ الْمُخَلَّفُونَ مِنَ الْأَعْرَابِ شَغَلَتْنَا أَمْوَالُنَا وَأَهْلُونَا فَاسْتَغْفِرْ لَنَا يَقُولُونَ بِأَلْسِنَتِهِمْ مَا لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ قُلْ فَمَنْ يَمْلِكُ لَكُمْ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا إِنْ أَرَادَ بِكُمْ ضَرًّا أَوْ أَرَادَ بِكُمْ نَفْعًا بَلْ كَانَ اللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا (11)

والحقيقة على خلاف ذلك كله؛ فهم لم تشغلهم تجارتهم ولا أموالهم ولا أهلوهم، إنما هم فاقدو الإيمان واليقين بصدق الرسول ورسالته، ومقطعو الصلة بالله عز وجل، كما أنهم ممتلئون بالأهواء الجامحة والظنون الفاسدة. وبالتالي لن يصدر عنهم خير، ولن يكون لهم ثمر ولا خصب، ولن يُقبل لهم دعاء؛ لأنهم بصنيعهم هذا أضحوا كالأرض البور الجرداء الخالية من الماء والزرع:
بَلْ ظَنَنْتُمْ أَنْ لَنْ يَنْقَلِبَ الرَّسُولُ وَالْمُؤْمِنُونَ إِلَى أَهْلِيهِمْ أَبَدًا وَزُيِّنَ ذَلِكَ فِي قُلُوبِكُمْ وَظَنَنْتُمْ ظَنَّ السَّوْءِ وَكُنْتُمْ قَوْمًا بُورًا (12)

وإذا كانت الأرض البور مكشوفة وخالية لكل من ينظر إليها، كذلك المنافقون مكشوفون أمام الجميع ومعروفين بصفاقتهم لا يخجلون من شيء، ولا يتحرجون أن يظهروا بهذا العوار والانكشاف أمام الجميع. وبالرغم من علمهم بأن القرآن قال عنهم أنهم سيأتون يطلبون الغنائم، برغم علمهم هذا فإنهم أتوا لطلب الغنائم وترديد ما قاله القرآن في حقهم وكأن الأمر لا يعنيهم. وإذا كان هؤلاء المنافقون والمخلفون صادقين في قولهم بأنهم شغلتهم أموالهم وأهلوهم عن الاستغفار لأنفسهم؛ فلماذا لم تشغلهم أموالهم وأهلوهم عن الإلحاح والإلحاف في طلب نصيبهم من الغنائم التي غنمها المسلمون:
سَيَقُولُ الْمُخَلَّفُونَ إِذَا انْطَلَقْتُمْ إِلَى مَغَانِمَ لِتَأْخُذُوهَا ذَرُونَا نَتَّبِعْكُمْ يُرِيدُونَ أَنْ يُبَدِّلُوا كَلَامَ اللَّهِ قُلْ لَنْ تَتَّبِعُونَا كَذَلِكُمْ قَالَ اللَّهُ مِنْ قَبْلُ فَسَيَقُولُونَ بَلْ تَحْسُدُونَنَا بَلْ كَانُوا لَا يَفْقَهُونَ إِلَّا قَلِيلًا (15)

وبالرغم من ذلك كله فرحمة الله واسعة وأبوابه مفتحة؛ فإن تاب المخلفون ونصروا الله ورسوله، وانضموا إلى صفوف المجاهدين بصدق فإن الله سوف يغفر لهم ذنوبهم ويجعلهم مع المؤمنين:
قُلْ لِلْمُخَلَّفِينَ مِنَ الْأَعْرَابِ سَتُدْعَوْنَ إِلَى قَوْمٍ أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ تُقَاتِلُونَهُمْ أَوْ يُسْلِمُونَ فَإِنْ تُطِيعُوا يُؤْتِكُمُ اللَّهُ أَجْرًا حَسَنًا وَإِنْ تَتَوَلَّوْا كَمَا تَوَلَّيْتُمْ مِنْ قَبْلُ يُعَذِّبْكُمْ عَذَابًا أَلِيمًا (16)

ولا يظن أحد أن هذه السكينة والطمأنينة تنزل في قلوب المجاهدين الذين يخوضون مشاق الحروب والقتال، بل إن صاحب النية الصادقة الذي يعجز عن الجهاد بنفسه لفقر، أو مرض، أو عجز.. هؤلاء سوف يكون لهم نصيبهم من هذه السكينة والطمأنينة والأجر العظيم كذلك:
لَيْسَ عَلَى الْأَعْمَى حَرَجٌ، وَلَا عَلَى الْأَعْرَجِ حَرَجٌ، وَلَا عَلَى الْمَرِيضِ حَرَجٌ؛ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ وَمَنْ يَتَوَلَّ يُعَذِّبْهُ عَذَابًا أَلِيمًا (17)

ودوافع المؤمنين للجهاد ليس الغنيمة والأسلاب، إنما همهم الأول رضا الله عز وجل، وهذا سبب خروجهم للجهاد.. لأن كثيرا من الناس تسعى لتبديد القلق الناتج من خشية الفقر بمزيد من جمع الأموال واقتناء الثروات، ومع ذلك كله تبقى نفوسهم قلقة وأرواحهم حائرة، لأن تبديد القلق وإنزال الرضا في النفس ليس له سبيل إلا سبيل واحد هو رضا الله عز وجل؛ وهذا ما كافأ الله به المبايعين بيعة الرضوان تحت الشجرة، فرضي عنهم، وعلامات هذا الرضا امتلاء أنفسهم بالسكينة والطمأنينة واليقين:

لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنْزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحًا قَرِيبًا (18)

إن السكينة عنصر خلاق، فهو يجمع شتات النفس وينقيها من شوائبها ويتحكم بقواها الداخلية. يشبه الأمر تماما قنينة تحرك باليد ثم توضع على الأرض، فيصفى سائلها عما عداه، كذلك السكينة بالنسبة للطبيعة العكرة والذهن المشوش، فكانت ثمار هذه السكينة الرضا ولزوم التقوى والصلاح:

وَأَلْزَمَهُمْ كَلِمَةَ التَّقْوَى وَكَانُوا أَحَقَّ بِهَا وَأَهْلَهَا وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا (26)

ولا يخرج السكينة من النفس إلا خوف مزعج أو شوق مقلق. وتمثل الشوق المقلق لزيارة بيت الحرام الذي تهفو إليه قلوب المؤمنين.. وتمثل الخوف المزعج في عودة الصدام المسلح مع الكفار وإراقة الدماء من جديد، فكان الكشف الذي حدث للنبي بأنه رأى نفسه يدخل البيت الحرام مع المؤمنين أمنين محلقين رءوسهم ومقصرين غير خائفين ولا وجلين:

لَقَدْ صَدَقَ اللَّهُ رَسُولَهُ الرُّؤْيَا بِالْحَقِّ لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ آمِنِينَ مُحَلِّقِينَ رُءُوسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ لَا تَخَافُونَ فَعَلِمَ مَا لَمْ تَعْلَمُوا فَجَعَلَ مِنْ دُونِ ذَلِكَ فَتْحًا قَرِيبًا (27)

والسكينة والطمأنينة في قلب المسلم ليست طمأنينة زائفة من الطراز العتيق كما لدى المنعزلين والمتبتلين في الصوامع والأديرة، فهي لا تعدو أن تكون استسلاما رخيصا يُشترى بثمن بخس، أو ارتداء غمامة فوق العينين والانعزال عن الحياة. كلا! بل إن المسلم يضع كل شيء في مكانه الصحيح فهو شديد مع أعداء الله إذا تطلب الأمر شدة، وهو لين في موضع اللين لإخوانه المؤمنين:

مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ، رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ..

وهم في السلوك اللين أو الشديد، لا يصدرون عن جموح أو هوى، إنما مقصدهم وغايتهم رضا الله وحده:
تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا (29)

والطمأنينة متى امتلأت بها القلوب فاضت كذلك على الوجوه؛ فبدت في سمات المؤمنين ووجوههم:
سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ (29)

والشدة في موضع الشدة، واللين في موضع اللين، هذا ما تفتقده التوراة كتاب اليهود الأول، الذي يدعو إلى تطبيق العقاب الجماعي دون رحمة أو شفقة، فكأن قول القرآن: " مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ. وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ؛ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا، سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ؛ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ "
كأن هذا القول تعريضا بفعل اليهود المخالف لهذه التعاليم الإلهية؛ فقد جاء في (تثنية/20و13): "حين تقترب من مدينة لكي تحاربها استدعها إلى الصلح؛ فان أجابتك إلى الصلح وفتحت لك فكل الشعب الموجود فيها يكون لك للتسخير ويستعبد لك. وان لم تسالمك بل عملت معك حربا فحاصرها. وإذا دفعها الرب إلهك إلى يدك فاضرب جميع ذكورها بحد السيف. وأما النساء والأطفال والبهائم وكل ما في المدينة، وكل غنيمتها؛ فتغتنمها لنفسك، وتأكل غنيمة أعدائك التي أعطاك الرب إلهك.. فضربا تضرب سكان تلك المدينة بحد السيف وتحرمها بكل ما فيها مع بهائمها بحد السيف. وتجمع كل أمتعتها إلى وسط ساحتها وتحرق بالنار المدينة وكل أمتعتها كاملة للرب إلهك فتكون تلا إلى الأبد لا تُبنى بعد" وفي مقابل هذه التعاليم الجائرة جاءت التعاليم السماوية المتألقة الوضيئة:

مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ..

وبعد أن عرض القران بفعل اليهود في التوراة المخالف للتعاليم الإلهية الصحيحة؛ عرض بفعل النصارى المخالف للتعاليم الإلهية كذلك؛ حيث ابتدعوا الرهبنة والانعزال عن الحياة، وأهملوا الحرث والنسل.. فقد جاء في (لوقا 18) : "ما أعسر دخول ذوي الأموال إلى ملكوت الله؛ لان دخول جمل من ثقب إبرة أيسر من أن يدخل غني إلى ملكوت الله ".. لهذا ضرب المثل لأمة الإسلام بالزرع الذي يرعاه المزارع ويهتم به ولا يهمله:

وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنْجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ..

وليس مجرد الانتماء للإسلام يُعطي هذه الميزة، لأن الله لا يخص أمة على أمة بسبب عرق أو جنس أو لون.. كما كانت تدعي اليهود بأنهم أبناء الله وأحباؤه. أو كما تدعي النصارى بأن إنسانا ضحي بنفسه ليكفر عن البشر خطاياهم، ومن ثم يفعل الإنسان ما يريد لأنه غُفر له سلفا،.. كلا! إنما كل شخص يحمل تبعة نفسه، وأن ليس للإنسان إلا ما سعى، فلا يدخل الجنة أحد بدون إيمان وعمل، فإن وجد خيرا فليحمد الله، وإن وجد شرا فلا يلومن إلا نفسه:
وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا (29)
--------------------------------------------------------------------
[1] شرح الأشموني على ألفية ابن مالك: باب الاضافة
[2] The Significance of Communication: Charles Horton Cooley[1]
[3] الكشف والبيان: النيسابوري: نفسير سورة الفتح
[4] التحرير والتنوير: ابن عاشور
[5] فقه الأسماء الحسنى: عبد الرازق عبد المحسن، 147-150
[6] الجامع لأحكام القرآن للقرطبي: تفسير سورة الفتح



#نافذ_الشاعر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- التعرّف لا التعارف
- دوافع التطرف في العصر الحديث
- البهائية ونشأت العقائد الدينية
- كيف تنشأ العقائد الدينية (الشيعة نموذجا)
- خلق لكم من أنفسكم أزواجا
- في الجنة زواج لا نكاح
- الفرق بين النكاح والزواج في القرآن
- مثنى وثلاث ورباع..
- التشات والمسنجر والفيسبوك
- ميرزا غلام أحمد (1)
- في بلاد الحرمين (4)
- في بلاد الحرمين (3)
- مفهوم النسخ في القرآن
- في بلاد الحرمين (2)
- في بلاد الحرمين (1)
- خلق القرآن
- شقراء لرجل أحدب (نقد)
- مفهوم ليلة القدر
- رواية ستائر العتمة (نقد)
- كيف نشأت القصة القصيرة


المزيد.....




- ماذا قال الحوثيون عن الاحتجاجات المؤيدة للفلسطينيين في الجام ...
- شاهد: شبلان من نمور سومطرة في حديقة حيوان برلين يخضعان لأول ...
- الجيش الأميركي بدأ المهمة.. حقائق عن الرصيف البحري بنظام -جل ...
- فترة غريبة في السياسة الأميركية
- مسؤول أميركي: واشنطن ستعلن عن شراء أسلحة بقيمة 6 مليارات دول ...
- حرب غزة.. احتجاجات في عدد من الجامعات الأميركية
- واشنطن تنتقد تراجع الحريات في العراق
- ماكرون يهدد بعقوبات ضد المستوطنين -المذنبين بارتكاب عنف- في ...
- جامعة جنوب كاليفورنيا تلغي حفل التخرج بعد احتجاجات مناهضة لح ...
- إعلام: وفد مصري إلى تل أبيب وإسرائيل تقبل هدنة مؤقتة وانسحاب ...


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - نافذ الشاعر - مفهوم الفتح في سورة الفتح