أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - سامي فريدي - سايكولوجيا الحرف – 2















المزيد.....

سايكولوجيا الحرف – 2


سامي فريدي

الحوار المتمدن-العدد: 3785 - 2012 / 7 / 11 - 21:39
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    


سايكولوجيا الحرف – 2
الانسان هو ابن بيئته، وكروموساماته تحمل الصفات الوراثية لدائرته الاجتماعية.
وفي مجتمعاتنا (الشرقية/ العربية) يعيش المرء بحواسه الخارجية، أكثر من حواسه الداخلية. ويشكل (التقليد) المظهر العام للأهلية الاجتماعية. وعلى قدر نجاح الشخص في تقليد النسخة الشائعة من السائد في المجتمع، يتحدد نجاحه ومكانته. فالتقليد معيار ثابت، ولكن طبيعة المعيارية قد تتغير بحسب الظروف، والتي يتحكم بها العامل السياسي.
وإذا كان السياسي يحتفظ بدور القيادة والزعامة والتوجيه وصنع القرار، فالتقليد هو آلية (الاستجابة) الاجتماعية غير المباشرة التي ينتظرها السياسي من المجتمع، لتدعيم نفوذه ومشروعه السياسي. ولما كان التقليد يقتضي وجود (مثال) يقلده، يلتزم النظام السياسي بتقديم (بطل/ نجم) في كل ظرف لتوجيه الناس بواسطته، أو توصيل رسالته السياسية.
في هذا السياق (صناعة النجم) تلعب وسائل الاعلام دورا تقنيا رئيسا في ترجمة رؤية الحاكم للمحكوم. اهمية الاعلام في لعبة السياسة، تتمثل في مدى اهتمام الانظمة بجهاز الاعلام وبرامجه التكتيكية، إلى حدّ استيراد قدرات بشرية وتقنية من وراء الحدود لدعم عملية الاعلام (التعبوية/ السياسية). الدولة العثمانية اعتمدت على قدرات فرنسية ومواهب بعض الأوربيين الداخلين في الاسلام مثل (جلبي باشا)، واعتمدت دولة محمد علي على متنوري بلاد الشام لقيادة وتوجيه عجلة الاعلام المصري، واعتمد نظام بغداد على الفلسطينيين وبعض العرب، واعتمدت بلدان الخليج على المصريين والفلسطينيين.
حاجة الدولة للخبرة الخارجية في مجال الاعلام، تقابل حاجتها للخبرات الخارجية في مجال الأمن والعسكر. وأساس الاعتماد على الخارج في مجال الاعلام والعسكر، يتجاوز مجال الخبرات والتقنيات المتقدمة، إلى وجود عنصر غير محلي يقود المحلي. وفي تاريخ الدول، كان يجري استخدام العبيد و(الموالي) في قوات الأمن أو الأجنحة الحساسة في الجيش، كما في مؤسسات الادارة.
هل لهذا صلة باستخدام غير -العرب والمسلمين- في مجال التدوين الرسمي والثقافة الرسمية في صدر الدولة العربية (العباسية)؟!.
فاختلاف عامل اللغة والعنصر يزيد من صعوبة المجادلة أو التمنع أو المحسوبية. فيما تلعب الممالأة والنفاق الاجتماعي دورا تخريبيا في سياسة الادارة. ناهيك عن الاصطفافات والثارات القبلية لمجتمع ما زال بعيدا عن وعي التمدن.
مجال الاعلام ومفهومه ليس هو مجال الثقافة ومفهومها. فالثقافة هي أكثر التصاقا بالمجتمع، بينما الاعلام أكثر ارتباطا بالحكومة. والكاتب هو الذي يحدّد قراره واتجاهه لأي منهما. ولا بدّ لكلّ كاتب من وعي الفرق والتمييز بين مجالي الاعلام والثقافة. وفي فترة سابقة كان يجري التمييز في العنوان الأدبي، فالعامل في مجال (الاعلام) هو (كاتب)، والمشتغل في مجال (الثقافة) هو (أديب). لكن التساهل والاستسهال واختلاط المعايير أطاح بالتصنيف التقليدي.
الكتابة في مجال الاعلام (مهنة) يتقاضى صاحبها مرتبا ماديا، هو محدد عمله. وبانتفاء الراتب (التعيين) تختفي كتاباته أو ممارسته لعمل الكتابة. أما الأديب فهو شخص حرّ لا يعمل في مهنة الأدب لقاء (راتب وتكليف) يحدد له سقف الكتابة واغراضها. وجراء هذا كان الأديب يتمتع بمكانة أدبية (شعبية) أفضل من مكانة الكاتب الأجير.
وفي دولة العراق جرت عمليات هيكلة ادارية متعددة، تارة بجمع وزارتي الثقافة والاعلام وتارة بالفصل بينهما. وبعد الغزو الأمريكي والغاء مؤسسات الدولة، جرى -لاحقا- إعادة وزارة الثقافة دون وزارة الاعلام. ولكن وجود وزارة الثقافة لا يتعدى الشكليات دون دور ومجال حقيقي لها، غير توفير (حقيبة) وزارة في جداول المحاصصة وتوفير عناوين وظائف مقنعة.
واقع الحال شهد انفجارا في مجال الاعلام ووسائله تمثل في مئات الصحف والمجلات وقنوات التلفزة الفضائية ناهيك عن الاعلام والصحافة والترويج الالكتروني. ثم ظهرت مؤسسة (لغزية)تحمل عنوان – شبكة الاعلام العراقي- تتصل بدائرة رئيس الوزراء، تتولى الرقابة والتوجيه وفرض العقوبات الصحفية.
ترى ما الذي يمنع تشكيل وزارة (اعلام) تعنى بتنظيم شؤون الصحافة والاعلام؟.. لأن قطاع الاعلام لا بدّ له من دائرة تعنى بشؤونه، ووجود (شبكة الاعلام) لا ينبغي أن يكون بديلا عن وزارة الاعلام من جهة، فيما وجودها يطرح أسئلة تتعلق بحقيقة دورها.
وجود - شبكة الاعلام- يخدم غرضين:
- أداة مباشرة بيد رئيس الوزراء لاحكام قبضته على الاعلام ولأغراضه الشخصية.
- ترسيخ استفراد (شيعة) الحكم بمقدرات الاعلام والدولة، خارج نظام المحاصصة أو تدخل جهات أخرى في مجالهم.
ان تعدد وسائل الاعلام في العراق لا علاقة له بتقاليد الدمقراطية، في ظلّ هيمنة الأصابع السرّيّة وحركة الاغتيالات المنظمة ضد المعارضين والمنتقدين. أما الانتقادات وشكاوى المواطنين التي تنقلها بعض القنوات أو الصحف، فهي صرخات – في وادٍ-.
في ظل وجود (وزارة ثقافة) تراجعت حركة الثقافة العراقية وخسرت الكثير من مضامينها الجوهرية ورموزها الأصيلة، فيما شهد قطاع الاعلام توسعا انفجاريا رغم انعدام (وزارة اعلام). والتوسع الكمي الاعلامي ينقصه النوع والتنوع والجرأة والمجازفة. فالاعلام العراقي اليوم لا يختلف في حقيقته عن نظام المحاصصة (الطائفية). وأمام جيش العاملين في مجال الاعلام -فقط- بكلّ ما يمثله عملهم من مسخ فكري واجتماعي لهم، يلحظ مبلغ الضرر التاريخي الملحق بالعقل العراقي. وطالما كان كل فرد من العاملين يتصل بعائلة لا تقل عن أربعة أشخاص - مثلا- ، يشكل الصحفي معيلا أو مربيا لهم، فأثر المسخ الفكري والاجتماعي سوف يتعدى هذه المرحلة التاريخية، ويطبع قطاعا واسعا من مساحة مستقبل البلاد الاجتماعي والسياسي والثقافي، بما يتجاوز كلّ الآثار السيئة لما سبقها.
الاعلام هو السلطة.. والسلطة هي المال والجاه والجنس. والكاتب.. (الصحفي) شخص لا يريد أن يبقى متفرجا أو أداة ثانوية في لعبة المال. وقد كان الكاتب اللبناني من أوائل من أدركوا لعبة المال وتسليع الكلمة، جريا على طريقة ديباجات الارتزاق والتكسّب المشهور في الأدب العربي. ثم أتبعهم المصريون، واليوم يتشكل في العراق جيش مرتزق بالكلمة المسلّعة، والكاتب التاجر، وخبراء السياسة والاقتصاد المرتزقة.
دخول تقاليد الاعلام في بلادنا يتم من الخلف. هذا هو اتجاه رأس المال الاعلامي. والمقابلات المتلفزة مع السياسيين صارت تتم بأجر معلوم وخيالي. وبعض مقدمي/ مقدمات البرامج يتقاضين أجور (مرتبات) خيالية لقاء تقديم برنامج.
المال ليس بدعة.. وحبّ المال ليس جريمة.. ولكن العهارة على حساب الآخر تحتاج وقفة!..
سامي فريدي



#سامي_فريدي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- سايكولوجيا الحرف - 1
- ايران.. الطرف الثالث
- ايران ليست صديقة ولا مسلمة
- التفكير.. لا التكفير
- ايران في العراق..
- اشكالية ثقافة التعليم
- عروبة ساسة العراق
- العراق.. الجغرافيا السياسية
- العراق.. والثوابت الوطنية
- (سياسة التشيع في العراق)
- الثقافة والسيطرة
- التعليم والغربنة
- الشباب والقيادة
- تراجع النوع البشري
- 14 يوليو 1958 حاجة محلية أم ضرورة دولية (5)
- 14 يوليو 1958.. حاجة محلية أم ضرورة دولية (4)
- 14 يوليو 1958ن حاجة محلية أم ضرورة دولية /3
- 14 يوليو 1958 حاجة محلية أم ضرورة دولية.. (2)
- 14 يوليو 1958.. حاجة محلية أم ضرورة دولية (1)
- في ذكرى أنطون سعادة


المزيد.....




- بيومي فؤاد يبكي بسبب محمد سلام: -ده اللي كنت مستنيه منك-
- جنرال أمريكي يرد على مخاوف نواب بالكونغرس بشأن حماية الجنود ...
- مسجد باريس يتدخل بعد تداعيات حادثة المدير الذي تشاجر مع طالب ...
- دورتموند يسعي لإنهاء سلسلة نتائج سلبية أمام بايرن ميونيخ
- الرئيس البرازيلي السابق بولسونارو يطلب إذن المحكمة لتلبية دع ...
- الأردن يرحب بقرار العدل الدولية إصدار تدابير احترازية مؤقتة ...
- جهاز أمن الدولة اللبناني ينفذ عملية مشتركة داخل الأراضي السو ...
- بعد 7 أشهر.. أحد قادة كتيبة جنين كان أعلن الجيش الإسرائيلي ق ...
- إعلام أوكراني: دوي عدة انفجارات في مقاطعة كييف
- الجيش الإسرائيلي يعلن اعتراض هدف جوي فوق الأراضي اللبنانية


المزيد.....

- تاريخ البشرية القديم / مالك ابوعليا
- تراث بحزاني النسخة الاخيرة / ممتاز حسين خلو
- فى الأسطورة العرقية اليهودية / سعيد العليمى
- غورباتشوف والانهيار السوفيتي / دلير زنكنة
- الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة / نايف سلوم
- الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية / زينب محمد عبد الرحيم
- عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر / أحمد رباص
- آراء سيبويه النحوية في شرح المكودي على ألفية ابن مالك - دراس ... / سجاد حسن عواد
- معرفة الله مفتاح تحقيق العبادة / حسني البشبيشي
- علم الآثار الإسلامي: البدايات والتبعات / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - سامي فريدي - سايكولوجيا الحرف – 2