أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - جعفر كمال - العرفانية الواقعية، والخيال















المزيد.....



العرفانية الواقعية، والخيال


جعفر كمال
شاعر وقاص وناقد

(تôôèô‏ ؤôéôم)


الحوار المتمدن-العدد: 3885 - 2012 / 10 / 19 - 05:18
المحور: الادب والفن
    


قراءة في : "جنة أبي العلاء"
للشاعر العراقي عبدالكريم كاصد

صدر للشاعر عبدالكريم كاصد كتاب توظبت فصاحته اللفظية بالفصاحة المعنوية، فأجملت ثلاثة فنون تَتَلاءَمُ بها الكلّمُ اللغوية شعراً ومسرحاً وسرداً، على الشكل التالي:
أولها الشعر: نقرأه وقد تحصنت فوائده بالألفاظ التي تواصل بها النحت السردي، كونه أزَاحَ الصعوبات البيانية من فنيته، فوقعت النصوص في مَحَلٍ يستحسنه القارئ.
وثانيها مسرح الفنولوجيا*: الذي توسط الشعر والسرد الروائي المؤتلف بمغريات الحكاية، حيث تعددت ابعاده، كصيرورة تمسرحت لغته لإعادة اكتشاف التشكّلات القيمية في التجنيس الدلالي المقارن بطبيعة الجنس الفني الآخر.
وثالثها السرد الروائي: تحققت أحكامه من وعي استعراض القيم السردية الذهنية، وكأننا بصدد كشف متوالية بريخت الغرائبية في مناخ مسرحه الجداري*، في حين نقرأ كاصد قد حوّلَ المؤثرات البريختية من نسج دواخل السرد الحكواتي وحوّلها إلى ذبذبات مثلت الاندماج المثالي بالمادي على المسرح الحياتي، فاشتملت هذه الحداثوية وعياً تدفقت إشاراته لمواصلة المماثلة النوعية مبتغياتها.
ومن أجل هذا اكتسب الكتاب أهمية كونه اشتمل على نحت من التبليغ الإبداعي، الذي تعددت فوائده الفنية واخْتَلفَت بمساق المسارات الفكرية والأدبية المتعارف عليها على النحو التالي:
أولهما: جعل القارئ مشاركاً في السياق المراد منه تلقيح المكان الوقعي "المدينة لندن"، بالمكان الافتراضي أو الوهمي "الجنة"، الذي أنتج مزجاً بين الوعظ القادم من الجنة، وبين تأمل التأويلات البصرية وإثارة المفاهيم الوسطية الذي طرحها المسرح الانتقالي، بين البيت، والمقهى، والباص، والشارع.
وثانيهما: التأكيد على مفاهيم أساسية تمنح الحكاية فنتازيا تأملات النّاظر، وهي على تَنَوّعِها عبارة عن اِتّفاق بين الموروث الأدبي، وموسوعة الكاتب الثقافية، أن تصبح حقيقة مادية جامعةٌ بما يكون متعلقاً بالفنون الثلاثة اللآنفة الذكر، الذي يراد منها أن يقوم التدفق التلقائي التشويقي يمس النشاط العضوي الذي تؤدّيه مدركات المتخيّل المجازي، وفي الوقت ذاته يحيل القارئ إلى صحبة تجمع تصوراته بالواقعية المصورة له.
أَمّا التفويف* في الجناس فأبْنِيَتهُ واسعة، دللت على محاكاة تجنيس الحوار في نظمه واتساقه، المصار له أن يعمل على إعادَةِ تفكيك أسلوبية التماهي الايحائي للتبطين والتلميح المكشوف إلى اشتقاق اللون الأدبي من لونه التراثي، كي تبدو "الجنة" وكأنها حقيقة مبصرة، كان الحديث عنها قبل ولادة هذا الكتاب تبشير مبهم، أو سؤال محّير كان يسكن ما بعد المدى غير المنظور، فلا فلسفة تكشف لنا تلك الموجودات الموعودة، ولا زائر عاد من تلك الحياة التي نخشاها، ليخبرنا عن طبيعتها وأسلوب الحياة الأخرى فيها، ذلك المكان الذي أجمعت البشرية على تسميته ب "الآخرة".
ترى كيف نتأمل تشكيلات ذلك المكان والزمان في نشاطها وميزاتها ومقدار زمنها وميزانها الفلسفي والاخلاقي؟ تلك العلوم التي لم تتطرق لها الكتب السماوية، وخاصة القرآن الذي أكد بقوة على العقاب والصفح في الدنيا الأخرى كما يقول الكِتاب، ومن سياق هذه الحيرة نقرأ ما استهله الحوار بعد حضور أبو العلاء بين يديْ كاصد:
" أنا صاحب الكتاب الذي بين يديك. قلتُ: ولكنّه كتاب قديم مات صاحبه، فمن أنت؟ قال: أنا ابو العلاء وقد بُعثتُ فأنزلني ربي منزلة الأولياء."
هذا الحوار تضمَّنَ ما يُرشد بما فيه من الدّقّة والرموز، واسْتِيلائهِ على إثَارَةِ البديع كونه تِدْوّارٌ بين المُشَبّهَ المتخيل به، وبين التشبيه بالواقع على أنه حقيقة، وهذا يعتبر اعتقاداً ظاهراً، لأنه تخيّلَ الحالة على اعتبارها حقيقة وكأنها صورة تُشاهد، وبحقيقتها ظاهرة للعيان، والقرآن يقول: "ونفخت فيه من روحي." وإذا كان هكذا فهذا يعني المقدس لكل من دخل الجنة، بحكم المسموح به من قبل الدكتاتورية الإلهية.
إذا احتسبنا النص الذي بين ايدينا "جنة أبي العلاء" تماهى شكلاً بحثياً، أو بُنِيَ على ترتيب حكاية تأخذ الأسلوب المتبع من النمط الحكواتي، المحكوم بتماهي السجع المنثور، وما تضاد في دواخله من أسلوبية الأدب التوليفي المتحول. المطعم بمعالجات فواصل السرد المثالي. فإنّ المسار الدلالي لهذه المصاهرة الأدبية شكلت ظاهرة دراسة المعنى المكشوف، من لدن ترتيب المعلومات حسب ما رسمها النص، ضمن قواعد نحوية وضعت القوانين الضابطة له، وقولنا اعتماد كاصد التشذيب التوليدي فتح للأدب شكلاً حوارياً أكثر متعة من حيث قياساته الثقافية الشاملة.
ولتبيان ما أختلف عليه النقاد الذين تناولوا هذا الكتاب بالفحص والتوزين ممن هم قبلي من حيث سياق بنية المعيار الفني ومعدلاته، أقول المراد من هذا التدفق الأدبي الجديد، حاز بعمومه على الجمع التوصيليي الموفق الذي اِتَّخَذَ أسولوباً جديداً بهذا السياق:
أولاً: تشكيل بلاغي شعري مساقه اللون الروائي.
ثانياً: تشكيل روائي أدهشه الطعم الشعري.
ثالثاً: الملاقحة بين الشعر والسرد لأنتاج هجين التنغيم الصوتي، من مناطق تجمع أفْضِيَة تأثير جاذبيتها الممسرحة.
تلك هي لعبة الإبداع وورودها الحاصل بالمحاسنة الدالة على بيانه، لأن اللغة ممكنة لتوليد العصب البلاغي أن تتصرف خلاياه بالناتج المطلوب، كي تكون أحواله مختلفة بالإضافة، وكاصد عندما أرَادَ أن يجعل من الحوار اقتناص المشهدية، جعل من النص أن ينمو في دواخله نبض الحياة، لكي تكون هي البوصلة الواصلة بين هدفه المجدد للأسلوب الحكواتي وبين الشاعرية، فهو يجرد الحالة النحوية، من مؤثرات نمط الموازنة الصوفيّة، لتكون محطاتهُ أشْبَهَ بمرور مَرْآى البصيرة بمرآى ما أبصره الأدب الواقعي باختلافه هو. والغاية هي تجنب الكاتب الولوج في حالات الوجد والهيام الإلهية بأحوالها، ولهذا نقرأه قد جعل من الحوار المكاني مختلفاً بأسلوبه "بيت الشاعر - والجنة" لأن أبا العلاء المعري في الواقع غير موجود في بيت الشاعر كاصد، وإنما هو استدعاء الشخصية والجنة من بنية الحوار، وإلا عدنا إلى عصر الإيمان بالخرافة، ولذلك أشار الكاتب إلى أن المعلومة نقلت من حال لسان أبو العلاء بقوله: " لأن وجودي على الأرض جسداً لا روحاً مما لا يمكن أن يحدث في الشرائع، طبيعية أو إلهية، لبشرٍ أو آلهة ربما." ص81،
وللبلاغة تبيان ينقذ المقصود من ضياعه في قول المطرزي: " هو تصوير حقيقة الشئ حتى يتوهم أنه ذو صورة تشاهد.*" فكان للكتاب أن يجمع من الحركة الأدبية أحداثاً تمثلت سيرتها الإبداعية المتنقلة بين الشخصيات الأدبية المُنْتَقاة على مر العصور، من حيث رافد المنسوب الإبداعي عند الشاعر الذي حاوره، وهدفه الذاتي أن يوعز للقارئ المُسْتفَز أن تلك الأسماء الكبيرة على إلمام تام ومعرفة بفلسفته الأدبية والثقافية والحياتية، مع تحييد الإشارة للزمن المكاني بالصورة والواقع، فجعل من المكان معبراً عن صفحتة الشخصية ومؤثراً بها، من خلال بينات مشهدية متفرعة الأصل والعنوان، أي إنه جعل من شخصيته أن يكون لها وعي متنقل بين الشخصيات التي اختارها لمُؤَلّفهِ، الذي أحْكَمَ صيّغ الحكاية أن تجمع بين السرد والشعر من جهة، وبين السرد والنقد من جهة ثانية، وكأننا نحيي حكمة التناص المشذب بنكهة أسلوبية أميل حبيبي، لتوصيل قدرية النخبة من الشعراء إلى المكان المقدس الأعلى، لتتويج الشخصية الأدبية بالواسطة.
عرفتُ الشاعر كاصد في الإبداع مدرٌ فصيحه، ومنسوب حرفه لقريحته، وموزون حدثه في بيانه، وصادق في نصه. له عداوات صامتة، لا تسره القصائد الواقفة على رأسها، يراها كأنثى تبيع نفسها، وفي النقد يسوق الحدث من بيان يتبينه فيحيط اللغة ببراهينه العقلية، ويحميها من اللفظ المرتبك، حيث نتبين تجاوز الضيف للمكوَّنات الجسمية والعرضية للكون بسؤاله:
"مَن الشيخ؟ ومِنْ أين؟ كيف اجتزت إلي الأقفال، وعبرتَ الأهوال؟"
سؤال مقنع خاصة ونحن في العاجلة، أليس هو الله الذي قال فيه علي بن أبي طالب تأكيده المحصن بالبلاغة وفيها: "الذي بُعدَ فَنأى، وقربَ فَدَنَا، وعلا بحَوْله، ودَنَا بطَوْلهِ، والسمواتُ مُمْسكات بيدهِ مطويّات بيمينه.*" إذا كان الأمر هكذا! فهل هذا يعني أن كاصد أصبح بيده كارت ممهور ببصمة الله لدخوله الجنة؟ أليس الله من اِختص كاصد وَأَفْرَدَهُ لهذا الاستقبال الإلهي. فلا حيطان ولا أقفال تمنع القدرة الإلهية، أوليس هو صاحب مبدأ "كن فيكون". ربما هو الدليل القاطع: على اعتبار أن الهيام المقدس، أو التمني يحضر الحبيب أو الشخص المعني بالحضور دون الأبواب، لأنه الخيال، والحال هذا أن الشخص الذي دخل على كاصد كان شخصاً حقيقياً بلحمه وشحمه، لكنه خارج روحه، وليس زائراً من صنع ترتيب المخيال، ترى كيف عرف كاصد أن هذا الشخص الذي دخل عليه كملاك أبيض قد عبر الأهوال؟ ربما هي أحد العيوب الذاتية في النص!!
استطاع كاصد في هذا المؤلف أن يحذو حذو المواردة، والمواردة باب من أبواب العلوم اللغوية تختص بتفعيل موارد البلاغة، فكان للمؤلف أن يتفق مع الزائر أبي العلاء المعري في الشاعرية، والرفض، والعلياء، والعلم اللغوي، لكنهما مختلفان في بلاغة النظم الشعري وبنيته، متفقان في وزنه، ومختلفان في العصر، متفقان في الرأي أن الحاكم العربي ظالم لشعبه على مر العصور، فواحدهما يأخذ اشتقاقه من القرآن، والآخر المعاصر يأخذ اشتقاقه من العلوم المادية المعاصرة، يخلط مستعربها بمستغربها، وكأن زيارة أبي العلاء للأرض التي اِختص كاصد بها، ميزته وتوجته على كل شعراء المعاصرة، على الأقل هكذا لمح لها المساق، ليجعله في محل مرتفع منيف، "وأنا هنا أتكلم من وحي لغة الكتاب الذي أدرسه" حتى لا يخل وزني، وأضيع في قصدي، فلا أزيد ولا أنقص. ولكي أحصي البلاغة بين الشاعرين التي توجتها اللغة الصارمة، والصحيح فصيحها عندهما، وكأني بهما يتواردان الحوار من ذات الصفحة، أي أن يسأل أحدهما صاحبه مرة، ويسأله الآخر مرة أخرى، وحالهما يتواردان ويتساجلان المعلومة من نفس الإبانة، الذي هو الكاتب.
النهار الأول:
إذا أَعدنا قراءة مراتب "جنة أبي العلاء" يتضح لنا الغائب الحاضر أبو العلاء المعري، ليس هو الذي أَكَّدَهُ التاريخ لنا، فابو العلاء تغيرت فيه الملامح: كاللون، وفسلجة الأعضاء، والذاكرة، والروح، وسيوكلوجية بصيرة الإبداع الشعري، تلك المفَصلة ببراهينها ومجراها ونظمها الإدراية البينة، من حيث حقيقة التغايُرُ في لغة تفسير الغرائب المرجحة أي المُتَكَلَّمية*، لأننا في حضرة "الذات" الضمير الغائب المتكلم على جهة التخييل، بواسطة الشاعر أبو العلاء المعري، وهذا ما برز في المحاكاة المتعددة والمختلفة بدون اعتراضات أو مطاعن، تحققت بها الإحاطة بالمعلومة المتفقة التي تمعن فيها الفكرة بجواب الدلالات والحجج، ومن أجل صحة الخلق الأدبي الحاصل في أسلوبية هذا الجنس الفني، أطرقُ باب مهارة الكاتب، لأدخل ساحته المثيرة للإفادة، محاولاً تبيان المُشاكلَةُ في معادلة وجوب التضاد بين الثبوت والإلغاء، ومحاسن المواعظِ، وجودة التراكيب، والنظم الفنية بمؤكداتها المجازية وما تصاحبها الإشارات والأخيلة المحصنة بأعجازها، القادرة على العناية والإسناد المحقق لماهية النظم المتعدية، التي أراها على وجهين:
أولهما: أن يكون القول مضافاً إلى قائله بالوجوب والإعلان الدال على معناه.
وثانيهما: أن يكون المجاز مركباً بفعل الزيادة الحداثية من محصنات الإبداع ومصبها.
وبالنظر إلى أن السياق اِعْتَمَدَ طباقَ التجنيسَ في الجملة الخبرية، بإسناد الأمر إلى لغة المتحاوريّن، وهو المنشأ التصويري الذي اَتَّخَذهُ الكاتب، أي تداول محاكاة الشخصيات كل بخبرهِ، كونها تجتمع فيها محاسن الشخصية والنص، وهو ما يعرف بتحسين وجوه الكلام، بعد أن اِكتسبَ الوضوح الدلالي، وقوله في هذا على لسان المُضَيّفْ: " أما أنا فحلمتُ أنني في الدار الآخرة وسط الشعراء، وصمت الحوريات، ثم أفقت مذعوراً لا أدري أأنا حيّ أم ميْت" ص28 .
وظف كاصد اللغة التراثية رصيداً لكتابه، فاقتبس بعض ألألفاظ التي يكون فيها المعنى تابعاً إلى تصوراته للأزمنة الماضية، تمثلت في صعوبتها النحوية على القارئ المعاصر، التي وردت على لسان الكاتب مثل: "وجأته، تثريب، نحات، سعار، السوّقة، الفقّاع، بدئ، القلوص." ومثلها ورد الكثير من هذه المعجميات المعقدة، خاصة وأن الكاتب كاصد معروف من مؤيدي اللغة الحديثة السهلة على المتلقي، كان من المفترض أن يبقى على صلته بالألفاظ المتداولة في عصرنا. ولكن وفي الوقت ذاته ربما يعذر المؤلف أن يتخذ من اللغة التدريسية للكتاب أن تتميز بالفصاحة الثرية في ألقها التوصيلي إلى الناقد والباحث والأستاذ، فالنص يدعو البلاغة والبديع ميزانا للمختلف المعاصر، على اعتبار أن لغة الكتاب تنقت ألفاظها بعناية تتلاءم مع طبيعة ومسار الحكاية، التي أخذت شكلانية أحلام اليقظة بترتيبها. فالشاعر كاصد حَضَّرَ المزايا المعنوية لتوليف الحكاية، ولها استقدم الشخصية الغائبة، ليكون لقاح المتخيّل الإبداعي أشبه بهجين منتج من النَّمَطين، لذا نجد الأسلوب أخضع الإعجاز إلى حكم المجاز فخلص الأول من زوال النظم حين أوسع شعابه، وأثمر حصاده، وجعل من شاعرية الحكاية محمولة على فصيحها، محققة صحبتها على إنها فائدة واسعة المعلومة.
يبادر إلى بصيرة المتخيل الميتافيزيقي أن الصحبة الطويلة بين الشاعرين أبي العلاء المعري وكريم كاصد، والتي تحققت أخيراً بلقاء على الفضاء الفنتازي الافتراضي، وهما يرسمان لنا الجنة وكأنها مكان محصور ربما أشبه بالفندق الثري ذي الخمس نجوم، أو من مغايرة سجن تعارف به الناس، فصار صغيرهم يعرف كبيرهم، وشريفهم يجالس طغامهم، مع إنه أشار واسترشد بقول القرآن في كتابه: " وجنّةٍ عرضها السماوات و الأرض أُعدّت للمُتّقين } آل عمران 133، " نقول أن هذه الآية حملت وبينت الإعجاز على حقيقته، لأنه إذا كانت الجنة عرضها السماوات السبع والأرض، مع أن الله يطمح أن يبني سماوات أخرى بقوله: " والسماء بنيناها بأيدٍ وإنا لموسعون." الذاريات 47. وفي هذه الآية أختصر الله السماوات بالسماء الواحدة، وهذا إعجاز محير آخر. ولا أدري لمَ الكاتب أختار هذه الآية بالذات ليطعن بنصه الذي سار على أن أهل الجنة يعرفون بعضهم البعض، فشعراء العرب يلتقون بالشعراء الأفرنجة ويلتقون بشعراء الجن، الذين لا وجود مادي لهم في الحياة، والشاعر كاصد مادي وليس مثالياً. بمعنى أن النص لم يسر على الكلام الذي أُلّفَ عليه، فالتحق المعنى بالمجرى التحولي، ربما دون قصد من الكاتب حين جعل من نصه تتضاد بنيته الداخلية التي قلت فيها محصنة من الأورام التأليفية الخبيثة.
أجمع الكِتاب على تنوع ظاهر في تجارب الشعراء والنقاد والمترجمين، وما صاحب حومة الأدب من نقاش دار بين المُضَيّفْ والضَيْفُ حول نجاح تلك التجارب أو فشلها، شملت المسيرة الأدبية كل الأجناس حتى الفقهية منها، فوردت أسْماء مهمة عربية وأفرنجية مثل: "جلال الدين الرومي، الجاحظ، الحلاج، ابن عربي، عمر الخيام، أبي نواس، شمس الدين التريزي، دانتي، رامبو، بودلير " تلك الأسماء التي مازالت مؤثرة في مسيرة الإبداع، والترجمة، والتشكيل، وما إلى ذلك من فنون محدثة.
أتخذ النقاش صيغة المكاشفة الذاتية الذي استعرضَ فيها الشاعران أسلوب "المجاملة - والقدح" المهذب والمرمز بالإشارات المتوترة، حين أشار شاعر العاجلة إلى أن الكثير من المسموعات والمرئيات والمقروءات من الفنون المعاصرة لا تغني ولا تفيد، وأجاب شاعر الجنة حذراً: " الحمد لله الذي جنبنا اللقاء بهؤلاء بما عرض لنا من وساوس جعلتنا نعيد التفكير ثانية باللقاء بأهل الأرض. ص56" والشيخ أيضاً كما بان في شرحه بدا مستاءً من أهل الجنة ومن الجنة ذاتها بقوله: " هذا يعني أن ما قاله طرفة بن العبد إنّ في الجنة همجاً وطغاماً." ص38. فكم ود الشيخ لو أن الذي هو موجود في العاجلة من: المناهج التعليمية المتطورة، هو ما يجب أن يكون موجوداً في الجنة، على أن تكون المناصفة الفلسفية بين نصفها المادي ونصفها المثالي موزونة، وهذه محاولة ذكية من الكاتب أن يخترق ويغاير ويتجاوز النظام الفردوسي، حين اِختار الكاتب صورة الإدهاش الذهنية، فكان للنص أن تكون نزعته الذاتية متطورة ومغايرة لحركة البيئة الأخرى، ما عدا الروتين الانطباعي في الخرافة والأسطورة المعنية بالجنة، والرحيل الذي يتجاوز طبقات الأوكسجين المميتة في الجو، في قياس الأوزونات الفضائية، ثم أننا لا ندري مكان الجنة بالضبط، مع أن عرض السماوات والأرض. ربما هي المسافة غير المؤكدة في عقل الإنسان.
في المقهى
يبدو للناقد تأويلاته المختلفة بالخصال الواردة في كتاب "جنة أبي العلاء" في لغة الكاتب التي حركت فهرست تراكيب الأحداث المعنوية من الواسطة العارية "أبي العلاء" إلى مقاييس أتخذت من المشبه بالواقعي عبارة عن وصف لأعتبارات خاصة بالكاتب، خاصة عندما ناقش الترجمة عند الكثير ممن ادعوا الترجمة غير الصائبة في دقتها بدون ذكر أسماء. وأشار إلى من ادعوا الشعر وهم ليس بشعراء، وسمي أحدهم " حسناً ". وصفه بالأعمى بقوله: "أما بالنسبة إلى الشعراء فقد خلت المدينة منهم بعد رحيلهم ولم يبق منهم غير نظّام شتّام بخيل، لا في العير ولا في النفير، أعمى العينين والقلب" مع أن ضيفه في العاجلة كان أعمى، وهنا يذكر الاسم، ولموقع الاسم في الجملة النحوية صار لزوماً أن يكون حسناً بدل حسن، في قوله: " يروي هذا الأعمى الدجال المسمّى حسناً وهو القبيح القبيح أن عينيه ذهبت عندما كان مرة في المرحاض" ص56 ولو دققنا الفحص والبحث عن هذا الاسم لبان من الوصف إنه:
متعلم للعروض، مُتبضَّع من سوق الصفحات، مجفٍ للأخلاق، ناكرٍ للجميل، فقد بصره وبصيرته في بيت الأدب، واسمه حسن البيّاتْ.
يعلم القارئ الحذق أو الناقد المحايد أن المحدث "الزائر" هو الذي بواسطته قامت المعاني الحذرة، سواء كانت الملمومة على بعضها، أو تلك المكشوف الغطاء عنها، من مبدأ أن العامل الفاعل للمعاني هو الفعل ذاته الذي جمع الشاعرين، والجمع هنا اختيار به جزم ونسب وفطرة على اعتبار بلاغة الوصل والتأثر ببعضهما، كون صاحب المكان أي الكاتب صار المحقق الكلي للكلام، والزائر مستمتع سمّاع ذكي، لأنه هو من أتى يرسم العلامات ويصيغ المعلومة، فسمي القائل لساناً واحداً بفم شخصين، لأن اللسان الواحد أسْنَدَ الأثر الظاهر منه والمخفي إلى عوامل اعتبارية، حققت النقد الموضوعي على مضاء سبر الأحداث ببيان حجتها على المنصوص من السيرة التي أرَادَها الكاتب أن تكون مقنعة. وهذا اللسان الواحد حذف من اللقاء ما يستغني الكلام عنه، حتى يحيط قدرة المعاني على فصيح بيانه، خاصة عندما دعم رأيه بتناوله شخصية الشويّعر الأعمى وسماه حسناً، تلك الشخصية الخرافية التي تدعي الشعر، مع أن الشعر في واد، وحسون في وادٍ قَحلٍ.
تقوم القواعد اللغوية الخاصة بالأحداث والتراكيب الفصيحة كما نطقها الكتاب، على حرفية الأسلوب المستمد من فصاحة حال لسان الكاتب، في حواره غير المباشر مع أبي العلاء. النقاش الذي كان يدور حول مسألة تعقيد النحو عبر مصطلحات وألفاظ غير لازمة عند بعض الشعراء، مازال البعض يعتقد أن الافاضة في النحو هو الصواب، على اعتبار التميّز والصفوة، وهذا يفسر فقراً إبداعياً عند ذلك الفريق، ولو اعتمدنا قول ابن مضاء* في تشذيب النحو إلى ما لا يلزمه، عندما نقى الكلام من تحميل مصطلحات لا لزوم لها سواء كان في الشعر أو السرد القصصي أو الروائي، ولهذا يرى ابن مضاء أن تنسب المعاني إلى فصيحها المقصود، حتى لا تسوح على غير هداها، وأشار على ما أجمع من الخطأ فيه من توتر الألفاظ، وعسر قدرتها على تحريك المفهوم من فيها، وأبان صحيحها من قبيحها إشارة إلى تهذيب الكلام، على اعتبار أن التهذيب هو من يصفي مقاصد المعاني، لأنها أصوات تُبْلِغ التعبير صحة الإيقاع اللساني في جمالية وسهولة الحوار، وهذا ما أجْمَعَ واتفَقَ فيه ابن جني* في خصائصه، فصارت حجة يلزم صحيحها بها قائلها، وما الخطأ إذا كان الكاتب أو الشاعر من المجددين ممن تميزت كتاباتهم بخاصية تستمد نظارة لزومياتها من الفصاحة المعاصرة، وهذه تشمل أيضاً المجال النقدي، لأن أهمية الناقد أن يصل إلى ما تبطنه الأقوال والبنى والألفاظ من بوح وتبليغ للمعاني. وقولنا معمول به بما يربط كتاب "جنة أبي العلاء" بكتاب ابن مضاء؟ هي عوامل التبليغ التي أراد لها كاصد توصيلها إلى الحركة الأدبية العالمية، فالدلالة الأسلوبية في طبيعة الهجين الفني بين الشعر والسرد الإيقاعي خضعت إلى اللزوم التوليدي المحمول على الأنوية المتعدية في رؤاها ومكشوفها في الشكل والباطن.
العودة إلى البيت
خصص كاصد الجزء الأوسع من كتابه للتقليبات المادية العلمية، وخاصة تلك التي تنقاد إلى علم الوظائف السيكولوجية، وقلل من مشكلات القواعد المثالية، التي تعتني بالشكل التشخيصي، فدرس الظواهر اللغوية على أساسها العلمي، دراسة تحليلية على ماهية الدليل المادي، الذي ثَبَّتَهُ بالبيّنات والحُجَّةِ، وليس على ما ينبغي أن يكون عليه الاختيار الطبقي. خاصة عندما تطرق الكتاب إلى قصة الأمام علي بن أبي طالب مع السمك الجريّ، حول التخلي عن الإطعام به، حين نطق بها السمك الجريّ بأنه يحيض. وكل حائض في الإسلام محرم. فحدد لها المنهج والوسائل المدعومة بالبراهين والحجج، موضحاً أن الدليل المادي بقوانينه التي تحكم الأشياء يجب أن تلامسها الحقيقة، وليس على ما هو عليه في الاعتقاد النفسي، أما في الجانب الأدبي فقد أفاض الكتاب بدلائل أسرار البلاغة، في الظهور والاكتمال الدلالي في تطور الأصوات وطرق ائتلافها، نظراً لتقاربها الزمني أو تباعدها من حيث تطور سمات مفرداتها، وقواعدها، ولهجاتها، وفسر عوامل انقسامها خاصة بمقارنته اللغة الشعرية بين العرب والغرب، وتأثر بعضهما بالبعض الآخر، بسياق المؤثرات الثقافية والسياسية على سيرهما.
كما وقف الكتاب على حقيقة الظواهر التاريخية الانتقالية وتشخيص خصائصها ووظائفها، ومن ذلك كله كشفت لنا عن العلوم والمعارف والمكونات اللغوية المختلفة في مسيرة الآداب العالمية، وهذا ما وضحه ربما قبل كاصد الفيلسوف فرديناند سوسير وقوله: " اللغة معتبرة في ذاتها، ومن أجل ذاتها." ولذلك فأن موضوع كتاب "جنة أبي العلاء" يمكن أن تتخذ من موضوعاته الناجعة أن تفيد المثقف والناقد والشاعر وطالب الجامعة لأنه حقق أسهل الوسائل للوصول إلى القواعد اللغوية والأدبية على أسس علمية كل بزمنه، خاصة في هذه الفصاحة المميزة باللغة التي تسامى بها كاصد في شعره ومؤلفاته البحثية والنقدية وقوله على لسان الضيف:
" لعلني بحت بما أضمرت وما لم أضمر، لأن وجودي على الأرض جسداً لا روحاً، مما لا يمكن أن يحدث في الشرائع، طبيعية أو إلهية، لبشر أو آلهة ربما، ثمة أسباب كثيرة للتوجس لا سينا أنني بدأت أعتاد الأرض، بل وحياتي الماضية التي أجوبهاالآن بذاكرتي حروفاً وبشراً وعلائم، ماذا يجري لي، أين أنا الآن؟ مازال ثمة ضجيج يرنّ ويخفت فجأة ثم يعود ثانية أشد، وإذا استمر فقد أفقد عينيّ اللتين أرى فيهما الآن، يا لجسدي كم شهد من تحولات! ويا لروحي كم شهدت من أجساد! فأي روحٍ أنا؟ وأيّ جسد أنا؟ وما بين روحي وجسدي مسافاتٌ أقطعها ولن تنتهي، ومن يدري ما سيحل بي غداً؟ لعني سأعود ذلك الأعمى ثانية لو بقيت على الأرض، لعلني سأكون ذلك المبصر لو حملتني الملائكة إلى السماء، ولو رأيتُ ما سأقطعه بين روحي وجسدي، ماذا سأفعل؟ أين كنتُ؟ أأنا قادم من الجنة الآن أم المعرة؟ وحين سأكون في الجنة هل ستمّحى ذاكرتي حقاً؟ مع أنه لا سراط هناك ولا حشر."ص81 - 82 . ومن هذه المزايا التوليدية اِستعان كاصد ببحثه الفني على منطق علم البيان، المعطي المعنوي والمعبر عن المجاز التمثيلي، لأن النص بأكمله تمسرح بحالته، فالكاتب تلاءم تأليفه على مبدأ النقد المسرحي للأسرار العظيمة أو المقدسة، فمن جانب نجده يتكلم بلغة العصر الإسلامي الأول، وفجأة ينتقل إلى المعاصرة في يومنا، متفاعلاً مع القواعد العامة في فقه اللغة، وعلم اللغة، بلغة سليمة وخالية من الشقوق والانصداع، ومن هذا النجاح نقرأه قد جمع في كتابه بين العلوم المستفادة بنتائجها الفنية، وبين تَمَيّزَ لونه الأدبي عن الآداب المعاصرة.
صباح اليوم التالي
لم يختصر الكتاب على القصص الظريفة بخفة ظلها وجواباتها الممتعة، والقراءات الشعرية التي نقلت اجواءها إلى تصورات القارئ وكأننا في أمسية شعرية تنوعت قصائدها بين القديم والحديث، مصطحباً معه قامات تعددت واختلفت معاصرتها، وأسماء أختصت بالنحاة وأهْلُ الفصاحةِ والبلاغةِ، جمعت بينهم المقاربة والمُدَاناة، وكأنما التبس أحدهما بالآخر من حيث ظاهرة التخصص الإبداعي والمعنوي. وقد حافظ الكتاب على أصوات الكلمات وقوانين الدلالة الصرفية، التي أبقت على هجين اشتقاق طرائق البنية، وأسلوبية أدائها الحيوي في الحديث مستحبة. ونجح الكتاب أن يجمع ويقارب بين لغة المؤلف المعاصرة، وبين لغة الشاعر الضَّيْف الآتية من الموروث الضارب في القدم. وقد كان لكتاب القرآن حضور مميز وخاصة احكامه المجازية، والتقليد بالاستعارة في بنية الأحداث، كون الكتاب "جنة أبي العلاء" أعتمد في سيرته وإشاراته ولغته على سيرة الشخصيات الأدبية والفكرية وأهل الطراز. كما وقد صنف الكتاب ما يسمى بالشعراء الكبار، سواء كانوا من شعراء العاجلة، أو من شعراء الجنة، لكنه لم يُذكر أسماء مثل سركون بولص، حسب الشيخ جعفر، حسين مردان، آدم حاتم، يوسف الخال، شوقي أبي شقرا، فاضل العزاوي، سامي مهدي، جان دمو، علي جعفر العلاق، موفق محمد. تمثيلاً لا حصراً. وهؤلاء كل له قصته المثيرة والملحة للذكر الضحاك المبكي.
وقد تناول مجموعة من الكِتَابْ والأساتذة كِتَابُ "جنة أبي العلاء" بالنقد والتحليل، منهم من توصل إلى طبيعة الجنس الفني للكتاب، ومنهم من نظر إلى الشكل فحاوره، لكنهم لم يقفوا على ما ذهب إليه الكتاب في أسلوبية القياس والنظر في الصورة المبتكرة، وما أجمعه السياق من مساق المذاهب من أصول مقاييس النحو، وما أودعته الخصائص من دواخل المعاني المرمزة منها بالواسطة التراثية، وما نيطت به من إبداعات الاتقان والصنعة، ومن هؤلاء الجهابذة: د.أ سامي علي جبار - كلية الآداب - جامعة البصرة. والباحث عدنان حسين، والأستاذ طلال سالم الحديثي، حيث تنوعت تلك الدراسات التي اقتصرت على الشكل وما اتفق فيه المشتق، والمشتق منه. سواء كان في المختلف النوعي، أو في المباشرة العامة، وقد انحصرت تلك المقالات على الإيمائية المختصرة في النقاط التالية:
أولاً: اشتغلت تلك المقالات على اعتبار البنية الفنية، المعمولة على أسلوب تناول شخصية وشهرة الكاتب، للشخصيات والمعارف واللغة والأحداث وتطور الدلالة المعجمية.
ثانياً: اِعْتَبَرَتْ تلك الكتابات أن الخيال الصناعي الذي ساقه الكاتب إلى التصنيع الكتابي، جعل النص أشبه بسلة جمعت الأجناس الأدبية، والشخصيات على غير هدى.
ثالثا: جعلت من التناص المعنوي ظاهرة للاختلاف في سياق العلوم اللغوية بين القديم والمعاصرة، أي أنها استخدمت المسوقات التي تريد توصيل صورة البحث إلى أسلوبية الكتابة التقليدية.
لكن البعض من تلك الدراسات لم تكشف عن العمق التوليدي للبنية الجمالية، وتنوع أطراف المساحة المكانية، والمعطى الدلالي للمعلومة، والأهداف المقصودة وغير المقصودة، مثل:
أولا: معالجات السلطنة الداخلية لمفهوم البنية التخيلية في ماوراء التجلي التشويقي، الذي ناسج قوة المحاكاة لتضمين مبتغياتها.
ثانياً: لم تحط تلك الدراسات بالبينة المعنية بوظائف العناصر الصوتية، وما حققته المستحدثات التي اقتضت التغيير بين اللغتين، لغة الجنة كما دلنا عليها الضيف بشرحه عن الشاعر الشعبي عزيز السماوي قائلاً. "أجل أراد أن يقرأ لي مرة إلا أنّ ذاكرته خانته، فلم يمتنع أو يتوقف بل استمر يحرك شفتيه علواً وسفلاً، ويؤشر بيديه وينطق بلا كلمات حتى قلتُ أنّ مساً أصابه" ص39، أما لغة العاجلة فلا طارئ، وهكذا جعل من لغة الجنة عبارة عن إشارات تعبر عن تجاوبات احاطت توليف الحركات كي تتفق مع تنوع معانيها من حيث إيقاعها الصوتي.
ثالثاً: لم تكشف عن الأنموذج الذي أشاع حرية علم البيان وممكنه الإبداعي التحويلي، مما جعل من الرؤيوية الفنية مبصرة لمقتضياتها ومعالجاتها القائمة على المستويات التي أبانت معيار التميز بين المعطيات اللغوية والفنية على مر العصور.
كتاب "جنة أبي العلاء" للشاعر عبد الكريم كاصد وضع قواعد تستلهم التوليد النوعي من ما وراء التخيل التحويلي، إلى الملمس الأدبي الواقعي الذي يصوره الصوت إمْتاعاً مُصَوّراً، بواسطة المحاكاة التي تماشت مع اليومي الحياتي، من منطلق ما اِختص بالبحوث، والبيان، والسقاء الأدبي، وحقيقة الأسطورة.
أدعو إلى قراءة هذا الكِتَاب النوعي الممسرح على المكان الافتراضي، للوقوف على حقيقة أشبه بالوهم منها، وأقرب للتوليف الرومانسي.

هامش:
الفنولوجيا: علم الأصوات التنظيمي.
المسرح الجداري لبريخت، أولها: الغرائبية. ثانياً: أن يكون القارئ مشاركاً في صناعة النص. ثالثاً: التحريض والسخرية الكوميدية. رابعاً: اختلاف الأزمنة على المكان المختلف. المزج بين التحريض والتسلية.
اقرأ كتاب الطراز، ليحيى بن حمزة.
علي بن أبي طالب، اقرأ نهج البلاغة.
المتكلمية: الذات، أسلوب الحديث الذي اتخذته الأشعرية في التفسير كالإسفرائني.
اقرأ ابن مضاء الأندلسي في كتابه: "الرد على النحاة".
اقرأ سوسير. كتاب علم اللغة. ص51



#جعفر_كمال (هاشتاغ)       تôôèô‏_ؤôéôم#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حكاية السنجاب والخنزير
- الشعر النسوي العربي بين التقليد والإبداع 7
- -بصمة- ما كان
- الشعر النسوي العربي بين التقليد والإبداع 6
- التيه بين عشق الوطن وحوار المنفى
- الشعر النسائي العربي بين التقليد والإبداع 5
- التشكيل الجمالي في لغة د.هناء القاضي المجموعة الشعرية -أيلول ...
- الشعر النسائي العربي بين التقليد والإبداع
- صباح الخير
- صاحب الكرسي، والمشاكس
- الشعر النسائي العربي بين التسفيط الكلامي وجمالية الاحتراف ال ...
- متى
- الشعر النسائي العربي بين التسفيط الكلامي وجمالية الاحتراف نت ...
- الشعر النسائي العربي بين -التسفيط- الكلامي وجمالية الاحتراف ...
- الشعر النسائي العربي بين -التسفيط- الكلامي وجمالية الاحتراف
- تداعيات التنوع الإبداعي العراقي في مواطن الغربة. الجزء الخام ...
- قصائد ليس لها عنوان
- أشتهي
- تداعيات التنوع الإبداعي العراقي في مواطن الغربة4
- طيف الرضوان


المزيد.....




- -كلاب نائمة-.. أبرز أفلام -ثلاثية- راسل كرو في 2024
- «بدقة عالية وجودة ممتازة»…تردد قناة ناشيونال جيوغرافيك الجدي ...
- إيران: حكم بالإعدام على مغني الراب الشهير توماج صالحي على خل ...
- “قبل أي حد الحق اعرفها” .. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 وفيلم ...
- روسيا تطلق مبادرة تعاون مع المغرب في مجال المسرح والموسيقا
- منح أرفع وسام جيبوتي للجزيرة الوثائقية عن فيلمها -الملا العا ...
- قيامة عثمان حلقة 157 مترجمة: تردد قناة الفجر الجزائرية الجدي ...
- رسميًا.. جدول امتحانات الدبلومات الفنية 2024 لجميع التخصصات ...
- بعد إصابتها بمرض عصبي نادر.. سيلين ديون: لا أعرف متى سأعود إ ...
- مصر.. الفنان أحمد عبد العزيز يفاجئ شابا بعد فيديو مثير للجدل ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - الادب والفن - جعفر كمال - العرفانية الواقعية، والخيال