أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق الاطفال والشبيبة - سونيا ابراهيم - هل يحب الآباء الفلسطينيون أبناءهم ؟















المزيد.....

هل يحب الآباء الفلسطينيون أبناءهم ؟


سونيا ابراهيم

الحوار المتمدن-العدد: 3908 - 2012 / 11 / 11 - 14:14
المحور: حقوق الاطفال والشبيبة
    


يعتقد البعض من الآباء الشرقيين أن أهم شئ تربي عليه هو ألا يحوج أبنائه لغيره ، و أن يظلوا مكتفين دون الحاجة للتنازل أم إذلالهم أمام الآخرين .. في المدراس التي تربي فيها الآباء ، و من ثم أبنائهم لا أعتقد أن هناك فرق كبير – في الوطن العربي – على الرغم من المسافة الزمنية – اذا شئتم – تسميتها بهذا الاسم بين الجيلين .. على سبيل المثال ، كانت والدتي تذهب إلى المدرسة يومياً مشياً على الأقدام ، و تقطع مسافات طويلة للوصول للمدرسة الوحيدة في المدينة ، التي كانت تزدحم بكل الطالبات .. أما جدتي فهي لم تكن تقرأ أو تكتب ، و لكنها كانت تتعلم شيئاً بسيطاً ممن حولها ، قبل أن تُرغم مثل باقي فتيات جيلها على الزواج من جدي!

كانت المسافات الطويلة اللاتي اضطروا أن يجتازوها كل يوم تسبب لهم مشقة و عناء للوصول إلى المدرسة ؛ حتى ظننت أن والدتي التي لم يكن حينها الحجاب مفروضاً عليها – لا من الأسرة و لا من المؤسسة التعليمية – لا تحب التعليم بل تعتبره مذلة .. أخبرتني في أحاديث مقتضبة لها عن حبها لزميلاتها و للذهاب للمدرسة ، و لكنها لم تنس يوماً كيف أن والدها كان يميز بينها و بين أخوتها الذكور في المصروف .. حتى أن والدها سمح لخالي أن يكمل تعليمه في جامعة القاهرة – حينها لم يكن هناك جامعات في القطاع – و لم يسمح لخالتي بإكمال تعليمها رغم قبول أوراقها ؛ لأن خالي
الوحيد ، الذي أنهى تعليمه الجامعي نصح جدي حينها بألا يرسلها ، مشوهااً سمعة الفتيات الفلسطينيات القليلات ، اللاتي سمحت لهن عائلاتهن بالذهاب إلى مصر ؛ خاصة اللواتي كن يختلطن بالعمل و المشاركة السياسية مع الأحزاب الطلابية – في تلك الفترة بين الخمسينات و الستينات .. و حتى الآن لا يوجد لدي معلومات كافية عن نضال المرأة الفلسطينية – طالبات غزيات - في تلك المرأة بسبب عدم دقة التدوين و التوثيق فالكل يعتمد على رواية حزبه السياسي ، أو ما سمعه من الآخرين !

كل ما أذكره عن خالي " الذكوري " ، الذي كانت لديه عقدة من المرأة و شرفها لدرجة أنه كتب رسالة طويلة عريضة تمنع جدي من السماح لخالتي بإنهاء تعليمها الجامعي ، هو و قصته الخيالية عن كونه الطالب الفلسطيني النجيب ، الذي كان مشتركاً في لجنة المراقبة و الذي كان يطلب من الأساتذة المصريين أن يُرَسِبوا كل طالب فلسطيني يغش بالامتحانات – دليلاً على أمانته و عدم انحيازه للطلبة الفلسطينين .. حتى بالغ في – هوسه القهري – و أخبرني سابقاً أن الأساتذة كانوا سيشيدون له تمثالاً لأخلاقه العالية و كماله !
****
كانت جدتي هي الزوجة الثانية لجدي ، بعد أن توفي زوجها السابق في الحرب كوّنت عائلتها الجديدة مع أب والدي ، و أنجبت له طفلين ذكرين ، كان سعيداً جداً بهما جدي لدرجة أنه ذبح ناقة احتفالاً بنصره " الذكوري " في الانجاب .. و لكن عندما أنجبت في المرة الثالثة طفلة " أنثى " منعها من أن تدخل المدرسة الابتدائية ؛ حتى أنه لم يسجل لها شهادة ميلاد .. و ظلت حتى الآن بدون أي بطاقة شخصية .. انتقم والدها - جدي - منها لأنه أعطى والدتها ( x ) وهو طبعاً العِلم الذي لم يدرسه جدي « حينها » بالقدر الذي كان يعلم فيه أن الرجل « المشعوذ » الذي ألقى لعنته على والدي في ليلة زفافه ، هو وحده من سيسمح أو يمنع حصول الفرح و الحب في حياة الزوج ، و الزوجة .. القصة حدثت كالتالي : كان جدي رجلاً شديداً ، فذهب إلى الرجل المشعوذ و معه عصا ، قال له : إما ستفك السحر ، و إما سأكسر لك رأسك !! هكذا تم ما يجب حصوله .. كما أخبروني ، و لا أعلم !! إذن رجل – ذكوري – هو من سيمنح له الإله القوة ، و هو رجل آخر – ذكوري – أيضاً من سيمنعه من هذه القوة !
****
يعطي الأب العربي لنفسه الحرية و الأحقية في تعذيب ابنه معنوياً و نفسياً بمعنى أن ابنه يجب أن يكون رجلاً ناضجاً مسئولاً منذ الصغر ، و لكنه يجب عليه ألا يبكي منذ نعومة أظافره – كلما ضربه والده – ليلعمه الرجولة " الذكورية " و هو يؤذي علاقته بجسده ، و طفولته .. كل ذلك يُحسب على إنسانية الطفل ، الذي سينضج يوماً بنفسية معذبة غير قادر على التفكير السوي ..
أذكر جارنا الذي كان يضرب ابنه كلما شاهده يرحب بصديقات والدته ، و في الواقع كان الأب نفسه يود لو أن بامكانه أن يشارك في تلك الجلسات التي ما زالت تفصل بين الجنسين gender segregation، و لكن صغر سن ابنه كان يمنحه العذر .. فكان يعذب ابنه بصوتٍ يظن أننا لم نكن نسمعه في الغرفة المجاورة - ذات شباك ضيق !! لم يكف ابن الجيران عن الصراخ عندما ربطه أبوه من يديه و قدميه بعد أن أمسك به عمه في حقل الزيتون الخلفي ، و هو يداعب الفتاة التي كانت معجبة به !! أذى انسانيته ، و أفهمه أن الحب هو فعل مشين ؛ و لكن كيف سينضج و يصبح رجلاً ؟ بالضرب ؟ بربطه في الباحة الخلفية ، و
تعذيبه ؟؟ كيف ستكون صورته أمام نفسه و أمام الامرأة التي سيقرر لاحقاً الارتباط بها ؟؟ الاجابة هي : لا شئ !!
****
في ظل مجتمعات يعتقد فيها رجال الدين أن ذكور المجتمع غير قادرين على حماية أنفسهم من الأنثى ( الأرض ) ، التي تمنحهم الحب و العطاء ، سنجدهم متخاصمين في المقام الأول مع « رجوليتهم » ، و سنجدهم يكرهون من يأتِ من صلبهم إذا لم يكن مخادعاً ، ماكراً ، و ذكورياً بالطريقة نفسها ، التي يبررون فيها أخطاءهم عمداً ضد حق المرأة في المساواة و عدم التمييز!
****
صرخت ابنة صديقتي – التي هي في الثالثة عشر من عمرها – في الحمام بصوتٍ عالٍ جداً ، و لم تهدأ إلا بعد نصف ساعة .. جلست معها ، و تحدثت إليها مثلما فعلن خالاتها و والدتها : لماذا أنت خائفة لقد أصبحتِ ناضجة مثلنا ؟؟ حالة الذعر التي تصيب بعض الفتيات عندما يصلن سن البلوغ ، لأنهن خائفات من أحكام المجتمع المسبقة عليهن , و خاصة فرض القيود عليهن ، و التعامل بعدوانية مع أنوثتهن ، كما عندما يستخدمن – معلمات المدرسة – تلك الفترة من حياة الفتيات ؛ بسبب سوء جودة التعليم ، في اخافتهن أو تسميتهن بالنجسات لمجرد التعبير عن أنفسهن في حال كون المعلمة مقموعة في بيتها ، و بيئتها !
بعدما تحدثت إلى ابنة صديقتي عن مخاوفها مما تقوله معلمة التربية الدينية عن عذاب الله للمرأة – التي هي نجسة ، و ناقصة عقل و دين – ظننت بأني سأطلب من صديقتي ألا ترسل إبنتها إلى المدرسة إلا بعدما تمنع المعلمات من ارهابهن الديني اللاتي يمارسنه على الطفلة الصغيرة حتى وان كن يعلمن أنها وصلت لسن البلوغ يجب عليها أن ترفضه !!

سينزعج البعض ، أو قد يشعر بالأسى عندما أصارحكم أنه في الأراضي الفلسطينية ، و حيث أقيم في غزة ، لم أرَ مثالاً لكثير من الآباء الذي يحترمون حرية أبنائهم في خياراتهم الشخصية ، و لم أرَ الأمهات يتسامحن مع بناتهن ، أو يحاولن أن يكونوا صديقات عندما تحتاجهن فلذات أكبادهن .. لم أرَ إلا أطفالاً في الشارع يعذبون الحيوانات الأليفة ؛ حتى أني شعرت بالأسى كيف لا يقبل الضحايا أنفسهم ، و يكونون بداخلهم عدواً آخر لهم يشبههم ، بدلاً من أن ينبذوا العنف ، و يمنعوا تكراره بإسم الدين ( في المؤسسات التعليمية و الحكومية ، الشارع ، المحكمة الشرعية ) ، نجد أن الأطفال و النساء في حالة ذعرٍ دائمة .. الأب يضرب ابنه ، الأم تكره أنوثة ابنتها .. و الطفل يعذب الحيوانات الأليفة .. و يصطادها لأنه يريد – بغير وعي – أن يمارس صدمته النفسية – من عنف الاحتلال ، و القمع ، و الجهل – على من هو أضعف منه ؛ بل على من كان بإمكانه أن يكون صديقاً مخلصاً له !

هل سيحب الآباء و الأمهات أبناءهم و يمنعوا إعادة الأخطاء التي ارتكبها الأجداد عبر طريقة التربية القمعية هذه ؟ هل ستصل مجتمعاتنا العربية لدرجة من التواصل و النضج مع أبنائها للمطالبة بمنع المعلمين و المعلمات من تعنيف أطفالهم معنوياً و جسدياً ؟؟ سؤالي الأخير : في المدارس الفلسطينية من سيشعر بطمأنينة كافية – رغم كل التضحيات و المخاطر التي تحيط بأطفالنا و طلابنا من الاحتلال الاسرائيلي – عندما يرسل أبنائه و بناته إلى المدرسة و هم ينعتون البنت التي تصل لسن البلوغ : نجسة ، و الولد المراهق الذي يمارس العادة السرية بأنه : يمارس العملية المرذولة
؟؟



#سونيا_ابراهيم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تحية مباركة و إغلاق مبكر
- متلازمة ستوكهولم .. هل بعض الفلسطينيون مصابون بها ؟؟
- العدوانية
- من أجل رقي حركة حماس
- الهوس الجنسي في غزة
- صورة عن الشرق المرئي في غياب الحل الأوسط
- حجة خروج
- متعة الفراق المذّل
- مشهدٌ لعمقِ امرأة كانت تعشق صوتَ النوم
- ذكور ممتنعون عن الرجولة
- نختارُ أن نحلم بوطن
- حياة تسقط في الوجوه .. هنا غزة
- مشاهدات في مدينة يحتقرها الإله .. غزة تحت أنقاض الحياة
- العنف الأسري
- صرخات أنثى غزية
- البحر والسينما في غزة قد ماتا
- مدير علاقات عامة تحت بند - الاسلام السياسي-
- آلام امرأة غزية
- تشزوفرينيا حماس تحت قمع الاحتلال ، وقمع الحريات في الديكتاتو ...
- في ذكرى الامتحانات الثانوية ، والقمع السنوي لحكومة حماس


المزيد.....




- شاهد.. لحظة اعتقال اكاديمية بجامعة إيموري الأميركية لدعمها ق ...
- الشرطة الاميركية تقمع انتفاضة الجامعات وتدهس حرية التعبير
- صحف عالمية: خيام غزة تخنق النازحين صيفا بعدما فشلت بمنع البر ...
- اليونيسف تؤكد ارتفاع عدد القتلى في صفوف الأطفال الأوكرانيين ...
- يضم أميركا و17 دولة.. بيان مشترك يدعو للإفراج الفوري عن الأس ...
- إيران: أمريكا لا تملك صلاحية الدخول في مجال حقوق الإنسان
- التوتر سيد الموقف في جامعات أمريكية: فض اعتصامات واعتقالات
- غواتيمالا.. مداهمة مكاتب منظمة خيرية بدعوى انتهاكها حقوق الأ ...
- شاهد.. لحظة اعتقال الشرطة رئيسة قسم الفلسفة بجامعة إيموري ال ...
- الاحتلال يشن حملة دهم واعتقالات في الضفة الغربية


المزيد.....

- نحو استراتيجية للاستثمار في حقل تعليم الطفولة المبكرة / اسراء حميد عبد الشهيد
- حقوق الطفل في التشريع الدستوري العربي - تحليل قانوني مقارن ب ... / قائد محمد طربوش ردمان
- أطفال الشوارع في اليمن / محمد النعماني
- الطفل والتسلط التربوي في الاسرة والمدرسة / شمخي جبر
- أوضاع الأطفال الفلسطينيين في المعتقلات والسجون الإسرائيلية / دنيا الأمل إسماعيل
- دور منظمات المجتمع المدني في الحد من أسوأ أشكال عمل الاطفال / محمد الفاتح عبد الوهاب العتيبي
- ماذا يجب أن نقول للأطفال؟ أطفالنا بين الحاخامات والقساوسة وا ... / غازي مسعود
- بحث في بعض إشكاليات الشباب / معتز حيسو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق الاطفال والشبيبة - سونيا ابراهيم - هل يحب الآباء الفلسطينيون أبناءهم ؟