أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - فاروق عطية - جاليتنا المصرية إلى أين؟















المزيد.....

جاليتنا المصرية إلى أين؟


فاروق عطية

الحوار المتمدن-العدد: 3554 - 2011 / 11 / 22 - 21:50
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


عندما أتيت إلى كندا منذ ثلاثة عشر عاما كنت قد آليت على نفسى ألا أعاود الكتابة حتى أنسى ما أصابنى من جرائها من عنت وقهر فى أرض الوطن. ولكن عندما بدأت فى الاطلاع على الصحافة المهجرية العربية هالنى ما وجدته فيها, كتابات أقل ما يوصب بها أنها كتابات تدعو للتفرقة بين أبناء الجالية المصرية. كاتب على درجة عالية من العلم حاصل على دكتوراه فى الفيزياء ويدرّس بالجامعة تدنى بالكتابة على مدى ستة أعداد فى مقالات يدّعى فيها تحريف الكتاب المقدس, وآخر حاصل على دكتوراه فى الاقتصاد وكان لمصر الفضل فى تعليمه إبان الوحدة المصرية السورية راح يكيل للحضارة الفرعونية السباب واصفا إياها بحضارة موات وأنها حضارة قذرة وفضّل عليها الحضارة العربية الإسلامية بجوامعها وعمارتها مستخدما ألفاظا سوقية مثل العهر السياسى والفجور الثقافى وغيرها من ألفاظ العوام والطبقات المنحطة, وكاتبة تحفظ أيات من القرآن بدلا من استخدامها فى هداية الناس راحت تستخدمها فى نعت معارضيها بالكفر والإلحاد معتبرة بن لادن قدوة لها ومن يهاجمه فهو كاره للإسلام والمسلمين, وغيرهم من مدعى الثقافة من يكتب على مقهى للشباب ومن يحرض على الفتنة. هذا ما حدى بى لمعاودة الكتابة ودخلت فى معارك صحفية أجبرت فيها أولائك الكتاب مدعى الثقافة على الاعتذار والتوقف عن هذه الرزايا. وللأسف ما زالت صحافتنا المهجرية أداة هدم ومعول كسر لتلاحم الجالية مشجعة على الفرقة والتشرزم كأننا حضرنا هنا ومعنا أمراضنا التى جئنا للهرب والتخلص منها.
كنت أقيم قريبا من سنترال باركواى كوميونتى سنتر, وكنت أذهب يوميا إلى هناك للتريض فى طرقاتها ثم أعرج على مكتبتها لاستعارة وقراءة بعض الكتب. سألت عن النشاطات التى يمكننى أن أمارسها وسألت عن المجموعات التى تتواجد لتأدية نشاطات مشتركة فقيل لى هناك مجموعات لثقافات مختلفة منها الصينية والهندية والفلبينية والإسلامية. سألت أليس هنا مجموعة تمثل الثقافة المصرية أو العربية فقيل لى ربما يندرجون تحت الثقافة الإسلامية, بمعنى أن العرب والمصريين المسلمين يندمجون مع أبناء البلدان الأخرى الإسلامية كباكستان وأندونيسيا ولا يندمجون مع أشقائهم المسيحيين, وأن المصريين المسيحيين لم يجدو التشجيع للاندماج مع أقرانهم المصريين المسلمين فآثرو أن يكون نشاطهم موزعا بين العمل والبيت ويتوجهون للكنيسة فى الآحاد والأعياد.
إشتركت فى نادى كبار السن (السنيوز) بسكوير ون لأقضى بعض الوقت بين الناس. قيل لى أن بالنادى نشاطات مختلفة كتعلم الرقص واليوجا والموسيقى كما توجد مجموعات تمارس نشاطات مختلفة كالحفلات والرحلات. سألت عن مجموعة مصرية أو عربية فقيل لى هناك مجموعات صينية وفلبينية وهندية وإسلامية.. نفس القصة ونفس الموال.. لا وجود لجالية مصرية متوحدة يعضد بعضها بعضا أنما فرقة لا أجد لها سببا.
بعد أحداث مسبيرو المؤسفة واستخدام الجيش للقوة المفرطة ضد أبناء الوطن من الأقباط المسيحيين, كنت عائدا إلى بيتى فتذكرت أن ليس لدى خبز فتوجهت إلى محل مصرى بشارع دندس على بعد خطوات من هيرونتاريو نادرا ما أذهب إليه لأننى أعلم مدى كراهية صاحبه للمسيحيين لشراء بعض من خبز البيتا, كان صاحب المتجر يتحدث مع أحد الزبائن يلبس جلبابا قصيرا وطاقية بيضاء مخرمة وذقنه منكوشة كالمقشة, كانا يتضاحكان فى غبطة وتشفى لما حدث للمسيحيين من قتل ودهس وسحل فقال السلفى هذا ليس بكاف كان على الجيش أن يبيدهم بالطائرت حتى يفنيهم عن آخرهم, نظرت لهما باحتقار ممزوج بالغضب وبصقت على الأرض وتركت المحل مفضلا أن أبيت بلا عشاء على أن أشترى خبزى من هذا الفسل المستنطع الشامت فى قتل أخوه الإنسان
لم يكن حالنا كذلك أيام الطفولة والصبا والشباب, كنا نتعامل كأصدقاء وأخوة ولم نفكر مطلقا فى العلاقات الدينية, فلم يجد غضاضة صديق مسلم فى الذهاب إلى الكنيسة لحضور حفل زفاف مسيحى, كما لم يجد غضاصة أى مسيحى أن يدلف إلى احتفال دينى إسلامى يتلى فيها القرآن والموشحات, لقد كنا أكبر من هذه التراهات. ولكن بعد الهزيمة المدمرة فى 1967 واندفاع العمالة المصرية إلى دول الخليج البترولى, حيث تشبعوا بالفكر الوهابى الصحراوى المتخلف وعادوا لمصر كارهين للآخر متمنين الخلاص من وجوده, وشجعهم على ذلك ارتماء السادات فى حضن الإسلاميين للتخلص من خصومه اليساريين والناصريين, ومن وقتها وامتد الفكر الوهابى فى طول البلاد وعرضها, فسمعنا عن الأمهات والآباء الذين يحرضون أطفالهم بعدم اللعب أو تداول المأكولات أو المشاريب مع أترابهم المسيحيين. وسمعنا عن مربيين أفاضل بالمدارس يحاربون نجاح التلاميذ المسيحيين ويشجعون على التعصب ضدهم.
بعض الدول الشقيقة كالعراق رغم ما نسمع عنه من تطاحن دينى حالى لكن الحقيقة أن أهلها أناس متحضرون لا يميلون للتعصب الدينى بل تجدهم متحابين ميالين للصداقة دون النظر للجنس أو الدين. تعرفت على صديق عراقى بالصدفة البحتة وهو يسكن فى نفس البناية التى أسكنها, كان واقفا فى مدخل البناية وتحت إبطه طاولة وكنت عائدا من رياضة المشى, حين رأيته ظننت أنه باكستانى فسألته بالإنجليزية إذا كان يهوى لعبة الباكجامون فنظر إلى متسائلا عن ماهية الباكجامون فأشرت له على الطاولة التى تحت إبطه فقال بالعربية هذه طاولة فعرفت أنه عربى وقال لى أنه عراقى وأنه ينتظر صديق سودانى من أصل مصرى ليلعبا معا ودعانى أن ألعب معه حتى يحضر صديقه. من يومها صرنا أصدقاء وانضم إلى صداقتنا آخرون بعضهم عراقيون وبعضهم سودانيون منهم المسلم ومنهم المسيحى, تزاورنا منزليا وصرنا كأسرة واحدة مترابطة فى السراء والضراء. قال لى أن ما تعيشه العراق من تطاحن دينى ليس من الشعب العراقى الذى يفخر بالفسيفساء الجميل من التعدد الدينى والعرقى يعيشون فى حب وترابط, وما يحدث الآن هو من فعل دول الجوار وعلى رأسها السعودية وإيران وعصابات القاعدة التى لا تريد للعراق السلام.
كم أود صادقا أن تعود العلاقات بين نسيج الوطن إلى جادة الصواب ويعلم الجميع أننا أشقاء من أب واحد هو أوزوريس وأم واحدة هى إيزيس وأننا جميعا يجرى فى عروقنا دم ممزوج بمياه النيل حابى وخلايانا من تراب أرض مصر الخالدة ولن يستطيع التفرقة بيننا عدو جاهل يجهل مدى الترابط الوثيق بيننا. علينا كمثقفين أن نبدأ المشوار وليكن من هنا من أرض المهجر الذى أعطانا الحرية الكاملة فى قول الرأئ والحرية الكاملة فى التعبد دون تفرقة بين مسيحى أو مسلم أو هندوسى أو سيخى أو يهودى أو بلا دين, الكل سواسية فى عيش مشترك. علينا أن نحترم هذه القيم التى نعيشها ونستثمر مناخ الحرية لعودة ترابط الجالية المصرية. وأنا أمد يدى لكل من يرى فيما أقول الصواب ولنبدأ معا فى تكوين رابطة أو منتدى أو أى كيان مصرى دون النظر إلى الدين لنمارس عودة الود والصداقة ونشجب معا كل ما يعكر صفو وطننا الحبيب ونشجع معا كل من يضع لبنة فى بناء الثقة وعودة الترابط فى الوطن, هل من مجيب ؟ إنى أنتظر فى لهفة من يلبى النداء لنبنى معا صرح جالية مصرية متوحدة.



#فاروق_عطية (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ملكى أكثر من الملك
- أنا كافر ولى الفخر
- سلفى بدون لحية منكوشة وجلابية
- رسالة تنوير للسيد المشير
- حمارى وانا حرّ فيه
- الأخوان بين هتك العرض وتبويس اللحى
- القطط كمان وكمان
- محاكمة العصر
- حكايتى مع القطط
- فرُقع لوز الأراجوز
- تعبيرات خاطئة نعيش عليها
- الذين يسوقون مصر للفاشية
- حكايتى مع الكلاب
- حكايتى مع الحمير
- عيّل والعيالُ كثيرُ
- الخمر ولله الأمر
- رئيس جمهورية بعمة وجلابية
- هرج التَلَفيون وحدوتة عبير
- عزاء واجب ورثاء لهيبة الدولة والقانون
- مولد سيدى القمة وصاحبه غايب


المزيد.....




- الإحتلال يغلق الحرم الابراهيمي بوجه الفلسطينيين بمناسبة عيد ...
- لبنان: المقاومة الإسلامية تستهدف ثكنة ‏زبدين في مزارع شبعا ...
- تزامنًا مع اقتحامات باحات المسجد الأقصى.. آلاف اليهود يؤدون ...
- “عيد مجيد سعيد” .. موعد عيد القيامة 2024 ومظاهر احتفال المسي ...
- شاهد..المستوطنين يقتحمون الأقصى في ثالث أيام عيد -الفصح اليه ...
- الأردن يدين سماح شرطة الاحتلال الإسرائيلي للمستوطنين باقتحام ...
- طلاب يهود بجامعة كولومبيا: مظاهرات دعم فلسطين ليست معادية لل ...
- مصادر فلسطينية: أكثر من 900 مستعمر اقتحموا المسجد الأقصى في ...
- مئات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى تحت حراسة إسرائيلية مش ...
- سيبدأ تطبيقه اليوم.. الإفتاء المصرية تحسم الجدل حول التوقيت ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - فاروق عطية - جاليتنا المصرية إلى أين؟