أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - سامي فريدي - ايران في العراق..















المزيد.....

ايران في العراق..


سامي فريدي

الحوار المتمدن-العدد: 3604 - 2012 / 1 / 11 - 17:43
المحور: اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
    



صعود الاسلام السياسي كان له ثمن مبكر ومميز، ليس في مقتل السادات رئيس مصر (1981)، وانما بداية تدمير الحياة المدنية في الشرق الأوسط. صعود الاسلام السياسي الممثل في وصول الخميني للسلطة واعلان جمهورية ايران اسلامية، لم يكن دالة استقرار ورفاه وتدعيم ركائز السلام في مستقبل الشرق الأوسط، وانما قلقلة الأوضاع وزيادة معدل الاضطراب في المنطقة.
الدولة الدينية الجديدة لم تعلن عن نفسها في صورة (مملكة) اسوة بدولة دينية تقليدية، وانما استعارت من الحداثة الفرنسية صفة (الجمهورية)*. اعلان (الجمهورية) الأول في فرنسا (1798) لم يكن مجرد نهاية لنفوذ السلالة الملكية في فرنسا، وانما كان أكثر منه، بداية عصر سياسي جديد في أوربا والعالم. ولكن استعارة (الخميني) للجمهورية، قلما كانت سؤالا للراصد السياسي في المنطقة، رغم كثرة من تناولوا الظاهرة والفوا فيها.
جمهوريات الشرق الأوسط في العموم هي انقلابات على (أنظمة ملكية). جمهوريات علمانية –غير دينية-، حداثية –غير تقليدية-، عسكرية ثورية – غير سلالية عائلية-، دستورية –لا تحكمها ارادة ملكية سماوية-. وعندما تنضم ايران للركب الجمهوري فهي توحي بنص حداثي عصراني، انما تخذ قالبا اسلاميا. الاسلام الشيعي كان بالنسبة للمعاصرين لغزا، ولابد انه يختلف عن دول متعارَفة تحت لواء الاسلام كالمملكة السعودية مثلا!.
حتى تلك السبعينيات، لم تكن روح اليأس والتشاؤم قد طبعت الثقافة العربية، ولم تكن نذر الشرّ والخراب علنية كاليوم. وشخصية الخميني الدينية، الخارجة من كواليس (حوزة*) النجف للأفق العالمي، كان الغموض ما يزال يلفها ويحيط بتصرفاتها وتصريحاتها الثورية. كان الخميني يتحدث عن الفساد والاستبداد والاستكبار والمظلومية والحرية وحق الجياع والمظلومين، وهو نص مغر، ثوري ومثير لكل اليسار العالمي كبطل جديد ينضمّ لخندق مقارعة الامبريالية الرأسمالية المستكبرة. كم كانت نسبة الذين أملوا في نسخة حداثية ثورية من اسلام منفتح ينسجم مع روح العصر وينطلق للمستقبل بشجاعة الوجود؟.. هل كان الخميني نفسه واعيا لكل ما يحدث، ولحجم الأمال المعلقة عليه؟..
حتى الآن لم تتناول الاقلام* طبيعة الغموض والتناقض والانطوائية والعدوانية الكامنة في رجل دين لا يحدّ حقده حدّ. ولا أعتقد أن جملته الأخيرة تلك حركت المعلقين.. "تناول السمّ بيدي كان أهون عليّ من ايقاف هذه الحرب!". لقد استطاع الخميني، في ظلّ جملة الاحتفاء الاعلامي العالمي المحيط بشخصه ونشاطه، خداع الملايين، ليس داخل ايران والعراق، وانما في كل العالم، ليس من اسلاميين محبطين ويائسين، وانما علمانيين ومثقفين، بينهم أدورد سعيد مثلا. وعندما تلتبس أوضاع المنطقة، وتسقط ايران في قاع الفساد والاستبداد والتخلف وشرور الاقطاع الديني، بالكاد يلتفت أحد، ويستذكر موقفه السابق.
ايران.. وليس السعودية.. كانت عراب السيناريو الغربي (الأميركي) للشرق الأكبر الجديد ( new grand orient). هل جاء الخميني لتحقيق توازن تاريخي في الاسلام، بين يساره ويمينه، نصا وتطبيقا، أثر قرون من السلبية والتجاهل؟.. ان الخيال اشدّ إغراء للعرب من الواقع. ما يزال كثر يكررون ان الولايات المتحدة الاميركية كانت تدعم النظام العراقي ضد ايران في الحرب، فيما الواقع ان نظام التسليح العراقي روسي، ونظام التسليح الايراني اميركي، والغرب عموما – الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وفرنسا والمانيا والنمسا- دعموا الطرفين المتحاربين عسكريا، سواء بشكل مباشر وعلني، ام سري وغير مباشر- عبر وسطاء.
في النتيجة.. ان الولايات المتحدة وقفت إلى جانب ايران في القضاء على صدام ونظامه، الهدف الذي حاربت من أجله ايران ضدّ العراق، وكلاهما اليوم يحتل العراق عسكريا وسياسيا واقتصاديا، وبناء على رغبتها، قدمت القوات الأميركية (رأس صدام) على طبق للنظام الايراني وشيعة المالكي. هل يمكن الافادة من كلّ المعطيات الواضحة على ارض الواقع لكشف الصلات الحقيقية وراء (ثورة الخميني الشعبية) كما أعلنها ساسة أيران نموذجا قياديا لثورات الربيع العربي الشعبية، وما يعقبها من فوضى وفساد وتخلف لا يقل عما تحقق في ايران الاسلامية.
لم تنعزل ايران عن الشرق الأوسط يوما، ولم يقف حاجز اللغة أو العرق ضدّ هذا الارتباط. وسواء في التاريخ القديم او المعاصر، في محور الصراعات الاسلامية الداخلية حول الزعامة السياسية والمذهبية، أو محور الصراع العربي الاسرائيلي، كان لايران حضور وامتياز غير قابل للتجاوز، وكانت على الدوام بديلا جاهزا لملء الدور والفراغ. وفي المشروع الأميركي للشرق الأوسط الكبير، ليست ايران هامشا، وانما هي قلب الشرق الأميركي الجديد. وفي كل من حربي الولايات المتحدة في أفغانستان والعراق كانت ايران الاسلامية لاعبا رئيسا على الصعيدين الدولي والداخلي. وكلما تنحسم ملفات شرق أوسطية، يصبح الدور الايراني اكثر انجلاء ووضوحا.
لماذا وقفت الولايات المتحدة بكلّ قوتها ضدّ هيمنة العراق على الكويت، وتتواطأ اليوم مع ايران في هيمنتها على العراق، وكلّ من الدول الثلاثة تتصدر (ليست أدنى من الأخرى في صدارة) الاحتياطي العالمي في النفط؟!!.. ما هو التصور الغربي للأطماع التوسعية والحلم الامبراطوري العتيد لايران؟.. التواطؤ الأميركي الايراني ليس وليد الحالة العراقية، الاقليمية، وانما أقدم منه بكثير يعود إلى دور ايران في عمليات الارهاب الدولي، وتمويلها لنشاطات مشبوهة لتصفيات سياسية او عمليات تفجير واغتيال بحماية دبلوماسية من طواقمها العاملة في الغرب. ان ملف ايران الارهابي ينافس الدور الليبي على الصعيد الدوليّ، وهو المتصدر اقليميا، في مقدمته دورها في سوريا ولبنان وفلسطين. ليس البيت الأبيض، وانما الذين يوجهون البيت الأبيض والبنتاغون هم الذي ينظرون بعين العطف إلى احلام ايران البائسة، ويحمونها من تكرار السيناريو الأمريكي في العراق.!
لا أعتقد أن الغرب ألأمريكي كان يرغب أن يكون لعبه مكشوفا كما فضحه تعاونهما في العراق؛ ولكن القرار التركي الرافض لاستخدام أرضيها من قبل القوات الأميركية لاحتلال العراق، أسقط ورقة التوت الأميركية. بينما استفادت حكومة احمد نجاة في تخفيف أو تصفية أجواء المواجهة الاعلامية بين الطرفين.
كثيرون لا يريدون رؤية حقيقة الدور الايراني السياسي في العراق، والبعض يقلل من أهميته ويجد له تبريرات متواضعة، بيد أن فهم حقيقة الدور الايراني وابعاده سوف يساعد على رؤية مسنقبل المنطقة بشفافية ووضوح أفضل. أن أحد أسباب الحيرة التي تنتاب الراصد هو مراوغة الواقع بذرائع فكرية أو أحكام متوارثة سابقة أثبتت فشلها. وهذا هو سبب بقاء الرأي العراقي مشوشا متذبذبا عاجزا عن رؤية حقائق الواقع. وكلما استمر التشويش والارتباك واختلاف الراي بين العراقيين، استفاد المناوئون من الفوضى وابتعدت ضفاف النجاة عن أعين الأهلين.
ربما اعتقد البعض أن عودة ايران للاسلام، هو خطوة باتجاه التقارب مع أطراف العالم الاسلامي، وخصوصا العالم العربي. وفي ضوء (التشارتر) الاسلامي –كعقد مشترك-، كان من حق المجموعة الخليجية الاستبشار بنهاية أطماع التوسع الفارسي في بلادهم. لكن دخان تصريحات الخميني النارية كان قد أعمى كلّ بصيص. فالانتماء العرقي لأهل ايران وملاليه أقوى من علاقتهم بالاسلام. والانحياز للشعور القومي الايراني أقوى من الانحياز لديانة عروبية تفترض من منتسبيها تعلم العربية وقراءة كتابها (بلسان عربي مبين).
ان حقيقة كون النزعة القومية الفارسية أقوى من أية عقيدة دينية، أمر يفترض عدم تجاهله في قراءة خريطة العلاقات الدولية في الشرق الأوسط. وفي مجال قوة الشعور القومي الفارسي، واعتدادهم به، لا بدّ من تذكر النزعة الاستعلائية للفرس على العرب (البدو) حسب نظرتهم التاريخية لهم. بل أن النظرة العنصرية الاستعلائية للايراني، ليست أقل من مثيلتها الاسرائيلية في الارث اليهودي، وبين الاثنين ما يكفي من وشائج تاريخية.
سامي فريدي
ــــــــــــــــــــــــــــــ
• في الثورة الشعبية ضدّ دولة الشاه لم يكن الاسلاميون وزعامة الخميني في مقدمة الاحنجاج، وانما كان هناك حزب (توده) أي الشيوعي الايراني، ومنظمة مجاهدي خلق على رأس المتظاهرين من الشبيبة وطلبة الجامعات والعمال والنساء، وكانت (الجمهورية) هي تطلع اليساريين والعلمانيين المتنورين، قبل أن تقع في أيدي الاسلاميين بعد وصول الخميني من فرنسا بالطائرة والذي لم يعلق بشيء حول الشارع عند وصوله، وبعد اسبوع من وصوله اعلن النظام الجديد وجرى تصفية اليساريين واحتكار السلطة في يد الخميني بعد حملات اعدامات (شعبية) مستمرة، بينها اعدام اربعة آلاف شخص في يوم واحد. فالخميني سرق ثورة الشعب الايراني واستبد بها بنفس غرار الثورة التونسية أو المصرية، أي نفس السيناريو. وما تزال الثورات الشعبية في ايران شبابية جامعية يقابلها النظام الحاكم بالنار والحديد والسجن والتشويه السياسي والاخلاقي لقياداتها.
• كلمة (حوزة) هي مفردة لغوية شيعية ايرانية التركيب واللفظ مشتقة من كلمة (حوض) والعجم لا يلفظون الضاء والظاد فيقلبونها زاء (زاي) فتكون (حوز) ثم أضيفت لها تاء مربوطة علامة الافراد، أي حوض واحد. والدالة الدينية العلمية للكلمة نابعة من وجود بركة ماء دائرية في طراز المسجد القديم، وكان الطلبة يتحلقون حولها للاستماع للدروس الدينية، ومنه جلوس الطلبة في دائرة حول المعلم. لذلك اختصت كلمة (حوزة) بالمدرسة التعليمية الدينية التي يرأسها المجتهد الأكبر، أو المرجع الديني الأعلى عند الشيعة، والتي تقابل كلمة (البابا/ بطريارك) عند المسيحيين.
• ثمة دراسة مميزة في سويسرا لعالم نفس نمساوي الأصل (GRÜN) بعنوان (Müttersohn) يتناول فيها دراسة شخصيات زعماء من منظار نفساجتماعي تحليلي بينهم هتلر وستالين والخميني.



#سامي_فريدي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- اشكالية ثقافة التعليم
- عروبة ساسة العراق
- العراق.. الجغرافيا السياسية
- العراق.. والثوابت الوطنية
- (سياسة التشيع في العراق)
- الثقافة والسيطرة
- التعليم والغربنة
- الشباب والقيادة
- تراجع النوع البشري
- 14 يوليو 1958 حاجة محلية أم ضرورة دولية (5)
- 14 يوليو 1958.. حاجة محلية أم ضرورة دولية (4)
- 14 يوليو 1958ن حاجة محلية أم ضرورة دولية /3
- 14 يوليو 1958 حاجة محلية أم ضرورة دولية.. (2)
- 14 يوليو 1958.. حاجة محلية أم ضرورة دولية (1)
- في ذكرى أنطون سعادة
- المركزية السورية أيضا..
- المركزية السورية ومشروع انطوان سعادة
- العراق في كتابات انطون سعادة
- القوي يكتب التاريخ
- هوامش على -قميص قلقميش-


المزيد.....




- الانتخابات الأوروبية في مرمى نيران التدخل الأجنبي المستمر
- أمريكا كانت على علم بالمقترح الذي وافقت عليه حماس.. هل تم -ا ...
- اتحاد القبائل العربية في سيناء.. بيان الاتحاد حول رفح يثير ج ...
- لماذا تشترط واشنطن على الرياض التطبيع مع إسرائيل قبل توقيع م ...
- -الولايات المتحدة تفعل بالضبط ما تطلب من إسرائيل ألا تفعله-- ...
- بعد قرنين.. سيمفونية بيتهوفن التاسعة تعرض بصيغتها الأصلية في ...
- السفارة الروسية: قرار برلين بحظر رفع الأعلام الروسية يومي 8 ...
- قديروف: لا يوجد بديل لبوتين في روسيا
- وزير إسرائيلي يطالب باحتلال رفح والاستحواذ الكامل على محور ف ...
- مسؤول في حماس: محادثات القاهرة -فرصة أخيرة- لإسرائيل لاستعاد ...


المزيد.....

- الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات / صباح كنجي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل ... / الحزب الشيوعي العراقي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو ... / الحزب الشيوعي العراقي
- المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت ... / ثامر عباس
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11 / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3 / كاظم حبيب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - سامي فريدي - ايران في العراق..