نزار جاف
الحوار المتمدن-العدد: 1109 - 2005 / 2 / 14 - 09:08
المحور:
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
قبل مدة وجيزة وفي تحقيق تلفزيوني طريف و شيق بثته Ktv ، حول رجل من مدينة کويسنجق شاء الدهر أن يحرمه هو و زوجته من الانجاب . هذا الرجل وبدلا من الاستسلام لليأس و الاحزان و ندب حظه وحظ زوجته العاثر ، جعل همه في تربية الحيوانات المختلفة من الثديات و حتى الطيور . وهو الان يربي غرابا منذ سنين عديدة حتى غدا هذا الطير جزءا من العائلة و بات يشارکونه الهموم . ولکن الغريب و الملفت للنظر في هذا الغراب هو إنه يختلف عن سائر غربان الدنيا ، إذ أنه ينطق الکثير من الکلمات مثل الانسان تماما ! لکن الشئ الاهم في التحقيق التلفزيوني الانف هو کلام ذلک الرجل الحضاري جدا حول الحيوان و ضرورة إيلائه قدرا أکبر من الاهتمام و الرعاية و دعوته للمحافظة على الثروة الحيوانية . وهنا تحضرني حادثة ألمتني کثيرا في حينها و لازلت أتألم کلما تذکرتها ، فقبل سنين خلت و في شتاء قارص البرودة حيث هطلت الثوج بشکل غير عادي على کل جبال کوردستان و غطت کل شئ شهدت مدينة " سوران" تقاطرا غريبا لأسراب طيور القبج نحو بيوت الناس بحثا عن الطعام و الامان ، لکن هل تدرون ماحدث ؟ لقد بدأ مهرجان للفتک بهذا الطير المسکين الذي إشتکى من الجرح للسکين ! وأتذکر تحقيقا صحفيا أنجزه في وقتها الزميل " شيرزاد عبدالرحمن" ونشر في صحيفة " برايتي" حيث تحدث عن تفاصيل في غاية القسوة جرت لهذا الطير المسکين الذي إستجار لمرة واحدة فقط بالانسان فکانت النتيجة أن دفع ثمنا باهضا لإستجارته هذه ! في تحقيق " برايتي " قابل الزميل شيرزاد العديد من المواطنين الذين دخلت طيور القبج الى دورهم ، کان هناک الذي ذبح مايزيد عن 100 قبج و هناک من ذبح 85 و هناک من کثرة أعداد القبج لم يعد يتذکر العدد . والغريب حين کان الصحفي يشرح أن هذا الطير ثروة وطنية و رمز جمالي لکوردستان کانوا يواجهون کلامه بالاستغراب إن لم أقل بالاستهجان ، ذلک أن الطيور و الحيوانات " کما جاء في أقوال أحد المواطنين" خلقت للإنسان ليأکلها أو يستأنس بها و لاشئ غير ذلک ! ومن المفيد هنا أن نتکلم عن تداعيات الحقبة البعثية السوداء في تأريخ العراق و دورها القذر جدا بحق کل ماله صلة بالإنسان و الطبيعة و الجمال ، ولعل ما قاموا به في المناطق الکوردية المحرمة " بقانون علي الکيمياوي" و في مناطق الاهوار المجففة بحق الحيوانات المسکينة لاتقل فظاعة عن الذي إرتکبوه بحق الانسان نفسه ! ولو تسنى للعراقيين أن يحظوا بحکم ديمقراطي نزيه و عادل لکان الان شأن آخر للحيوان يختلف عن الذي آل إليه بسبب حماقات نظام مجرم أرعن لم يسلم من شر?ه کل الوجود العراقي . والان وبعد کل ماجرى من ويلات و ماسي أرى إنه قد آن الاوان ليفکر المسؤولون العراقيون و بصورة جدية في مسألة حماية الحيوانات البرية و توفير ماهو مناسب و ضروي لها ، رغم أن ذلک لن يتم إطلاقا إذا لم توفر الحقوق الاساسية للانسان نفسه و الاهتمام بمختلف أوضاعه کي يصل الى درجة من الرقي و التقدم الحضاري بحيث يدرک أن للحيوانات أيضا حق في العيش بهذا الوطن .
کاتب وصحفي کوردي
#نزار_جاف (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟