أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - فاروق عطية - الخمر ولله الأمر















المزيد.....

الخمر ولله الأمر


فاروق عطية

الحوار المتمدن-العدد: 3394 - 2011 / 6 / 12 - 09:26
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


أعرف أننى بالكتابة فى هذا الموضوع أضع يدىّ فى عش الدبابير ولن أسلم من انتقادات وشتائم المتطرفين من كل شكل ولون ودين, ولكننى سئمت النفخة الكدابة وتشدق المتأسلمون التلفيون منهم والإخونجية بتفاخرهم بأن الديانات السابقة لم تحرم الخمر وأن الإسلام هو الدين الوحيد الذى يحرمه تحريما تاما. سئمت ما يقوم به المتأسلمون والذين يسمون أنفسهم بدولة العراق الإسلامية وتهديداتهم بقتل كل عراقى مسيحى يتاجر فيها أو يتعاطاها وراح ضحيتهم المئات من القتلى غدرا وعدوانا. سئمت ضعف الدولة المصرية وانقيادها خلف المتأسلمين وغلق متاجر الخمور وتحريم تعاطيها إلا فى الفنادق الفاخرة التى لا يرتادها غير السائحين. سئمت قول الداعية الشيخ حازم صلاح أبو إسماعيل الذى أعلن عن نيته الترشيح لرئاسة الجمهورية, أنه فى حالة فوزه فى انتخابات الرئاسة سيتخذ قرارا فوريا بوقف مصانع الخمور وسحب تراخيص الملاهى الليلية, غير مبال بما سيرتكبه من حماقة تشريد آلاف العاملين وقطع موارد رزقهم. لذلك كان على أن أبحث وأتقصى حقيقة ما يدعون وهالنى أنهم يكذبون سيان عن جهل أو تجاهل, وأعتقد أنهم يعلمون الحقيقة ولا يجهرون.
قبل الديانات السماوية بآلاف السنين عرف الناس الخمر وشربوه, فقد صنع المصرى القديم الجعة من الشعير وشربها فى المناسبات الدينية والاحتماعية ولكن عقائدهم كانت تحرم السكر وفقدان الوعى. كما كانت الصين سباقة فى معرفة عمليات التخمير الطبيعية لأنواع مختلفة من الأطعمة، فقد صنع الصينيون الخمور من الشعير والأرز والقمح والبطاطس ، وتعاطوا أنواعاً من المشروبات كانوا يطلقون عليها إسم "جيو" أي النبيذ، ثم انتقل إليهم نبيذ العنب من العالم الغربي سنة 200 قبل الميلاد تقريباً بعد الاتصالات التي جرت بين الإمبراطوريتين الصينية والرومانية، وقد إقترن تقديم المشروبات الكحولية في الصين القديمة بعدد من المناسبات الاجتماعية مثل تقديم الأضاحي للآلهة أو الإحتفال بنصر عسكري وفي الأفراح وحفلات الزواج وغيره من المناسبات آنذاك. أيضا كأن الخمر منتشرا بين الحضارات الهندية والرومانية واليونانية فقد كان يُقدم كشراب في الحفلات والأفراح والولائم.
كان الناس فى دول الشمال الأوربى يشربون الخمر للتدفئة والوقاية من البرد القارس خاصة فى الشتاء حيث تنخفض درجات الحرارة أحيانا إلى – 30 درجة مائوية وأقل, لكن الغريب أن العرب كانوا يشربونه ويتفاخرون بشربه رغم القيظ الحارق فى بيداء جزيرة العرب, ومن افتتانهم به نظموا فيه القصائد, وأطلقوا عليه عشرات الأسماء فمنها: أسرعها إسكارا "الخرطوم" وأكثرها إسكار "الحميقاء" وأفضلها "السلافة" (العصرة الأولى), وأشدها نشوة "أم ليلى" وهو المسكر من الشراب، ويقال سميت الخمر خمراً لأَنها تُرِكَتْ فاخْتَمَرَتْ، وباخُتِمارُها تَغَيُّرُ ريحها, ومن أسمائها أيضا الراح والمُدامُ والمُدامَةُ، سميت مُدامَةً لأنه ليس شيء تُستطاع إدامَةُ شربه إلا هي، وقيل سميت مدامة لعتقها, وسميت أيضا بالقَهْوة لأنها تُقْهِي شاربها عن الطعام أَي تذهب بشهوته وتشبعه, كما تسمى تِرياقا وتِرْياقة لأَنها تذهَب بالهَمَّ؛ والصّهْباءُ (الخمر المعصورة من العنب الأبيض), والحُمَيْقاء لأَنها تُعْقب شاربها الحُمْق, الكَسيس (نبيذ التمر), الإِصْفِنْط، الإِصْفَعْدُ, الباذِقُ (الخمر الأحمر), الجَفْنة, أُمُّ زَنْبَق, الإِثْمُ, المزةَ والمزْاءَ, البِتْعُ, القِمَعِ (الخمر المتخذة من العسل) , الرَّساطُونَ، الكُمَيْتُ، أم الخل، والسخامي (لونه يضرب للسواد), الجِرْيالُ ( إذا كانت شديدة الحمرة), الخَنْدَرِيْسُ، القُرْقُوْفُ والقَرْقَفُ، الشَّمُوْلُ، المَاذِيَّةٌ، الخَلَّة (الحامضة والمتغير طعمها), طِلاءً، العُقَار، النَّطْل ( ما عصر من الخمر بعد السلافة)¸ الطَّابَةُ، المُخْضِفَةُ، النَّاجود, الفقاع ( وهو ما يخرج فقاقيع), النبيذ (نبذ الشيئ أخرجه), ميّت ( تميت الغقل), البيرة ( قليل الكحول), مى ( الخمر البكر), عنود ( لقوة تمكنها) , الصهاكة ( الخادعة), وضحى ( ما يشرب صباحا), صيتى (المنتشرة), غماز ( أول الشرب), صبوح (الكأس الأول), سلوى ( السائل السكرى المخمر), نهاد (الثمالة), هنوف (الكأس الممتلئة), سخاط (الخمر الرائق), موضى (الخمرة البيضاء), سجاح (الخمر العنبى), برزا ( الخمر الأصيل بالفارسية), راج ( لفظ هندى معناه الممتعة), براش ( لفظ تركى معناه السكرى), سُلاف (لفظ تركى معناه المسكرة), لجاج ( لفظ عراقى معناه ترك الصواب).
عرف العبرانيون الخمر وشربوه ولم يحرم الخمر فى وصايا موسى العشر, ولكن الديانة اليهودية تنهى عن السكر والإفراط فى الشراب, فالمعروف أن الخمر تلعب برأس شاربها لذلك كان لا يسمح للكاهن في العهد القديم أن يشرب منها عند ممارسة الخدمة الالهية المقدسة (لاويين9:10) ، أيضا لم يكن لائقاً للقضاة أن يشربوا منها عند جلوسهم في مجالس القضاء (أمثال 4:31-5 وإشعياء7:28). وقد بينت التوراة أن في شرب الخمر مضرّة كبيرة, فوضحت محذرة : "لا تكن بين شرَّيبيّ الخمر، بين المتلفين أجسادهم" (أمثال20:23). "ويل للمبكرين صباحاً يتبعون المسكر، للمتأخرين في العتمة تلهبهم الخمر" (إشعياء11:5). "الخمر مستهزئة، المسكر عجاج، ومن يترنّح بهما فليس بحكيم" (أمثال1:20). "لمن الويل، لمن الشقاوة، لمن المخاصمات، لمن الكرب، لمن الجروح بلا سبب، لمن ازمهرار العينين، للذين يدمنون الخمر الذين يدخلون في طلب الشراب الممزوج. لا تنظر إلى الخمر إذا احمرّت حين تظهر حبابها في الكأس، وساغت مرقرقة، في الآخر تلسع كالحيّة وتلدغ كالأفعوان" (أمثال 29:23-31). "ويل للأبطال على شرب الخمر, ولذوي القدرة على مزج السكر" (إشعياء22:5). "الزنى والخمر والسلافة تخلب القلب" (هوشع 11:4). من ذلك يتضح أن اليهودية لم تبح شرب الخمور لدرجة السكر, فقد أعلنت التوراة عن مدى أضرار السكر وعواقبه الضارة أى أنه لم يتم تحريم الخمر تحريما قاطعا بقدر التنبيه من أضراره الكثيرة.
حين جاءت المسيحية قال يسوع جئت لأكمل لا لأنسخ فما حُلل فى التوراة هو كذلك فى المسيحية, سنجد أن شرب الخمر لم يحرم تحريما قاطعا لكن السماح بتناوله محصور جدا في أغراض مختلفة حيث كان يُستعمل مثلاً لتطهير الجروح, كما إستخدم في أغراض دينية في الهيكل ويتناول القليل منه كدواء لبعض الحالات المرضية, كما ورد على لسان بولس الرسول عندما قال لتلميذه تيموثاوس: "استعمل خمراً قليلاً من أجل معدتك وأسقامك الكثيرة" (1تيموثاوس 5:23). والمسيحية لا تحرم طعاما أو شرابا على خلفية دينية, حيث قال يسوع المسيح بهذا الصدد: "ليس ما يدخل الفم ينجّس الإنسان، بل ما يخرج من الفم هذا ينجّس الإنسان" (متى 15:11). ولكنه لم يسمح بتعاطي الخمر بشكل كبير وبدرجة عشوائية وضارة, بل وجدت وصايا حذرت من تناول الخمر بكثرة لدرجة السكر, فقد ورد في العهد الجديد ( الانجيل) من الكتاب المقدس ما يلي: "إن كان أحد سكيراً.. لا تخالطوا ولا تؤاكلوا مثل هذا" (1كورنثوس 5:11). "وأعمال الجسد ظاهرة التي هي زنى وعهارة، دعارة .. حسد، قتل، سكر.. إن الذين يفعلون مثل هذه لا يرثون ملكوت الله" (غلاطية 5:19-21). "ولا تسكروا بالخمر الذي فيه الخلاعة، بل امتلئوا بالروح" (أفسس 5:18). كما يذكر الانجيل أن خدام الرب يجب ألا يكونوا مولعين بالخمر الكثير بقوله: "كذلك يجب أن يكون الشمامسة ذوي وقار لا ذوي لسانين، غير مولعين بالخمر الكثير، ولا طماعين بالربح القبيح" (1تيموثاوس 3:8). ويقول: "فيجب أن يكون الأسقف بلا لوم، بعل امرأة واحدة، صاحياً عاقلاً محتشماً، مضيفاً للغرباء صالحاً للتعليم، غير مدمن الخمر.. الخ" (1تيموثاوس 3:2-3). من ذلك نلاحظ أن الكتاب المقدس بعهديه القديم والجديد يشدّد على عدم السكر بالخمر, فاليهودية والمسيحية على السواء قد حذرتا من السكر بالخمر الذي فيه الخلاعة، والبعض يجيز شرب القليل منه ولا سيما في المناسبات الاجتماعية، مع التحفّظ والانتباه إلى عدم السكر به.
والآن نصل إلى الدين الإسلامى, يقول المتأسلمون وهم يكابرون إن كانوا يعلمون ويقعوا فى خطأ فادح إن كانوا لا يعلمون: نعم حرم الاسلام الخمر تحريما قاطعا, والإسلام هو الدين الوحيد على الأرض الذى حارب الخمر, ومحمد نبي الاسلام هو النبي الوحيد الذي لم يشرب الخمر ولم يقترب منه على الاطلاق. تعالوا بنا ننظر فيما جاء من آيات قرآنية وفى السنة المحمدية وننبش صفحات كتب التراث لاستجلاء الأمر. كان الخمر هو الشراب المفضل لبدو الجزيرة العربية, تفننوا فى صنعه وتفاخروا بشربه وسطروا أشعارهم فى وصف منافعه خاصة فى اليمن والحجاز وتهامة ويثرب والطائف ومكة وغيرها من البلدان. صنعوها من العسل والعنب والتمر والشعير. وكان من أشهر شاربيها فى الجاهلية عمرو بن كلثوم التغلبى والبرج بن مسهر الطائى والمهلهل بن أبى ربيعة وغيرهم من مشاهير شعراء العرب.
1- الخمرفى الآيات القرآنية:
في الفترة الأولى لظهور الإسلام (ثلاث عشرة سنة مكية) كان المسلمون يشربونها كالمشركين واستمروا على ذلك بعد الهجرة لثلاث أو خمس سنوات (تبعاً لاختلاف الروايات). وظل المسلمون المعتادون عليها قبل الاسلام يشربونها ويتاجرون بها ويأخذونها معهم في غزواتهم ومعاركهم, كما ان القرآن فى البداية قد مدحها واعتبرها رزقا حسنا "ومن ثمرات النخيل والاعناب تتخذون منه سكراً ورزقاً حسناً ان في ذلك لآية لقوم يعقلون" (النحل الآية 67), كما أغرى القرآن المؤمنين بشراب خمر الجنة الذى يجرى كالأنهار. وعندما سأل المسلمون النبي في المدينة المنورة عن الخمر جاءت الآية "يسألونك عن الخمر والميسر قل فيهما اثم كبير ومنافع للناس, واثمهما اكبر من نفعهما" (البقرة، الآية 219), فكانت هذه الآية بياناً لنفع الخمر وضررها ولم تتضمّن اي حكما بالتحريم, فشربها من رأى فيها فوائد وتركها من خاف من إثمها. حدث ان شرب جماعة من الصحابة عند عبد الرحمن بن عوف حتى ادركتهم الصلاة فأمهم احد الصحابة فقرأ "قل يا ايها الكافرون لا اعبد ما تعبدون" فحذف "لا"، فنهاهم القرآن عن الصلاة في حال السكر "يا ايها الذين آمنوا لا تقربوا الصلاة وانتم سكارى حتى تعلموا ما تقولون" (النساء – الآية 43) فاستمر الشاربين على شربهم ولكنهم تجنبوا الصلاة عندما تلعب الخمر برؤوسهم حتى يفيقون. حدث عراك بين الأوس والخزرج بسبب الخمر كما حدث خلاف بين سعد بن إبى وقاص والأنصار أدت إلى قلق النبي, فنزلت الآيتان اللتان تدعوان الى اجتناب شرب الخمر "يا ايها الذين آمنوا انما الخمر والميسر والانصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه لعلكم تفلحون". "انما يريد الشيطان ان يوقع بينكم العداوة والبغضاء في الخمر والميسر ويصدكم عن ذكر الله وعن الصلاة فهل انتم منتهون" (المائدة – الآيتان 90 و91) والآيتان لا تحرمان الخمر بل تدعوان لتجنبه. والمحرمات في القرآن تكون جازمة اذا اقترنت باحدى حالين: ان ينطق بلفظ التحريم صراحة كما في تحريم الدم والخنزير والميتة وزواج المحارم او ان يتضمن الفعل المحرّم عقوبة على مرتكبه، كما في عقوبة الزاني والسارق والقاتل، ولذلك دلالة واضحة فهو أمرٌ باجتناب الشرب ولا يرقى لمرتبة التحريم. كما أن النبي لم يقم حدّا على شارب الخمر، وقد شربها الكثيرون في زمانه بعد نزول الآية التي تدعو الى الاجتناب. ثم نزلت آية تقول "ليس على الذين آمنوا وعملوا الصالحات جناج فيما طعموا اذا ما اتقوا وآمنوا" (المائدة – 93) ثم آية ثانية، تقول "قل لا اجد في ما اوحي اليّ محرماً على طاعم يطعمه الا ان يكون ميتة او دماً مسفوحاً او لحم خنزير" (الأنعام – 145) وهي من أواخر الآيات التي جاءت في القرآن، مما يفيد بأن تسامحاً قد حصل بالنسبة الى الموقف من الخمر بعد الآية التي دعت الى اجتنابه, وعدم ادراجه بين الاطعمة المحرمة التي وردت في تلك الآيتين.
2 ـ الخمر فى السنة المحمدية:
من خلال الأحاديث سنجد أن النبي محمد كان مولعا يشرب الخمر (النبيذ), فقد كان ينبذ له (أي يصنع له النبيذ) وكان يشربه لمدة ثلاثة أيام ومن ثم يهرقه (أي يصبه أو يرميه), كما إستخدمه في الوضوء حيث قال انه شراب وطهور !! وهناك أكثر من حديث يوضح ذلك: ‏* حدثنا ‏‏يحيى بن إسحاق ‏حدثنا ‏‏ابن لهيعة ‏‏عن ‏قيس بن الحجاج ‏عن ‏حنش الصنعاني عن ‏ابن عباس ‏‏عن ‏عبد الله بن مسعود ‏رضي الله عنهما ‏أنه كان مع رسول الله ‏ليلة الجن فقال له النبي ‏يا ‏عبد الله ‏أمعك ماء؟ قال معي ‏ ‏نبيذ ‏ ‏في ‏ ‏إداوة ‏ ‏فقال أصبب علي, فتوضأ قال فقال النبي ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏‏يا ‏عبد الله النبيذ ‏شراب وطهور.
كان محمدا خبيرا فى صناعة الخمر (النبيذ) كان يوصيهم بعدم خلط التمر والزهو, والتمر والزبيب ويوصى ينبذ كل واحد على حدة:
‏ * ‏حدثنا ‏‏مسلم ‏‏حدثنا ‏‏هشام ‏‏أخبرنا ‏يحيى بن أبي كثيرعن عبد الله بن أبي قتادة ‏عن ‏‏أبيه ‏قال: ‏نهى النبي ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏ ‏أن يجمع بين التمر والزهو والتمر والزبيب ولينبذ كل واحد منهما على حدة ‏!!
كان ينبذ له في تور من حجر أي كان يتم تصنيع النبيذ للرسول في قدر من حجر, كان ينبذ له في السقاء أيضا, والسقاء هي الابريق أو الآنية التي يشرب منها
‏ ‏* حدثنا ‏يحيى بن يحيى ‏أخبرنا ‏أبو عوانة ‏عن ‏أبي الزبيرعن ‏‏جابر بن عبد الله ‏أن النبي ‏صلى الله عليه وسلم ‏كان ‏ينبذ ‏له في تور من حجارة ‏.
* حدثنا ‏إسحق بن إبراهيم ‏أخبرنا ‏جرير‏عن ‏‏الأعمش عن ‏يحيى بن أبي عمر عن ‏ابن عباس ‏قال: ‏كان رسول الله ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏ ‏ينبذ ‏ ‏له الزبيب في ‏ ‏السقاء ‏ ‏فيشربه يومه والغد وبعد الغد فإذا كان مساء الثالثة شربه وسقاه فإن فضل شيء ‏أهرقه.
كانت جارية عائشة الحبشية متخصصة فى صناعة النبيذ للنبى الذى كان يشربه صبحا ومساء.
* ‏حدثنا ‏‏شيبان بن فروخ ‏‏حدثنا ‏القاسم يعني ابن الفضل الحداني ‏حدثنا ‏‏ثمامة يعني ابن حزن القشيري ‏قال: ‏لقيت ‏عائشة ‏‏فسألتهاعن ‏‏النبيذ ‏فدعت ‏عائشة ‏جارية حبشية فقالت سل هذه فإنها كانت ‏‏تنبذ ‏لرسول الله ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏‏فقالت ‏الحبشية ‏‏كنت ‏أنبذ ‏‏له في ‏‏سقاء ‏‏من الليل ‏وأوكيه ‏وأعلقه فإذا أصبح شرب منه.
‏* ‏حدثنا ‏محمد بن المثنى العنزي ‏‏حدثنا ‏عبد الوهاب الثقفي ‏عن ‏‏يونس ‏عن ‏الحسن عن ‏أمه ‏عن ‏عائشة ‏قالت: كنا ‏ننبذ ‏‏لرسول الله ‏صلى الله عليه وسلم ‏‏في ‏سقاء ‏يوكى ‏‏أعلاه وله ‏عزلاء ‏ننبذه ‏غدوة ‏فيشربه عشاء ‏وننبذه ‏عشاء فيشربه ‏غدوة.
حلل الإسلام شرب الخمر مهما كانت عدد الكؤوس طالما لم تؤد للسكر.‏
* روي عن النبي قوله "كل مسكر حرام" فشرحه الصحابي ابن عباس بالقول "ان شرب احدكم تسعة اقداح فلم يسكر فهو حلال وان شرب العاشر فسكر فهو حرام.
3 ـ الخمر فى عصر الخلافة:
نقرأ في كتب التراث أن عمر بن الخطاب كان يحب شرب الخمر وهذا ما قاله وقت موته: (كتاب الطبقات الكبرى لابن سعد ص 582) "إقبل عمر فتعرض له أبو لؤلؤة غلام المغيرة بن شعبة, وطعنه ثلاث طعنات, فقال عمر: دونكم الكلب قد قتلني. فدخل الناس عليه فقال ادعوا لي طبيبا فدعي له الطبيب فقال أي الشراب أحب إليك قال النبيذ فسقي نبيذا". وهذا يدل على شربه للخمر حتى وهو على شفى الموت. كما شربها أبناءه الثلاثة: عبدالله وعصام وعبد الرحمن, ومن رجاله الولاة شاربى الخمر قدامة بن مظهون والي البحرين والنعمان علي بن نضلة والي ميسان. وشرب الخمر محمد بن ابي بكر الصديق ومحمد بن ابي حذيفة, وفى عصر عثمان بن عفان كان أخوه لأمه الوليد بن عقبة يشرب الخمر, وكان والياً في عهد اخيه على الكوفة، فصلى بالناس وهو سكران، فزاد في الصلاة، ثم قال لهم ان شئتم زدتكم.
أما فى عصرى الخلافة الأموية والعباسية فحدث ولا حرج فقد كان الخلفاء أنفسهم يشربون الخمر مع ندمانهم من الشعراء مستمتعين بالعزف على الأوتار ودق الدفوف ورقص الغوانى والمحظيات, ومنهم من كان يعشق الغلمان ويتيه بهم عشقا. وقد امتلأت بلاد الخلافة بالحانات بلا رقيب أو حسيب, والدليل على ذلك قصة رابعة العدوية التى ولدت فى مطلع القرن الثانى من الهجرة (100هـ) فى عصر هارون الرشيد العباسى الذى فى عصره امتلأت بلاد الخلافة بالحانات وعلب الليل، مما دعى بعض الأئمة لتحليل تعاطى بعض أنواع الخمور, فقد حلل أبو حنيفة شرب النبيذ المصنوع من التمر والزبيب إن طبخ أدنى طبخ ويشرب منه قدر لا يسكر, ويرى أبو حنيفة أن شارب الخمر لا يعاقب إلا إذا سكر, والسكر درجة لاحقة لدرجة النشوة التي تجلب السرور والانبساط للشارب دون ان تذهب بعقله, وهذه الدرجة هي التي سماها العرب (ليلى). وقد ازدهرت صناعة الخمر والنبيذ وتطورت تجارتها على ما كانت عليه قبل الاسلام, واستقطر الكيميائيون فى عصر الخلافة مادة كالخمر سميت (الغول) وقد تحولت فى اللغات الأجنبية إلى (الكهول) وعربنها منهم إلى الكحول. أما فى باقى أيام الخلافات حتى نهاية الخلافة العثمانية فلم نسمع عن تحريم الخمر أو إقامة الحد على شاربيه.
الخلاصة التي نخرج بها من هذ العجالة أن الديانات اليهودية والمسيحية والإسلامية جميعها لم تحرم شرب الخمر تحريماً قاطعاً بمعنى أن مجرد تناوله وشربه يعتبر فاحشة عظيمة, وحذرت الديانات الثلاث من مضارّه إذا شُرب بكثرة حتى مرحلة السكر وفقدان الوعى والخوف من الإدمان عليه لأن عواقبه ضارة بالشخص نفسه كما قد يتعرض المخالطين للسكارى للخطر. ونفس الشيئ بالنسبة للديانات الوضعية فجميعها لا تحرم الخمر ولكنها تنهى عن السكر والإدمان.



#فاروق_عطية (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- رئيس جمهورية بعمة وجلابية
- هرج التَلَفيون وحدوتة عبير
- عزاء واجب ورثاء لهيبة الدولة والقانون
- مولد سيدى القمة وصاحبه غايب
- التمهيد وفرش الطريق لدولة الخلافة
- الخيبة القوية فى المسألة الليبية
- نعم لقد تم اختطاف الثورة
- العاقبة وسوء المآب بين الهوجة والانقلاب
- أخشى على الثورة من المتسلقين
- أحلام لما بعد الثورة
- ثورات المصريين ضد الغزاة العرب
- التنحى بالذوق أو بالعرشزوق
- من تونس بدأت شرارة الغضب
- بيت الذل يا شيخنا
- يا دلع دلع والقلب مولع
- كنيسة العمرانية بين الواقع وسوء النية
- الحضارة الفرعونية المجنى عليها
- الديموقراطية هنا وهناك
- الإرهاب بين عودة الخلافة وانتظار المهدى
- أمراضنا المزمنة آن الأوان للتخلص منها


المزيد.....




- المقاومة الإسلامية في لبنان تستهدف بيّاض بليدا والراهب والرا ...
- الاحتلال يقيد وصول المسيحيين لكنيسة القيامة بالقدس في -سبت ا ...
- الجبهة اللبنانية واحتمالات الحرب الشاملة مع الاحتلال.. وقمة ...
- جامعة الدول العربية تشارك فى أعمال القمة الاسلامية بجامبيا
- البطريرك كيريل يهنئ المؤمنين الأرثوذكس بعيد قيامة المسيح
- اجعل أطفالك يمرحون… مع دخول الإجازة اضبط تردد قناة طيور الجن ...
- ما سبب الاختلاف بين الطوائف المسيحية في الاحتفال بعيد الفصح؟ ...
- الرئيس الصيني يؤكد استعداد بلاده لتعزيز التعاون مع الدول الإ ...
- الاحتلال يشدد إجراءات دخول المسيحيين إلى القدس لإحياء شعائر ...
- “أحلى أغاني البيبي الصغير” ضبط الآن تردد قناة طيور الجنة بيب ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - فاروق عطية - الخمر ولله الأمر