أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - نافذ الشاعر - في بلاد الحرمين (3)















المزيد.....

في بلاد الحرمين (3)


نافذ الشاعر

الحوار المتمدن-العدد: 3847 - 2012 / 9 / 11 - 19:53
المحور: سيرة ذاتية
    


استيقظت في هذا اليوم على صلاة الفجر فصليت الفجر في المسجد النبوي، وكنت أتمنى المكث في المسجد النبوي لكن كان يشتت انتباهي درس في التفسير، عبارة عن قراءة عادية من تفسير من التفاسير السلفية، بصوت كان يصل إلى كل أنحاء المسجد من خلال سماعات مثبتة على سواري المسجد.. فرجعت إلى الفندق ونمت حتى الساعة التاسعة.
وبعد أن تناولت إفطاري وذهبت لزيارة قبر الرسول صلى الله عليه وسلم، وكنت أتمنى تخيل المكان الذي عاش فيه النبي وأزواجه، ولكن الزحام الشديد هناك كان يسبب لي الضيق والاختناق، ويزيد من هذا الضيق والاختناق حراس غلاظ ينتهرون بغلظة وقسوة من يقف أو يتأمل.. ولو وقف شخص هناك ما استطاع تخيل هذا المكان كما كان في عهد النبي، فقد تغيرت معالمه، وانطمست آثاره، وكان الأولى بالمسلمين تركه كما هو مع بيوت أزواج النبي صلى الله عليه وسلم، مع إحاطته بما يمنع وصول الناس إليه.. إن المسلم يقف اليوم عاجزا عن تخيل المكان الذي عاش فيه الرسول وأزواجه، وهذه من أكبر الجناية التي تمت في التاريخ على شيء مقدس، أو على أقدس شيء على الإطلاق..
لقد بني هذا المسجد في المكان الذي بركت فيه ناقة الرسول صلى الله عليه وسلم يوم وصوله إلى المدينة مهاجرا، وكانت مساحته حوالي 2475مترا مربعا آنذاك، ثم حدثت له توسعات ضخمة على مدار التاريخ، حتى وصلت مساحته الحالية إلى (400327) أربعمائة ألف وثلاثمائة وسبعة وعشرين مترا مربعا، يتسع لقرابة مليون مصل..
ومن المعالم الهامة في المسجد النبوي (الحجرة الشريفة) التي كان يقيم فيها النبي مع السيدة عائشة رضي الله عنها، وتبلغ مساحتها 3.50×5متر، وتوفى رسول الله في هذه الحجرة، ودفن معه فيها أبو بكر وعمر رضي الله عنهما. وبني عام 1279م، فوق هذه الحجرة بأمر من السلطان المملوكي قلاوون، ما يعرف بالقبة الخضراء التي لا تزال قائمة حتى اليوم..
ومن المعالم الهامة في المسجد النبوي (الروضة الشريفة)، وهي المكان الواقع بين الحجرة الشريفة والمنبر الذي كان يخطب عليه النبي صلى الله عليه وسلم، وتبلغ مساحتها نحو 330مترا مربعا، وجاء في الحديث الصحيح: "مابين بيتي ومنبري روضة من رياض الجنة"..
وتنتشر في الروضة الأعمدة الرخامية الضخمة التي ارتبطت بمآثر مدونة في كتب الحديث.. ويقع المنبر الذي كان يخطب عليه النبي في جهتها الغربية، وكان مكونا من ثلاث درجات، وظل قائما حتى عام 1226م، حين احترق مع الحريق الذي شب في المسجد آنذاك.. أما المنبر الحالي فيعود إلى عهد السلطان العثماني مراد، عام 1589م..

ذهبت إلى المسجد النبوي، وحاولت الصلاة في الروضة الشريفة، فلم أستطع لشدة الزحام، فصليت قريبا من الروضة ركعتين، وكان بجانبي شخص حاولت سؤاله عن بعض الأمور فكان إيرانيا لا يفهم من العربية أو الانكليزية حرفا، فتبادلنا الإشارات والإيماءات، ونحن نعتقد أننا فهمنا عن بعضنا شيئا ما.. ورجعت إلى الفندق أنتظر الأتوبيسات التي ستنقلنا إلى مكة المشرفة، وقد أخبرنا أنها ستجيء في الثامنة والنصف، ولكنها لم تجيء إلا في العاشرة والنصف، وحدثت مشادة كلامية بيني وبين المشرف عن الرحلة حيث قال لا يجوز أن يجلس رجل بجانب زوجته؛ لأننا سنحرم من (أبيار علي) بعد قليل، ورفضت أن أقوم من جانب الزوجة لأنني على قناعة بان كلامه خطأ ولكن الزوجة ألحت علي بالقيام.. وغير بعيد عن مقعد الزوجة وجدت مقعدا فارعا جلست فيه دون أن يشاركني أحد، مما أعطاني فرصة للتأمل والاسترخاء أكثر مما لو كانت تشاركني فيه الزوجة التي تكثر من الأسئلة والاستفسارات وتقطع علي سيل التأملات..

وبعد قليل وصلنا إلى "ذو الحليفة"، وهي ميقات أهل المدينة ويقال له (أبيار علي)، وهي تبعد عن المدينة (12كم)، وعن مكة المكرمة (400كم).
والشيء العجيب أنك قلما تهتدي إلى أسماء المساجد التاريخية، لأنها مكتوبة على يافطات صغيرة بحجم الكراس الصغير.. أما اليافطات الكبيرة فمكتوب عليها بعدة لغات: دورات مياه للرجال، أو دورات مياه للنساء، أو إلى مصلى الرجال، أو إلى مصلى النساء، فيبدو أنهم لا زالوا يعتبرون أسماء المساجد بدعة شنيعة!..
ودخلنا حمامات مسجد (أبيار علي) للاغتسال للإحرام، ولم تكن الحمامات على قدر كبير من النظافة والاهتمام، وخرجنا إلى الأتوبيسات، وأنا ألف فوطة الإحرام على ظهري وصدري وبطني، وهي المرة الأولى التي اخرج فيها إلى الشارع بلا ملابس سوي هاتين القطعتين من القماش، فأحسست بوعكة خفيفة في بطني خشيت أن تزداد حدة، وشعرت بالقلق عندما تخيلت أنني سأبقى على هذه الحال طوال هذه المسافة في الأتوبيس المكيف الذي تقترب درجة حرارته من درجة حرارة الشتاء، وشعرت بمغص خفيف، والحمد لله زال هذا المغص بعد أن تناولت زجاجة سفن أب من استراحة مقامة على الطريق..
كنت أشعر وأنا أرتدي ملابس الإحرام كأني صائم أنتظر الإفطار، أو كأني في شهر الصيام أشتاق إلى قدوم العيد..
لقد كانت الطريق من المدينة إلى مكة طريق صحراوية طويلة تنتشر على جانبيها الجبال السوداء والحمراء والوديان العميقة.. وكنت أنظر إلى تلك الجبال المخيفة وإلى تلك الصحاري التي لم يعمرها أحد، وكنت أتساءل هل هذه هي نفس الطريق التي سار عليها الرسول صلى الله عليه وسلم أثناء هجرته من مكة إلى المدينة، وكنت أحاول تخيل الرسول صلى الله عليه وسلم وهو يقطع هذه الفيافي المهلكة، ثم أحاول تخيله وهو راجع إلى مكة للحج والعمرة فلم يسعفني الخيال، وكنت أعتقد أننا نسير في طريق أسهل بكثير من الطريق التي سار عليها النبي صلى الله عليه وسلم، وتمنيت لو كانت هناك معالم على طول الطريق تشير إلى طريق النبي صلى الله عليه وسلم أثناء هجرته..
وبدأنا نقول بصوت منخفض "لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك.." وكانت تلبية فيها نوع من العفوية والتلقائية والخشوع، لم يفسدها علينا إلا أحد الركاب ذوي الأصوات الخشنة، عندما أخذ الميكرفون وراح يصرخ بالتلبية بصوت عال أقض مضاجع كل الركاب، وأطار النعاس من العيون..

ولما اقتربنا من مكة المكرمة، بدت أنوار المباني تلوح لنا من بعيد، ثم بدأت الحافلة تغوص في عمق المدينة شيئا فشيئا، حتى لاحت لنا ساعة مكة الضخمة من بعيد، وقرأنا على جانب الطريق يافطة كبيرة مكتوب عليها بعدة لغات "ممنوع دخول غير المسلمين"!
وووصلنا إلى الفندق الذي سننزل فيه، وكانت غرفتنا في الطابق السابع تطل نافذتها على ساعة مكة المكرمة مباشرة، وتبعد عنه مسافة 10 دقائق سيرا على الإقدام..
وتعتبر ساعة مكة المكرمة أكبر ساعة برج في العالم، نظرا لقطر واجهتها الذي يزيد عن 40مترا، وبارتفاعها الذي يزيد عن 400مترا عن مستوى الأرض، ويبلغ الارتفاع الإجمالي لبرج ساعة مكة 600 مترا، فيما يصل ارتفاع الساعة من قاعدتها إلى أعلى نقطة فيها إلى 250مترا.. ويبلغ طول عقرب الدقائق 22مترا وطول عقرب الساعة 17 مترا، ويزن كل عقرب 6 أطنان، ويستخدم نظام الإضاءة مليوني مصباح لإضاءة ساعة مكة ليلا، ويمكن رؤيتها من مسافة تبعد عن البرج حوالي 30 كيلو مترا..
يتبع...



#نافذ_الشاعر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مفهوم النسخ في القرآن
- في بلاد الحرمين (2)
- في بلاد الحرمين (1)
- خلق القرآن
- شقراء لرجل أحدب (نقد)
- مفهوم ليلة القدر
- رواية ستائر العتمة (نقد)
- كيف نشأت القصة القصيرة
- انفجار (قصة قصيرة)
- إسقاط الشخصية على الآيات القرآنية
- فيلم (ما تيجي نرقص)
- مفهوم الشعر والسحر
- عصر الردة الطبية
- العمر الزمني والعمر البيولوجي
- قراءة في قصص الكاتبة حوا سكاس
- هل يترقى الإنسان روحيا مع الزمن؟
- في الأزهر
- ما كان خلف الطريق (نقد)
- الوراثة والاكتساب
- المرأة المصرية


المزيد.....




- في اليابان.. قطارات بمقصورات خاصة بدءًا من عام 2026
- وانغ يي: لا يوجد علاج معجزة لحل الأزمة الأوكرانية
- مدينة سياحية شهيرة تفرض رسوم دخول للحد من أعداد السياح!
- أيهما أفضل، كثرة الاستحمام، أم التقليل منه؟
- قصف إسرائيلي جوي ومدفعي يؤدي إلى مقتل 9 فلسطينيين في غزة
- عبور أول سفينة شحن بعد انهيار جسر بالتيمور في الولايات المتح ...
- بلغاريا: القضاء يعيد النظر في ملف معارض سعودي مهدد بالترحيل ...
- غضب في لبنان بعد فيديو ضرب وسحل محامية أمام المحكمة
- لوحة كانت مفقودة للرسام غوستاف كليمت تُباع بـ32 مليون دولار ...
- حب بين الغيوم.. طيار يتقدم للزواج من مضيفة طيران أمام الركاب ...


المزيد.....

- سيرة القيد والقلم / نبهان خريشة
- سيرة الضوء... صفحات من حياة الشيخ خطاب صالح الضامن / خطاب عمران الضامن
- على أطلال جيلنا - وأيام كانت معهم / سعيد العليمى
- الجاسوسية بنكهة مغربية / جدو جبريل
- رواية سيدي قنصل بابل / نبيل نوري لگزار موحان
- الناس في صعيد مصر: ذكريات الطفولة / أيمن زهري
- يوميات الحرب والحب والخوف / حسين علي الحمداني
- ادمان السياسة - سيرة من القومية للماركسية للديمقراطية / جورج كتن
- بصراحة.. لا غير.. / وديع العبيدي
- تروبادورالثورة الدائمة بشير السباعى - تشماويون وتروتسكيون / سعيد العليمى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - نافذ الشاعر - في بلاد الحرمين (3)