أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - لمى محمد - ذكريات عن عاهراتي الحزينات














المزيد.....

ذكريات عن عاهراتي الحزينات


لمى محمد
كاتبة، طبيبة نفسية أخصائية طب نفسي جسدي-طب نفسي تجميلي، ناشطة حقوق إنسان

(Lama Muhammad)


الحوار المتمدن-العدد: 3785 - 2012 / 7 / 11 - 19:57
المحور: الادب والفن
    


لا تذهب إلى أبعد مدى، إلى أقصى قطب الخيار.. مثال:
إذا مرضت فهذا لا يعني أنك ستموت..
إذا اختلفت مع عزيز، فهذا لا يعني أنك فقدته..
إذا أعجبت بشخص، فهذا لا يعني أنك أحببته..
إذا تركك أحدهم، فهذا لا يعني نهاية الحياة..
إذا كبرت، فهذا لا يعني أنك أصبحت عجوزا..
و بالقياس على هذا و ذاك.. لا تذهب إلى أبعد مدى في إعطاء حكمك على شخص.. فالإنسان ككرة أرضية فيه البحر، فيه الجبل.. فيه البركان.. فيه صحارى و غابات و فيه أنهار الماء العذب...

يبقى لك مكان لتتطرف.. تتطرف في الحب لتحصد حبا.. أحب بعمق.. بقوة.. و حاول قدر الإمكان أن تتقبل أن البشر كواكب شتى.. و أن الإنسان ككرة أرضية.
**********

هل ترافقني و تدلني على الطريق؟!
- أي طريق؟!
- أريد أن أصبح عاهرة؟!
- ويلي.. أيتها الفاجرة ..
-اسمع لا تتذمر قبل أن تعرف ما حصل و يحصل.. ما سوف يصير...
- لا أسمعك.. قتلك أفضل...
-سعدت برأيك فلأهرب...

- أنت هناك ماذا تريدين؟!
-أريد أن أصبح عاهرة...
نظر في وجهها المجعد المتعب.. و جسدها الضئيل.. ثم أشاح بوجهه عنها:
- لا تصلحين...
-أتعلم.. و العهر سياسة...
-عندي في البار جميلات كثر.. سياستهم بالفطرة.. امشي من هنا...


و تنقر على زجاج "لينين"..
- أبو الشباب.. أريد أن أتعلم السياسة لأصبح عاهرة...
- و لماذا اخترت أطول الطرق للانتحار؟!
-في بيتي أربعة أطفال جياع.. والدهم مات شهيدا في زمن أعوج..زمن الأنصاف.. نصف يترحم و نصف يرجم ذكراه..  و الزمن زمن  ( صرامي) تدعس كل الأنصاف.. المدعوس يدعس داعس.. شطارة مراهقين يعني ، و أولادي حفاة.. أطيل موتي كي تصير لهم حياة...

- هذي خمس ليرات.. اشتري خبزا و حليبا..
-"لينين" عزيزي .. أتمزح أنت ؟!.. الخبز لوحده بخمس وعشرين..
-انتظري الغد سأحضر مالا ثمنا لهذي الأوراق..
-سعدت برأيك..  سأعود غداً...


ركضت إلى صغارها، ولدت من جديد هكذا قال ذلك الأصلع ( الرفيق).. و على الطريق.. أطل ( راع) من سيارة حديثة:
- بس بس.. أعاهرةٌ أنتِ ؟!

صمتتْ .. في خيالها مرتْ ذكرى لبيتٍ .. زوجٍ  و مدينة..
وطنٌ  مزقه أولادهُ  حين أقروا أن الآخرَ منهم عاهر..
و (سبابٌ ) أمسى كصباح الخير كمساء الخير في زمن العولمةِ  الصاعد..

صمتتْ تتذكر أطفالاً يبكون رغيفَ الخبز..
أخاً جندياً و آخر معتقلاً.. و أقاربَ قُسموا مابين موالٍ و معارض.. فَرَخُصَ الدم...

صمتت و الصحوة تأكلها.. قوة وطن تغمرها.. و الأم وطن.. نظرت إلى ( سيجارة) ( الراعي).. ينتظر جوابا.. بصقت، ثم أجابت:

-أسياسي تبيع وطني أنت؟! عاهر حقيقي أنت...
**********


بقي لقب ( العاهرة) لقبا وسخا منبوذا حتى في عصر العولمة، و المرأة دوما منبوذة تحت شعار العقل الناقص أو الجسد العاري...

حتما يرفض العقل بيع المرأة لجسدها، لكن الرفض الحقيقي.. الرفض الشريف يكون بكشف النقاب عن العهر الكبير.. العهر الأعظم الذي دفع الفقيرات إلى أن يصبحن هاجس الرجل ( العاهر) في معنى الكلمة الغريزي.

حتى " بابلو بيكاسو" خاف عندما رسم العاهرات الخمس في لوحته المشهورة " آنسات أفينيون".. حيث رسمها في عام 1907..و نشرها في عام 1916.. و لم تصبح معروفة حقاً حتى عام 1920.

الزمن كله سار للأمام.. أصبح مفهوم العهر شاملا في كل الدول المحترمة:
السرقة و الرشاوي: عهر.. القتل بغطاء ديني: عهر.. الكذب على البسطاء: عهر.. بيع الأوطان: عهر..
القتل للمخالف: عهر.. كم الأفواه: عهر.. الزنى الذكوري: عهر.. عمالة الأطفال: عهر.. تهجير العقول: عهر..
رجم السافرات: عهر.. 
و التشهير.. و التهديد.. و تكفير المخالف عهر.. عهر.. عهر.

صرنا في القرن الواحد و العشرين ، نشرت رواية جديدة ل  " غابرييل غارسيا مركيز"  عام 2004 باسم " ذكريات عن عاهراتي الحزينات" باسمها الحقيقي، ثم ترجمت للانكليزية عام 2005 في كل الدول التي تخضع لسلطان ما فوق الرأس لا ما بين الفخذين...

و عندما نشرت هذه الرواية في عام 2007 في ايران تحت اسم " ذكريات عن أحبتي الحزينات" .. بيع منها 5000 نسخة في ثلاثة أسابيع، بعدها تم منعها من قبل ( العقلاء) لأنها بزعمهم تحرض على الدعارة.. ايه يا زمن ( الصرامي) الداعر عقليا.

لا تحزنوا عشاق الأفلام( كارهي القراءة) من بلدان الضاد.. ستتحول الرواية إلى فلم هذا العام...
**********


(ليس هناك أفضل من( العاهرة) لتحاضر في الشرف )..

هذا غالبا صحيح لأنها تحاضركم بالشرف الكبير و هو الشرف الذي تنسونه و لا تقطع لأجله رقاب، هي تخبركم تماماً: عن الفقر، الأمومة، المرض، و الجوع .. عن المسؤولين و تجار الدين و السياسة الذين ركضت في الماضي وراء حلولهم قبل أن يركضوا وراء مؤخرتها..
عاهرات كثر يخبرونكم عن  طريق طويل من قلة الشرف اقترفه مجتمع بصمته، و نميمته.. بنفخ ( الحرامية) ، و دعس ( البسطاء).. بالكيل بمئة مكيال..
طريق طويل قطعنه من عهر الجميع، من العهر الحقيقي، قبل أن يصلن إلى عهر بين الفخذين الذي تختص عقول الكثيرين برؤيته لوحده...

يتبع...



#لمى_محمد (هاشتاغ)       Lama_Muhammad#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أزمنة مائية - محض تشابه-
- تدنيس المقدس
- هيروين و مكدوس.. و دوائر
- -غيرنيكا-
- التيار - الرابع-
- سلام عليكم...
- -سوريا- يا حبيبتي..( خارج سياق رمادي)
- يا ( علمانيو) العالم اتحدوا...
- مرتدة!
- غرائز
- لا دينية!
- -الزبيبة - تحكم...
- لنتصلعن- علي السوري7-
- خارج سياق ( مسلح)
- علي السوري -الطفلة حنظلة-
- علي السوري -عراة.. عراة-
- علي السوري -لماذا ثار السوريون؟!-
- علي السوريّ -الحب في زمن الثورة-
- علي السوريّ -سأصلي بالبكيني-
- علي السوري -مقدمة-


المزيد.....




- ثبتها أطفالك هطير من الفرحه… تردد قناة سبونج بوب الجديد 2024 ...
- -صافح شبحا-.. فيديو تصرف غريب من بايدن على المسرح يشعل تفاعل ...
- أمية جحا تكتب: يوميات فنانة تشكيلية من غزة نزحت قسرا إلى عنب ...
- خلال أول مهرجان جنسي.. نجوم الأفلام الإباحية اليابانية يثيرو ...
- في عيون النهر
- مواجهة ايران-اسرائيل، مسرحية ام خطر حقيقي على جماهير المنطقة ...
- ”الأفلام الوثائقية في بيتك“ استقبل تردد قناة ناشيونال جيوغرا ...
- غزة.. مقتل الكاتبة والشاعرة آمنة حميد وطفليها بقصف على مخيم ...
- -كلاب نائمة-.. أبرز أفلام -ثلاثية- راسل كرو في 2024
- «بدقة عالية وجودة ممتازة»…تردد قناة ناشيونال جيوغرافيك الجدي ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - لمى محمد - ذكريات عن عاهراتي الحزينات