أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - فاروق عطية - الخلط بين الديانة والقومية














المزيد.....

الخلط بين الديانة والقومية


فاروق عطية

الحوار المتمدن-العدد: 3772 - 2012 / 6 / 28 - 22:46
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    


بعد أن انتهينا من دوامة الانتخابات وما واكبها من صراع رهيب بين مرسى عاوز كرسى وشفيق ياراجل, والذى انتهى بفوز عاشق الكرسى, سيان كان باستحقاق أو بمؤامرة وصفقة محبوكة بين الأخوان والعسكر, ما علينا, المهم أن يصدق الأخوان وينفذوا بنود الاتفاق وإن كنت لا أظن أنهم فاعلون, فهم دوما يعدون ولا ينفذون. خرجت من دوامة الانتخابات ورحت أفكر فى أمر آخر طالما استولى على فكرى, وتساءلت بينى وبين نفسى لماذا نحن دائما نخلط بين الديانة والقومية, فقد دأبت صحفنا العربية كما هو الحال مع ساستنا ونخبنا ومدعى الثقافة منا بنعت مسيحى مصر وحدهم بالأقباط, وهوخلط فادح لا أدرى إذا ما كان مقصودا أو عن جهالة. فكلمة أقباط أو قبط تعنى المصريون جميعا مهما تعددت دياناتهم وهى منحدرة من كلمة كوبت الأسم القديم لمصر, وتحولت فى الإنجليزية إلى ايجبت, والإيطالة إجتتو, والألمانية إيخبت. وقد ذكر الرسول (صلعم) المصريين قائلا: أوصيكم باقباط مصر لأن لنا فيم نسبا. فكل سكان مصر الحاملين لجيناتها فى كروموزومات خلاياهم وتربوا على ثراها وشربوا من نيلها كلهم أقباط. فمسلوا مصر هم أقباط مسلمون, ومسيحيوها أقباط مسيحيون حتى الأقليات مثل البهاءيين والشيعة هم أيضا أقباط ولهم نفس الحقوق لأنهم يؤدون نفس الواجبات حتى لو لم يكونون من أصل مصرى. فمن عاش على أرض المحروسة وأحبها وضحى فى سبيل رفعتها صار منا لحما ودما قبطيا مثلنا. فمصر دائما كانت قادرة على صهر الغزاة الذي احتلوها واعتنقوا عاداتها وتقاليدها وتدينوا بدياناتها صاروا أقباطا مثلنا, على سبيل المثال اليونانيون الذين غزوا مصر بقيادة الاسكندر المقدونى عاش البطالمة بعده ملوكا أقباطا أى مصريين, ايضا العرب الذين جاءوا مع عمرو بن العاص وتزاوجوا فى مصر صاروا أقباطا, كما تحولت أسرة محمد على الألبانى (والى مصر من الباب العالى العثمانلى) إلى اقباط, ملوك أسرته أقباط يحبون مصر كما نحبها وآخر من حكم مصر منهم الملك فاروق الأول ملك مصر والسودان, الذى وافق على التنازل عن العرش بعد حركة الضباط, وكان قادرا على الرفض والاحتماء بالاستعمار الإنجليزى ولكنه صرح أنه يتنازل بمحض إرادته حتى لا تراق نقطة دم من دماء بنى وطنه.
كما لفت نظرى بشدة إستمرار لغات قديمة مازالت تستخدم فى الحديث بالمنازل لبعض القوميات مثل الأثورية والكلدانية والبابلية والكوردية فى بلاد الرافدين, والأمازيجية والبربرية فى دول الشمال الأفريقى( ليبيا وتونس والجزائر والمغرب وتشاد), والآرامية فى سوريا بجانب اللغة العربية ( اللغة الرسمية للدول الناطقة بالعربة), ولكن لغتنا القبطية (الهيروغيفية والديموطيقية) قد انقرضت تماما بين الأقباط (هناك عائلة واحدة مصرية تتحدث القبطية), وأعتقد أن اللغة النوبية هى مزيج من القبطية والزنجية القادمة من جنوب الوادى. ولحسن الحظ قد حافظت الكنيسة الأرثوذوكسية على لغتنا من الضياع التام باستخدام اللغة القبطية فى الصلوات والألحان الكنسية وتدوين تاريخ شهداءها. فى زمن الفراعنة كانت الكتابة بالصور وليست بالحروف مما صعب معه تداول كتابتها, وللتبسيط لجأت الكنيسة لاستخدام الحروف اليونانية بدلا من الصور, ولم تستخدم لحروف الرومانية كرها فى الرومان المستعمرون الوثنيون الذين أذاقوا المسيحيين أقسى أنواع العذاب والتنكيل. والغريب أن اللغة القبطية كدراسة علمية تدرس فى الجامعات والمؤسسات الأكاديمية لكثير من دول العالم المتحضر, ما عدا مصر..!! وإننى من هذا المنبر أدعوا جميع أقباط مصر بالمطالبة بتدريس لغتنا الأصلية بمرحل التعليم العام والجامعى للحفاظ عليها من الضياع, بل والمحاربة من أجل النهوض والاعتزاز بها بجانب لغتنا العربية الجميلة, لأن لغتنا تؤكد قوميتنا المصرية التى نعشقها وندافع عن هويتها. وحتى يتم نجاح إعادة اللغة القبطية والتيسير على الدارسين أتمنى أن تقوم الكنيسة وكل دارس ومتعمق للغة القبطية ببذل الجهد لكتابتها بحروف انجليزية لسهولة القراءة والنطق بدلا من الحروف اليوناية التى لا يجيدها طلاب العلم, وحتى نضمن سهولة الإقبال على تعلمها خاصة وقد انتفى الغرض من استخدام اليونانية الآن.
وما ملأنى غيظا أيضا أننى أرى الدول من حولنا لها زيها الوطني الخاص بها ما عدا مصرنا الحبيبة لا زى وطنى لها, فللخليجيين العباءة والدشداشة والعقال, وللسودانيين الجلباب والعمامة, وللليبيين الزى الذى كنا نراه على الأخ الفقيد فى تنقلاته. وفكرت لماذا لا نعود لزينا الفرعونى الجميل, ونحمد الله أن أجدادنا قاموا برسم مفصل لأزيائهم على تماثيلهم وجدران معابدهم وقبورهم. على الأقل نبدأ باستخدام زينا الوطنى فى الحفلات والمقابلات الديبلوماسية حتى يدرك العالم مدى فخرنا واعتزازنا بمصريتنا. قلت لنفسى لماذا لا أبدأ أنا بتنفيذ هذه الفكرة؟ واقتنعت وخططت, وذهبت لصديق مصمم أزياء وعرضت عليه الفكرة, فرحب مسرورا وفصل لى رداءا فرعونيا من الكتان باللون البيج وغطاء للرأس من الحرير المقلم باللونين الأسود والأصفر وحزام يربط على الوسط ويتدلى متسعا لأسفل من نفس قماش غطاء الرأس. أعجبنى الزى ولبسته وأنا فى قمة الفرح والمرح, وخرجت إلى الشارع أستعرض زيى الوطنى متمنيا أن يعجب به كل من يراه ويحاول تقليدى حتى ينتشر ويعم, ولكن تأتى الرياح بما لا تشتهى السفن, فبمجرد خروجى إلى الشارع التف حولى الصبية الصغار ظانون أننى معتوه أو قادم من كوكب آخر, مهللون صائحون وهم يلتفون حولى: العبيط اهو.. المجنون اهو. أصابتنى الكآبة والإحباط لهذا التصرف المشين من أقباط صغار لا يعرفون شيئا عن قوميتهم المصرية وزيهم الوطنى, وصحت بهم وأنا أحاول إزاحتهم من حولى: ابتعدوا يا أولاد الأفاعى..! وفى محاولتى الاندفاع بعيدا عنهم, استيقظت على صوت ارتطام جسدى الواهن أسفل السرير, متأوها من الألم، وأم العربى تبسمل وتحوقل متحسسة عظامى داعية الله ألا يكون قد أصابنى مكروه....



#فاروق_عطية (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- النصب بين الأمس واليوم
- آنست يا دك...تووور
- أنا مسيحى سافل ولى الشرف
- جامعة الدول العربية وشفرة النهاية.
- العرشزوق والرئيس الملزوق
- الحرية الجامحة بين الشباب
- بين الثورة والهوجة وركوب الموجة
- حكايتى مع النظام 3 (عبد الناصر)
- الكاميرا الخفية
- الذكرى الثالثة لمذبحة الخنازير
- وطن يعيش فينا
- موسى وإشكالية العبور
- إسرائيل بين حقائق التاريخ وشطحات المؤرخين
- بين موسى وإخناتون .. وفبركة التاريخ والجغرافيا
- حكايتى مع النظام 2-( محمد نجيب)
- أنا لست إمبرياليا ولكن
- حكايتى مع النظام:1 (الملكى)
- جاليتنا المصرية إلى أين؟
- ملكى أكثر من الملك
- أنا كافر ولى الفخر


المزيد.....




- بوتين: ليس المتطرفون فقط وراء الهجمات الإرهابية في العالم بل ...
- ما هي القضايا القانونية التي يواجهها ترامب؟
- شاهد: طلاب في تورينو يطالبون بوقف التعاون بين الجامعات الإيط ...
- مصر - قطع التيار الكهربي بين تبرير الحكومة وغضب الشعب
- بينها ليوبارد وبرادلي.. معرض في موسكو لغنائم الجيش الروسي ( ...
- الجيش الإسرائيلي يقصف مواقع وقاذفات صواريخ لـ-حزب الله- في ج ...
- ضابط روسي يؤكد زيادة وتيرة استخدام أوكرانيا للذخائر الكيميائ ...
- خبير عسكري يؤكد استخدام القوات الأوكرانية طائرات ورقية في مق ...
- -إحدى مدن حضارتنا العريقة-.. تغريدة أردوغان تشعل مواقع التوا ...
- صلاح السعدني عُمدة الدراما المصرية.. وترند الجنازات


المزيد.....

- تاريخ البشرية القديم / مالك ابوعليا
- تراث بحزاني النسخة الاخيرة / ممتاز حسين خلو
- فى الأسطورة العرقية اليهودية / سعيد العليمى
- غورباتشوف والانهيار السوفيتي / دلير زنكنة
- الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة / نايف سلوم
- الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية / زينب محمد عبد الرحيم
- عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر / أحمد رباص
- آراء سيبويه النحوية في شرح المكودي على ألفية ابن مالك - دراس ... / سجاد حسن عواد
- معرفة الله مفتاح تحقيق العبادة / حسني البشبيشي
- علم الآثار الإسلامي: البدايات والتبعات / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - فاروق عطية - الخلط بين الديانة والقومية