أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الكردية - نزار جاف - ترکيا..من الزعامة الاسلامية الى اللهاث خلف العرقية















المزيد.....

ترکيا..من الزعامة الاسلامية الى اللهاث خلف العرقية


نزار جاف

الحوار المتمدن-العدد: 1094 - 2005 / 1 / 30 - 11:38
المحور: القضية الكردية
    


ليس من الممکن إنکار الدور الذي لعبه الاتراک على صعيد التأريخ الاسلامي ، وخصوصا فيما يتعلق بإنشاء الدولة العثمانية التي کانت لبنتها الاساسية العرق الترکي . ولامناص من الاقرار بأن الدولة العثمانية قد إستطاعت التوسع بکل الاتجاهات و حتى إنها إجتاحت جزءا لايستهان به من الاراضي الاوربية وحاصرت" فينا "عاصمة أقوى دولة أوربية في حينها ، وأسقطت روما الشرقية التي کانت تتجلى في الدولة البيزنطية . ولم يکن هذا المجد الترکي للإسلام مبني على مبادئ وقيم إنسانية تدعو للتسامح و المحبة ، وأنما کان مبنيا على روح القسوة و الشدة التي غلبت على الجيوش العثمانية التي کانت جلها من العرق الترکي وقد أصبح الاعتماد على العنصر الترکي في بناء و بقاء وإستمرار الدولة العثمانية هو معلما مهما من معالمها التي تميزت بها حتى أن الامتداد العثماني أوربيا لم تجعل من الرداء الاسلامي الذي کانت تتوشح به الجيوش العثمانية سببا لإنهاء دور العامل العرقي بل و على العکس ، فإن الاسلام ظل مرادفا في أذهان الاوربيين مع العنصر الترکي . وحتى هذه الايام لازلن الامهات الاوربيات وفي دول أوربية متباينة حين يتحدثن عن حقبة الاحتلال العثماني ، فإنهن يروين لأطفالهن حکايات عن " الترکي الجلف و القاسي" بل وحتى يشبهن الاتراک بالارواح الشريرة التي تطارد الناس الطيبين . ورغم إننا ندرک أن تلک الحکايات قد تتخذ بعدا أسطوريا يجنح في کثير من الاحيان بعيدا عن الواقع ، لکنه مع ذلک يضم في طياته جانبا لايستهان به من الحقيقة ، فالمذابح العثمانية في الارمن والتي يقشعر منها الابدان هي بمثابة مدرک تأکيدي على هذا الجانب . و حين نطالع المشاهد التأريخية لولاة و قادة الدولة العثمانية الاتراک المنصبين في المناطق العربية على وجه الخصوص نرى تکرار تلک الصور المروعة . ولعل مجازر جمال باشا السفاح التي حدثت في لبنان تروي حقائق مروعة من المغالاة في القسوة و التعذيب الترکيين الذين وقعا على رؤوس القوميين العرب المناهضين للدولة العثمانية . أما الحديث عن الفساد الاداري و المالي و القضائي للدولة العثمانية في ممتلکاتها المختلفة ، فهو الانکى و الاوضح للعيان هذا الفساد الذي لم تستطع الدولة الاتاتورکية من القضاء عليه أو إزالته وأنما توارثته مع أسلوب القسوة في التعذيب ، لذا ليس غريبة تلک الروايات التي الروايات التي تناقلتها وکالات الانباء عن إشارات الفساد المالي لکل من " تانسو تشيلر" و " نجم الدين أربکان" و " مسعود يلماز" الذين کانوا رؤساء وزرات في ترکيا لفترات مختلفة ، بل وقد تکون غيضا من فيض ! وقد کان العامل الاهم من بين العوامل المهمة التي أدت الى سقوط الدولة العثمانية هو مسألة الفساد التي کانت مستشرية في کل مفاصل الدولة العثمانية من قمة رأسها الى أخمص قدميها ، ولذا حين إنتهى أمر رجل أوربا المريض الى يد کمال أتاتورک وصارت دولة مقلمة الاظافر ، لم يکن هناک " من غير الاتراک " من يأسف لتلاشيها من عالم الوجود بل وحتى کان مدعاة للفرح و السرور . لکن مجئ کمال أتاتورک بدولته العلمانية في مظهرها و القومية الشوفينية في ديدنها ، لم ينهي تلک المظاهر التي تحدثنا عنها وإنما إستمر العمل بها ، وما الاسلوب الدموي الذي إتبعه الجيش الترکي في عام 1937 في قمع إنتفاضة درسيم الکوردية إلا دليلا واقعيا على إستمرار ذلک النهج العريق في تعاطي الساسة الترک مع القضايا الملحة ، لکن ترکيا الاتاتورکية لم تقف عند حاجز قمع الانتفاضة و أنما تجاوزتها الى تحريف الحقائق التأريخية وتزويرها ، ففي التأريخ الرسمي الترکي يدعون أن إنتفاضة درسيم قد حدثت في عام 1938 حتى يغطون على مشارکة کمال أتاتورک في تلک الجريمة ، ذلک أن أتاتورک کان في عام 1938 مريضا وکان عام موته . أما الرعيل الذي جاء بعد أتاتورک فلم يحيد قيد أنملة عن ذلک النهج القمعي وإنما ظل وفيا له ، ومن المفيد أن نشير هنا الى الاجراءات التعسفية و القمعية التي إتبعتها الدولة العلمانية الترکية مع التجار الرئيسيين الذين کانوا يهيمنون على سوق إسطنبول عام 1956 ، إذ کانت معظم الرساميل الضخمة بيد التجار اليونانيين و الارمن و اليهود وحتى تضمن إنتقال رساميل هؤلاء التجار الى التجار الاتراک ، لجأت الى قانون ضرائبي غريب طالبت بموجبه أولئک التجار بضرائب طائلة لايستطيعون إطلاقا الايفاء بها و بموجب ذلک القانون المجحف و غير المبرر قانونيا لم تقم بمصادرة ثروات أولئک التجار فحسب وإنما قامت بتصفية أعدادا کبيرة منهم فيما هرب نفر منهم بجلده کي ينجو من مصيدة الفناء الترکية . إن أهمية العامل العرقي في توجيه سياسة الدولة الترکية هي من القوة بحيث لايستطيع المتتبع بسهولة إنکار ذلک أو التغاضي عنه ، فالدور الترکي في الازمة القبرصية کانت و مازالت أسيرة العامل العرقي وقد کان هذا العامل هو السبب الرئيسي وراء إفشال الکثير من الجهود و المبادرات الدولية لحل الازمة القبرصية حلا عادلا . أما الموقف الترکي من أزمة " ناغورني قرباغ" في مابين جمهوريتي أذربيجان و أرمينيا فهي تدعم الموقف الاذربايجاني بدافع العامل العرقي رغم أن الحق لايجانب الاذربايجانيين، إذ أن قاطني منطقة ناغورني قرباغ المتنازع عليها بين الدولتين الانفتين معظمهم من الارمن " 80% أرمن و 20 % آذر". والامر نفسه قد کان الباعث وراء الحملة المحمومة الترکية في الدفاع عن الاتراک المتواجدين في بلغاريا . أما الذي يحدث الان فيما يتعلق بملف کرکوک فهو شئ يجري في ذات السياق ، وبرغم محاولة الساسة الترک التشبث بالمبرر الانساني و الاخلاقي في تصديهم لملف کرکوک ، إلا أن الحقائق تفضحهم على الارض خصوصا حين يظهر دورهم السرطاني في تغذية و تسيير بعض الاطراف السياسية الترکمانية بإتجاهات هي أساسا ليست في صالح الترکمان أنفسهم . وليس بغريب على ترکيا من بعد أن إستنفذت کل السبل و الوسائل الترهيبية و الترغيبية ضد الکورد في إقليم کوردستان فيما يتعلق بوضع حد لأمانيهم بإرجاع الکورد المرحلين عن کرکوک قسرا ، أن تلجأ الى لغة التهديد بالتدخل العسکري و هو آخر مافي جعبة أنقرة العرقية للنخاع لتحسم المسألة ، بيد أن الظروف الدولية و الوضع السياسي و الاقتصادي الترکي المزري ليسا بمشجعين إطلاقا على هکذا مغامرة ، رغم إن ترکيا قد تلجأ إليها في لحظة إندفاع و حماسة قومية مفرطة إلا أن النتائج النهائية لهذا التدخل السافر سوف لن يکون في کرکوک فقط إذ أن کورد العراق يعتبرونه مسألة حياة أو موت وهي العامل الاهم في جمع الحزبين الکورديين الرئيسيين في خندق واحد وأنما في ديار بکر و ماردين و باتمان إذ أن کورد ترکيا هم الان معبأين أکثر من أي وقت مضى ضد سياسات أنقرة المشبوهة و المفضوحة فيما يتعلق بالملف الکوردي عموما و ملف کرکوک خصوصا . والسؤال هو هل سيکون هناک في أنقرة سياسي ترکي يستقرأ مستقبل المغامرة الترکية العسکرية التي من المزمع القيام بها في کرکوک من قبل الماکنة العسکرية الترکية أم أن الساسة سيصبحون في نهاية المطاف جنرالات ولکن في الزي المدني!!

کاتب و صحفي کوردي
مقيم في ألمانيا



#نزار_جاف (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المنطقة و الانتخابات العراقية..التوجس من التجربة أو من إنعکا ...
- ترکيا و کرکوک... ماذا في اليد وماذا على الشجرة؟
- المجلس الشيعي الترکماني : الفتاوي السياسية في هذه المرحلة لم ...
- سوريا...التهديدات الامريکية تؤتي ثمارها
- الديمقراطية الايرانية و الرفض الارضي
- تحدثنا عن فضائحهم ولکن ماذا عن فضائحنا
- عباس الابيض في اليوم الاسود : روعة في الاخراج و إسفاف في الن ...
- الجمهورية الاسلامية : الاسماء الکوردية محرمة شرعا
- شئ من الماضي الاوربي الاسود بخصوص النساء
- إيران النووية..إبحث عن الدجاجة
- أزمة الحضارة الغربية و اللاأزمة في الشرق
- المرأة و الخرافة
- حزب البعث الالماني الاشتراکي الخجول جدا جدا
- القضية الفلسطينية بين خيار الحماسة و منطق العقل
- أحمد سالار ...من أجل مسرح کوردي أصيل و معاصر
- رجل أم مجرد ظل لديک
- شئ عن الموقف و أصحاب المواقف
- الى أنظار صحفيي و ناشطي حقوق المرأة و الانسان في العالم : شم ...
- مظفر النواب : کلام متواضع في حقه
- أحمد رجب..معلمي و أستاذي و مناري الاول في عالم الصحافة


المزيد.....




- مغني راب إيراني يواجه حكماً بالإعدام وسط إدانات واسعة
- -حماس- تعلن تسلمها ردا رسميا إسرائيليا حول مقترحات الحركة لص ...
- تحتاج 14 عاماً لإزالتها.. الأمم المتحدة: حجم الأنقاض في غزة ...
- اليمنيون يتظاهرون في صنعاء دعماً للفلسطينيين في غزة
- عائلات الأسرى تتظاهر أمام منزل غانتس ونتنياهو متهم بعرقلة صف ...
- منظمة العفو الدولية تدعو للإفراج عن معارض مسجون في تونس بدأ ...
- ما حدود تغير موقف الدول المانحة بعد تقرير حول الأونروا ؟
- الاحتلال يشن حملة اعتقالات بالضفة ويحمي اقتحامات المستوطنين ...
- المفوض الأممي لحقوق الإنسان يعرب عن قلقه إزاء تصاعد العنف فى ...
- الأونروا: وفاة طفلين في غزة بسبب ارتفاع درجات الحرارة مع تفا ...


المزيد.....

- سعید بارودو. حیاتي الحزبیة / ابو داستان
- العنصرية في النظرية والممارسة أو حملات مذابح الأنفال في كردس ... / كاظم حبيب
- *الحياة الحزبية السرية في كوردستان – سوريا * *1898- 2008 * / حواس محمود
- افيستا _ الكتاب المقدس للزرداشتيين_ / د. خليل عبدالرحمن
- عفرين نجمة في سماء كردستان - الجزء الأول / بير رستم
- كردستان مستعمرة أم مستعبدة دولية؟ / بير رستم
- الكرد وخارطة الصراعات الإقليمية / بير رستم
- الأحزاب الكردية والصراعات القبلية / بير رستم
- المسألة الكردية ومشروع الأمة الديمقراطية / بير رستم
- الكرد في المعادلات السياسية / بير رستم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الكردية - نزار جاف - ترکيا..من الزعامة الاسلامية الى اللهاث خلف العرقية