أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - جعفر كمال - الشعر النسوي العربي بين التقليد والإبداع 6















المزيد.....



الشعر النسوي العربي بين التقليد والإبداع 6


جعفر كمال
شاعر وقاص وناقد

(تôôèô‏ ؤôéôم)


الحوار المتمدن-العدد: 3780 - 2012 / 7 / 6 - 01:15
المحور: الادب والفن
    


في الفصل السادس نتناول:
الشاعرة مالكة العاصمي
في هذا الفصل أتناول الشاعرة المغربية مالكة العاصمي، ولو قلت إنني في ربيع الشعر إنما أعني الشاعرات اللاتي تناولتهن في كتابي*، في عصر الربيع العربي، الذي يشهد مرحلة تغيير الدكتاتور شعبياً، بعد أن انتهى تماماً زمن الاِنْقِلابات العسكرية، فلاحت تباشير وعي شعبي واقعي، يتحد بصحوة تمثل التفكير المادي في المفاهيم الداعية للتحرر، "وقد دعت إلى غاية تبلورها تمثلا يخالف تمثل المنظرين"* كما عبر عن هذا ماكس هوركايمر. في مفهوم الحركات التحررية، تلك التي لم يحدث لها مثيلا في التاريخ وخاصة ما يحدث في سوريا اليوم، وهي ثورة توجت احداثها ضد نظرية تصدير الايدلوجية، التي عمل عليها لنين، وخالفه في الرأي روي السكرتير الأول للحزب الشيوعي الهندي في بداية العشرينيات من القرن الماضي، حيث بدأت الشعوب العربية تستمد افكارها أي نزعتها التغيرية من طبيعة الحاكم نفسه في إعلان ثورتها عليه، تلك الشعوب التي تتوق إلى التحرر النوعي من كل القيود مهما صعبت، تلك التي فرضتها الأنظمة الدكتاتورية، فنجد الشعوب تنحاز إلى الديمقراطية الأوروبية كمخلص عاطفي واخلاقي، من حكم العائلة الطاغية التي استحوذت على كل شئ، حتى على الهواء، فطغت وتجبرت وتحكمت بمصير وحرية الفرد، حتى غدت هذه الثورات تنسجم مع زمن التحرر العفوي الإنساني، حيث نجد الشعوب العربية تسعى بكل جهدها وراء تحقيق حلمها التحرري النبيل، بواعز تحقيق أسبابها الموضوعية، من لدن فلسفة التحول المجتمعي من زمن العبودية إلى زمن بناء الحريات بكل معطياتها المعنوية والثقافية، وقد تتفق هذه الأسلوبية الثوراتية مع رأي فلسفي يفيد به هيوم "على اعتبار أن هذه الأفكار هي أفكار انطباعية"*. لأن المعنى في الثورة التونسية يشبه المعنى الذي يقال في أصل الثورات التي تعاقبت بعدها، من مبنى الإدراك الحسي للشعوب العربية ذات الأصل البنيوي العائلي، التي تتحد فيها الانطباعات والأفكار والتقاليد في آن واحد.
أما ذئاب السلطة أي ما تبقى من المثقفين الموالين للدكتاتور، فهم على النقيض من المثقفين لأحرار في الفكر والرأي، على اعتبار أن لكل دكتاتورية أبواقها الخاصة، فمن هؤلاء من جعل الخريف ربيعا، والزمهرير زلالاً، والبَطْحَاء بستاناً. وفي الوقت ذاته نجدهم قد استفادوا من ترك المثقفين الأحرار لمواقعهم السابقة، واصطفوا مع الثوار وذلك بالبحث عن اليقين بإرادة صادقة وتجليات واضحة المعطى، باعتبارها أصبحت من المسلمات الملحة، فالتغيير في التحولات المناهجية في التصور والأنماط الديمقراطية أصبحت معطيات واقعية لمختلف فئات الشعوب، لأن كل معطى تحقق فعله هو مؤثر في الذهن وقادم منه.
وجدتُ في ربيع الثورات العربية، ربيع الكتابة النقدية الذي خصصته للشعر النسوي العربي، نقداً متحرراً من كل إخوانية، يأخذ بتخصصية الشاعرة في مجال الإبداع النوعي التعددي، بعد أن وجدت أن الميزان النقدي العربي قد مال بثقله إلى المديح التحببي، فبرزت أسماء ليس لها علاقة بالشعر على الإطلاق، بينما نجد أسماء سامقة لها حظوتها الشعرية والثقافية عالمياً قد تراجعت إلى الخلف بفعل تلك المدوحات الغائمة. و"قد يشعر المرء أحيانا بهبوط العزيمة من هذه الرطانة العجيبة التي حاقت بالنقد الأدبي، ربما أكثر من أي نشاط إنساني مماثل، فمن الصعب أحيانا أن نفهم مصطلحات كثيرة من النقد الأدبي وفرضيّاته*". ومن أجل هذا آليت على نفسي أن أكون حريصاً على اختيار الأسماء كل تَفِيء بحلتها، بمعنى أن يجيء ظلها على مكانها، وهذا ينسجم مع إصالة الشاعرات اللاتي دخلن جملة المجددين، فكانت مليكاتهن صادقة مع الذات الخلاقة بمعرفتها، حيث تكون شاعريتها تثار بواعز المشاعر التي تفيض بالصراع بين العقل وأبعاده المعرفية، والغريزة وشرودها الانفعالي، الظاهر في سلوكها العام، وبهذا يكون الإحساس جامع ضدين بفعل فاعل واحد وهو الإبداع، حين يبدأ النطق بالمعاني التي يحررها لفظها ما بلغ من الكمال بغناه ووارد كيفيته، معنى لا يميل إلى التشابه أو التكرار، وما يعنيني هنا ليس المصطلح التدريسي للألفاظ، بقدر ما يعنيني جمالية الاختيار لخلق صورة شعرية تخيلية بنوعيتها، حتى يكون حالها، وأثر معناها، يتغير بتغير النِّسب والفوارق المولدة لمحاسن قيمتها المعنوية. أي ما يتأمله الذهن في خلق الصورة الشعرية. أما والنسبة أو القياس في القيمة النوعية عند الشاعرات العربيات لا يزيد على 15%. أما ما تبقى من النسبة 85% فهن في واد لا أمر في طريقه، وليس لي إلا أن أُحَذر من مديح الشخصية بعينها دون النص، وبتقديري أن هذا المديح قائم بفعل الكبت الجنسي عند المداح الشرقي. وفي هذا المغزى اشتغلت الكثيرات ممن يطلق عليهن "شاعرات" على حقيقة الكبت الجنسي عند الرجل الشرقي، ومن ضعف هكذا مستوى حازت الكثيرات منهن على نقودات تخلو من المنهجية النقدية، والتي هي ليست بنقودات كونها:
أولا: لأنها لا تحترم ذوق القارىء، لأنها تعيش على الطرف الآخر من مهمة تشخيص النص.
ثانياً: تأتي تلك النقودات فارغة تماماً من المعطى العلمي، الذي لا يظفر بتحليل صادق ودقيق في بنية الصورة، وفنتازية الحكاية، وحكمة المعنى.
ثالثاً: تلك النقودات لا تمتلك دليل التفاوت بين النظرية النقدية، أي ممارسة حكم التحليل والموازنة، وبين منهجية القواعد والأصول والاحكام، وليس لها نظر في المشكلات الحياتية والأدبية وعلاقتها بالنهضة الفكرية التطورية.
ولعل مقدار الوعي عند البعض من الشاعرات العربيات لا تحدده السقى الإلهامية، بقدر ما تحدده الهواية والسعي وراء الشهرة، وتلك الصورة لا تبنى على أساس المهارة، بقدر ما تبنى على مهارة الزيف والتقليد البعيد عن الذكاء الإبداعي المخصب فعله بالذات الشاعرة، وبذاك يكون الشعر عند تلك المتلاعبة بالصنعة الكتابية يمثل جهالة بعيدة من الإبداع، فالوعي المضاد الذي نشاهده عند الشاعرة الحقيقية، إنما هو مقدار نسبة الاختلاف المعرفي بالالتقاء والاختلاف مع ثقافات أخرى، وفي الوقت نفسه يكون حصيلة ثمرة التعرف إليه وتقبل أبعاده، لأن المدركات الشعورية هي ناتج إلهام ما يراه ويحس به المبدع بنفسه، فلا أرى من ضررٍ أن تنشر الشاعرة نصها كما هو، وأقصد أن تلد الموهبة من حقيقتها، لأن الشعر وارد أصيل مبصر يجيز المعاني فيوض شاعريتها على مساحة حقلها الخاص، لا في تفرقة وتشتت الأفكار كل في واد، فنجدها وقد أختل مضمونها وشكلها وسياقها. أما المغزى الحقيقي للشعر هو أن يجيز الذات العارفة اكتشاف واقعها الخاص، وحملها على اكتشاف طبيعة الآخر ومحيطه، أما العكس من هذا فيكون عملاً فارغاً من الإنتماء إلى اللون الأدبي الحقيقي، الذي يجب أن تُثَبتْ بصمته الفاعلة على المتلقي والتاريخ معاً. يقول والتر ستيس في مساق المضمار ذاته "يكون كل توليد نوعي قد حدث بفعل الخبرة للذهن الذي يؤلف الصورة،"* وأقول مكملاً أن المدرك الحسي لا يكون في مكان آخر إلا في الذات. وأجد أن برايس الواقعي يتفق مع والتر ستيس على أن الحس البصري للصورة يتمثل في كونها تعبر عن إدراك معرفي عند الشاعر - الشاعرة. كما اشار لها برايس في كتابه "الإدراك".
ولئن كنا قد بينا في دراسات سابقة ماهية الشعر، لا أجد خلافاً في أن أزيد وأستمر بتحليل السؤال الأزلي القائل: "ماهو الشعر؟" أجدني أرى الجواب في هذا السؤال يتشكل من ثلاث زوايا مفتوحة على النقد، أو قابلة للنقاش، وأود أن أشير إلى أن تحليلي في هذا الباب نسبي غير مطلق، أو هو ليس رأيا نهائياً:
الزاوية المعنوية: إذا قلنا إن الشعر ترتيب "تهذيب" إرهاصات حسية ذات حركية ذاتية، تصيب لحظاتها المفاجئة مشاعر معينة، تصطدم بالمؤثرات الضوئية للطيف التحولي في الذات المبدعة، يثير دواخلها وعي لغة مختلفة في إيقاعها، ولين لفظها، وحلاوة معانيها، تتناسل فيها القوى الموحية للمتخيل الحسي. تكون أحياناً عاطفية معبرة عن نشاطها الجمالي، وفي أحايين أخرى تكون مؤلمة وصادمة، تبنى بمقدار ثقافة وحرفية ونبوغ المبدع، حسب مقدار قدراته الإدراكية للمعطيات الحسية، فأنتَ لست أنتَ عندما يوحى لكَ، وكأن ذلك الكم النوعي من الوحي القادم من المجهول، وصل لكي يختص فرد بعينه، كون هذا الفرد يختلف بمفاهيمه ومعطياته الحسية عن الآخرين بمقدار القيمة العاطفية والثقافية، الذي يختص بها مكان الوعي في العقل، باعتباره المكان الذي يتفاعل فيه النشاط التنويري العاطفي.
الزاوية التشخيصية: أما فيما يختص بقدرة موهبة الذات عند شخص بعينه دون الآخرين، فإنه يشكل اختلافاً في البنية الداخلية من واعز المعطى العاطفي الأحسن طراوة، والأنقى، والأبلغ مرونة، تنشد لغة غنية باختلافها وفصاحتها المعنوية. وهو كما قال يحيى بن حمزة: "وهو أن تكون الأدوات التخصصية مولدة للمعنى التوصيلي بمقالة*".
الزاوية الخاتمة بنية القصيدة: وهذا يعود تماما إلى المهارات الحرفية، وموسوعة المبدع الثقافية، وقدراته اللغوية المحسنة، وبلاغته في سرعة البديهية، وحكمته في التوليف والتكييف والمعاشرة، بين الزاوية الأولى والثانية، فنسمي تلك المساقاة نبض النص، حيث التلازم المعنوي، والحرفي، والمنطقي.
ينحصر الشعر النسوي المغربي على شاعرات لا يتجاوزن عدد أصابع اليدين، إذا أحكمنا مستوياتهن بمستوى العاصمي، أو اختلف قليلاً، ولكن وفي الوقت نفسه هناك شاعرات "النت" بالعشرات، منهن ممن يتسوقن أفكار النص، ومنهن المقلدات المحترفات. وقد صدر كتاب نقدي للشاعر الناقد اسماعيل زويرق، بعنوان "مائة شاعرة من المغرب" وأنا اطالع العنوان فرحت حريصاً على فرحي، إن هناك مئة شاعرة في المغرب. في وقتها طلبت من الصديق الناقد المغربي المميز محمد آت العميم أن يعرفني على الأستاذ الناقد اسماعيل زويرق، وحصل اللقاء بعد يوم، سألت زويرق هل حقاً يوجد في المغرب مائة شاعرة؟ وأقصد الشعر الذي إسْتَوفَى التجنيس التام ذا الشأن النافذ في الجهة الإبداعية، أي أن تتفق الذات العارفة بموهبتها من جهة حركية النبض من دواخله ومحيطه. وبعد صمت وترددٌ طالَ، أجاب الناقد زويرق بهذا:
لا، لا توجد هذه النوعية بهذا المعنى.
قلتُ: إذن؟
ثم أخذ الكتاب بيده وأشر على الخُمْسِ من المائة المحصورة في ذلك الكتيب، وكان ذلك بوجود الناقد د. محمد آت العميم وهو ناقد محترف. أما الغاية من إشارتي لهذه القصة، فهي الدليل الشاهد، والشاهد، والمحترف، وكلاهما ناقد. والإشارة هنا حيث يذهب الناس إلى العنوان وينظرون بجانب، أي في صلاحية الأفكار وبيان معطياتها الملموسة. لكي نتعامل معها في حدود درجة عالية من الدقة كما عبر عن هذا كانط، فيما يختص بجوانب الهندام الشكلي للنص حتى نتحاشى الاحتمال، وتحديداً عند الفارق الذي يواجه فيه الناقد الفضاءات المفتوحة الإيجابية منها أو السلبية في النص. أما وسلبية "المداح" لا تنحصر في دولة المغرب وحسب لأنها أصبحت منهجاً، يشمل كل الدول العربية وخاصة العراق، فإذا سألت شاعرة من شاعرات النت ما المقصود من هذه العلوم:
* التناص، المجاز، الإنزياح، السياق، التأويل، التحويل، التبديل، التوصيل، التهذيب، نسق المفردة في صيغتها، الأحكام البينية في الأختلاف اللغوي، الأدوات الفنية.
وتأكيدي على هذا السؤال. الجواب لا واحدة، لماذا؟ لأنه لا يمكن التوافق بين الأصل والمنقول، فالمنقول يخلو من التكوين المعرفي والثقافي والإبداعي، فكيف يستوي هذا بذاك؟ خاصة وأن الكثيرات منهن يفتقرن إلى مفهوم الاحتمال المهني، لأنها لا تبحث في "معطيات المعرفة". كما عبر عن هذا هاكينج*. مع أن الكثير منهن من حازت على "نقودات" كثيرة تكدست فوق بعضها على العربات المتجولة في شوارع بغداد. إذن وللأسف بعض النقودات وما أكثرها لا تخضع إلى المقاييس التي يجب أن تميّز ما يتجاوز طاقة الحركة الشعرية العربية، لأن النقد نظرية جمعية تحترم الاِخْتِلاف في المستوى الفكري بين هذه الشاعرة وتلك، وغايتها الوقوف على متطلبات الحقيقة الإبداعية لا دونها، إذن علينا القبول "بالقصيدة الشجرة، لا القصيدة الشبكة". كما عبر عن هذا جابر عصفور، وعليه وجب أن لا نكتب عن تجربة لا نجد لها نمطاً أو ألقاً ذا قيمة نوعية تتناسب اهميتها مع المعطيات الأدبية الكبيرة، بمعنى يجب أن لا تخلق أنوثة الشاعرة تأثيراً عاطفياً، فتكون مهمة النقد سلبية على نوعيته، لذلك نقول على الناقد أن يكون مجرداً موضوعياً، لأن عدمه يشكل انتكاسة مصيرية للحركة النقدية العراقية خاصة، والعربية عامة، إذ لم تتعادل مكانتها ومصداقيتها بالنوعية المجردة مقابل النقودات العالمية الأخرى.
تعددت الأصوات الشعرية النسوية نهاية الستينات، وبدأ السبعينات، ومن تلك الحقبة الشعرية التي كانت تمثل ثقافة انفجارية تحمل الشاعرة المسؤولية المعقدة عن إعلان شخصيتها الشعرية، أي لم يك ذكر أسماء نسوية بعينها غاية في السهولة، بل هي مجازفة كبرى، خاصة وأن الجيلين الستيني والسبعيني ضَمَّنَا مجموعة مثقفة جداً من الشعراء الرجال، لأنَّ شهادة الشاعر الرجل بشاعرية المرأة كانت شبيهة بالعبور على "ألسنة النار"، والشاعرة التي تجتاز عقدة ذلك الامتحان إلى الضفة الأخرى وهي بخير، هذا يعني أنها شاعرة حقيقية يشارٌ إليها بالبنان، ويعتبر هذا تحقيقاً مطلقاً، خاصةً وأن شاعرات تلك الحقبة مؤمنات بثقافاتهن المتعددة، فهن يفحصن نصوصهن بأنفسهن، فيكون هذا أقوى من أن يفحص نصها من غيرها كما يحدث لأغلب شاعرات اليوم*، لأن فنية النص في تلك الحالة تفقد إصالتها وأهميتها ولا تكون مقبولةً إذا أرسل ذلك النص إثنان، بل يكون باطلا بكل الأحوال. وقد فسر الأديب الأستاذ نجيب المانع الكتاب على أنهم أنواع، وفي النوع الرابع يقول: "النوع الرابع ما ينفك يسألك: ماذا تريد؟ ما هي مطامحك؟ لقاء ثمن بسيط وهو الإصغاء لي أستطيع أن أبلغك ما تريد. إنه الكاتِب الموجه أخلاقياً"*. فالشخصية الشعرية الواثقة بقدراتها الثقافية تؤهلها موهبتها للصعود إلى اليقين، وهو الفصل بين الاحتمال والإبداع، وفيه من الوضوح ما يغني الغرض، وذلك في تحصين الشاعرة لأدواتها الخاصة، التي تنطلق من ثقافتها ووعيها، حينها تكون تلك الشاعرة محط ثقة الآخرين غير المنحازين إلى فتنتها وجمالها، خاصة إذا حُيّدَ الجسد حتى لا يكون جاذباً وفاعلاً لتسويق نقدي معين.
وصلت الشاعرة الخالدة نازك الملائكة في ربيعها الشعري الستيني إلى قمة الشاعرية، وهي أحد رواد ولادات القصيدة الحديثة، "التفعيلة" 1940. فقد ملكت خصوصية المعطى الحسي بانجازاته الخصبة، الذي ترتب لونه من مثالية عوالمها الخاصة، المتمثل في سِن الإدراك المبكر في تمثيلها للأشياء المادية، فنجدها قد حققت وعياً في حوارها اللغوي الذي يحاكي خصوصية اللغة كما نادى بذلك مصطفى جواد، والحبكة الشعرية عند الرصافي والجواهري، وفي الوقت ذاته فهي ناقدة تقوم نظريتها النقدية على: محاورة الشاعر على ما يمتلكه، وليس على ما لم يمتلكه، وهي كذلك ملتزمة بالنظرية الأرسطية القائمة على ثلاثة قوائم وهي: الزمان، المكان، والموضوع. حتى أصبحت الملائكة كما الصباح الذي تخرج منه الشاعرات إلى الحياة، فقد تأثر الكثير منهن بشخصيتها، ثقافةً ومعرفةً وشعراً، وهذا لا يعيب الشاعرة المتأثرة، لأنه مادام التأثر غايته صناعة الذات الشاعرة، وليست الشاعرة الظاهرة، حينئذ لا يكون التأثر معيبا على الاطلاق، لأن هذا أفضل مما تكون شخصيتها الشعرية برمتها مصادرة.
ومن هذه الشخصيات شاعرتنا التي نحن بصدد تناولها في هذا الفصل، الشاعرة مالكة العاصمي. فهي شاعرة على قدر كبير من الأهمية: الشعرية، والثقافية، والعلمية، وما قرأته من شعرها ترك عندي انطباعاً أنها تبتعد عن الإقواء، حيث لا تقوم الحبكة في شعرها إلا بالتأويل المتصافي، في ما يكنزه المعنى من معرفة تدور حول مساحتها الخاصة، فهي تعتمد المقاييس الصوتية التي تفعلها الذات المبدعة، فلا جناس واضح، ولا تناص مباشر، واللحن* فيه لا يكاد يعري قيمته الأدبية، إذا ما قيس شعرها بنبوغ شاعرات عربيات مهمات جداً مثل: ناهضة ستار، دولة العباس، سهام شعاع، خديجة ماء العنين، إكرام العبدي، عائشة البصري. سلمى الخضراء الجيوسي، وهالا محمد. وقد أخل في الحكم إذا قلت أن العاصمي لا تطيل، ولا تحشر، ولا تفيض، فهذا نسبي في حكم المؤاخذة، ولي أن أبين رأيي أن أدبها الفصيح وجدته متأثراً ومصاحباً نزعته التأويلية بعمالقة الفصيح وأهل البلاغة والطراز. مثل الإمَام علي بن أبي طالب، والجرجاني، والآمدي، ويحيى بن حمزة، والينوري، ومحمد بن المطهر، وأبي الأسود الدؤلي، وجهابذة المدرستين البصرية والكوفية، وقد أختص هؤلاء بموقفهم النحوي ضد الافاضة في الغموض، أو حتى الوضوح منها بالكثرة غير النافعة، وذهبوا إلى اختزال واتحاد الموضوع بحذر شديد، لأن هذا الإتجاه أشبه بجمع معرفة كل العلوم على السواء، فهي تأخذ أكثر من صوب بقصدِ معنى معينٍ. مثلاً قيل عن امرىء القيس إنه قال "وتجمَّل" وقال طرفة بن العبد: "وتجلَّد"* وكلا اللفظتين تعنيان معنى واحداً لا تخرج منها قوة الإدراك النفسية بغير إتحاد، وهذا يدلنا على أن الخلاف بين الشاعرين فقط في اللفظة وليس في المعنى. أما والمعنى في تجمَّل، أن لا تفيض بغير فائدة في مقاييس الوحدة العضوية، والمعنى في "تجلَّد" أن لا تحكم المعنى في غير مكانه، أي أن لا تفيض بما تغذية من الشكل، بل من وارد دواخل الخلق. لأن بيان علم المعنى يدور من حيث ما يشاغله الحس الجواني من ملمس اللفظة، لا من حيث يبدأ الشاعر يفكر ويقلب الكلمات والحجج كيف يصنع هذا تأليفاً، أو ذاك تقليداً.
حرصتُ وبجهدٍ كبير على أن أحصلَ على كتاب مطبوع للعاصمي، لكنني لم أوفق، وفعلا خاب الأمل، فصرتُ ألملمُ جهدي وأبحث في المواقع الالكترونية عن منشورات لها، وهو ما يشبه أمل خبير يستغيث ببطولات افتراضية، ولكن هو إصراري على إنجاز الفصل السادس الذي يعتني بأدب الشاعرة المميزة مالكة العاصمي، وما عثرت عليه منشورا من شعرها على المواقع قرأته من دواخله، محاولاً أن أعكس بنية تلك القصائد على شكلها، فأتبين قيمة المفاهيم المثالية التي تتبنى إخلاص العاصمي لأدبها، وبعدها النهضوي المتمثل بأشكاله الواضحة وروابطه العقلية المشتركة، فمن أعمالها نقرأ ثقافتها بما فيها من تنوير معرفي، وإنجاز إبداعي يستمد قوته من قيّمِهِ، وكأنه حصاد حاصل حقول واسعة المواضع، تجني شخصيتها الميتافيزيقية من معطياتها الحسية، والسؤال هل الشاعرة اختبرت الواقع اختباراً رومانسياً، أم تمرداً فوضوياً، أم شكلانية تؤرقها المعرفة قريرة السكون، محصنة بالرموز والاستعارات الباردة؟ أم هي محدثة ومتمردة على الأساليب والبنى القديمة وحتى الجديدة منها، فزقت زلالها في نهرها من ذاتيتها فصارت تسقي بساتين ممن حولها؟ ولكي لا أكون مداحاَ للسمعة التي تتمتع بها العاصمي، ولا ظالما لها في تبيين ما قرأت، تجدني قد وازنت الشعر على الشاعرة، وقمت بغربلة اللغة من فيها، وفحصت سعة أو ضيق المعاني من فصيح ألفاظها أو عدمها، وما بلغت تلك الألفاظ من محاسنة أدواتها للبلوغ بالمعنى. كما لو أُختُبِرَ العسل أصله من غشه. ومن قاموس العاصمي الشعري نتناول من المواقع قصيدتين وجدتمها منشورتان على النت، آمل أن أوفق في إيصال قدراتي النقدية القائمة على مصاحبة النصوص الشعرية بتأملاتها. ومن خيارنا بهذا المبدأ نحاور العاصمي على أساس قدرتها الشعرية، بما عندها من وعي شمولي وتكميلي حاذق في تنوعه الايجابي، وقصيدتها:
"نوار الشمس"
منذ تفتح فلق الإصباح تفتحت
وفجرني خيط ذهبي غازلني
وتبرعم في نوارتي الصفراء
فتحت بذوري
نوياتي ونذوري
فتحت دواخل روحي في وهج الإشعاع
نزعت خدوري
خلخلت جذوري
واستكملت لمص النار
جسدا حل مساربه لتلقي نضج الشمس
اللاهبة اللهفى
لهبي / لهفي
يلتهب اللهب
الانصب / السغب
ينضج وهج الشمس على روحي
أتلهلب
يشتعل الحطب
وتثور الكرب
ويفور العصب
ويشع الأدب
تعتمر ثيمة "الفلق" لفظة خصبة خالية من التعقيد والتنافر، وجدتها تتجلى في معان تزدهر فيها الأحكام، والعلوم الفلسفية، وبيان الفصيح، وقوة الإدراك، وسعة الخواص، وما اشتمل عليه البديع، وما تحتويه أسرار البلاغة من علوم فنية، ولا أطيل لأن هذه اللفظة تكتسب من يمينها معانيَ تعددت مشارقُها، وعلى يسارها ثارت مفاتنها، ومن فوقها وتحتها وباطنها تداخل الحسن في تجنيسها، وهي وفي الوقت ذاته فضاء يتوسع ولا يضيق نوره، فقولها: "منذ تفتح فلق الإصباح تفتحتُ" يقول كتاب القرآن: "فالق الأصباح*" كما قرأها الأعشى والأصباح جمع صبح، أما الكسائي أنه قرأ فلق الإصباح. والشاعرة تقول فلق الإصباح، إذا حصرنا قيمة التناص لا نقول ما أخذته الشاعرة من السورة القرآنية وعادلتها بالموهبة الملقحة بالتوازي بين سيرورة الرمز، وانبعاث سياقه، حيث لا محاكمة، ولا شهود.. لأن الشاعرة زاوجت صحبة مشاعرها بحكمة السورة القرآنية، وتلاقحت من فيها بما تجلت قيمتها البلاغية، وتعددت شروحاتها فيض القيمة، وأهمها:
1- الصدى الداخلي. المحمول على الانفتاح والإطباق واللين، الأخف على السماع بما يحاذيه سياق المدار الأسلوبي. وما تناص في هذا:

وتسقِيني وتَشْرَبُ مِن رَحيقٍ خَلِقٍ أن يُلَقّبَ بالخَلُوقِ

2- التطريز. وهو تفعيل إيقاعي، وذلك بالإتيان بنقوش لفظية تتحلى بالمقبولية، وخفة الميل فيما يتناغم سياق المعنى: بما ينويه الخطاب، وما بعده، كقول ابن الرومي :
أمورٌ من بني خاقانَ عندي عُجَابٌ في عُجَابٍ في عُجَابٍ
قُرُونٌ في رُؤفي وُجُوهٍ صلابٌ في صِلَابٍ في صِلَابِ
3- الاطراد. حيث يزداد النظم وضوحاً وإبانة فيشار للمعاني على إنها نقية متلازمة كقول الأعشى:
أقيسُ بنَ مسعودِ بن خالدِ وأنتَ امرؤ يرجو شَبَابكَ وائِلُ

4- الإقناع: وهذا ما تحسنه الأساليب الأنسب التي تصلح للغرض الأدبي التحويلي، لأن المعادلة الحسابية ارتضت ب "فلق الإصباح"، نجد معالجة أخرى تستوفي حق التناص بأثر رجعي قد تفتح عن موائمة لتوظيف مرفق يعتني بسياق النص، وهنا إضافة محكمة بالعاطفة الموزونة على مساق "الفلق"، لأن الشاعرة حولت المعنى من مثالي تبشيري في السورة القرانية " اللهم فالق الإصباح وجاعل الليل سكنا والشمس والقمر حسبانا اقض عني الدين واغنني من الفقر وأمتعني بسمعي وبصري وقوتي في سبيلك. * سورة الأنعام 96" إلى رومانسي مادي. عبر حركية تهدف إلى أن مادة الكلام كالأصباغ بيد فنان تشكيلي ماهر، مُنفتحٍ على أفانين تقاس حرفيتها الموصولة على مداد علم التنزيل، والتبديل، والقياس.

ولأن مهمة التبديل تعني إحكام التصور، وجب النظر في سائر أبواب التشبيب أن يلتقط الوصف بحرفية ذكية، لا بإماعة الوارد القيمي في البنية التصويرية، فنقول مثلاً: "كلام الشعراء - شعراء الكلام". وقول الشاعرة مبني على حرفية التبديل الذي يقوم على الإجابة على البنيتين المتقدم منها والمتأخر، لأنها لاقحت "الفلق" بالعاطفة لا بالزمن الخلقي كما ورد في القرآن، لذا نجد هذا التصويب الفني التواتري ينساق بدافع إيعازي من باطنية السطر الذي تطفو تقسيماته على الشكل وقولها: "اللاهبة اللهفى - لهبي، لهفي - يلتهب اللهب - أتلهلب - ويشتعل الحطب - وتثور الكرب - ويفور العصب - ويشع الأدب" وكأننا نسترخي ونسجع في القول الرحماني ك: نحمد الحمد، أو نشكر الشكر، أو: عناوين الإلهام تباشير الإلمام. طيب إذا قلنا هذا التوليف يعتني بالإيقاع، ويحتدم بالسجع، إذن كيف نرجع موضوعة البلاغة إلى خواصها؟ ونحن نعرف أن مفهوم البلاغة ملاقحة الألفاظ لمقتضى البنية اللونية من داخلها. واللغوية منها والفنية الموصولة بصحة التمام. وإذا حصل هذا نميل بالبلاغة إلى وظيفة التبديل تحت مفهوم التوريد الناتج من اختيار الصحيح اللغوي؟ ونحن نعرف أن طرق التعبير لا تبتعد عن مصاهرة الوحي الآتي بمعانيه من التوريث الذي تلاقحه المخيلة العاطفية، بل من التناص المتقادم بالزمن، ولكي لا نفضل الإيقاع على المعنى، وجدنا في ثيمٍ عديدةٍ جاءت معانيها سطحية ضعيفة مثل: " أتلهلبُ - يلتهب اللهب - يفور العصب." وغيرها الكثير. لذا وجب أن لا نُمَيْعَ المعنى فتكون المادة غير مستقرة على شكلها الصحيح، هذا حتى إذا كانت موسيقاه عالية في تحريرها، ومع هذا وجب الحرص على قيمة المعنى وحركيته ومستواه.
نتابع ذات التوليف في مجال التطريز، ونحن نقرأ من مَلَكَتِها ملامسة أُخِذَ منها تناص يتساوى مع الإيقاع اللوني لا الوزني، فأصبح الملام في هكذا شعر هو التناص السلبي، لا الثقافة التي تهئ الشاعرة أن تكون ولادة في إيحاءاتها، ودلالاتها، وعلمها الفني، ومن أجل علمية الحوار البلاغي التصاعدي المنصب في القيمة الشمولية، وجب علينا أن نقرأ فلسفة الحوار الفلسفي الجامح، ونستفيد منها في مقام التحدي المتوازي الرياضي من المشاهدة البينية في بصيرة أبي نواس:
فَثَوبي مثلُ شَعرِي مثل نَحْرِي بياضٌ في بَيَاضٍ في بَياضِ
والشاعرة تقول وقد غلبت على صورها الشعرية النزعة التخيّلية، أكثر من النزعة التي تجاور التحليل وتستعذبه، فالشعر "كلم" ينسج وجع البصيرة عند بيان "الحالة"، حين تكون المخيلة ولادة لجنس إبداعي، إما أن يعبر عن قياس نوعي، أو عن وهن في النظم والمعالجة. فلا مقايسة بين الحالتين وهما:
أولاً: يكون الشعر حالةَ نبوغٍ معرفي تحليلي كنظم نبض دقات القلب.
وثانياً: قرقعة ألفاظ باردة تخدش السمع من مشهد رتيب.
والعاصمي في البيان الأول أكثره، وفي الثاني أقله، فهي لا تجمع ولا تفرق، لأن عناصرها الإبداعية عبرت عن حضورها بمقياس مختلف ومنها نقرأ:
أشرب نسغ النار
وأطفئ غلة روحي المتوهجة الحرى
واكبدي
فإن تمضي فواكبدي
«واكبدي قد تفطرت كبدي
وحرقتها لواعج الكمد»
يبرز قياس الحركات الانفجارية من حيث نارية الألفاظ المتعلقة بإيقاع الجريرة اللحنية، المندرج ترتيبها باكاديمية ذكية، وفي تلك المعالجات ثلاثة موضحات ماهرة وهي:
أولاً: الجزالة، أي أن تكون الخواص اللغوية والفنية ذات مقصد فصيح وسلس، وفيه من الرقة ما يتسع به الوضوح.
ثانياً: المألوف من الكلام، أي أن لا يكون عاصياً على الفهم.
ثالثاً: المطابقة بين المقصود من الكلام، ومكانة إحكام تركيبه وإتقان بنيته.
ومن خلال بيان هذه الخواص نجد الشاعرة تعاتب نفسها، وتعاقبها، وتصطلي بنار نسغ، وقولها فصيح في هذا، فهي تشرب النسغ ولا تتردد، حتى إذا كان نزغا مؤلماً، فلا بأس شرط أن يكون شرابها للنسغ علاجا للحب، وأنها تشرب نسغ النار وفي رأيها لا ضير، ما دام يهدئ من لوعتها فهي سوف تقدِم على هذا الفعل. وثيمة النسغ تعني ما يغرز في الجسد، نقول نسغ الشوكة أو غرز الشوكة أو الأبرة، إذن فالنسغ النخس ويقال نزغ، وهي لفظة تعبر عن ألم موضعي يشتكي منه الجسم من شدته، فنقول الهجر أو فراق الحبيب ينسغ القلب ويؤلمه. وهنا تظهر ملامح توظيف الرمز المستحب في ثيمة "النسغ"، والشاعرة لم تبتعد عن هذا المعنى حين قالت: "وأطفئ غلة روحي المتوهجة الحرى - فإن تمضي فواكبدي -" ما أجمل هذا التركيب اللغوي الجامح في تداعياته الصاعدة نحو سمو إيقاعي هادئ يقدم بما فيه من غذاء للعقل الإبداعي، مصبات تتسع بها الحياة. حيث نجد المحاكاة العاطفية تستمر في زخ مشاعرها من واعز التصادم المعنوي، بين أنا المتألمة، وما تتمناه أن لا يحصل من ذاك، أي مما ينسغ كبدها".
لكن لا أدري لمَ الشاعرة أحالت الوجع الحبي للكبد؟ بدلا من القلب، مع أن الكبد عامل يجمع فضلات الجسم ويطلقها إلى الخارج عن طريق الفتحات والمسامات في زمن يبدأ بين الساعة الواحدة والثالثة صباحاً، مع أن الشاعرة أعتمدت دقيق الألفاظ الحريصة على قوة المعنى، في تصعيدها اللغوي، فجاءت عباراتها موزونة بفصاحة أدواتها، أغلب مؤدياتها نافعة في موقعها على حُسن السبك وقوة تماسكه، لأن البديع حقق مسعاه التوصيلي، مستمدا مادته من لدن المخاطبة الذاتية، فلا رمزية تأخذ الشكل الحاد إلى الغموض، ولا تشبيه تصطلي به أحكام الألغاز المصطنعة، بل نجد في شعرها ما يعبر عن الشفافية والوضوح. مع وهنات سجع إنشائي لا يقدم للتحليل المعنوي شيئأ، بقدر ما هو إيقاع لتراتيل معينة لا غير.
واحر قلباه ممن قلنه شبم
ومن بجسمي وحالي عنده سقم
مالي أكتم حبا قد برى جسدي«
حتى تفجر كالنيران تضطرم
من لي بديك الجن
أسقيه من روحي
يقول كعب بن زهير: "شُجَّتْ بذي شَبمٍ من ماءٍ مَحْنِيةٍ صافٍ بأَبْطَحَ" ويقال في الشَّبَمُ: غُداةٌ ذاتُ شَبَمٍ، أو مطرٌ شَبَمُ، فلو قالت الشاعرة بَرْدُ الماء، أو زلال الماء، لكان أسهل على القارئ، بدلاً من المفردات المعجمية، فنقول من سهولة الكلام: ما نجني سهولة المعاني، لا تعقيدها على اساس أن الشاعرة ملمة في معاجم اللغة. وهذا تفاخر غير معني به القارئ.
فلو قلنا إن الشاعرة تطلب البَرَد لتطفئ حر قلبها، الذي بيده يسقيني عاطفة شَبَمُ، لو نظرنا في هذا المقطع لوجدنا أن الشكوى حصلت من أثر حب تكتمه قد برى جسدها أي أنْحَلَ وألمَ بها، فالنص يبدأ وينتهي وقد تفجر هذا الحب بكتمانه وظهر للعلن وقد شبهته كما لو أن تشب النار في كيانها، يتخلل هذه العبارات بعض تقرير يجني على الملامس الحسنة في هذا النص، فيؤثر ليكون أشبه بنقش العبير على وجه غجرية قبيحة، كما عبر عن هذا الفرزدق، لكنها ومن خلال هذه الشكوى شاكلت العبارات اللغوية بفنيتها على طريقة التناص، وأحالتها إلى الألقاب في قولها: "من لي "بديك الجن" أسقيه من روحي" ديكَ الجِنِّ: لَقَب عبدالسلام الشاعر*. لا أدري لمَ جاءت الشاعرة بهذا اللقب ووظفته عبارة التمني لكي تسقيه من روحها، إلا إذا أرادت الإشارة إلى عنف وصخب الفحولة عند دوران الديك عندما يهم بمضاجعة أنثاه، مع إنها سبقت قولها هذا بقصر العبارة التي تأتي بصحيح الوصف، وسلامة النظر في وجدانية الحالة: "مالي أكتم حباً قد برى جسدي - حتى تفجر كالنيران تضطرم" لأن المعنى في "ديك الجن" يذهب بطلاوة اللفظ ويفسده، كونه خارج عن السياق في الحسنِ والرونقِ، ولذلك قال القائل للشعر ديباجة، وأقول كما للقلب نبض، نتابع تجليات الشاعرة بقولها:
«وقالت ثريا
إذا كان هذا الدواء دواء
كليه إليا
متى جاء أخلو به
في خبائي
وأقتل خديه بين يديا
وأمتص من فيه خمرا حساها
فيصحو من السكر شيا فشيا»
نقول الشعر يكون في أصالته، والأصالة إنما هي إصابة المعنى في غرضه المتسع البيان، بألفاظ بعيدة كل البعد عن التكلف والتعقيد والاضطراب، حتى لا تصل إلى الهذر فتصيب المعنى بجهالة، ولا تتحجم في بنيتها، فلا تحقق للمعنى غايته، وهنا، إذا قلنا إن الشاعرة وضعت حوار الذات في نفسها بين هلالين، بمعنى أن الكلام أو النقاش بين النفس والنفس يحقق تجليات عالية التأثير، من فنية تؤثر في الإيجابية الإقناعية للذات التي تحقق غايتها المؤثرة، معتبرة هذا تنويعاً تجديدياً مختلفا. ولكن أليس من الأفضل أن يتفق هذا المجاز مع ما تقدم وتأخر من النص. دون خلل أو إنتقال غير مبرر يرق ويضعف، وذلك بجنوح عار من كل رونق. نقول أن بنية القصيدة في تناغمها ونبضها وحلاوة استنباط لغتها، تجمع النص بوحدة إيقاعية بسياق نادر المحاسنة، يكون أشبه بالقلب النابض بغير إجهاد، وإذا سلمنا بالأمر أن الشاعرة استخدمت تكليف الاِسْتِعَارَة نحو غاياتها دون الإجهاد في أسلوب الإحالة الفنية، من توليف إلى توليف آخر، لكي يبدو النص أشبه بإيقاع سمعي تتكدس به الكلمات خالية من أثر تحصيلها النوعي، لأننا ضعنا أمام ثيمة "ثريا"، هل هي الذاتية المفرطة في الوصف للنفس أو الشخصية. وهذا قائم منذ ولادة الشعر في الجاهلية، والشعراء يمتدحون أنفسهم، يصفون قاماتهم بأنها الأعلى من كل ممن حولهم، وهم الأفضل من البشر أجمعهم. يصفون انفسهم بكوكب الثريا والمتنبي، وامرؤ القيس، وعمر بن أبي ربيعة امثلة، أما إذا كانت الشاعرة قد قصدت باستعارتها للثريا علو القامة، وإنتشار الإضاءة، ومقصودها بنجم الثريا، كثرة النجوم الصغيرة حولها كالخدم، أو إنها تشبه نفسها بثريا ابنة أمية الصغرى الذي هام بها الشاعر عمر بن أبي ربيعة، ربما، ومن قوله فيها:
من رسولي إلى الثريا، فإني ... ضقت ذرعا بهجرها، والكتاب
سلبتني مجاجة المسك عقلي ... فسلوها بما يحل اغتصابي *
إذن كل ما تسببه الضرورة الحسية للتصورات نجده يتأكد في الطبقة اللفظية، كل على وجهها يختلف، ونحن نعرف ما يعنيه مبدأ معنى المعنى، فثمة تتمة مختلفة في سياقها وغاياتها تثير الحس الاستبطاني، في قولها: "إذا كان هذا الدواء دواء - كليه إليا" الطبقة اللفظية التي تجانست في الاسم، وأختلفت في المعنى، نقول هذا طباق محترف بأسلوبية تحترفها الشاعرة في تناصها المستمر، لأنها لا تريد دواء لا يشفي، هي تريد دواء محترف بتأثيره الفاعل، أما أين الضعف في "كليه" ربما ما تعنيه الشاعرة، أوكليه إليَّ، هكذا يكون البليغ أجدر وأوفى لأنه حقق المحاسنة التوصيلية، وهذا ينطبق على حسن السبك على غرار وحدة المعاني في إضاءة دواخل النص، من أجل الا تختل الألفاظ فتنتشر بعثرتها دون هدف، لأنه إذا قلنا كليه بمعنى كلي هذا الدواء أو تناوليه أنت وليس أنا، مع أن الخطاب يتكلم بحال لسان المخاطب، لأن في "كليه" فعلاً قائماً على تحديد الأمر، وهذا لا يستقيم في صحة السياق، ولا يتحد المعنى في نواته الداخلية، وإذا أتحد فهو فاسد، في حين نجد ثيمة أوكليه تستقيم فيها التجليات بمهارة حسنة، ومراعاة التلاقي في الخطاب الداخلي في بنية الكلمة، لأن التصورات الذهنية تستقيم في واعز ميزانه، لا في ميزان غيره، لأنها حددت وأصابت المعنى بدليله، كون المفردة واسعة الخيال والتبديل والايعاز والمصافات. أما وقولها: "متى جاء أخلو به". المركب الفني في هذا الحكم الظرفي ضعيف وقلق، كون الارتباك الحاصل في بنية العبارة يضيق تلاقحه بين السقاء الداخلي للشكل والمضمون، الذي يجب أن يضمن متانة التعابير، لأن "متى" تعبر عن الظرف الاستثنائي، وهو سؤال في الزمن، فلو قالت الشاعرة: متى يأتيني آتيه، أي أختصار زمن الغاية، حتى أننا نجد آتية أكثر بلاغة لأنها تقلل من الافاضة غير اللائقة، وبالتالي فهي أجمل رشاقة من: "أخلو به في خبائي" لأن آتيه تعني أخلو به، أما والقصد من الخباء فهو المخدع السري الذي يروم التمني، وليس الظرف، وفي قولها: "وأمتص من فيه خمرا حساها - فيصحو من السكر شيا فشيا» والقصد من فيه أي من فمه أو شفتيه، حلوة وغنية وفي دواخلها إيقاع بلاغي يجول بالمعنى إلى حيث غاياته المبهرة. وتستمر الشاعرة محاولة معالجة تصوير حقيقة الشئ، وكأنها تأتي بالمفهوم البعيد وتجعله قريبا، مع بعض من الخلل، وهذا لا يخلو منه أي شاعر. وفي آخر تجليها تعود إلى الحوار الداخلي بين الذات والذات بصيغة: قلت لها، وقالت، وفي بلاغة تحدد المعنى بقولها: "قلت لها - ساعة سعد بالوصل تسعدني".
إبداع
أخلع في الليل
عذاري
وأفتح شمسي
كاملة
ويجن جنوني
يسكنني
وهج
أرعن
أتموج
كالبحر المتلاطم
عند المد
وتتلاحق أنوائي
عارمة
ويشعشع نوري
أتالق
كالبرق الراكض
من خلف الغيمة

وجدت مالكة العاصمي ملمة في شاعرية الصوب الأيروتيكي مستخدمة اللفظة السلسة السهلة على اللسان، العذبة بمجراها على السمع من غير عسر، تطابق الغرض المقصود من عذرية الكلمة وتستنشق مباحها، لا تهول ولا تعظم بل تكثف من شهوة الحوار وتطلقه للمشتهى، لذا لم ينحسر مداها العاطفي أمام أنتشار الأحكام العقلية التقريرية كما هو الحال عند الشعراء المنظرين، ومع هذا فهي لم تطرح شخصها شاعرة الأيروتيك علانية، بل أرادت أن تكون لقصيدتها العاطفية أكبر قدراً ممكناً تحققه في مساحة البوح من المعتاد الرومانسي، لكي تأخذ القارئ إلى دقة الفكرة ووضوحها، وبهذه الأدوات حفرت عمق المباح الأكثر تعبيرا عن شجاعتها، وخاصة وهي تعيش في مجتمع متدين مغلق عند ظهورها الإبداعي الأول في الجيل الستيني. حيث تضعنا الشاعرة أمام مشهد الجسد الأنثوي المغرم المباح لفحولة الرجل، في قصيدتها: " نوار الشمس" وقولها: "متى جاء أخلو به في خبائي - وأمتص من فيه خمراً حساها - فيصحو من السكر شيا فشيا". لكنها في قصيدة إبداع جاءت أكثر هدوءا حين تُلَوْح عن عمق محسوساتها إنها: "أخلع في الليل عذاري - وأفتح شمسي كاملة" يبرز ضمير المتكلم واضحا ليجعل الذات الشاعرة جزءا منه. حيث تبرز ثيمة التمني شارة تطرح لوعة تلم بها من تجل يُصعد الرغبة التي تسكنها وتعذبها، فقد جعلت من الليل مسكناً للبوح بهذه الرغبة الجامحة حيث تخلع عذريتها، وتشبهها كالموجة في بحر هائج، والموجة تعني السفر الدائم إلى شاطئ ما، وكما هو معروف فأن السفر "هو رمز البحث عن المعرفة" كما عبر عن هذا أ. د. الناقد الخصب وهب رومية. بينما في قصيدة سابقة تقول: أمتص من فيه وتعني الفم المغاير، فهو السبب المغذي للسروح المعنوي، حين العذرية تنزع منه خمرته فتسكرها، وتكشف عن الشمس "جسد المرأة" فالإنسان أغلبه شهوة بتنوعها، وأقله فكرٌ، فالضغط الجنسي يفقد الإنسان تماسكه، فيكون الشبق هو المحرك االحسي النوعي حتى إذا نفذ بواسطة القسوة، والكثير من النسوة يعشقن القسوة والرعب والثورة الهائجة عند الرجل في الفراش، ولا يعشقن نعومته، وكأنها هي التي تفعل بدلاً منه، لأن الجنس الصاخب الذي يخرج عن إطار معقوليته يكون تأويلاً عن الاعتدال إلى السادية، فتكون السادية لمعة عبقرية حين تتعدد الحالات الجنسية التي يجب أن يأولها الفراش لمتعة في الأعمق والأجدى والأطول، حين يأخذها من اليمين إلى الشمال، ومن الباطن إلى الخارج، ومن الأعلى إلى الأسفل، ليجعلها تحار من أين يأتيها، فالرجل معروف عند المرأة ما أن تنظر إليه، في طوله، وقسوة عينيه، وغضبه المحمول على طاعة الأنثى تحته، وردة فعله من تردد المرأة أمامه، والشاعرة في هذا التمني تقول: "يجن جنوني - يسكنني وهج أرعن - أتموج كالبحر المتلاطم - عند المد - وتتلاحق أنوائي عارمة - ويشعشع نوري". هذا مقنع جداً، حين يتصاعد لهيب الشبق، وينفجر صراخ الشهوة تكون الروح صاخبة يلوحها جمال العذاب المريح، فتتلاقح بنيتها الروحية بلوعتها الشهوانية فتصطخب وتلوع وتلتوي وتحتار وتشم الرائحة من عذريتها فتسكرها. أما وتعبير الشاعرة "عند المد" أختيار ذكي يعبر عن شبق الذوق والعبقرية، فالمد حين يبلغ البحر آخر انفجاراته، والنهر كذلك، والإنسان في الفراش حين يكون المدُ صخباً وعطراً وصراخاً ولذةً وانفجاراً وشداً ليس لهذا من مثيل، يعيش لها ولها ومنها وبها، فاستعارة ثيمة المد لها خصوبة ملقحة بالذكاء والدقة والنشاط والنجاعة، لأن المد الذي يبلغ إكتماله بين الرجل والمرأة هو الذي يجعل من النور يشعشع فيه الخيال، ويفجر السكينة والهدوء في روح الشاعرة والمتلقي بآن.
هامش:
1- اقرأ كتاب النظرية النقدية. ماكس هوركايمر. ترجمة مصطفى الناوي
2- اقرأ كتاب العالم الخارجي. ديفيد هيوم. Hume,s theory of the external word 1940
3- رينيه ويليك. مفاهيم نقدية. ترجمة د. محمد عصفور. صفحة 451.
4- اقرأ فلسفة والتر ستيس. ترجمة د. محمد محمد مدين.
5- الشاعرات اللاتي تناولتهن لحد الفصل السادس هن: نازك الملائكة، لميعة عباس عمارة، مليكة العاصمي، بشرى البستاني، آمال عواد رضوان، جومانة حداد.
6- يحيى بن حمزة: اقرأ كتاب الطراز ج3 .
7- الجزء الثاني من كتابي الشعر النسوي العربي.
8- اقرأ كتاب: فلسفة والتر ستيس صفحة 71.
9- اقرأ تاريخ الأدب العربي الجزء الثالث، عمر بن أبي ربيعة.
10- أ. د. وهب رومية - عالم المعرفة - العدد 331 .
11- اقرأ كتاب الموازنة للحسن بن بشر الآمدي.
= = =
*- السيدة مالكة العاصمي: أديبة وسياسية مغربية.
ولدت بمدينة مراكش بتاريخ 23 ديسمبر 1946.
حصلت على الإجازة في الادب العربي وعلى شهادة الدراسات الأدبية واللغوية المقارنة.
نالت دبلوم الدراسات العليا من كلية الآداب والعلوم الإنسانية بالرباط.
تشغل أستاذة بالتعليم الجامعي بمراكش.
أصدرت مالكة العاصمي في بداية السبعينات مجلة "الاختيار" كما ساهمت في تحرير مجلة "الثقافة المغربية".
يتوزع إنتاجها بين الكتابة الشعرية والبحث في قضايا المرأة.
صدر لها:
- كتابات خارج أسوار العالم: شعر, ط2, الدار البيضاء, عيون المقالات، 1988.
- أصوات حنجرة ميتة: شعر, الرباط، 1989.
- المرأة وإشكالية الديمقراطية.
= = =



#جعفر_كمال (هاشتاغ)       تôôèô‏_ؤôéôم#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- التيه بين عشق الوطن وحوار المنفى
- الشعر النسائي العربي بين التقليد والإبداع 5
- التشكيل الجمالي في لغة د.هناء القاضي المجموعة الشعرية -أيلول ...
- الشعر النسائي العربي بين التقليد والإبداع
- صباح الخير
- صاحب الكرسي، والمشاكس
- الشعر النسائي العربي بين التسفيط الكلامي وجمالية الاحتراف ال ...
- متى
- الشعر النسائي العربي بين التسفيط الكلامي وجمالية الاحتراف نت ...
- الشعر النسائي العربي بين -التسفيط- الكلامي وجمالية الاحتراف ...
- الشعر النسائي العربي بين -التسفيط- الكلامي وجمالية الاحتراف
- تداعيات التنوع الإبداعي العراقي في مواطن الغربة. الجزء الخام ...
- قصائد ليس لها عنوان
- أشتهي
- تداعيات التنوع الإبداعي العراقي في مواطن الغربة4
- طيف الرضوان
- حوارية.. النرجسة والشاعر
- إبنة موسى
- الفن الكلامي ونوازع الانفعال والميول
- تداعيات التنوع الإبداعي العراقي في مواطن الغربة الجزء الثالث


المزيد.....




- المخرج الفلسطيني رشيد مشهراوي: إسرائيل تعامل الفنانين كإرهاب ...
- نيويورك: الممثل الأمريكي أليك بالدوين يضرب الهاتف من يد ناشط ...
- تواصل فعاليات مهرجان بريكس للأفلام
- السعودية تتصدر جوائز مهرجان هوليوود للفيلم العربي
- فنانون أيرلنديون يطالبون مواطنتهم بمقاطعة -يوروفيجن- والوقوف ...
- بلدية باريس تطلق اسم أيقونة الأغنية الأمازيغية الفنان الجزائ ...
- مظفر النَّواب.. الذَّوبان بجُهيمان وخمينيّ
- روسيا.. إقامة معرض لمسرح عرائس مذهل من إندونيسيا
- “بتخلي العيال تنعنش وتفرفش” .. تردد قناة وناسة كيدز وكيفية ا ...
- خرائط وأطالس.. الرحالة أوليا جلبي والتأليف العثماني في الجغر ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - الادب والفن - جعفر كمال - الشعر النسوي العربي بين التقليد والإبداع 6