أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سعد هجرس - استراتيجية -لحس الكوع-














المزيد.....

استراتيجية -لحس الكوع-


سعد هجرس

الحوار المتمدن-العدد: 3783 - 2012 / 7 / 9 - 17:36
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


إحتج السودانيون على سياسات حكومتهم التى جعلت حياتهم أسود من قرون الخروب، وقدموا مطالب محددة لرفع هذا الإجحاف، فرد عليهم الرئيس البشير بقوله المأثور "إلحسوا كوعكم.. أقرب من تلبية مطلب واحد من قائمة مطالبكم".
و"ترجمة" هذه "الحكمة" التى نطق بها الرئيس عمر البشير – لمن لم يستطع فك طلاسمها – أن تحقيق مطالب المتظاهرين المحتجين ضد سياسات نظامه من رابع المستحيلات شأنها فى ذلك شأن "لحس" المرء لـ "كوعه".
وكان العرب يتحدثون من قبل عن ثلاثة مستحيلات فقط هى الغول والعنقاء والخل الوفى، فجاء الرئيس البشير وأضاف إليها المستحيل الرابع المشار إليه!
وقد دفعنى الفضول للنظر فى هذه المطالب التى استنكرها النظام السودانى الحاكم إلى هذه الدرجة، فوجدتها مطالب اقتصادية واجتماعية معقولة جداً، ومشروعة تماماً، إن لم تكن متواضعة أيضاً.
لذلك جاء رد الأشقاء السودانيين على "استراتيجية "البشير المبتكرة بإبداع مضاد مشفوع بخفة الدم السودانية المعهودة حيث نظموا "جمعة" مضادة أطلقوا عليها اسم "جمعة لحس الكوع"، لكى يكون العقاب من جنس العمل.
*****
وفى الحقيقة فان الرئيس البشير لا يملك براءة اختراع "استراتيجية لحس الكوع"، لكنه يحمل بالتأكيد براءة اختراع تسميتها الطريفة.
فالغالبية الساحقة من الأنظمة العربية الحاكمة دأبت على النظر الى مطالب شعوبها – مهما كانت هذه المطالب مشروعة ومتواضعة – باعتبارها تطاولاً على "الباب العالى" وخروجاً على "الأصول" وفى مقدمتها تجاوزا لواجب "السمع والطاعة".
وحتى عندما يبدو بعض هذه المطالب بديهياً، ويبدو عدم الاستجابة لها تعنتاً لا مبرر له، تمعن هذه الأنظمة الحاكمة فى رفضها من باب أن الاستجابة لمطلب واحد مهما كان متواضعاً يمكن أن يجعل المعارضة تتمادى فى طلباتها و"تطمع" فى المزيد، كما أن هذه الاستجابة يمكن أن يفسرها البعض على أنها أحد أعراض "ضعف" النظام الحاكم، ولهذا يكون الرفض المطلق هو الإجابة الجاهزة من باب الاحتياط.
وعندما يزداد الضغط الشعبى أكثر وأكثر وتفشل أساليب التضليل من ناحية، والقمع من ناحية أخرى فى إخماد جذوة المد الثورى يضطر نظام الحكم إلى الإذعان والتراجع والتسليم بمطالب أكثر حتى من المطالب التى تم رفضها فى البداية، لكن يكون الوقت قد فات وأصبحت الاستجابة لها أقل من أن ترضى الشعب الذى نفد صبره وتبدد رصيد أى شكل من أشكال الثقة فيه.
هذا العناد الذى تجسده "استراتيجية لحس الكوع"، هو نفسه الذى نلمسه فى المثل الشعبى المصرى الدارج الذى يتحداك بان الاستجابة إلى مطلبك لا يمكن أن تتحقق قبل أن "ترى حلمة أذنك".
وهو نفس العناد الذى يتمثل فى المثل العربى الذى يرى أن التجاوب مع مطلب ما "دونه خرط القتاد" أى تقطيع الجبال!!
****
نحن إذن إزاء ثقافة مصرية – وعربية - قديمة يمكن تسميتها بـ "ثقافة الاستبداد"، أى الثقافة التى تبرر الاستبداد وتحاول تجميل وجهة القبيح ، بل تحاول إسباغ لمسة طريفة على جوهره البشع.
ولا ننسى أنه منذ أقل من عام ونصف نظر الرجل الذى كان جاثما على عرش مصر ثلاثين عاما متصلة الى مطالب شعبه باستهانة، مردداً مقولته المفعمة بالغرور "خليهم يتسلوا".
هذه العبارة القصيرة تحمل فى ثناياها شعوراً بالثقة المطلقة فى قدرة نظامه على الاستمرار، والثقة اليقينية بأن زعزعة هذا النظام من "رابع المستحيلات" أو أن "دونها خرط القتاد" أو "لحس الكوع".
****
هكذا.. يفكر الطغاة دائماً، ويتصور كل منهم أنه يستطيع تجنب المصير المأساوى للمستبدين الذين سبقوه، لكن الواقع يحكى لنا قصة أخرى حيث عروشهم تتهاوى الواحد تلو الآخر، ولا يكتشفون إلا متأخراً جداً وبعد فوات الأوان فساد حكمتهم المبتذلة التى ليست "استراتيجية لحس الكوع" إلا أحد أكثرها فجاجة وبجاحة.



#سعد_هجرس (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- من يقف في وجه المرشح »الربّاني«؟
- الرئيس .. والزعيم
- إسكات «لغة العصر»!
- .. هذا الحزن القومى!
- حسنى مبارك...براءة !
- السيريالية ... المصرية
- العيب ليس فى الجنزورى
- هل نقتل زياد العليمى؟!
- تعقلوا.. يا مصريين!
- الكاتب -الجاد جداً- .. جلال عامر
- الترحيل القسرى ل -النهضة- من مصر... إلى القرون الوسطى
- حتى لا يكون رئيس الجمهورية مجرد ظل
- لماذا التمسك بمجلس -لا يهش ولا ينش- ؟!
- مبارك رئيساً لمصر بقرار من الديب !
- مصطفى الحسينى يعود إلى -الساقية-
- رئيس الجمهورية الفاضلة
- إيهاب أشعيا.. تذكروا هذا الاسم
- البيان رقم واحد!
- إنها سياسة -المكايدة-.. يا ذكى!
- الثورة .. مستمرة


المزيد.....




- إسرائيل تكثف ضرباتها ضد إيران وطهران ترد بوابل صاروخي على حي ...
- الحرس الثوري يعلن تنفيذ موجة جديدة من الهجمات ضد إسرائيل أقو ...
- -واينت-: مقتل 3 إسرائيليين جراء إصابة مباشرة بصاروخ إيراني ف ...
- الجيش الإسرائيلي يمنع نشر معلومات أو لقطات للقصف الإيراني وس ...
- لقطات لحرائق ودمار واسع في تل أبيب جراء القصف الإيراني غير ا ...
- لماذا فرضت إسرائيل حصارا تاما على الضفة أثناء قصف إيران؟
- بدء هجوم صاروخي إيراني واسع على إسرائيل الآن وصفارات الإنذار ...
- لقطات فيديو لسقوط صواريخ إيرانية على مناطق متفرقة في إسرائيل ...
- يديعوت أحرنوت: هجوم إيراني جديد بالطائرات المسيرة من المناطق ...
- مباشر: موجات متتالية من القصف والصواريخ بين إسرائيل وإيران ت ...


المزيد.....

- الازدواجية والإغتراب الذاتي أزمة الهوية السياسية عند المهاجر ... / عبدو اللهبي
- في فوضى العالم، ما اليقينيات، وما الشكوك / عبد الرحمان النوضة
- الشباب في سوريا.. حين تنعدم الحلول / رسلان جادالله عامر
- أرض النفاق الكتاب الثاني من ثلاثية ورقات من دفاتر ناظم العرب ... / بشير الحامدي
- الحرب الأهليةحرب على الدولة / محمد علي مقلد
- خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية / احمد صالح سلوم
- دونالد ترامب - النص الكامل / جيلاني الهمامي
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4 / عبد الرحمان النوضة
- فهم حضارة العالم المعاصر / د. لبيب سلطان
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 1/3 / عبد الرحمان النوضة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سعد هجرس - استراتيجية -لحس الكوع-